كيف يُسهم التحوّل الرقمي في نجاح رائدات الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة (وخارجها)
بقلم / شيريل ساندبرج
بعد أن رُزقت “سارة سيكلاني” بطفلتها الأولى، كانت تبحث عن طريقة لمواصلة عملها ورعاية ابنتها. وقد واتتها الفكرة خلال حفل اقتراب إنجاب أقيم عند أحد أصدقائها. حينها، طلبت “سارة” عربة حلوى من إنجلترا، وقد أحبّها الضيوف الآخرون. ومن هنا، بدأت عملها الخاص – “ليلاز كاندي كارت“، أو “عربة حلوى ليلى”، الذي اسمته على اسم ابنتها، والذي تعمل من خلاله على توفير صناديق الحلوى المصممة خصيصاً للحفلات في دبي.
عندما ضربت العالم جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، أُلغيت جميع أحداثها، ولم تعد هناك أي طلبات. وبين عشية وضحاها، كان على “سارة” أن تعيد التفكير في عملها بالكامل. ومع وجود كميات كبيرة من الحلوى مخزّنة في منزلها، بدأت في تركيز كل اهتمامها على الإنترنت في محاولة منها لبيعها، فنجحت في بيع سلال الهدايا وصناديق الأنشطة وغيرها من المنتجات من خلال موقعها على شبكة الإنترنت، كما استخدمت الإعلانات المخصصة على موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام” للوصول إلى العملاء المحتملين. وما بدأ كضرورة سرعان ما حقق نجاحاً كبيراً، حيث زادت معدّلات الزيارات على شبكة الإنترنت، وارتفعت مبيعاتها. ونتيجة لذلك، انتقلت من العمل بمفردها في منزلها إلى افتتاح أول مكتب لها يضمّ خمسة موظفين.
لقد ساعد إبداع “سارة” ومرونتها على الانتصار على ما واجهته من شدائد، وللأسف لم يحالف كل الأعمال التجارية الحظ في النجاة من الجائحة وضرباتها. لقد كان العام ونصف العام الماضي صعباً على الشركات الصغيرة في الشرق الأوسط وخارجه. وعندما أجرى موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” استطلاعاً للشركات في الإمارات العربية المتحدة في نهاية العام الماضي، عُثر على أنه تم إغلاق شركة واحدة من كل خمس شركات تقريباً، وأكثر من نصف تلك الشركات لا تزال مفتوحة وتواجه تدهوراً في مبيعاتها.
توصّل أحدث استطلاع عالمي خاص بنا عن أوضاع الشركات الصغيرة، أُجري خلال شهريّ يوليو وأغسطس في 30 دولة ومنطقة حول العالم، إلى نتيجة مشابهة جداً، حيث كشف أن 18% من الشركات الصغيرة تعاني من الإغلاق حالياً، رغم حدوث تحسّن بنسبة 24% في شهر فبراير. ومع ذلك، من بين الشركات التي لا تزال مفتوحة، أفاد الكثير منها بتخفيض أعداد موظفيه هذه المرة، لترتفع نسبة التحسّن من 30% في فبراير إلى 36% في يوليو.
لقد كانت الجائحة صعبة بشكل خاص على الشركات التي تديرها النساء. لقد كشفت استطلاعاتنا باستمرار أنّ الشركات التي تملكها النساء على الأرجح تعدّ مغلقة بنسب أكبر مقارنة بالشركات المملوكة للرجال، بل ومن المرجح أن تكون قد شهدت انخفاضاً في مبيعاتها، وهي تتركز بشكل كبير على الأرجح في القطاعات الأكثر تأثراً بالقيود المفروضة على الأعمال.
مع ذلك، هناك بوادر أمل. بالنسبة إلى “سارة”، بدأت عملية تحويل أعمالها إلى شبكة الإنترنت كضرورة، لكنها نجحت في تحويلها إلى نجاح مدوٍ. وحتى قبل الجائحة، كان الكثيرون يقضون أوقاتهم وأموالهم على شبكة الإنترنت، وكانت تتزايد أعدد الشركات التي تتجه نحو الرقمنة وقد أصبح هذا التوجّه التدريجي الذي تسارع بشكل هائل خلال العام الماضي عند ظهور واجهات المتاجر الرقمية، وكذلك تلقي الطلبات عبر الإنترنت، والوصول إلى العملاء عن بُعد، أمراً ضروريًا للشركات في كل مكان.
النبأ السار هو أنّ كل هذه الأمور أصبحت أسهل بكثير مما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط، وهو أمر يصبّ بشكل خاص في مصلحة النساء والمجتمعات التي كانت تحظى بفرص نجاح أقل في السابق. وفيما يلي ثلاثة أمور يمكن لكل شركة تنفيذها لتحقيق النجاح عبر الإنترنت:
- عززّ وجودك الرقمي. يرى الكثيرون أنّ هذه تعدّ أكبر قفزة. نعم، قد يكون إنشاء موقع إلكتروني عملية معقدة ومكلفة. ولكن، ببضع نقرات فقط، يمكن لأي شخص إنشاء صفحة على موقع “فيسبوك” أو ملف تعريف أعمال على موقع “انستغرام” مجاناً. حتى أنّ هناك أدوات مجانية متاحة لتيسير تلقي الطلبات والبيع عبر الإنترنت.
- تعلم أساسيات الإعلان الرقمي. يظنّ بعض أصحاب الأعمال الصغيرة أن الإعلان هو عملية لا تستطيع تحملها سوى الشركات الكبرى – وهذا المفهوم كان صحيحاً في السابق. ولكن من خلال الإعلانات المخصصة، يمكنك الوصول إلى الأشخاص الذين تعتقد أنهم سيهتمون بمنتجاتك في مقابل حفنة بسيطة من الدولارات. ومن السهل تعلّم الأساسيات، حيث يمكنك التعرف سريعاً على كيفية إنشاء إعلانات فعالة وتحديد الجماهير لعرضها عليهم وقياس نتائجك.
- اعرف من أين يمكنك الحصول على المساعدة. الدعم موجود متى احتجت إليه، حيث يمكن للشركات العثور على موارد ودورات تدريبية سهلة الاستخدام في مركز تدريب الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لشركة “فيسبوك”، كما يوجد المزيد من الدعم في مركز موارد الأعمال الخاص بنا.
بعد فترة عصيبة مليئة بالمصاعب وحسرة القلب بالنسبة إلى الكثيرين، أرى أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل. ويمكن أن يكون استمرار التحوّل الرقمي أمراً مفيداً للشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، لا سيما بالنسبة إلى النساء وغيرهن ممن كثيراً ما كانت تواجههن الحواجز والعراقيل في طريقهن.
في عام 2021، لا تحتاج إلى إذن من أي شخص لتحويل فكرة جيدة إلى عمل تجاري ناجح.
السيرة الذاتية للمؤلفة
تشغل “شيريل ساندبرج” منصب مديرة العمليات في شركة “فيسبوك”، وتتولى الإشراف على العمليات التجارية للشركة. كما أنها أيضاً عضوة في مجلس إدارة الشركة ذاتها.
قبل انضمامها إلى شركة “فيسبوك”، تقلدت “شيريل” عدداً من المناصب، منها نائب رئيس إدارة المبيعات والعمليات العالمية عبر الإنترنت في شركة “جوجل”، ورئيسة موظفي وزارة الخزانة الأمريكية في عهد الرئيس “كلينتون”، ومستشارة إدارية لدى شركة “ماكنزي آند كومباني”، وخبيرة اقتصادية في البنك الدولي. وقد حصلت “شيريل” على درجة البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة هارفارد، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال بامتياز من كلية هارفارد للأعمال.
شاركت “شيريل” في تأليف كتاب (Option B: Facing Adversity, Building Resilience)، وكتاب (Finding Joy) مع “آدم غرانت”، الأستاذ بكلية “وارتون” ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً. كما ألفت أيضاً اثنين من الكتب الأكثر مبيعاً، هما (Lean In: Women, Work, and the Will to Lead) وكتاب (Lean In for Graduates). كما أسست “مؤسسة شيريل ساندبرج وديف جولدبيرج العائلية”، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إقامة عالم أكثر مساواة ومرونة من خلال مبادرتين رئيسيتين، هما (LeanIn.Org) و(OptionB.Org). وتعمل شيريل في مجالس إدارة شركات “فيسبوك”، و”المرأة من أجل المرأة عالمياً”، و”وان”، و”سيرفي مونكي”.
تعيش شيريل في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا مع خطيبها وأطفالهما الخمسة. facebook.com