دبي 5 يناير 2022
منذ عشر سنوات وهي تعمل مع حاضنات ومسرعات الأعمال في مختلف بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا. ويرتكز عملها بشكل أساسي على برامج بناء القدرات، إلا أن هذه البرامج تختلف عن غيرها بالتوازن بين فكرة الأعمال وخطة التطوير، إلى جانب تطوير مهارات القيادة لدى رائد أو رائدة الأعمال بذاتهم مما يعتبر المحرك الرئيس لنمو استدامة أي شركة ناشئة. حنان بن خلوق المؤسس والمدير التنفيذي لشركة Sustain Leadership، ومنصة “توازن“، ومؤلفة كتاب “بذور التغيير” تتحدث في هذا اللقاء مع مجلة Entrepreneur عن مجموعة من المحاور التي تهم ريادة الأعمال في المنطقة:
حديثينا عن الابتكار ودوره في تطوير بيئة الاعمال الجديدة؟
في هذا العالم المتسارع، إن التكنولوجيا على تغير مستمر وكذلك تطور عالم الأعمال. ولا يعتبر تبني ثقافة الابتكار المؤسسي خطوة إضافية نحو التقدم فقط، بل ضرورة لمواكبة العالم الجديد. علينا أن ننتج بلا توقف والتطلع بشكل مستمر نحو المستقبل. فمن منا يعلم؟ خلال العقد القادم، يمكن أن نعمل مع زملاء من الذكاء الاصطناعي. إذ لم نكن مبتكرين، وذاوي مرونة عالية، ولم نتواصل جيداً، فلن نكون قادرين على إحداث تغيير كافٍ لتطبيق التكنولوجيا المتطورة في حياتنا اليومية. وكلنا نعلم أن الشركات التي لا تواكب عصرها، ستواجه الركود وعدم الاستمرار في مزاولة أعمالها.
هل يمكن أن تشرحي لنا عن بيئة ريادة الاعمال في المنطقة ما هي السلبيات وما هو دور رجال الاعمال والقطاع الخاص والهيئات الحكومية ذات العلاقة وهل تحقق الشعارات التي تطرحها؟
شهدت بيئة ريادة الأعمال تقدما ملحوظا تطور مستمرا، بالرغم من التحديات الراهنة مثل قلة الموارد التمويلية، وارتفاع تكلفة الإنشاء والعمليات. ولدينا جميعنا في هذه المنظومة دور لابتكار الحلول المناسبة لهذه التحديات بهدف خلق بيئة ريادة أعمال أكثر ازدهاراً. يجدر على رواد الأعمال خلق مجتمع يساند فيه رواد الأعمال أقرانهم، ويمكن للقطاع الخاص أن يقوم بتوفير الفرص للشركات الصغيرة من خلال المنتجات والخدمات، كما يمكن أيضاً القطاع الحكومي تسهيل مجرى الأعمال وأيضا الحصول على خيارات تمويلية.
ما رأيك برواد الاعمال الشباب والافكار التي يطرحونها لإطلاق الشركات، وما هو دور التكنولوجيا المالية في تغيير وتطوير بيئة الأعمال؟
إن التكنولوجيا المتقدمة مكنت الشباب من الانطلاق في رحلتهم الريادية، في حين إن الاقتصاد الرقمي ساعد بتحول جميع الصناعات لتتم عمليات التشغيل بأقل استثمار رأسمالي ممكن، مع نماذج منصات الأعمال التي استحوذت على جميع القطاعات. وتعد التكنولوجيا المالية إحدى التكنولوجيات المغيرة في نماذج الأعمال التقنية، فهي تقدم حلولاً مبسطة تتيح الوصول إلى مجموعة متنوعة من الخدمات ذات القيمة المضافة وتجعل الشركات أكثر كفاءة.
بماذا تنصحي الرواد الجدد والشباب الذين لا يجدون تمويل لأفكارهم؟
يبقى التمويل إحدى التحديات الكبرى وخاصة في مرحلة التأسيس. أنصح رواد الأعمال الشباب التوجه أولاً نحو التمويل الذاتي أي المدخرات أو حتى اللجوء الى طلب الدعم من العائلة والأصدقاء خلال مرحلة التمويل الأولي. ويعتبر الاستثمار الملائكي خياراً آخر في ظل نمو شبكة الاستثمار الملائكي المستمر في المنطقة، ولا يمكن أن ننسى حاضنات الأعمال التي تقدم التمويل الأولي للأفكار المبدعة. يعد التمويل الجماعي أيضاً خياراً يناسب الشركات الناشئة. عندما تقديم وإثبات فكرة المشروع، ستتوفر العديد من الحلول التمويلية مثل رأس المال المخاطر، الذي يناسب الشركات الصغيرة التي تخطت مراحل الأولى وأصبحت تحقق الربح، وفي طريق النمو.
ماهي الانشطة الأكثر جدوى في هذه الايام وكيف اثرت جائحة كفيد 19 على اتجاه لاعمال؟
لا يمكننا أن ننكر الأثر السلبي للوباء على الاقتصاد، إلا أنه علينا أن نستذكر دائماً القول:” في كل أزمة.. هناك فرصة!”. نتج فقدان الوظائف بسبب جائحة كورونا إلى رفد نشاط ريادة الأعمال. لا سيما أن التغييرات التي طرحتها الأزمة أدت إلى خلق احتياجات وتحديات ومشاكل جديدة. وتعد هذه المشاكل فرصاً لأصحاب المشاريع، الذين بدورهم سيطرحون الحلول المناسبة. إن السبل الحديثة في نهج الاعمال والتسوق والترفيه والوعي المتزايد حول الصحة والسلامة، بالإضافة إلى جميع التغييرات في نمط حياتنا بشكل عام، خلق الكثير من الحلول الجديدة، ويجب على رواد الأعمال الجدد اغتنام هذه الفرص والاستفادة من الحلول القائمة على التكنولوجيا لإطلاق أفكار مبتكرة.
حديثينا عن إطلاق شركتك الخاصة من معرض إكسبو، من هي “توازن” وما هي رسالتكم؟
“توازن” هي منصة رائدة تهدف إلى غرس مفهوم التوازن بمفهومه الواسع وتسريعه في الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال استحداث مساحات آمنة تمكن مختلف الأفراد من اكتشاف وتبادل وتبني أفكار جديدة لخلق عالم أكثر توازناً للجميع. وتأتي منصة “توازن” لتؤكد على ضرورة تغيير الواقع عبر التمحور حول الانسان، فهي مؤسسة فكرية عالمية، هدفها جمع أشخاصً من خلفيات متنوعة، لوضع خطط عمل لسد الفجوات والاختلالات الكثيرة من أجل بناء التوازن بين الأفراد، وأماكن العمل، والمجتمعات، والبيئة. تتجسد رسالتها في بناء عالم متوازن يناسب الجميع.
ماذا نعني بـ “المستقبل المستدام” و“المجتمعات المتوازنة“؟
عندما نتحدث عن مستقبل مستدام، فإن أفضل تعريف لدي هو تعريف “غرو هارلم برونتلاند” للتنمية المستدامة: “التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر من دون الاخلال بقدرة الأجيال المقبلة باحتياجات على الوفاء باحتياجاتها.” والمجتمعات المتوازنة هي مجتمعات متكاملة وشاملة يساهم جميع أركان المجتمع في سد الفجوات وبناء البيئات التي تناسب كل الأفراد، بغض النظر عن العمر، أو الجنس، أو الخلفية العرقية، أو الدينية، أو المهنة، أو الدخل.
كيف تؤثر المجتمعات المتوازنة على الأعمال والشركات والحكومات؟
أكثر منذ قبل، تلعب المجتمعات دوراً أساسيا في اتخاذ القرار في الشركات والحكومات. في مجتمع يتمتع أفراده بوفرة المعلومات وثقافة عالية وانفتاح عالمي، وعبر المساهمة في مجتمع محلي متوازن، تكتسب الشركات ثقة وولاء العملاء. تعزز الشركات الوحدة بين المؤسسات وأفراد المجتمع عند دعم العملاء المحليين المحتملين والقضايا التي تهمهم. وينطبق هذا أيضاً على الحكومات ومواطنيها، فكلما كانت المجتمعات أكثر توازناً، زادت ثقة المجتمع في حكومته، مما بدوره يزيد من مساهمة الأفراد في تحقيق رؤية ورسالة الحكومة.”
بعد توليك مناصب إدارية عليا في العديد من شركات Fortune 500″ والجهات الحكومية والمنظمات غير الربحية، كيف يمكن للشركات التكيف مع توجهات العالم الجديد، بما في ذلك الشمولية والاستدامة؟
أصبح التركيز على الإستدامة اتجاها مهما. تحتاج المنظمات إلى تبني مشهد الأعمال الجديد حيث يجب أن تصبح نماذج الأعمال أكثر تمحورًا حول الإنسان وخلق الأثر الإيجابي، حيث لم يعد هناك تفريق بين الربح والهدف، بل أصبحنا نحقق أرباحًا بينما نعمل على حل التحديات المجتمع والبيئة، وحيث لا يُنظر إلى الاستدامة على أنها “ظاهرة الغسيل الأخضر” أو مسألة التزام بالقوانين. تحتاج المؤسسات على كافة أحجامها ومجالاتها إلى تبني الاستدامة كهدف استراتيجي واعتبارها ميزة تنافسية. ويمكن تحقيق ذلك عبر زيادة الوعي وسد الفجوة المعرفية، من خلال إشراك الإدارة العليا ومجلس الإدارة في تبني الاستدامة والشمول كجزء من ثقافة الشركات، ودمجها في العمليات اليومية.
كيف يمكن أن تساعد برامج التوطين في رفد الشمولية؟ كيف للمسؤولية الاجتماعية أن تساعد الشركات؟
تهدف برامج التوطين إلى زيادة مشاركة المواهب المحلية في خلق القيم داخل المجتمعات، ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون خلق الفرص المحلية للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأوطان. تحتاج الشركات إلى برامج المسؤولية الاجتماعية للارتقاء إلى مستوى المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال تبني استراتيجية مقصودة للتأميم كجزء من برامج التنوع والشمول، بما يتجاوز نهج الحصص. وهذا ما يتطلب، تحديد المواهب المحتملة في مراحل مبكرة عبر العمل عن كثب مع الجهات الأكاديمية، لإشراك الطلاب منذ المراحل الأولى، والعمل على زيادة الوعي حول فوائد العمل في القطاع الخاص والمسار الوظيفي الناجح الذي يقدمه لهم. ويمكن للشركات أن تقدم برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات مثل برامج التدريب الداخلي وبرامج تنمية المهارات، والتي يمكن أن تساهم في برامج التوطين الناجحة
ما هي القطاعات الرئيسية التي تحتاج إلى تطوير نموها ولتكون أكثر توازناً؟
منذ أن بدأت الأزمة والتي كانت ولازال سببها جائحة كوفيد-19، شهدنا يقظة نوعية لدى الأفراد حول مفاهيم المساواة والفجوات المجتمعية التي يجب علينا معالجتها، والصناعات التي تتطلب رفد نموها في المنطقة، مما بدورها ستكون حلولاً لقضايا ملحة ولعدم المساواة، نذكر بعضها؛ الأمن الغذائي، والصحة، والشمول المالي، وخلق فرص العمل على وجه الخصوص.
ما هي نصيحتك للشركات القائمة، ووكيف لها أن تبدأ في إحداث تغيير إيجابي داخل مؤسساتهم؟
ولكي يكون التغيير مستدامًا، عليه أن يحدث على ثلاثة أصعدة وهي الشخصي، والجماعي والمؤسسي. ويبدأ التغيير من القادة، الذين يجب أن يكونوا واعيين بالتغيير الذي يحتاجونه شخصيا، وما الذي يجدر عليهم تغييره أولاً. إن نموذج القدوة للقيادة هو أكثر فعالية من الاستراتيجية المعقدة لذلك عليكم أن تشاركوا بكل ما لديكم ليتعاقب إلى فريقكم، فالأفراد يسمعون ما تقولونه إلا أنهم يلاحظون أيضاً ما تفعلونه. ليكن اشراك الآخرين خطوتكم التالية. لا أحد يقاوم أفكاره الخاصة، إذا شعر الجميع بأنهم منخرطين في إحداث تغيير إيجابي، فإن احتمالية مقاومتهم لهذا التغيير تقل. كونوا واضحين بشأن هدفكم من التغيير وكيف سيؤثر إيجابًا على الجميع قبل البدء في التنفيذ، لتجنب الشعور “بالتغيير المفروض“. فريق احداث التغيير أو أبطال التغيير للمساعدة في التأثير الإيجابي.”