أكد معالي محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، والبروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، أن دولة الإمارات لديها مهمة عالمية ضرورية تحتم عليها العمل والتعاون بالشراكة مع الحكومات والمؤسسات والأفراد حول العالم لتصميم مستقبل أفضل من أجل الإنسانية، ولتصبح بحلول مئويتها الدولة الأفضل على مستوى العالم، تجمع على أرضها شعوباً من مختلف أنحاء العالم يعيشون في تناغم وتسامح يجعلها الدولة النموذجية المستقبلية.
جاء ذلك، في افتتاح أعمال حوار “التوجهات الكبرى للمستقبل” الذي انطلق اليوم بالشراكة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، وبحضور وزراء ومسؤولين من حكومة دولة الإمارات، و أفضل العقول والمهارات والمفكرين والمختصين ومستشرفي المستقبل لوضع أهم التوجهات للمستقبل.
وقال معالي القرقاوي إن العالم يشهد تحديات كثيرة مثل التغير المناخي، والفجوة الرقمية والاقتصادية بين الدول والمجتمعات، ما يؤكد أهمية توحيد الجهود العالمية لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتحديد توجهات عالمية تبث الإلهام للشعوب والأمل وتحثهم على العمل والإنجاز.
وأكد معاليه أن دور الحكومات الأهم يتمثل في غرس الأمل وتعزيزه لدى الناس وتصميم خطط واستراتيجيات شاملة تلبي متطلبات 7.8 مليار شخص يعيشون على هذا الكوكب وتسرع من إيجاد الحلول للتحديات العالمية.
– تحديات مشتركة وحلول عالمية..
وأضاف معالي محمد القرقاوي: “يواجه العالم تحديات كبيرة تتمثل في التغير المناخي، خصوصاً أن العالم سجل خلال الأعوام السبع الماضية درجات الحرارة الأعلى في العالم ولا يمكننا تضييع المزيد من الوقت، وبينما يمتلك 1% من البشر أكثر من ضعف الثروات التي يمتلكها 7 مليارات شخص حول العالم، يعيش نحو نصف سكان العالم على أقل من 6 دولارات في اليوم، وقد واجه العالم تحديات اقتصادية هائلة تعتبر من الأكبر في التاريخ، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فقد انخفض الاقتصاد العالمي بنسبة 3.5% في عام 2020 بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، وما تزال الكثير من الدول تواجه صعوبة في العودة إلى الوضع الطبيعي قبل الجائحة.
وأشار وزير شؤون مجلس الوزراء إلى أن العالم الرقمي أصبح يشكل أهمية كبرى تماماً كما العالم الواقعي، حيث تشكل الأجهزة المتصلة بشبكة الانترنت ضعف عدد الأفراد في العالم، ومن المتوقّع أن يبلغ هذا العدد 5 أضعاف سكان العالم بحلول عام 2025، إلا أن نصف سكان العالم لا يزالون محرومين من فرصة الوصول إلى شبكة الإنترنت، و20% فقط من السكان في البدان النامية، لديهم اتصال بالإنترنت، وسد هذه الفجوة الرقمية من شأنه أن يفتح أسواقاً جديدة ويخلق فرصاً متنوعة.
وأكد وزير شؤون مجلس الوزراء أن تعزيز جودة حياة الأجيال المقبلة يشكل هدفاً رئيسياً لعمل الحكومات، ولابد من استخدام الموارد الطبيعية باستدامة أكبر، لنترك عالماً أفضل تستطيع الأجيال القادمة أن تعيش فيه بشكل أفضل.
– تصميم المستقبل.. اليوم..
وقال معالي محمد القرقاوي: “ما سيحدث في المستقبل سيعتمد بشكل كبير على ما نصممه اليوم، وعلى عملنا اليوم، ونموذج الحكومات التقليدي الذي بدأ منذ 200 عام لابد أن يتطور، تماماً كما تطوّر نموذج عمل المؤسسات والشركات في القطاع الخاص التي تمكنت من إعادة اختراع أسلوب عملها”، مشيراً إلى أن دور الحكومات في المرحلة المقبلة سيتعاظم بناءً على الأحداث التي شهدها العالم خلال الجائحة، خصوصاً أن الحكومات الأكثر قدرة على استشراف المستقبل، تستطيع أن تطور من عملها، وتواجه مختلف التحديات.
وأضاف أن حوار “التوجهات الكبرى للمستقبل” يشكّل بداية لكتابة فصل جديد في تاريخ العالم وحياة الإنسانية، بحيث ينبغي أن نضع مساراً شاملاً لدور الحكومات الاستباقية التي تتخيل المستقبل وتصممه وتصنعه، تنفيذاً لرؤى وتوجهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، الذي يركز على تمكين أصحاب العقول وإعطائهم الفرصة لتحديد مسارات المستقبل، ووضع الأفكار والحلول التي ترسم مسار واضحاً للتغير الأكبر في العالم، وتضع توجهات جديدة للمستقبل.
وأكد معالي محمد القرقاوي أن الدول والحكومات بحاجة إلى وضع ميثاق عمل متكامل يمكّنها من الاستعداد للمستقبل وتصميمه، وتشكل وثيقة المبادئ العشرة للخمسين المقبلة مساراً واضحاً لحكومة الإمارات يرتكز على تعزيز حياة الأفراد وتوفير مستقبل أفضل يقوم على مبادئ السلام والتعايش والتسامح العالمي.
وأضاف أن دولة الإمارات تؤمن بمحورية العمل المشترك، وتشكل جزءاً مهماً من الرحلة البشرية، والحراك الإنساني، وتحرص على التوازن بين تحديات اليوم، وطموحات المستقبل، وتطلعات الأفراد لتصبح الإمارات من أفضل دول العالم بحلول مئويتها.
وأكد وزير شؤون مجلس الوزراء أن دولة الإمارات ترتكز على كيفية تصميم حكومات مستعدة للمستقبل من خلال تحديد أهم التوجهات للمستقبل، ويشكّل موقعها الاستراتيجي فرصة كبيرة لاختبار هذه السيناريوهات، حيث إنها تعيش في أكثر المناطق التي تشهد اضطرابات سياسية، واجتماعية، واقتصادية ودينية، إلا أنها تمكّنت من بناء أسلوب حياة قائم على التسامح، والتعايش والحوار المشترك، لتمكين 200 جنسية من العيش على أرضها.
– حكومة الإمارات وتصميم المستقبل..
وقال: “طورت حكومة دولة الإمارات نموذجاً مبتكراً ليكون العاملون فيها مصممين للمستقبل بدلاً من أسلوب العمل الحكومي التقليدي، ونعمل بشكل يومي على تقييم كل ما يجري حولنا من أحداث، لكن دورنا الأساسي هو أن نتطلع للمستقبل”، مضيفا: “تمتلك دولة الإمارات مقومات عديدة، أهمها أن المجتمع مكوّن من الشباب، ونسبة كبيرة من وزرائنا من الشباب، يطبقون الأفكار الجديدة ويصممون واقعاً مختلفاً”.
وأضاف محمد القرقاوي أن حكومة الإمارات عملت خلال السنوات الماضية على تسخير مؤسساتها وجهاتها لتصبح مختبراً عالمياً للنماذج والأفكار الجديدة، وتبني استراتيجيات مرنة يمكن تبنيها في أي مكان، ما كان له الأثر الأكبر في تطورها لتتمكن في عامها الخمسين من الوصول إلى المريخ، وأن تجمع على أرضها 192 دولة في إكسبو 2020 دبي، والذي يمثّل احتفاءً بالإنسانية والابتكار البشري، وتعاون الدول مع بعضها.
– ريادة إماراتية عالمية..
من جهته، أكد البرفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي أن دولة الإمارات واحدة من أكثر الدول حيوية وشمولاً في العالم، وقال: “نجتمع مع المشاركين في هذه القمة لبناء حوار التوجهات الكبرى، ولسرد قصة مستقبل البشرية، واستلهاماً من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، بأن “المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه”، ونحن هنا لنتخيل المستقبل ونصمم المستقبل وننفذ المستقبل”.
– الثورة الصناعية الرابعة وصناعة المستقبل..
وقال شواب إن حوار التوجهات الكبرى للمستقبل يستقطب مجموعة من أهم الخبراء الذين من خلالهم نطلع على أحدث التقنيات التي تمكننا من صياغة المستقبل بما يخدم البشرية.
وأضاف: “عندما قدم المنتدى الاقتصادي العالمي مفهوم الثورة الصناعية الرابعة لأول مرة وكان الهدف منه مساعدة الدول والشركات على الاستخدام الفعال للتكنولوجيا لصالح البشرية، قررنا إنشاء شبكة الثورة الصناعية الرابعة حول العالم، وأسعدني جداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت أول دولة في اعتماد مفاهيم ومبادئ الثورة الصناعية الرابعة، وافتتاح مركز للثورة الصناعية الرابعة، وهو ما يؤكد دور العلم والتكنولوجيا في مهمتنا اليوم”.
– تحديات المستقبل..
وتابع شواب: “عندما ننظر إلى العالم اليوم، نرى العديد من الصعوبات التي تقف ضد تصميم وبناء المستقبل ..أبرزها ثلاثة، الأول هو أن الكثير من الناس انكمشوا على أنفسهم، وهذا يعد من أحد تداعيات الجائحة العالمية، لأن تشكيل وتصميم المستقبل يحتاج عادة إلى العمل والإرادة المشتركة، وبدونها يصعب تصميم المستقبل ..الصعوبة الثانية هي أننا جميعاً أصبحنا نركز بشدة على الجائحة، ولا نتعامل مع التحديات الأخرى التي تهدد البشرية، وأما التحدي الثالث فيكمن في حقيقة أن العالم أصبح شديد التعقيد، بات من الصعب الفصل بين القضايا والتحديات الاجتماعية أو السياسية أو التكنولوجية أو البيئية، فجميعها مترابطة، ولذلك فالحلول البسيطة ليست كافية للتعامل مع المشاكل المعقدة، لهذه الأسباب الثلاثة، أصبح من الصعب جداً العمل بشكل متكامل للتوصل إلى حلول سوية”.
ولفت شواب إلى العالم يمتلك مصالح مشتركة، وفرصاً مشتركة على الرغم من التحديات والتوترات، وهنالك خطط التعاون التي أعلن عنها مؤخراً بين الولايات المتحدة والصين بشأن القضايا البيئية، على الرغم من خلافاتهم في ملفات وقضايا أخرى”.
وأضاف أنه لتخطي هذه العقبات والاختلافات، لا يجب فقط التطلع إلى الحكومات لتلعب هذا الدور، ولكن أيضاً إلى الشركات والقطاع الخاص وكذلك العلماء والمؤسسات الأكاديمية، فتعاونهم هو دليل على التعاون الدولي، لافتاً إلى أن الحوار يمكن الحكومات من تحديد الأطراف المعنية، والفرص والتحديات اللازمة لإكمال مرحلة التحول الجديدة للبشرية، ومن خلال الحوار بين الدول والمجتمعات ستكون البشرية قادرة على التعاون وإيجاد الحلول من خلال رؤية بناءة وتأثير إيجابي لبناء مستقبل الإنسانية.
– إكسبو 2020 دبي..
وقال كلاوس شواب: “يعد معرض إكسبو 2020 دبي والذي قمت بزيارة له، مثالاً رائعا للدول والمجتمعات والمؤسسات والأفراد، ليس فقط للاحتفاء بإنجازات البشرية في الماضي فحسب، بل تكمن أهميته في تسليط الضوء على ما يمكن أن يفعله الناس والمجتمعات من خلال العمل التشاركي والتكنولوجيا الحديثة، كما هو مهم جداً لنشر الوعي حول أهم التحديات التي تواجه الإنسانية”.
وأضاف: “لقد تعلمنا دروسنا من الجائحة، لكن لدينا مخاطر أخرى يجب أن نكون مستعدين لها ..فنحن نعلم بأن العالم ليس شمولياً بما فيه الكفاية، وبأن العالم ليس مستداماً بما يكفي، والعالم ليس متعاوناً بما فيه الكفاية، ولكن إذا نظرنا إلى قصة نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة، فنحن ندرك بأن يجب أن نكون أكثر مرونة، وأكثر استدامة وأكثر استثماراً في العلوم والمعرفة ..فالإمارات هي رمز للتقدم الذي أحرزه العالم في الخمسين سنة الماضية”.
الجدير بالذكر، أن حوار التوجهات الكبرى للمستقبل الذي يعقد في دبي اليوم وغداً، يتضمن جلسات حوارية تفاعلية، وورش عمل تخصصية تغطي المجالات الحيوية الأكثر ارتباطا بالمجتمع، بمشاركة وزراء ومسؤولين إماراتيين، ونخبة من المفكرين والمتخصصين وعلماء المستقبل، بهدف مشاركة الرؤى والأفكار لمستقبل القطاعات الحيوية بما يعود بالفائدة على المجتمعات البشرية في مختلف أنحاء العالم.