بقلم / نيلا خان
على مدار القرنين الماضيين، ظهرت الحاجة إلى تحطيم الحواجز، وقد ناضلت النساء لفترات طويلة وبكل ما أوتين من قوة من أجل الوصول إلى تلك اللحظة العظيمة. وتشير الإحصاءات المتاحة إلى أنّ 36% من الشركات الصغيرة في شتّى ربوع العالم تملكها نساء.
يسألني الناس عما يعنيه أن تكوني امرأة في مثل سنّي تمتهن مجال العمل التجاري، والإجابة واحدة دائماً: “إنه أمر شاق، وهناك تحديات، ولكنك تتجاوزها”. بطبيعة الحال، لا أواجه تحديات قوية مقارنةً بغيري من الملايين الآخرين ممن لم يحظوا بالبيئة أو الوصول أو الدعم الذي حصلت عليه.
ومع ذلك، غالباً ما نسمع أن ذلك صعبٌ، غير أنّي أرى أنه من المهم أن نأخذ الوقت الكافي للتغلب على تلك الصعوبة. أنا شخصياً أركّز كثيراً على الحلول، مهما كانت نتائجها، ولذا، أودّ أن أسدي بعض الإرشادات لكل مَن يخوض تجارب مماثلة.
الدرس الأول: الحماية في مقابل التشجيع. نعم، الجميع على علم بما يُسمى “عُقدة المخلّص”، لكن هذا الأمر يزداد سوءًا في عالم الأعمال. ما أريد قوله هو أنّ الأوضاع تتحسن كلما تقدمت في العمر. ومع ذلك، فقد رأيت هذا يحدث لزملائي الذين يتمتعون بخبرة 20 و30 عاماً أيضاً. إنّ الافتراض القائل إننا كنساء يمتهنّ مجال العمل التجاري لا يتمتعن بالفطنة، ويجعلنا الخوف نقف دون أن نحرك ساكناً، ما هو إلا صورة نمطية واقعية، كثيراً ما نجد أنفسنا نناضل للتخلص منها. ويمكن أن يكون طلب المشورة ممن هم أكثر خبرة منك أمراً مفيداً، ومع ذلك، من الضرورة بمكان أن تشككي في الغرض من تلك النصيحة، وأن تتساءلي: هل الغرض منها هو الحماية، أم الخوف من عدم قدرتك على النجاح، أم حرصاً على سلامتك؟ إليكم ما سأقوله: أنتِ تعرفين عملك أفضل من أي شخص آخر. عليك أن تثقي بغرائزك وتحليلاتك النقدية، فعلى سبيل المثال، عندما كنا في شركة “ميراي بارتنرز” نحاول الدخول إلى “لاغوس” كموقع جديد لأعمالنا، قدّم لنا معظم الناس نصائح مثبّطة على نحوٍ لا يُصدق. ولكننا فكرنا بشكل مختلف، وها نحن بعد ثلاث سنوات حصلنا على عقود حكومية، ونخطط في التوسّع أكثر على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
الدرس الثاني: اقتحام عالم أعمال الرجال. هل أشعر براحة تامة عندما أتوجّه إلى اجتماع أو أتواصل في المناسبات بعد ساعات العمل أو بعد حضور مؤتمر؟ الإجابة الحقيقية هي “لا”، لكنني فعلت ذلك عدة مرات، إذ عندما يكون لديك عملِك الخاص، عليك فعل ذلك. لقد كشف استبيان أُجري في عام 2019 أنّه من بين 600 رائدة أعمال، تعرّضت نحو 56% منهن لشكل من أشكال التمييز أو التحرش لكونهن مالكات أعمال. وعلى هذا النحو، فإن سبب عدم ارتياح العديد من النساء للتجمعات المرتبطة بالعمل هو أننا نخشى أن يصدر عن الرجال في تلك الأماكن تصرّفات لا نتوقعها أو لا نريدها. ومع ذلك، بصفتي تلقيت نصيبي من مثل هذه التجارب الغريبة، كوّنت مجموعة من القواعد الأساسية لمنع التعرض لمثل هذه الأحداث في المستقبل، وهي قد تساعدك أنتِ أيضاً:
- إذا كنت لا تعتزمين مقابلة شخص في مكتبه، فحاولي اختيار مكان محايد وعام.
- إذا أشعروكِ بعدم الارتياح، فلا توجد فرصة عمل تستحق عدم ارتياحك.
- يجب عدم طرح الأسئلة الشخصية حول حالة علاقتك، لذلك لا تخشي من عدم الإجابة.
الدرس الثالث: اختاري ألقابك: “السيدة المديرة”، أو “المديرة” فقط؟ التغيير يستغرق وقتًا طويلاً، وحتى لو لم نكن قد حطمنا الحواجز كما نرغب، من الضروري أن نحتفل بالمكتسبات الصغيرة التي نحققها. وسأصدقك القول هنا – إنني لست من أكبر المعجبين بحركة “السيّدة المديرة”، ولكني أوافق على أنه كان لها أثرٌ بالغ الأهمية في زيادة أعداد النساء اللواتي يحظين بالسلطة في مكان العمل. ولكن الغريب في الأمر، هو لماذا لا يمكن أن يُنظر إلينا فقط كمديرات؟ دائماً ما تصادفني جلسات أعمال صغيرة تتمحور حول النساء أو مبادرات تستهدف تمكين النساء من جانب فرق الموارد البشرية، وردّي عليهم دائماً هو أن القضايا التي تواجهها المرأة في العمل ليست قضية المرأة، بل إنها قضية المساواة بين الجنسين. وعلى هذا النحو، حتى نتمكن من تغيير الوضع، من المهم أنّ المرأة في محاولتها لتحطيم الحواجز، يجب أن تشمل الرجل أيضاً. والأمر شبيه بتحرر جميع الحيوانات في حديقة الحيوان من أقفالها، ولكن لا تزال مفاتيح البوابة الرئيسية بحوزة الحارس. وبالمثل، لا يهمّ عدد جوائز التكريم التي نحصل عليها، فلن نخرج من هذه البوابات. بصفتي رائدة أعمال، أريد أن أكون مشهورة بسبب عملي، وليس من ناحية أن كوني امرأة يجعل الأمر مميزاً. إنني أحبّ دعم أو مناصرة الأشخاص الراغبين في بدء أعمالهم، سواء كانوا رجالاً أو نساءً، فجنس مؤسس العمل ليس له – وينبغي ألا يكون له – أي تأثير على الطريقة التي نرى بها جودة الأعمال أو قيمتها.
الدرس الرابع: كوني قدوة يحتذى بها. أشعر أن هذا يشكّل علامة استفهام كبيرة، لأن تمثيل المرأة في مجال الأعمال غير متوازن بالفعل. ولا يتعلق الأمر بالاحتفاء بالقادة لأنهم من النساء، بل يتعلق بظهور أسماء المزيد من النساء في قاعات الشهرة ودراسات الجدوى التجارية وقوائم المشاهير، إلى جانب الرجل – وليس بمفردهن. وإضافةً إلى التمثيل، أظنّ أنه من المهم أيضاً ضمان قدرتنا على البحث عن مجموعة متنوعة من مجالات التمثيل، ليس فقط من حيث الجنس والعرق، بل من حيث الشخصية والصناعة والتأثير، فعلى سبيل المثال، أتمنى رؤية المزيد من النساء وهنّ يؤدين أعمال مذهلة في مجالات القطاع العام، والتعليم، والرعاية الصحية، والهندسة، والزراعة، وغير ذلك، حيث لا يقتصر الأمر برمته على التكنولوجيا والتمويل والتجزئة. كذلك، من المهم تصوير النساء على حقيقتهن – أي كقائدات، فليست كل مديرة عبارة عن امرأة طاغية تحتاج إلى التعاطف معها، إذ بيننا أيضاً من هنّ قائدات يتحلين بالشجاعة والرحمة، وقائدات أخريات يتسمن بالخجل والذكاء، وقائدات غيرهن يتمتعن بشخصيات كاريزمية ولمسات فنية. ويمكن أن يكون لديك أيضاً قادة من النساء أخفقن أكثر من مرة قبل أن يظفرن بالنجاح، ولكن لأننا نخشى بشدة من ارتكاب أي خطأ، لا نرغب في أن نكون من تلك هؤلاء النساء اللواتي يمتهن مجال الأعمال التجارية ويقعن فريسة في براثن الفشل.
الدرس الخامس: شجّعي نفسك. ستمر عليك لحظات من الوحدة أو لحظات مرهقة للغاية. وستكون هذه لحظات صعبة للغاية، ولحظات لاختبار لصبرك، ولهذا السبب، عليك أت تستثمري في نفسك، فمن أجل إقامة عمل يتسم بالمرونة، عليك تعزيز تلك المرونة في نفسك. وأقول ذلك من واقع تجربة شخصية، وليس كدليل للمساعدة الذاتية. في اللحظات التي لم أستمع فيها لما يحتاجه عقلي وجسدي، كنت دائماً ما أعاني في عملي. وسواء كان الأمر ألماً مزمناً أو إجهاداً في العين أو تدهوراً في الذهن، يمكنك تجنبه لفترات طويلة. ولكونك امرأة، تواجهين بالفعل الكثير والكثير من الحواجز، لا سيما تلك الحواجز الصامتة التي كنت تعانين منها طيلة سنوات، والتي تسببت في إحساسك بعدم الأمان. ولهذا السبب، علينا الانتباه إلى الأسباب الكامنة وراء حالتنا العاطفية والجسدية – فليس عملك فقط هو ما يحتاج إلى الاستقرار، فأنت تستحقين حياة أفضل أيضاً. إنني أوصي الجميع بالعلاج، ولكن إن كانت تكلفته تفوق الحدّ، فيُرجى مراجعة البوابة الإلكترونية (BetterHelp). أما إذا كنت تعتقدين أنها لا تناسبك، فجرّبي أحد مدربي الأعمال، فعلى الأقل سيساعدك في إدارة المواقف الصعبة، أو المحادثات، أو حتى إدارة الوقت فقط.
الدرس السادس: اعتني بنفسك. سيساعدك تبني العادات الصحيّة على التعامل مع المواعيد النهائية والضغوطات الأخرى التي تصاحب رائدي الأعمال. ومن خلال الاهتمام بصحتك الجسدية والعاطفية والنفسية، التي ترتبط كلها ببعضها، ستتمكنين من التركيز على نحوٍ صحيح وإدارة عملك بكل فعالية. وتوجد تقارير تفيد بأن النساء العاملات لحسابهن الخاص أكثر عرضة لتدهور صحتهن العقلية بسبب العقبات المرتبطة بالجنس والعُزلة، لذا، وجب التشديد على ضرورة التعامل بجدية مع هذه القضية.
أنت لستِ بحاجة إلى جائزة أو تقدير، أو إلى أي شخص يخبرك بأن ما تفعلينه هو الصواب بالنسبة إلى العمل، فعملك سوف يتحدث عن نفسه. ومع ذلك، لا يعني هذا بأي حال من الأحوال ألا تكوني صريحة وواضحة مع نفسك، فمن الضروري إذا ما وجدت نفسك تبلين بلاءً حسناً، أن تسعي وراء التحدث مع الصحفيين ووسائل الإعلام والشركات المحتملة التي ترغبين في الدخول في شراكة معها. وفي الختام، أودّ منك أن تتذكري مقولة “موهاديسا ناجومي” التي أخبرني بها أحدهم، ولن أنساها ما حييت: “إن المرأة التي لا تحتاج إلى آراء الآخرين هي أكثر من يجب خشيته”.
السيرة الذاتية للمؤلّفة
“نايلا خان” هي المؤسسة المشاركة في “ميراي بارتنرز” وحضانات “ويلو تري كيدز” و”كيذز وورلد نيرسيرز”. هي معلّمة من جيل الألفية لقوائم مجلة “فوربس 30 للأشخاص دون سنّ 30”. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، عاشت وعملت وسعت لتحقيق حلم واحد يتمثل في رغبتها في إحداث تغيير ممتد ويمكن نشره للفئات المستضعفة التي تعيش بيننا. وعلى مدار العامين الماضيين، بصفتها المؤسسة المشاركة في “ميراي بارتنرز”، أسهمت “نايلا خان” في إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقييمات معدلات التعلّم إلى الحكومات في مناطق متعددة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما كان له تأثير قوي في ملايين الطلاب. ومن ناحية أخرى، خلال عملها في حضانات “ويلو تري كيدز” و”كيذز وورلد نيرسيرز”، كانت هي وفريقها تسعى إلى افتتاح حضانة جديدة تناسب “الوضع الطبيعي الجديد”، إلى جانب إطلاق أول منصّة مخصصة ومعتمدة على التعلم الآلي للتعلم المبكر، وهي منصّة (miraipartners.co).