بالتخلي عن النمط التقليدي لمكان العمل الذي يتمحور حول المكتب، لخلق مساحة تجمع جيدة، ستحقق الفوائد على المدى الطويل.
بقلم شون ماكديرموت .
يخطط 70٪ من المديرين التنفيذيين لإعادة الموظفين للعمل من مكاتبهم بدوام جزئي على الأقل بحلول خريف 2021، وذلك فقًا لاستطلاع رأي طرحته شبكة LaSalle. في الواقع، فإن جي بي مورغان وغولدمان ساكس في طريقهما بالفعل لإخراج الموظفين من منازلهم وإعادتهم إلى أماكن العمل في المكاتب التجارية.
سؤالي لهذه الشركات العملاقة: لماذا نحافظ على النمط الحالي؟ يشير استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب، إلى أن ما يقرب من نصف القوى العاملة الأمريكية ترغب في مواصلة العمل من المنزل. فهذا الأمر الذي بدأ كاستراتيجية لتجنب انتشار فيروس كوفيد-19 أصبح أسلوب حياة.
فقد حطّم المفهوم التقليدي للمكتب في شركتي التي تعمل في مجال استشارات تكنولوجيا المعلومات. بصفتنا مديرين تنفيذيين، يمكننا محاولة إجبار الأشخاص على العودة إلى نمط العمل التقليدي من المكتب (وفقدان الكثير من المواهب أثناء ذلك). أو يمكننا القيادة بصورة يملؤها الإبداع والتعاون والتعاطف مما يُقدم ميزة تنافسية.
وبصفتي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Windward للاستشارات، أعتقد أن المديرين التنفيذيين لديهم فرصة سانحة لإعادة تشكيل مساحة العمل بصورةٍ حديثة. الانتفاع من هذه الفرصة، حوّل مكتبي التقليدي السابق في الشركة إلى وجهة تعاونية. وتركز هذه الرؤية الجديدة في مكان العمل على نهج يضع التعاون في المقام الأول في مكان العمل وتقييم شامل لرفاهية القوى العاملة.
خلق بيئة يمكن للأشخاص فيها القيام بعملهم بصورةٍ أفضل
بوصفنا قادة، فنحن بحاجة إلى مواكبة ما يريده الموظفون، وكيف يمكن أن يكونوا أكثر إنتاجية، خاصة خلال هذا الوقت من التحول في مكان العمل. باختصار، نحن بحاجة للاستماع إلى الأفراد لدينا.
لا تريد القوى العاملة لديّ العودة إلى العمل من المكتب بدوام كامل، وأثناء الوباء، أثبتوا أنهم يمكن أن يكونوا منتجين من أي مكان. فهم لا يريدون التخلي عن العمل عن بعد.
لكن هل نفقد بذلك الاتصال البشري؟ على الإطلاق.
في الواقع، أنا أحب عقد الاجتماعات عبر زووم، لكن المنصة الأساسية أكثر صرامةً من أن تدعم نمط المكاتب الذي يبني الصداقة الحميمة – وساعات المرح عبر الإنترنت تنقضي في تطوير فريق متماسك. من الناحية المثالية، يجب أن يجتمع أعضاء الفريق للتسامر والضحك والترابط فيما بينهم – مع تمكينهم من العمل من المنزل.
وما يُعزز نهجنا الفريد في العمل عن بُعد والحفاظ على ثقافة الشركة هو توفير نوع جديد من أماكن التجمع المرنة التي تتجاوز شكل المكاتب ومساحات العمل المشتركة: وجهة للتعاون. فهذا ليس مكانًا للعمل. في الواقع، لن نخطط حتى لوجود مكاتب كافية للجميع ليكونوا في المكتب من الاثنين إلى الجمعة.
فوجهة التعاون هذه عبارة عن مساحة تعاون صغيرة (أعتقد بمساحة 3000 قدم مربع) مليئة بغرف الاجتماعات ووسائل التكنولوجيا والإضاءة على المكاتب واللوازم المكتبية. فهي تُشبه ستاربكس خاص بنا – جذابة، وانتقائية، ومليئة بالأفكار. وبذلك، ربما نوظف صانع مشروبات للعمل بدوام كامل.
وجهة التعاون هذه ميزة وليست مطلب. فهي تتخطى الثقافة المتشددة التي تتمحور حول المكتب وتؤسس لبناء التواصل والإبداع المتأصل. إلا أن تصميم وبناء وجهة التعاون هذه هو مجرد خطوة أولية. فمن غير الممكن أن تتواجد هذه الوجهة بمفردها. بدلاً من ذلك، يجب أن يصبح الموضوع الرئيسي يتمحور حول ثقافة مكان عملك، وأن يكون مدعومًا ببرنامج تدريجي عن بعد ونظرة شاملة على الرفاهية في مكان العمل.
انسى سياسات العمل عن بُعد – أنشئ برنامج تعاون عن بُعد
تتوقف وجهات التعاون على منح القوة العاملة لديك الصلاحية للتحكم في العمليات التي تؤثر عليهم بشكلٍ كبير. فمع وضع الجداول الزمنية والترتيبات المكتبية التي تناسب موظفيك، سيكون لديهم حرية الابتكار والقدرة على التعاون والأداء بشكلٍ فعليّ.
على الرغم من أنني أقود شركة عن بعد، إلا أنني أرفض إنشاء سياسة للعمل عن بُعد. نمط العمل الهجين “ثلاثة أيام في المكتب، ويومين من خارجه” الذي تتبعه شركات مثل آبل غير مُجدي. حيث أن جلّ ما تركز عليه هذه الجداول الصارمة هو أن تنال رضا القيادة ووضع السياسات من أجلها فحسب – وليس على زيادة الإنتاجية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة.
وبعكس بعض الشركات التي تضع سياسات للعمل عن بُعد، أريد أن أمنح الأفراد إمكانية التحكم في حياتهم العملية. وفي ذلك الصدد، لا أكترس بالعمل لثلاثة أيام من المكتب بدلاً من المكتب المنزلي، والمكالمات على تطبيق زووم مناسبة تمامًا لإصدار الرسائل أو مواصلة العمليات. هذا ليس منتدى لإجراء اتصالات على أي حال.
بدلاً من فرض سياسات عن بُعد، قم بتطوير برنامج تعاون عن بُعد. تم إعداد برنامج التعاون عن بعد لدينا من خلال أفكار غير تقليدية من القيادة والموظفين. حيث أنه يشمل الجميع في شتى أنحاء المنظمة ويلبي رغبات واحتياجات القوى العاملة لدينا من حيث الجداول الزمنية وتواتر الاجتماعات والمعدات وغير ذلك. في حين أن برنامجنا ليس مصممًا من أجلك أنت وموظفيك، فإنني أحثك على التعاون مع القوى العاملة لديك لمعرفة ما الذي سيفعلونه.
نشأت وجهة التعاون الخاصة بنا في الواقع من برنامج التعاون عن بُعد الذي طرحناه، وهي مدعومة بدورها منه. إنتاجيتي في المكتب منخفضة بشكلٍ كبير. فأنا أبذل قصارى جهدي وأنا جالس منعزلاً في منزلي. لكنني أحب التجمع، وسمعت نفس الشيء من موظفييّ. ومن ثم، قررنا الاستفادة من أفضل ما في بيئة المكتب من خلال إنشاء وجهة يمكن للأفراد أن يجتمعوا فيها عندما يريدون. فهي وسيلة للراحة من رؤية نفس الجدران، ومكان للدردشة حول أحدث ما يُشاهدونه على شبكة نتفلكس، ولكن الأهم من ذلك، مكان للابتكار والتفكير بشكل واسع مع الزملاء أثناء احتساء فنجان قهوة جيد للغاية.
تعامل مع مشاكل الموظفين كما لو كانت تخصك
لكي تحقق وجهة التعاون الغرض منها، يجب على القيادة مراقبة رفاهية الموظف. وبالنظر لأنك لن تكون قادرًا على مراقبة موظفيك على مدار الساعة (ومن منّا يريد القيام بذلك على أي حال؟)، يجب أن تكون على دراية خاصة بصحتهم الذهنية والجسدية.
كم منكم يرى موظفيه يعملون من طاولات المطبخ في منازلهم، ويتلقون المكالمات على أرائكهم، ويهدئون الأطفال الذين لديهم فرط حماس ويركضون مُحدثين حالة من الفوضى؟ إذا كنت تعتقد أن هذه مشكلتهم وليست مشكلتك، فأنت تخدع نفسك.
بوصفك قائدًا، عليك أن تفهم – والأهم من ذلك أن تستوعب – أن اهتمام الأشخاص بأنفسهم وعائلاتهم يأتي في المقام الأول. وهذا هو الوضع الطبيعي. علينا أيضًا التعامل مع تبعات ذلك على الأعمال التجارية. لن يبذل الموظفون قصارى جهدهم إذا تضررت ظهورهم بسبب الانحناء على أجهزة اللابتوب الخاصة بهم على طاولة المطبخ. ولن يكونوا قادرين على التركيز عندما يثب أطفالهم على الجدران.
فنحن بحاجة إلى التعاون مع موظفينا. استمع لهم. ما هي المعدات التي يحتاجون إليها؟ هل يحتاجون إلى قرض لتجديد منازلهم وإنشاء مكتب منزلي؟ هل يحتاجون إلى تعديل جداول أعمالهم ليتمكنوا من رعاية أطفالهم؟
هذا التفكير خارج الصندوق ليس مخيفًا كما يبدو. فتلبية الاحتياجات الشخصية لموظفيك ستؤدي إلى أن يُصبحوا أكثر تركيزًا وإبداعًا وولاءً. وسيساعد توفير مكان تجمع لهم يشحذون فيه طاقتهم ويجددونها في تعزيز ذلك.
المستقبل هو وجهة تعاون
على مدار العام ونصف العام الماضيين، تغير رأيي في أهمية وجود المقر الرئيسي للشركة بشكل كبير. ففيما سبق، كنت أريد أن يتواجد فريقي فعليًا حولي من الاثنين إلى الجمعة. ولكن حان الوقت لتجاوز الوضع الراهن والتفكير في البيئة الشاملة التي نخلقها لموظفينا.
فجديرٌ بالذكر أن أماكن التجمع في فترة ما بعد الجائحة مهمة، ولكن يجب استخدامها بالطريقة الصحيحة. ونظرًا لأن الوباء غيّر صورة المشهد المهني، فيمكن للقادة الآن كسر القواعد الراسخة والبدء في تحديد أفضل طريقة للمضي قدمًا لشركاتهم وموظفيهم. بالنسبة لشركتي، فإن الطريق إلى الأمام يعني تحطيم الصورة النمطية للمكاتب. وهذا يعني توفير المرونة للقوى العاملة لدي مع الحفاظ على الإحساس بالثقافة والدافع للتعاون. وهو يعني تبني وجهة التعاون والثقافة التي تدعمها.