بقلم دان بولتون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة دان بولتون لإدارة المواهب
شهد عام 2020 أزمة شديدة أثرت على جميع جوانب الحياة وقطاعات الأعمال، ما يتطلب البحث المعمّق والاستفادة من خبرات الماضي للتخلص من آثارها خلال عام 2021.
وواجه العديد من القطاعات في جميع أنحاء العالم تحديات كبيرة، ولاسيما قطاع الفعاليات والترفيه الذي كان الأكثر تضرراً.
وكان لزاماً علينا بصفتنا مسؤولين عن الشركات التي نمتلكها أن نتكيف مع التغييرات، فليس هنالك أي قطاع لا يتعرض للتغيير المتواصل، ومن واجبنا التعامل مع جميع الظروف التشغيلية التي تحمل تأثيرات إيجابية أو سلبية على شركاتنا
ورغم أن عام 2020 كان حافلاً بالتحديات على الصعيدين المالي والنفسي، حمل لنا عام 2021 حتى الآن الكثير من الفرص التي تخرج من رماد الإغلاق العالمي الكامل لقطاعنا، بينما نستعد للنهوض والنمو من جديد خلال عام 2022 وما بعده.
ومع تراجع القطاع بشكل ملحوظ وتشتت الجهود والقوة العاملة، بالإضافة إلى توالي التغييرات التنظيمية، وجدنا أنفسنا مجبرين على التعامل بجدية مع التحديات التي تنتظرنا وبذل الجهود للنهوض والعودة إلى العمل، وكما يُقال، الشدائد محك الرجال.
وتمحورت الخطط والأهداف خلال عام 2021 حول إعادة الأحوال إلى طبيعتها وإصلاح الأضرار التي لحقت بالقطاع، حتى قبل بداية الأزمة الصحية العالمية في مارس 2020.
وعملنا على إعادة تنظيم القوى العاملة وفرق العمل وإعادة هيكلتها لتلبية الطلب المتزايد باستمرار مع الحد من القيود المفروضة على الأنشطة العالمية، والذي تضاعف بمقدار 10 إلى 20 ضعفاً خلال الأشهر الستة الماضية. ويعتمد قطاع تنظيم الفعاليات على الأشخاص، ومنذ بداية عملنا، حرصنا على الالتزام بالاستثمار في المواهب المناسبة وجذبها خلال فترات التغيير بما يضمن عودتنا إلى ساحة العمل والاستفادة من الفرص المتاحة.
ومع تراجع التوجه للعمل من المنزل، نسعى لإعادة النظر في طبيعة مكان العمل وتكوين بيئات عمل توفّر للأفراد المرونة لتأدية التزاماتهم الشخصية والمهنية. وأهم ما تبين لنا خلال فترات الحجر هو رغبة الأشخاص بالعمل والتواجد معاً، مما يؤكد على أهمية المكتب كبيئة للعمل أكثر من أي وقت مضى. ويتطلّع الناس للعمل في بيئة مختلفة، فبدلاً من مساحة عمل تغص بالمكاتب وتجهيزات العمل، نحتاج إلى إنشاء بيئات عمل تتيح للموظفين التواصل والتعاون في العالم الحقيقي وليس عبر التطبيقات الإلكترونية، وتوفر الفرص لطرح الأفكار المبتكرة ومواجهة تحديات الوضع الراهن.
وينبغي أن يرافق التغييرات المادية تطور في آلية التفكير بما ينسجم مع حجم الفرص ومقدار النمو المتوقع في نهاية هذا العام وخلال العام القادم.
ويشهد العالم حالياً، مع تغير العديد من المفاهيم التي سادت قبل عام 2020، تنافساً شديداً أكثر من أي وقت مضى، إذ يتطلب استثمار الفرص المستقبلية اتخاذ إجراءات سريعة وحكيمة والاستعداد للتأقلم مع التغير المستمر الذي لا بد أن يؤثر على قطاعات الأعمال على مدى السنوات القادمة. وعلينا التحلي بروح المغامرة واستثمار الفرص والإمكانيات المتاحة بينما يخرج العالم من سباته ليتبنى تلك الإجراءات التجريبية التي تمنح الحياة معنى جديداً وتضفي عليها لمسةً من البهجة.
وتبدو الفرص في منطقة الشرق الأوسط وفيرة مع بدء زوال آثار الأزمة، فعلى سبيل المثال، يقترب موعد افتتاح معرض إكسبو 2020 دبي المؤجل، وتنطلق بطولة كأس العالم في قطر في نهاية عام 2022، كما تبرز السعودية كلاعب أساسي في قطاع السياحة وتنظيم الفعاليات، حيث تشهد تغيراً وتطوراً ملحوظاً، مما يوفر العديد من الفرص، وخاصةً في قطاع تنظيم الفعاليات. وتُعدّ الشركات الجديدة والقائمة التي تجاوزت عقبات العام والنصف الماضي، المرشّح الأوفر حظاً للاستفادة من هذه الفرص المؤكّدة.
وأعتقد أنه من الصعب إنكار حقيقة أن الظروف التي مررنا بها تركت آثاراً عميقة علينا، فقد ارتسمت على محيّانا ملامح الألم والمعاناة بصورة بدت غير قابلة للزوال، ومرت بنا فترات أثقلت كاهلنا بأعباء غير محتملة. ولأن الحياة تتسم بالتغير والأحوال المتبدلة، ولأن الخطوب التي لا تقتلك تجعلك أقوى، نقف جميعاً وقد اكتسبنا الخبرة والقوة بعد هذه التجربة لنقود الانطلاقة الجديدة لقطاع الترفيه وتنظيم الفعاليات.