مترجم بتصرف: مقال لـ باميلا دي ليون
نظرًا لأن الطلب على التوصيل عبر الإنترنت يشهد تنامياً، فهناك زيادة كبيرة في استخدام معدات النقل ذات العجلتين لأغراض التوصيل. ومع هذا التوجه، تظهر أيضاً مجموعة كبيرة من المشاكل: سائقي التوصيل المنهكين، ومعدات السلامة المشكوك فيها، والدراجات المهترئة، وبالطبع التأثير الشديد لهذه المعدات على البيئة، من بين عوامل أخرى. في عام 2016، رأى آدم ريدجواي، حامل رخصة قيادة دراجات بخارية في دبي على مدى الـ 13 عاماً الماضية، هذه العوامل الإشكالية أيضا قائلاً: “خرجت من مرآب للسيارات، ورأيت مجموعة متنوعة من دراجات التوصيل في انتظار الصيانة، فقمت بفحصها. كان عمر بعضها يتراوح بين 4 إلى 5 أعوام، مع مئات الآلاف من الكيلومترات على مدار الساعة، وبدأت أتساءل عما إذا كان لدى أي شخص دراجة كهربائية تستخدم في التوصيل”. وبدأ ريدجواي البحث عبر الإنترنت حول هذا الموضوع، بما في ذلك (تسلا) التي تعتبر رائدة في سوقها، وسرعان ما انتهى به الأمر إلى اكتشاف فرصة عمل محتملة شعر أنها تستحق الاستفادة منها محلياً وعالمياً.
لا يعد ريدجوراي جديداً في القيام بقفزات في المجهول، فمن إنشاء أول مشروع صغير له في سن 16 في المملكة المتحدة، إلى فترات عمل في عالم الصحافة الإذاعية في لندن ودبي، ومن ثم إلى إطلاق )ميديا كيوبد) المجموعة الإبداعية الحائزة على جوائز، في عام 2008. متأثراً بالرؤية الخاصة بكيفية تسريع مجال توصيل الأطعمة أكثر من أي وقت مضى (وبدافع فطري لإحداث تأثير اجتماعي، عززه حقيقة أنه سيصبح أباً قريباً)، كان ريدجواي بالتالي مدفوعاً إلى معالجة قضايا في القطاع كرجل أعمال. في عام 2018 ، قام بإطلاق شركة (ون موتو)، وهي شركة لتصنيع سيارات كهربائية توفر أسطولاً من المركبات مثل الدراجات النارية الكهربائية والدراجات الكهربائية والاسكوترات الكهربائية وشاحنات التوصيل والبقالة، والتي تلبي احتياجات مجال التوصيل، فضلاً عن ركاب المدن.
لم يكن طرحها في السوق عملاً سهلاً حيث بدأ ريدجواي من خلال التحقق من أن هذا المفهوم الجديد يمكن أن يكون مقبولاً في السوق، وشملت جهوده في هذا الصدد التواصل مع مسؤولي تطبيق (كريم) لسيارات الأجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمناقشة الفرص، وسؤال العملاء المحتملين بشكل مباشر عما يحتاجون إليه في دراجة نارية للتوصيل، وكذلك التعاون مع زملاء سابقين لتطوير دراجة نارية إلكترونية للتوصيل. بدأت مرحلة البحث والتطوير في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى فريق صغير مكون من شخصين في الإمارات، مما نتج عنه نموذج أولي “جدير بالطريق” تم تصميمه للسوق في الإمارات، مع مراعاة عوامل مختلفة، مثل ظروف الطقس، وتقنية البطاريات، والمدى، والسرعة والسلامة وتقنيات المعلومات. وقد قام الفريق باختبار الدراجات يومياً لمدة ثلاثة أشهر خلال فصل الصيف، ثم اجراءات الموافقة على المركبات. ويتذكر ريدجواي قائلا “كونك الأول في هذا المجال جاء مصحوباً بتحديات، حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها هيئة الطرق والمواصلات في دبي وهيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس بذلك”. “وبعد 18 شهراً، تم اعتمادنا، وفقاً للمعايير الأوروبية، ثم حصلنا على الشهادات اللازمة من حكومة الإمارات ـــــ لقد كنا على استعداد لدعم التغيير.”
استعرضت الأبحاث التي قام بها ريدجواي الآثار الكربونية التي تتسبب فيها الدراجات النارية العادية على البيئة والتي كانت مشكلة هدف مع فريقه لحلها من خلال مركبة ون موتو الكهربائية. وتساءل قائلا “هل تعلم أن الدراجات النارية تضر البيئة 16 مرة أكثر من مركبات الدفع الرباعي أو الحافلات، وأنها في السنة الثانية من استخدامها تزيد هذه النسبة إلى 50 مرة؟ وعلى الرغم من أن الدراجات النارية تنتج كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون إلا أنها تنتج أول اكسيد الكربون وهايدروكربونات أكثر بآلاف المرات. في الواقع ، تنبعث من 15,000 دراجة نارية في دبي 16,560 طنًا من ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو ما يتطلب 273,000 شجرة مزروعة لمدة 10 سنوات لعزلها ــــ أي أكثر من 21,000 فدان من الغابات التي كان من الممكن إنقاذها، وهو ما يعادل 42 ضعف منطقة داون تاون دبي.” ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالبيئة ــــ حيث يراعي ريدجواي وفريقه سلامة ورفاهية ركاب مركبات الشركة أيضاً. في الواقع ، تولى ريدجواي القيام بأبحاث أولية من خلال اكتساب خبرة مباشرة بأن أصبح سائقاً للتوصيل، وإجراء مقابلات مع سائقي دراجات التوصيل للتعرف على مشاكلهم العديدة، مثل كيفية دفعهم تكلفة وقود دراجاتهم النارية، وزيادة ساعات العمل وأهداف التسليم. تم تحليل النتائج لعرض وفورات التكلفة في الوقت الفعلي وزيادة الربحية من خلال استخدام المركبات الكهربائية لشركته، وكذلك لضمان أن حلول الشركة تركز على سائقي المركبات.
في الوقت الحاضر، لدى ون موتو العديد من مصادر الإيرادات من المبيعات والتأجير، واشتراكات البيانات، وخدمة البطاريات، وحقوق الامتياز، وخدمة ما بعد البيع وقطع الغيار. كما تقدم حزمة استبدال السيارة مجاناً بعد خمس سنوات وإعادة تدوير الأجزاء المستبدلة، بالإضافة إلى التركيز على رفاهية قائد المركبة، من خلال قياس المركبة عن بُعد والذي يستند إلى البيانات، والتصميم المريح للمقعد للتقليل من المشاكل الصحية للسائق. ومع ذلك، يلاحظ ريدجواي أن هذا المجال يشهد تغيراً باستمرار، وبالتالي فقد تطورت أعماله معها. “الشركة التي تسعى إلى النجاح تحتاج إلى الحيوية والنشاط في كافة الأوقات، والتركيز المكثف، ووجود فريق طموح. وتعتبر ون موتو الأولى من نوعها في السوق، لكن ذلك لن يدوم طويلا حيث من الممكن ظهور شركات أخرى في المجال. ونحن نعتبر رواداً في سوق عالمية بفضل أداء ومواصفات سياراتنا [و] تقدمنا التكنولوجي”. ويوضح قائلاً: “رؤيتنا هي العمل في 100 مدينة بحلول عام 2025، وبيع مليون مركبة، وعودة الاستثمارات إلى هذا العالم الذي نعيش فيه، وإحداث التغيير (وإن كنا لا ننتظر حدوثه وانما نسعى لتحقيقه)، وتقليل الوفيات، وزيادة الأرباح، ومساعدة أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة السيارة لامتلاك واحدة، وترك هذا الكوكب في حالة أفضل قليلاً من الذي نعيش فيه حالياً. لا يمكننا تغيير الماضي، ومع ذلك، فإن المستقبل [في أيدينا]. ”
يستمر نشاط ريدجواي وفريقه بلا كلل حتى الآن حيث يتنامى عدد المتعاملين مع الشركة وشملت القائمة جميرا، سارود للضيافة، بالإضافة إلى شركاء آخرين، مثل سلاسل المتاجر الكبرى، ومجمعات توصيل الوجبات، وشركات الخدمات اللوجستية، وضمت القائمة كذلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة في الدولة. ومن خلال مصنع الشركة في آسيا، ويستكشف الفريق فرص التصنيع في الإمارات والهند والسعودية وأستراليا وأفريقيا وأوروبا. يضيف ريدجواي: “[في] كل منطقة نعمل فيها ، سنبني منشآت تعاونية صغيرة”. إضافة إلى نشاط الشركة في الإمارات والمملكة المتحدة وكينيا والسعودية، فقد أعلنت مؤخرًا عن إفتتاح فرع في الهند وذلك بالشراكة مع سي اس جروب إيذاناً بانطلاق خطتها التوسعية القوية مع 13 منطقة مع إنشاء متاجر رئيسية في كل مدينة، ووكلاء صغار، وشبكة خدمات. وهذا ليس كل شيء، فالمشروع في انتظار إطلاقه لأول مرة في أستراليا.
كان العام الماضي مفصلياً بالنسبة لشركة ون موتو التي تأسست محلياً ليس فقط للعمل الدؤوب الذي قام به الفريق لتعريف المتعاملين بالفرص المتاحة، وإنما، حسب ريدجواي، باعتباره العام الذي دخلت فيه الشركة “متاهة التمويل”. وقد كان ريدجواي مصراً على عدم الوقوع في فخ مشاريع السيارات الكهربائية الأخرى – التي كانت تعمل أساساً على زيادة رأس المال والتقييمات، ولكن بعد سنوات من ذلك، ما زالت لم تنتج ولا مركبة واحدة. وقال “لقد قمنا بعكس ذلك: بنينا وقمنا ببيع مركباتنا وثبتنا أقدامنا في السوق ومن ثم عملنا على البحث عن تمويل”. وقد استفاد رائد الأعمال من منصة أسهم التمويل الجماعي (يوريكا) لتمويل شركته. وأضاف “اتفقنا على تقييم الشركة قبل التمويل بقيمة 8 ملايين دولار ثم جمعنا حوالي 500 ألف دولار. لدينا الآن فريق واحد من المستثمرين على جدول سقف الشركة القابضة الذين يدعمون نمو الأعمال واستثماراتهم من خلال الإحالات”. ومع ذلك ، يكشف ريدجواي أنه وفريقه يدرسون بالفعل خيار جمع تمويل مرة أخرى. “لقد بدأنا محادثات لجمع 10 ملايين دولار أمريكي بناء على تقييمات ما قبل دخول مستثمرين والتي قدرت بـ 60 مليون دولار، والتي سيتم استثمارها في تصنيع منتجات الشركة محلياً، مما يزيد من وتيرة البحث والتطوير لمنتجنا الجديد (الذي سوف يمثل تغيراً في المجال)، وتعزيز الجانب التكنولوجي في عملياتنا التشغيلية “.
مع تركيزه على تمويل السلسلة (أ) المحتملة في عام 2022، يؤمن ريدجواي بقوة إظهار أهدافه الطموحة.. وصرح قائلاً “ستحدد الأعوام الثلاث القادمة مدى صعوبة الاحتمالات”، مشيراً إلى أنه وفريقه يستعدون لمسيرة طويلة مستقبلاً. واختتم حديثه قائلاً “نحن نركز على العمل مع حكومة الإمارات لإحداث تغيير في صناعة توصيل الأطعمة نحو الأفضل، والتركيز على رفاهية قائدي دراجات التوصيل والسائقين في هذا القطاع، باعتبارنا نؤثر بشكل إيجابي على البيئة، ونساهم في إحداث التغيير”.
ادم ريدجواي، المؤسس والرئيس التنفيذي، ون موتو
ماهي التحديات التي تواجهك كرائد أعمال منفرد، وكيف تمكنت من النجاح في مشروعك؟ وكيف استطعت المحافظة على شغفك كرائد أعمال وتجنبت استنفاد طاقتك والتوقف قبل تنفيذ المشروع؟
“تمثل التحدي الأكبر في الحاجة إلى”حل” الأسئلة وحدك والتفكير في الخطط الكاملة وتقاطعات الاحتمالات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق. يساعد وجود الفريق المناسب حولك في تجنب ذلك بشكل كبير ـــــ لكن تمهل ولا تتسرع في توظيف أعضاء الفريق حتى إذا استغرق الأمر شهورا أو سنوات للعثور على الشخص المناسب، ليست هناك مشكلة. إن حفاظي على الشغف إزاء مشروعي ليس موضع تساؤل. إذا وجدت شيئاً تحبه، وهناك هدف من ورائه، وقدمت كل ما لديك لأطول فترة ممكنة، فسوف تنجح في تنفيذه. يبدو ذلك رومانسياً قليلاً ولكني أؤمن بهذا حقاً. إذا كنت حالياً تضطر للقيام بشيء ما، فكر في المدة التي استغرقها هذا الأمر، ثم استمع إلى رأي شخص غريب ــــ ماذا سيقول؟ لا تخافوا من فشل مشروعكم، أو إحداث التغيير الحقيقي ــــ ولكن، نعم، القول أسهل من تقبل ذلك. هناك اقتباس سمعته قبل بضع سنوات في وقت احتجت فيه لسماعه: “في بعض الأحيان يحتاج سمك السلمون إلى التوقف عن كفاحه لشق طريقه إلى أعلى النهر، والمضي قدمًا مع التيار”.