بقلم / علياء محرين أحمد
يُقال “إنّ الدمّ لا يمكن أن يتحوّل إلى ماء”، وقد استطاعت الشقيقتان “نرجس ونداء ريويك” من خلال قصتهما إثبات صحّة هذه المقولة، فبعد أن انطلقت الشقيقتان في رحلتهما في شركة “كيو نت” العالمية للبيع المباشر والتي تعمل في مجال التجارة الإلكترونية، سرعان ما أدركتا إمكانية المساعدة وتمكين عمليات البيع المباشر لمن يرغب في إدارة أعماله الخاصة. وكانت شركة “تشامبيونيرز” ثمرة هذه الفكرة (هي مصنّفة كمؤسسة مستقلة تحت إشراف “كيو نت” العالمية). تأسست الشركة في الإمارات العربية المتحدة وهي توفّر التدريب على الأعمال وتطوير مهارات القيادة بإدارة الشقيقتين “نرجس ونداء ريويك” وبالتعاون مع شقيقهما “إبراهيم ريويك”. تخبرنا “نرجس” عن ذلك بقولها: “لقد أحببنا فكرة امتلاك شركة لا تتعلق فقط بجني المال، بل أيضاً بمساعدة غيرنا من روّاد الأعمال الطموحين على تحقيق النجاح. واليوم، أصبح لدينا واحد من أكبر الفرق في منطقة الخليج العربي، تضمّ الآلاف من الشباب والشابات ممن يعملون على بناء أعمالهم الخاصة باستخدام فرص البيع المباشر لشركة (كيو نت)”.
قبل الخوض في الأهداف الحالية والمستقبلية للأشقاء الثلاثة، من المهم أن نفهم كيف وصلت الشقيقتان إلى هذه المرحلة بالذات خلال رحلة ريادة الأعمال التي انطلقتا فيها، ففي مستهلّ حياتهما المهنية، ظهرت أمامهما الكثير من العقبات التي كان عليهما التغلب عليها، بدايةً من العمل في وظائف متعددة في وقت واحد لتغطية نفقاتهم، ووصولاً إلى إيجاد طرق للهروب من قيود الجمود الذي كانت تفرضه الشركات. وبالرجوع سريعاً إلى تجاربهما الحياتية يظهر كيف أن واحدة من أكبر العقبات التي كان عليهما التغلب عليها ظهرت في الأساس بسبب محيطهما الاجتماعي المباشر، إلى جانب العديد من الأحكام المُسبقة التي تصاحب هذه المنطقة، وتعلق “نرجس” على ذلك قائلة: “استهللنا رحلة عملنا في المملكة العربية السعودية، وبعدها انتقلنا إلى الإمارات العربية المتحدة، وانتشرت أعمالنا إلى حدٍ كبير في منطقة الشرق الأوسط، لذلك لك أن تتخيلي مختلف أنواع التحديات التي واجهتنا على مرّ السنين. لقد تعرضنا للمضايقة والأحكام المسبقة، بل وفي كثير من الأحيان يرفض الرجال الانضمام إلى شركتنا، ليس لشيء إلا لأنهم لا يرغبون في التعامل مع امرأة. لقد كان الناس يشيرون إلينا ويقولون، (ماذا تفعلين؟ أنت امرأة، وتتعاملين مع الكثير من الرجال وتلتقين بهم؟). وكما تعلمين، يعد هذا مستهجناً في بعض الثقافات المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، فقد تعلمنا ألا نأخذ الأمر على محمل شخصي، ولا نسمح له بالتأثير في معنوياتنا”.
وعلى حد قول لأشقاء الثلاثة فإنّ عدم التحيّز الحالي أو التمييز على أساس الجنس في عالم البيع المباشر هو ما جذبهم نحو القطاع من البداية. وتعلق “نداء” بقولها: “من أفضل الأمور التي تتعلق بممارسة أعمال “كيو نت” هي أنها تتم عن طريق الإنترنت، مما يسهل على الجميع الوصول إليها. لذلك، في البيع المباشر، لا يوجد تمييز على أساس الجنس أو العمر أو التعليم أو الثقافة أو الخبرة العملية أو الخلفية الاجتماعية. بل إنها ساحة لعب متكافئة، وهو ما يعني أن جنسنا ليس له أي دور في قدرتنا على تحقيق النجاح. بل كل ما يهم هو عملنا الجاد وما نتحلى به من مواهب ومهارات! ليست مشكلة مطلقاً أن تكوني امرأة لممارسة هذا العمل”. وتسلط “نرجس” الضوء أيضاً على جانب آخر وراء إثارة شهيتها لريادة الأعمال، وهو: الفرصة التي تتاح للعمل على تطوير الذات، حيث تخبرنا “نرجس”: “كنت أبلغ من العمر 22 عاماً عندما قررت أن أصبح رائدة أعمال، وانطلقت في رحلتي في هذا المجال. واليوم، أنا مختلفة تماماً، ولا أعني ذلك من الناحية المادية فقط، بل لقد تطورت بشكل ملحوظ كإنسانة. وأعني بذلك مستوى ثقتي، وكيف أتصرف، والطريقة التي أتحدث بها – لقد تحول كل شيء إلى الأفضل. لدي ثقة وإيمان بنفسي، وأنا اليوم شخص مختلف تماماً عن تلك الشابة التي بدأت رحلتها عندما كانت تبلغ من العمر 22 عاماً!”.
من كلام الشقيقتين، يتضح أنه تجمعهما علاقة تكافلية مع عالم البيع المباشر وبسؤالهما عن وصف كل منهما لنوعية صفات القيادة التي تتحلى كل واحدة منهما بها، أجابت “نرجس” بأنها تركّز على “النزاهة والأخلاق والعمل الجماعي”، في حين أكدت “نداء” على أنها “حازمة وصريحة وغير مراوغة وتعرف هدفها جيداً”. وعندما تتعمق قليلاً في القيم التي تلتزم بها الشقيقتان منذ بداية رحلتهما، يتضح أن أساليب قيادتهما كانت دائماً محاطة بالصدق والنزاهة، تحكي لنا “نرجس” حول ذلك قائلة: “دائماً ما كنت أحلم بأن أكون حرّة، وبالنسبة إلي، لا يعني ذلك فقط الحرية المالية، ولكن أيضاً حرية الوقت. إنني أتذكّر السنة الأولى التي بدأت فيها هذا العمل، ولم أكن أرغب في التخلي عن وظيفتي اليومية، لذلك كنت أمارس ذلك العمل إلى جانبها. وقد استغرقني الأمر حوالي عام قبل أن أشعر بالثقة في أن أترك وظيفتي وأركّز على تأسيس عملي بدوام كامل. ومع ذلك، يعدّ أفضل جزء في هذه الرحلة هو أننا نساعد الأشخاص الجادين في تولي مسؤولية حياتهم. وعندما نراهم يحققون أهدافهم، والتي أحياناً ما تكون بسيطة للغاية، مثل القدرة على توفير فرص تعليم أفضل لأبنائهم، أو منح أسرهم منزلاً أكبر، نشعر بحالة من السعادة التامة!”.
عندما تتجاوز أهداف رائد الأعمال حدود مجرد النجاح المالي، يكون من المثير للاهتمام أيضاً فهم كيفية تعامله مع الإخفاقات والانتكاسات. وكما اعتاد الأخوة “ريويك” على مواجهة التحديات، فقد تغلبوا على الصعوبات المالية والأحكام المسبقة الاجتماعية والأسرية، بالإضافة إلى العديد من العراقيل المشتركة التي تصاحب قرار التحول إلى رائد أعمال. وتعقيباً على ذلك، تخبرنا “نداء” بقولها: “الطريقة التي أتعامل بها مع التحديات هي مواجهتها، بدلاً من الهروب منها. إنني أقضي ساعة كل يوم للتأمل، وقد ساعدني ذلك في التغلب على الكثير من العقبات الداخلية. وقد أدركت أن الحلّ لغالبية التحديات التي نواجهها يكمن عادةً في الداخل وليس في الخارج، فإذا غيرت الطريقة التي تنظر بها إلى الأمور، فإن الأمور التي تنظر إليها ستتغير”. ولا تختلف آراء “نرجس” عن آراء أختها في السعي وراء القوة من الداخل، فتقول: “الحياة مليئة بالتقلبات، ونحن جميعاً نتعرض لها. ولكن المهم هو كيفية التغلب على فترات الإخفاق. لقد تعلمت أنه عندما أشعر بالإحباط، ينبغي ألا أعتمد على العوامل الخارجية لإخراجي من هذه الحالة، بل أكون فقط بحاجة إلى دفع قوتي الداخلية لتحفيز نفسي. أظنّ أن هذا هو ما يميّز القائد الحقيقي ورائد الأعمال الحقيقي”.
الآن، تزامناً مع نظرة الشقيقتان إلى المستقبل بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تعدّ الرقمنة الطفرة اللازمة التي يجب اتخاذها خلال المرحلة اللاحقة للجائحة في منظومة البيع المباشر، والتي ترى الشقيقتان أنها ستصب في مصلحتهما. تخبرنا “نرجس” حول ذلك قائلة: “بالنسبة إلى رائدات أعمال مثلنا، ممن يعتمد عملهن اعتماداً كلياً على التجارة الإلكترونية، من السهل إلى حدٍ ما التحوّل إلى نقل العديد من أنشطتنا غير المتصلة بالإنترنت إلى العالم الافتراضي. لقد أتاح ذلك لنا أيضاً الفرصة للإبداع!”. وبفضل إجراء العديد من فعليات التدريب والتوجيه والتواصل حالياً في “تشامبيونيرز” على شبكة الانترنت، فتحت الشركة الناشئة أبوابها لتمتد إلى خارج حدود منطقة الشرق الأوسط. وتعلق “نداء” على ذلك بقولها: “لم نعد نتقيّد بأي حدود جغرافية. لقد تمكنا من الوصول إلى أشخاص في دول أخرى كانوا قد فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة، أو يسعون وراء فرص الدخل الإضافي لتأمين مستقبلهم. وبحسب القول الشائع، توجد فرصة في قلب كل تحدٍ، وقد أتاحت لنا فرصتنا التوسّع دولياً. لقد أصبح العالم طوع أمرنا الآن!”.
الملخص التنفيذي
نصائح “نرجس ونداء ريويك” للسيدات في عالم الأعمال
- أحيطي نفسك بالأشخاص المناسبين. “لقد ثبت أكثر من مرة أننا نتاج محيطنا. وأكثر نصيحة ذات قيمة هي أن تحيطي نفسك بأشخاص مناسبين لرؤيتك وأهدافك، ويعكسون الشخص الذي ترغبي في أن تكونيه”.
- توقفي عن التفكير في جنسك باعتباره عاملاً محدداً لكِ. “إذا كان هناك ما يُقال، فإن كونك امرأة يمنحك ميزة عند إقامة عمل تجاري، حيث تتحلى غالبية النساء بالفطرة بالرعاية والصبر، وهي ميزة رائعة عند تكوين فريق. أرى أن النساء أيضاً أكثر قدرة على التكيف والمرونة، وهما اثنتان من السمات الهامة في عالم ريادة الأعمال”.
- ثقي بنفسك. “في بداية الرحلة، على الأرجح لن تجدي الكثير من الناس يؤمنون بإمكانياتك ورؤيتك ورسالتك وأهدافك وأحلامك. وهذا هو السبب في أن الإيمان بنفسك هو الأساس، فيجب أن تؤمني بأنّ الشيء الذي تريدينه أو الشيء الذي تبحثين عنه ليس مجرد مصادفة، بل إنه شيء من المفترض أن تحققيه”.
- اصنعي كل شيء (وتمتعي به أيضاً). “تولد النساء ولديهن مقدرة فطرية على أداء مهام متعددة، لذلك إذا أخبرك أي شخص أنه لا يمكنك الحصول على كل شيء، فهذا يعني أنه لم يسبق له العمل مع امرأة على الإطلاق”.
- تعلمي أن تثقي في حدسك وفي صوتك الداخلي. “يتردد بداخلنا جميعاً هذا الصوت، ولكن الخوف يمنعنا عنه. انصتي إلى نفسك أكثر، واتبعي غريزتك، والأهم من ذلك، ثقي بحدسك الذي يخبرك بأنك سوف تزدهرين”.
- كوني قدوة يُحتذى بها. ” دعي أطفالك يكبرون وهم يفخرون بإنجازاتك، وألهميهم لمتابعة أحلامهم، وتحقيق منجزات عظيمة”.