تنطلق شركة “إدامة للحلول العضويّة” في مهمة لتحويل النفايات العضوية إلى موارد صالحة للزراعة في الصحراء، مما ينعكس على مواءمة الفوائد الاجتماعية والمالية والبيئية لرؤية المملكة 2030 مع أهداف التنمية الاجتماعية التي حددتها الأمم المتحدة.
بقلم / تمارا بوبيك – أكتوبر 2021
أي آراء تصدر عن المساهمين في مجلة (Entrepreneur) لريادة الأعمال هي آراء خاصة بأصحابها.
تعمل شركة “إدامة للحلول العضويّة“، التي يقع مقرّها داخل مدينة الأبحاث والتقنية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، على تحويل النفايات العضوية إلى موارد صالحة للزراعة في الصحراء. مما ينعكس على مواءمة الفوائد الاجتماعية والمالية والبيئية لرؤية المملكة 2030 مع أهداف التنمية الاجتماعية التي حددتها الأمم المتحدة. وبعبارات أبسط، تهدف هذه الشركة الناشئة إلى تعزيز الحلول المبتكرة والمستدامة للحدّ من التلوث، وفي الوقت نفسه رفع مستوى الأمن الغذائي والمائي في المناطق الصحراوية.
توضّح الدكتورة “صابرينا فيتوري”، الشريكة المؤسسة لشركة “إدامة للحلول العضويّة”، أنّ فكرة المشروع جاءت من هذا السؤال: “أين تذهب جميع النفايات العضوية في المملكة العربية السعودية؟”، وتعقب على ذلك بقولها: “بكل أسف، حتى الآن، يتم التخلّص في النهاية من جميع النفايات العضوية في المملكة في مكبّات النفايات، مما يتسبب في مشاكل خطيرة على الصحّة العامة والبيئة. تولّد النفايات العضوية في مكبّات النفايات غازات دفيئة قويّة؛ مثل الميثان، وتؤدي إلى تلوّث طبقات المياه الجوفية والتربة المحلية بفعل ترشيح المواد الكيميائية الضارة في الأرض”. ومع ذلك، كانت الدكتورة “صابرينا فيتوري”، ومعها “ميتشل مورتون”، أحد الشركاء المؤسسين والمدير التقني بالشركة، على دراية بأنّه إذا أعيد تدوير النفايات العضوية بالطريقة الصحيحة، فسيمكن تحويلها إلى موارد عالية القيمة صالحة للزراعة في الصحراء. وتوضّح الدكتورة “صابرينا فيتوري” أنّ هذه الفكرة المتعمّقة قد ظهرت في وقت بالغ الأهمية بالنسبة إلى خُطى المملكة على طريق الاستدامة؛ وتخبرنا قائلة: “كان التحدي الذي يواجهني أنا شخصيًا هو أن أثبت لصنّاع القرار أنّ الاستدامة لا يقتصر معناها على وضع الأمور في نصابها الصحيح بالنسبة إلى البيئة، بل إنها عبارة عن أحد حلول الأعمال المجدية من الناحية الاقتصادية، والتي تؤدي إلى فوائد تعود على اقتصادنا ومجتمعنا والتنمية المستدامة لمدننا”.
كذلك، يوضّح “سعود الحقباني”، أحد مؤسسي الشركة الناشئة ومدير العلاقات التجارية بها، أنّه من بين التحديات التي تواجهها الشركة هي أنّها كانت أول من قدّم حلول التسميد في قطاع إدارة النفايات غير الناضج؛ حيث يبين ذلك قائلاً: “لا يمكن لعملائنا تقييم الاختلاف بين حلولنا المتعلقة بالاقتصاد الدائري ووسائل معالجة النفايات الأخرى التي تقدّم منتجات رديئة الجودة ولا تأتي بفوائد ملموسة. ومن المهم أن تتعاون (إدامة) مع الهيئات الحكومية والجهات التنظيمية للتأكد من وجود إرشادات واضحة للعملاء تتيح لهم اتباع أفضل الممارسات وأعلى معايير الصناعة؛ فالحرص على نجاح تنفيذ الاستراتيجية الوطنية التي طرحها المركز الوطني لإدارة النفايات هو ما حدد هدفًا طموحًا للتسميد، يتمثل في تحويل 35% من إجمالي النفايات التي تنتجها المملكة إلى سماد عضوي بحلول عام 2030”.
المصدر: شركة “إدامة للحلول العضويّة”
لاقت الفكرة التي طرحتها شركة “إدامة للحلول العضويّة” إشادة في المنظومة بأكملها؛ حيث كانت الشركة الناشئة من بين الفائزين في “برنامج مسرّعة ريادة الأعمال تقدّم” الذي أطلقته “كاوست” في عام 2018. وتعقيبًا على هذا الفوز، تقول الدكتورة “صابرينا فيتوري”، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الإحصاء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ديسمبر 2017، إنّ الجائزة قد أتاحت لفريقها إمكانية الاستفادة من الشبكة المحلية الراسخة والموارد العلمية بالجامعة. ومنذ ذلك الحين، نجحت شركة “إدامة للحلول العضويّة” في الحصول على تمويل بقيمة مليون دولار أمريكي من صندوق دعم الابتكار في “كاوست”، وبذلك تكون قد أكملت جولة تمويلها الأوّلى في فبراير 2020. وخلال الاستعدادات الحالية لفريق “إدامة” لجولة الاستثمار المقبلة للشركة، يجري الفريق عددًا من المناقشات مع العديد من البلديات ومديري المشاريع، والصناعات الغذائية بغرض إنشاء مرافق إعادة تدوير إضافية في جميع ربوع المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتخبرنا الدكتورة “صابرينا فيتوري” أنّ الخطّة الحالية للشركة الناشئة تتمثل في رفع قدراتها على إعادة التدوير من 5,500 طن سنويًا إلى مليون طن سنويًا بحلول عام 2023.
عند سؤال الدكتورة “صابرينا فيتوري” عن عرض البيع المميز لشركة “إدامة للحلول العضويّة”، أجابت بأنّ الشركة تحظى بمنتجات وخبرات عالية القيمة في مجال إعادة تدوير النفايات العضوية، واستطردت قائلة: “مقارنةً بشركات إدارة النفايات الأخرى، نجد أنّ (إدامة) لا تهتم فقط بالحدّ من الكمية التي نرسلها إلى مكبّ النفايات، بل جعلت مهمّتها تحويل النفايات إلى منتجات عالية القيمة صالحة للزراعة في الصحراء وإقامة المناظر الطبيعية، وذلك بغرض دعم مشاريع الزراعة المحلية ومزارع الأشجار. أيضًا، وعلى عكس منافسينا، لا نعمل على تطبيق حلّ “جاهز” لكل مشروع، بل تعمل تقنيات إعادة التدوير الخاصة بنا على الجمع بين الوسائل العالمية لإعادة تدوير النفايات العضوية والاحتياجات المحلية والدراية العلمية الخاصة في بوتقة واحدة، مما يحدّ من مخاطر المشروع ويزيد معدّل نجاحه. كذلك، نعمل مع عدد من الشركاء الدوليين مما يتيح لنا الوصول إلى مجموعة من التقنيات العالمية التي نعمل على إضفاء المزيد من التطوير عليها داخل مختبراتنا بحيث تلائم الظروف المناخية المحلية والسياق الاجتماعي والاقتصادي السائد”.
اليوم، أصبحت شركة “إدامة للحلول العضويّة” تتحلى بالخبرة المحلية والكفاءات الفنية والموارد العلمية اللازمة لتقديم حلول إعادة تدوير النفايات العضوية الجاهزة، التي تلبي احتياجات المشاريع المختلفة وأحجامها. ورغم أنّ الشركة ق واجهت عند انطلاقها في المملكة العربية السعودية عددًا من التحديات؛ من حيث التنقل بين الأنظمة واللوائح الحكومية، إلا أنّ ذلك قد مهّد الطريق أيضًا أمام فريق الشركة للوصول إلى العديد من فرص الأعمال.
توضّح الدكتورة “صابرينا فيتوري” ذلك قائلة: “يمثّل تنفيذ مشاريع التنمية والاهتمام بالاستدامة سوقًا قويًا أمام روّاد الأعمال الحريصين على الاستفادة من العلم والابتكار في تقديم حلول أفضل للتنمية المستدامة لمجتمعنا”. وبالحديث عما تحمله الشركة في جعبتها للمستقل، تتضمّن خطّة العامين المقبلين دعم المدن والمشاريع الضخمة في مجال التنمية المستدامة، إضافةً إلى مساعدة مختلف القطاعات أيضًا على الارتقاء بمستوى أدائها البيئي من خلال تطوير المشاريع في البلديات والمدن الصناعية في المملكة بأكملها. وتختتم الدكتورة “صابرينا فيتوري” حديثها بقولها: “إننا نعمل أيضًا على ابتكار حلول تسميد يمكن تطبيقها على نطاق صغير للأحداث والمناطق النائية، بغرض تمكين كل مجتمع من إعادة التدوير“.
“تريب توك: نصائح لروّاد الأعمال من الدكتورة “صابرينا فيتوري”، الشريكة المؤسسة لشركة “إدامة للحلول العضويّة”
- آمن بما تفعله. “احرص على أن تؤمن كفاية بما تفعله لشحن طاقتك لمواصلة الطريق. وستكون هناك أوقات تتساءل فيها عما إذا كان من المنطقي أن تستمر في طريقك، ولكن إذا كنت تؤمن حقًا بما تفعله، ستجد الدافع للتغلب على تلك الأوقات”.
- لا تندم على أخطائك، ولكن عليك أن تبني عليها. “إنّ بدء شركة أو مشروع تجاري من الصفر يعني ارتكاب الكثير من الأخطاء، بغض النظر عن عدد المرات التي يخبرونك فيها بذلك في كليات إدارة الأعمال؛ فبناء شركة ناشئة يرتبط بحرصك على أن يكون منحنى التعلم الذي تمر بها يواصل صعوده بقوة!”
- افهم السوق والعملاء. “إنها نصيحة قديمة، إلا أنّه من الضروري حقًا معرفة السوق الذي تعمل فيه جيدًا حتى تتمكن من التنبؤ بتوجّهاته، واتخاذ حركاتك بشكل صحيح”.
- عليك بناء فريق قوي لدعمك. “يجب عليك أن تقضي الوقت اللازم في تعيين الأشخاص المناسبين؛ إذ ستحتاج إلى فريق كُفء يحتضن رؤيتك ورسالتك”.
- سعادتك هي السرّ في نجاح شركتك الناشئة. “يمكن أن تصبح حياة الشركة الناشئة هي حياتك الوحيدة بكل سهولة. لذا، احرص على قضاء العطلات عندما تحتاج إلى ذلك، وأن تحافظ على توازن صحي بين عملك وحياتك؛ فلو خارت قواك، فاعلم أنّ المشروع الذي بذلت جهدك من أجله لن يقوم على تنفيذه أي شخص آخر”.