تشغل “هند العتيبة” منصب سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا منذ يوليو 2021. ورغم أنه لم يمرّ سوى بضعة أشهر على بداية عملها، إلا أنّها تعتز كثيراً بهذا الدور وتُكنّ له أهمية كبيرة. وتعلق على ذلك قائلة: “إنني أمّ لولدين جميلين، هما (خالد) و(مانع) والاستيقاظ كل صباح ورؤيتهما يذكّرني بالواجب والدور اللذين عهدت إليّ بهما قيادتنا الرشيدة. إنهما يذكراني باستمرار بما أسعى وراء تحقيقه، وهذا هو مستقبل دولتنا الغالية، الذي يكمن في الأجيال القادمة “.
هذا هو المبدأ الذي يبدو أن ” هند العتيبة” قد اتبعته لتنظيم حياتها المهنية حتى الآن، والتي تركزت في الغالب على مجال الاتصالات. وتقول وهي تتذكر كيف استهلّت حياتها المهنية في الإشراف على البرامج الثقافية لشركة التطوير والاستثمار السياحي في أبوظبي، بما في ذلك برنامج متحف اللوفر أبوظبي: “لطالما كنت مهتمّة برواية قصّة الإمارات أمام العالم، وبناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات”. عقب ذلك، انتقلت “هند” إلى العمل في شركة أبوظبي للإعلام في منصب مديرة إدارة الاتصال الاستراتيجي، وبعدها أصبحت مستشارة لوزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. ثم بعد ذلك، تم تكليفها بتأسيس ورئاسة إدارة الاتصال الاستراتيجي بالوزارة، والتي كانت تُشرف من خلالها على جميع الاتصالات الخاصة بأجندة السياسة الخارجية للدولة، وكان هذا هو آخر منصب شغلته قبل أن تُعين كسفيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا.
بالنظر إلى الماضي، تقرّ “هند العتيبة” بأنها لم تكن لتستطيع إدراك مدى النجاح الذي شهدته في حياتها المهنية لولا الدعم الذي تلقته خلال رحلتها، حيث تقول معلّقة على هذه النقطة: “أظنّ أنني وصلت إلى ما أنا عليه اليوم بسبب إيمان قيادتنا الرشيدة بمدى التفاني والالتزام اللذين أودعتهما خلال مسيرتي المهنية. أظنّ أنه من المهم أن تحب ما تفعله لكي تخدم عملك جيداً. وفي حالتي، كانت خدمتي لدولتي هي الدافع الرئيسي، وعلاوة على الدعم الذي تلقيته من قيادتنا، وجدت مساحة كبيرة للنموّ. أما فيما يخصّ الدروس الرئيسية التي تعلمتها خلال رحلتي، أرى أن التعاون وبناء التحالفات على أساس المصلحة المشتركة هما أمران غاية في الأهمية. ومن الضروري أيضاً تقييم كل سيناريو أو مشكلة تواجهها بالقدر المناسب”. وبسؤالها عما إذا كانت تواجه أي تحديات معينة في عملها بسبب كونها امرأة، نفت قائلة: “إنني شديدة الفخر والاعتزاز بالدعم الذي توليه دولتي لتمكين المرأة، وأرى أنّ الإمارات العربية المتحدة قد حازت الريادة في هذا المضمار، ليس فقط على الصعيد الإقليمي، بل على الصعيد العالمي. ولم أواجه أي مشاكل في حياتي المهنية بسبب كوني امرأة، بل في الواقع، أتيحت أمامي المزيد من الفرص وحظيت بالكثير من الاحترام”.
تضرب “هند العتيبة” الكثير من الأمثلة التي تؤكد من خلالها على أن المرأة الإماراتية – كشأنها – تجد نفسها تتمتع بإيجابيات أكثر من السلبيات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة. فمثلاً، تجلس على طاولة الحكومة الإماراتية في الوقت الراهن تسع وزيرات، وفي الوقت نفسه، بلغ تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي، الذي يعدّ الهيئة البرلمانية للدولة، 50%. وتشير “هند” أيضاً إلى أن 66% من موظفي الحكومة الإماراتية هم من النساء، منهم 30% على مستوى القيادة، و30% في السلك الدبلوماسي. وتعليقاً على ذلك، تخبرنا بقولها: “لقد تقلدت المرأة الإماراتية أيضاً عدداً من المناصب في جميع المجالات المهنية، ورسّخت قدميها بقوّة كرائدة أعمال مذهلة، بل وصنعت مسارات إبداعية خاصة بها، وحطّمت الحواجز بالدخول في المجالات التي عادةً ما يهيمن عليها الرجال، مثل سائقو سيارات السباق، ومتسلقو الجبال، والطيارون، وفنّيو ميكانيك السيارات، إلى جانب الرياضيين الذين حققوا نجاحات على مختلف الأصعدة الدولية. لطالما كانت المرأة الإماراتية ركناً أصيلاً في جميع المشاريع الوطنية الكبرى، وعلى رأسها مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ (أو ما يُعرف بمسبار الأمل)، حيث كانت المرأة تمثّل 34% من المشروع، و80% من أعضاء فريقه العلمي”.
من الممكن وبكل تأكيد أن تتبوأ “هند العتيبة” موفعاً خاصاً على قائمة النساء الإماراتيات اللواتي تمكّن من التحليق إلى آفاق جديدة. وفي واقع الأمر، كان تعيينها كسفيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا المرة الأولى التي تعيّن فيها الدولة سيدة في هذا المنصب الرفيع. وقد أحدث هذا الإعلان الكثير من الضجّة داخل الأوساط الإماراتية وخارجها، وشاهد الجميع “هند العتيبة” وهي تسخّر إمكاناتها الدبلوماسية جيداً فور تقلدها منصبها الجديد. وتعقيباً على ذلك، تقول “هند العتيبة”: “منذ تعييني سفيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا، وخلال الفترة الزمنية القصيرة التي قضيتها، لا أبالغ إذا ما قلت إنّ تجربتي كانت مثمرة. لقد كان من دواعي سروري أن ألتقي بنظرائي وبكبار صنّاع القرار في فرنسا، وكذلك بأعضاء من الأوساط الثقافية هناك. إنّ استراتيجيتي هي مواصلة بناء الأواصر القوية التي تربط بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، وإقامة جسور التواصل، وتعزيز التعاون فيما بينهما. وأرى أنّ عنصر التواصل بين البشر يعدّ أيضاً مجالاً مهماً يجب التركيز عليه، إذ نتشارك فيما بيننا العديد من التطلعات والقيم. ومن الجدير بالملاحظة أنّ المُثل العليا المشتركة من التعايش والتجارة والثقافة هي محور خمسة عقود من الأواصر الوثيقة والدائمة التي تربط بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا”.
تشير “هند العتيبة” هنا إلى أننا نشهد حالياً الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام. ومع ذلك، قررت الدولة عدم الاكتفاء بما حققته من إنجازات، بل تلتزم بكل إخلاص بالمحافظة على سنواتها الخمسين القادمة. ويتجلى ذلك بوضوح من خلال مبادرة “مشاريع الخمسين” التي أزيح عنها الستار مؤخراً، والتي تصفها “هند” بأنها سلسلة من “المبادرات الطموحة” التي ترمي إلى تعزيز التطوير والتنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتوضح قائلة: “منذ استقلال الدولة في عام 1971، وبفضل رؤية قيادتنا الرشيدة، حققت دولتنا سلسلة من النجاحات غير المسبوقة، حيث نجحت في بناء منظومة اقتصاد حديثة ومتنوعة، وإقامة العديد من البُنى التحتية، بالإضافة إلى إتاحة التعليم والصحّة والأمن والاستقرار لمواطنيها. طموحنا، المتمثل في طموح مبادرة” مشاريع الخمسين “، يعد استمراراً لهذه الرحلة”، مضيفة أن مبادرة “مشاريع الخمسين” ستضخّ فيها الحكومة الإماراتية ما يقارب ال 13.6 مليار دولار في عام 2022، و150 مليار دولار أخرى بحلول عام 2030، وهو ما يعني – على حد قولها – أنّ الوقت قد أصبح مناسباً للغاية لأي شخص يرغب في إقامة المشروعات التجارية أو الاستثمار فيها داخل الدولة. وتختتم حديثها قائلة: “إذا كانت لدي رسالة واحدة لتوجيهها إلى روّاد الأعمال، فستكون دعوتي لهم بالقدوم والمشاهدة بأعينهم ما يمكن تحقيقه على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة”.
الملخص التنفيذي
نصائح هند العتيبة للمرأة في عالم الأعمال
- أنتِ أعظم مورد تملكينه. “إعملي على تطوير ذاتك، ولا تخجلي من اغتنام الفرص. ومن المهم أيضاً أن تطلبي المساعدة إذا ما كنتي بحاجة إليها”.
- اعرفي قيمتك (واسعي وراءها). “إنني أشجّع المرأة على أن تتحدث بكل صراحة، وأن تطالب بمساحتها التي تليق بها داخل المجتمع”.