بقلم: آنا جيرمانوس، رئيس السلع الاستهلاكية، وقطاع التجزئة والتجارة الإلكترونية لدى ميتا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تتطور المتطلبات التفضيلية وسلوكيات المستهلكين بشكل أسرع من أي وقت مضى. حيث نشهد اليوم تغييرًا جذريًا في كيفية استخدام المتسوقين للإنترنت. ولسنوات، استخدم الناس تطبيقاتنا لشراء الأشياء وبيعها، بداية من وضع صورة لدراجة مع علامة تقول “للبيع” إلى بيع طاولة قهوة في Marketplace. ولكن اليوم، يكتشف الأشخاص منتجات وأساليب تسوق جديدة من العلامات التجارية ومنشئي المحتوى المفضلين لديهم عبر منصاتنا. ويريد عملاء اليوم خدمات استباقية وتفاعلات ذات طابع شخصي خاص بهم وتجارب إلكترونية عبر القنوات الرقمية.
كان الأشخاص في الماضي يتصفحون الإنترنت بشكل تقليدي للعثور على أشياء يعرفون أنهم يريدونها. ومع ذلك، فقد أثبتت الجائحة أن التسوق لم يعد مهمة نقوم بها لتحقيق هداف ما؛ وإنما هي تجربة منسقة، وذلك في ظل تواجد الناس على الإنترنت مدفوعين باهتمام أكبر من أي وقت مضى للقيام ذلك. لقد أصبح “الذهاب للتسوق” هو “التسوق دائمًا”. لقد انتقلنا من عقلية “تلبية الحاجة” إلى عقلية “الاستكشاف”، ومن التسوق القائم على “نية محددة” إلى التسوق القائم على “الاهتمامات”، حيث يتطلع الأشخاص إلى الحصول على مصادر الإلهام.
هل صادفتم عرضًا مغريًا لمنتج ما أثناء تصفح التغذية الخبرية على فيسبوك أو انستجرام وشعرتم برغبة لشرائه مباشرة؟ هذه ليست مصادفة، فهذا ما نسميه “استكشاف التجارة” Discovery Commerce، فباستخدام تعلم الآلة، يقوم النظام بتوقع ما يريده الناس قبل أن يعرفوا أنهم يريدونه، مما يوفر لهم وقتهم المحدود ويعرض لهم عدد لا نهائي من المنتجات.
تقوم أداة “استكشاف التجارة” بإضفاء الطابع الشخصي على تجربة التسوق على منصاتنا، حيث تعرض المنتجات والعلامات التجارية التي تتماشى مع أذواق المستخدمين، والتي ربما لم يسبق لهم رؤيتها بأي طريقة أخرى. وإذا ما كانت التجارة الإلكترونية تتعلق بالأشخاص الذين يبحثون عن المنتجات ويشترونها من خلال الموقع الإلكتروني، فعندئذٍ وباستخدام أداة “استكشاف التجارة”، فإن المنتجات هي من ستجد المشترين وليس العكس.
تغير مفهوم التسوق والشراء التقليدي إلى الأبد
تفتح أداة “استكشاف التجارة” عالمًا من التسوق التصادفي المتنامي بشكل متزايد على الإنترنت وذلك بعد عام من الإغلاق. ووفقًا لأبحاث شركة “فيسبوك آي كيو”، أعرب أكثر من 74% من الأشخاص من الذين شملهم الاستطلاع أنهم يستخدمون منصات “ميتا” لاستكشاف العلامات التجارية أو المنتجات عبر الإنترنت، مقارنة بـ 41% قالوا إنهم اكتشفوا علامات تجارية أو منتجات جديدة عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالعلامة التجارية، فيما قال 82% من الأشخاص إنهم يجدون الآن منتجات جديدة على منصات “ميتا”.
وقد كان لهذه الأداة أن غيرت وإلى الأبد مفهوم التسوق والشراء التقليدي، حيث يمكن اليوم للعملاء اكتشاف المنتجات وشرائها في غضون ثوانٍ، مما يعني أن المشترين المحتملين الجدد الذين تسعى الشركات للتواصل معهم قد سبقوا الشركات ووصلوا فعليًا لمرحلة اتمام عملية الشراء. إن هذا التحول السلوكي لا يقتصر على التسوق فقط، بل يحدث أيضًا في قطاعات أخرى، حيث يوجد الكثير من المحتوى الذي يتقبله الناس بترحاب وهم مقبلون بشغف على تجربة الاكتشاف المنسق للمنتجات.
على سبيل المثال، وفيما يخص “نتفليكس” تقوم ميزة التوصيات الخاصة بها بتنسيق عناوينها وفقًا لما تعلمته حول أذواق المستخدمين، وكذلك الأمر مع “سبوتيفاي” الذي يتنبأ محركها Discovery Weekly بالمقاطع الصوتية التي قد ترغب في سماعها بناءً على سجل تفضيلاتك.
تقنيات جديدة لدعم مستقبل التسوق
اكتسبت تطبيقاتنا وسريعًا صفة الوجهة الأفضل للشراء والبيع، ونحن نبني نظامًا تجاريًا حديثًا لتعزيز ذلك عبر كل من أداة Shops والإعلانات وأدوات المجتمع والرسائل والمدفوعات. وفي العام الماضي، عندما تسببت الجائحة في إغلاق الأنشطة التجارية المحلية، أطلقنا Shops لتسهيل قيام الشركات بإنشاء متجر إلكتروني للوصول إلى العملاء من خلال كل من فيسبوك وانستجرام. حيث تمنح Shops الشركات إمكانية التحكم في التخصيص والترويج لبعث مصادر الإلهام لعملائهم ومساعدتهم في العثور على المنتجات المناسبة لهم.
نواصل أيضًا الاستثمار في التقنيات الاستشرافية المستقبلية التي ستكون أساس تجارب التسوق غداً، وهي مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والفيديو المباشر.
في مؤتمر “كونيكت” الذي أقيم في أكتوبر 2021، عندما قدم الرئيس التنفيذي مارك زوكربرج شركة “ميتا”، كان ذلك بمثابة إشارة إلى العلامات التجارية للاستفادة من الفرصة التي ستوفرها Metaverse لتقديم تجارب طوال عام 2021 حيث سيكون التسوق والتجارة هما مفتاح هذه النقلة النوعية الرقمية. وتعد هذه هي التجربة الملهمة التالية التي يتطلع إليها المستهلكون وبعضهم قد بدأ بالفعل في محاولة الاستفادة منها. سوف تزيل metaverse العديد من الحواجز المادية التي نراها اليوم في قطاع التجارة، وستعمل على تمكين تأسيس سوق افتراضية، حيث يمكن للمبدعون المساعدة في تصميم المنتجات وإنشاء وبيع المزيد من المنتجات الرقمية الحصرية.
ما الذي يمكن أن تفعله العلامات التجارية لتعظيم هذا التحول التجاري الجديد؟
نشهد تحولًا كبيراً في الطريقة التي نستكشف ونتسوق بها، وهو تحول مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن خلال عمليات التنسيق والخوارزميات التعاونية، ستنشأ المرحلة التالية لكل من المحتوى والتجارة.
ويمكن الآن توعية الأشخاص بشيء ما وشرائه في غضون ثوانٍ معدودة، دون البحث عن علامة تجارية أو منتج معروف. ولتحقيق أقصى قدر من المبيعات، تحتاج العلامات التجارية إلى ضمان وجود تجربة سلسة وخالية من الاحتكاك، والتفاعل مع العملاء ونقلهم من مرحلة استكشاف المنتج إلى الشراء النهائي عبر خمس نقرات أو أقل.
يرى المسوقون المتميزون والأكثر تقدمًا أن التجارة الاجتماعية ليست فقط نقطة دخول إلى علامة تجارية ما واكتشاف منتج ما، ولكنها أسلوب جديد يعزز قدرات الاحتفاظ بالعملاء.
إن تحول العلامات التجارية إلى أساليب التجارة الجديدة يعني بالنسبة لهم الاستثمار في أربعة مجالات رئيسية:
إضفاء الطابع الشخصي على الحملات الترويجية من خلال إعداد وسائط قوية واستراتيجية مرنة للتنبيهات.
إلهام الجمهور المستهدف عبر تجارب إبداعية قوية؛ يمكن تقديمها على “ميتا” بطريقة جذابة وديناميكية، بالإضافة إلى الاستفادة من قوة المبدعين الموجودين على منصاتنا.
ضرورة النظر إلى استراتيجيات التحول والاحتفاظ بها من خلال تحسين المسارات التي يتم إنشاءها لخدمة الناس والأهداف التجارية
التعلم والتحسين باستمرار، ويتعلق ذلك بالاستفادة من الأدوات المتوفرة لصقل المهارات التسويقية وتطويرها.