فبموجب توفير خطط لامتلاك منشأة لإجراء الاختبارات الجينية المتطورة تعمل بكامل طاقتها في المملكة العربية السعودية بحلول الربع الأول من عام 2022، تهدف شركة NoorDX إلى جعل الاختبارات الجينية متاحة محليًا داخل البلاد لضمان عدم الحاجة إلى إجراء هذه الاختبارات في المعامل الخارجية.
كتب بواسطة علياء مهران أحمد، نوفمبر 2021
مع استمرار مواجهة العالم لتبعات أزمة فيروس كورونا المستجد، كان هناك الكثير من التحولات في عمليات التفكير عندما يتعلق الأمر بالحياة والعمل على حد سواء. فعلى سبيل المثال، شهد مجال الرعاية الصحية أهمية متزايدة لمساعدة الخبراء الطبيين وكذلك المرضى على اتخاذ قرارات مستنيرة. وفي هذا الوقت تقريبًا، تسارعت وتيرة الحديث حول أهمية علم الجينوم.
NoorDX
ببساطة، علم الجينوم هو دراسة الحمض النووي للشخص وجيناته. عندما سألت الرئيس التنفيذي لشركة NoorDX الناشئة في مجال الجينوم والمعلوماتية الحيوية في السعودية، د. عبد الإله الهوساوي، كيف يشرح هذا المفهوم لشخص يسمع الكلمة لأول مرة، قال: “الجينوم هو الوحدة الأساسية للحياة. فكر في الأمر على أنه رمز للحياة”. وقبل التطرق إلى ما تفعله شركته الناشئة، ذكر الهوساوي أن يتفهم أن معظمنا قد يكون درس هذا الأمر في المدرسة الإعدادية. يشرح قائلاً: “تحتوي كل خلية في أجسامنا على 46 كروموسومًا، وفي كل كروموسوم لدينا الجينوم، وهو ما يُشكل الحمض النووي المتكامل. يحتوي الحمض النووي الكامل على أكثر من 20000 جين. والجينات هي مجرد وحدات أصغر من الجينوم، وهذه الجينات ترمز إلى ما يجعلنا بشر!”
تم إطلاق شركة NoorDX في شهر نوفمبر 2021، وتقع في مجمع الابتكار التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST)، وقد وصفها الهوساوي بأنها شركة عاملة في “تكنولوجيا الجينوم”. فبموجب توفير خطط لامتلاك منشأة لإجراء الاختبارات الجينية المتطورة تعمل بكامل طاقتها في المملكة العربية السعودية بحلول الربع الأول من عام 2022، تهدف الشركة إلى جعل الاختبارات الجينية متاحة محليًا داخل البلاد لضمان عدم الحاجة إلى إجراء هذه الاختبارات في المعامل الخارجية. ويوضح الهوساوي أنه “في الوقت الحالي، 90٪ من الاختبارات الجينية في المملكة العربية السعودية لا تُجرى بداخل المملكة العربية السعودية. بل يتم إرسال هذه الاختبارات بالفعل إلى أمريكا الشمالية وأوروبا والصين ودول أخرى في آسيا. ومن ثمّ، كان هذا أحد أكبر الأسباب، ومصادر الإلهام وراء سبب حاجتنا إلى إجراء هذه الاختبارات بداخل المملكة”.
وهذا يفسر جزئيًا شعار شركة NoorDX: “بواسطة السعوديين، في السعودية، من أجل السعودية.” فمن خلال التركيز الحصري على جمع البيانات الجينية من داخل المملكة، يتم تحديد نموذج الأعمال الخاص بالشركة الناشئة بوضوح تام في الوقت الحالي. حيث تنصب الخدمات التي تقدمها شركة NoorDX على ثلاثة أنواع مختلفة من الجينوم – الجينيوم الطبية، وجودة الحياة، وجينومات البحوث والجينومات القائمة على السكان. الاختبار الجيني الذي أشار إليه الهوساوي في البيان السابق هو ما يدور حوله علم الجينوم الطبي من الأساس. ويوضح كذلك أن “استخدام علم الجينوم للمساعدة في علاج الأمراض من حيث توفير التشخيص والعلاج والاستدلالات هو ما يسمى علم الجينوم الطبي. ولكن، هناك أيضًا جودة الحياة وعلم الجينوم الخاص بالتعافي، وهو مجال مثير للغاية في مجال الصحة الجينية للأفراد. فعن طريق ذلك، بدلاً من مجرد علاج الأمراض، سنستخدم أيضًا علم الجينوم للتأكد من أن الأشخاص بصحة جيدة وأن جهاز المناعة لديهم مدعوم بالقدر الكافي”. أما بالنسبة للنوع الثالث من الجينومات، فيقول الهوساوي أنه يجب دعم الدراسات الجينومية الموجودة في الدولة. وأضاف: “سيكون جانب البحث المنصب على تلبية احتياجات الباحثين في جميع أنحاء البلاد نظرًا لوجود طلب كبير على مساعدتهم في فهم التسلسل الجيني”.
ومع ذلك، فإن دخول شركة NoorDX في مجال الاختبارات الجينية ليس أول عمل تعاوني تقوم به في مجال التكنولوجيا الحيوية في حرم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST). فخلال شهر أكتوبر من هذا العام، طورت الشركة الناشئة اختبار RT-PCR ذا الخطوة الواحدة والاستخدامات المتعددة في مختبرات جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. حيث تم اعتماد الاختبار في نهاية المطاف للاستخدامات العام، بعد الموافقة عليه من هيئة الغذاء والدواء السعودية. ونظرًا لأن تكلفة أدوات الاختبار أقل نسبيًا من اختبارات PCR الأخرى المتوفرة في المملكة العربية السعودية، إلى جانب إتاحة تسليم النتائج إلى الأجهزة الشخصية باستخدام رمز الاستجابة السريعة “QR” في غضون 24 ساعة، فقد كانت هذه خطوة رئيسية نحو تحقيق أهداف شركة NoorDX اليوم بوصفها شركة عاملة في مجال تكنولوجيا الجينيوم.
وعلى مدار الثمانية عشر شهرًا القادمة، أو في المرحلة الأولى، سينصب اهتمام شركة NoorDX بشكل أساسي على توفير الاختبارات الجينية الطبية، وأن تعمل على مستوى معاملات الشركات. يقول الهوساوي: “سنتعامل مع المستشفيات في هذه المرحلة”. وسينصب عملنا بشكل أساسي على أقسام طب الأطفال، والتوليد وأمراض النساء، وأمراض الأورام وأمراض الدم ذات الصلة بالأورام، وأمراض الأعصاب. حيث تلبي معظم خدماتنا، إذا رغبت في الحصول عليها، الطلب الكبير لهذه الأقسام الأربعة. وهدفنا خلال المرحلة الأولى هو أن نصبح الشركة الرائدة في السوق في علم الجينوم وأن نُعد المرجع الأساسي في علم الجينوم”. وتتضمن بعض الخدمات المزمع تقديمها على مدار العام المقبل تسلسل الجينوم الكامل، وتسلسل الإكسوم الكامل، ولوحات الجينات المستهدفة، وتشخيصات مسببات الأمراض القائمة على الميتاجينوم، وعلم الوراثيات الخلوية، بالإضافة إلى اختبارات ما قبل الولادة غير التداخلية. كما تخطط الشركة الناشئة للتحول نحو التعامل مُباشرة مع المستهلكية خلال المرحلة الثانية، حيث يمكن للعملاء تلقي خطط علاج مخصصة ومباشرة من خدمات شركة NoorDX.
عناصر ذات صلة: ريادة الأعمال والمجتمع ومواجهة الخوف من الفشل
لكن هذا هو المكان الذي تصبح فيه المحادثة مثيرة للاهتمام. ويوضح الهوساوي “المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام لديهما واحد من أعلى معدلات الاضطرابات الوراثية، إن لم يكن أعلاها على الإطلاق. وهذا يرجع لأسباب واضحة وهي أن الأشخاص يميلون إلى الزواج من نفس العائلة أو من نفس القبيلة، وهناك زيجات تُجرى بين أبناء العم كذلك. لذلك، فإن الأمراض الوراثية في المنطقة تقدر بأربعة أضعاف المعدلات العالمية.” يتماشى ما ذكره الهوساوي جيدًا أيضًا مع ما تظهره الأبحاث الحالية حول منطقة الشرق الأوسط بوضوح – نقص البيانات بسبب نقص تمثيل المنطقة في الدراسات الجينومية. فمع الانتشار الواضح للاضطرابات الجينية والنقص الكبير للبنية التحتية لمعالجتها هذه الاضطرابات وحلها، ليس من الصعب رؤية الإلهام وراء إنشاء شركة NoorDX.
لكن الهوساوي، الذي لا يزال يعمل بدوام جزئي جراحًا للكبد، يشير أيضًا إلى عامل ملهم آخر – الاهتمام المتزايد بعلم الجينوم من مختلف أصحاب المصلحة في الدولة. وأضاف: “الحافز الآخر لإنشاء شركة NoorDX هو أن علم الجينوم سيتداخل مع مجال الرعاية الصحية، وسيُغير صورة الرعاية الصحية التي نعرفها”.
لا تدع الضجيج اللحظي حول مفهوم الجينوم يجعلك تعتقد أن هذا فرع جديد من فروع العلوم الطبية. بدأ مشروع الجينوم البشري، وهو مشروع بحثي أجري في الولايات المتحدة بقيادة فريق من الباحثين الدوليين، في عام 1990 ويُعد نقطة انطلاق لدراسة علم الجينوم. وفيما يتعلق بشركة NoorDX أيضًا، فقد بدأت الفكرة وراء إنشاء الشركة منذ ما يقرب من أربع سنوات – قبل وقت طويل من اندلاع أزمة كوفيد-19. وبحسبما ذكره الهوساوي، فإن توجيهات جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والمساعدة التي قدمتها ساهمت في تحفيز رحلة الشركة الناشئة بالفعل من وضع المفهوم المُجرد وحتى وضع خطة العمل. وأضاف قائلاً: “ما تحاول جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية القيام به هو استخدام مجموعة الابتكار الخاصة بها لتكون بمثابة منصة للتكنولوجيا الحيوية لجذب مجالات التكنولوجيا والصيدلة الحيوية، وتنظيم ذلك النظام البيئي والمضي قدمًا”. “كما أن سجل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في علم الجينوم قويّ للغاية، مما يمنحنا نوعًا من التميّز حيث لدينا حاليًا معملًا داخل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. لكن هدفنا هو أن يكون لدينا عمليات، ليس بداخل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فحسب، بل نأمل أيضًا، بحلول الربع الأول من عام 2022، أن يكون لدينا عمليات تشغيلية في الرياض أيضًا، حيث نتجه نحو خوض جولات التمويل.” والجدير بالذكر أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هي أيضًا أحد المستثمرين الثلاثة الرئيسيين في شركة NoorDX.
وفي الوقت الراهن، نأمل في تلبية متطلبات الأمن القومي أيضًا، حيث لن نكون مضطرين إلى إرسال معلومات حساسة عن المقيمين إلى خارج المملكة العربية السعودية، ومن ثمّ فإن الهوساوي متفائل بشأن الأشهر المقبلة. وأضاف قائلاً: “عملنا لا يُغطي الطلب الكبير في توطين علم الجينوم فحسب، ولكن مع تقديم الخدمات للمزيد والمزيد من المرضى، ستكون قاعدة البيانات والتحليلات التي ستنتج عن ذلك مهمة للغاية لشركات التكنولوجيا الحيوية والصيدلة الحيوية. ولكم سيكون ذلك مفيدًا في خضوع المرضى للتجارب السريرية، خاصة فيما يتعلق بمرضى السرطان.”
ومع وجود كل ذلك على قائمة مهام NoorDX بالفعل، فإن الهوساوي مستعد لما يمكن أن يؤول إليه الأمر عندما تشق تقنيات الجينات الشائعة عالميًا، مثل تقنية كريسبر، طريقها إلى السوق السعودية. “المستقبل مُبشر للغاية، لأنه عندما تدخل تقنيات مثل تقنية كريسبر، وهي تقنية تعديل جيني، إلى المملكة العربية السعودية، سنكون نحن الكيان الذي يساعد في توطين مثل هذه التقنية في المملكة والمساعدة على المضي قدمًا في استخدامها!” ولا يزال هذا في نهاية المطاف هو هدف الهوساوي وهدف شركة NoorDX. حيث أفاد قائلاً: “لا أرى أي طريقة أخرى سوى مواصلة توطين عمليات الجينوميات. فهذه استراتيجية عمل جيدة، واستراتيجية أمن قومي جيدة، وتوقع جيد للاستدامة.”
عناصر ذات صلة: التخلص من التحديات:تتطلع شركة Talon Dust Control، ومقرها في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، إلى أن تصبح شركة رائدة في السوق في مجالها في المملكة العربية السعودية