يستضيف في دورته المقبلة صنّاع قرار وخبراء لمناقشة آليات التكيف مع التحولات العالمية الحادة
طارق علاي:
- المنتدى إضافة نوعية للحراك الثقافي والمعرفي في المنطقة والعالم
- الاتصال عملية متكاملة ومتداخلة تعمل على محاور متعددة لإنجاح رسالة واحدة
- 2020 عام التحول نوعي في مفاهيم وثقافة الاتصال الحكومي
الشارقة، 28 أغسطس 2021
منذ إطلاقه الدورة الأولى من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في عام 2012، يحرص المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة على تحقيق إضافة نوعية لمجمل الحراك الثقافي والمعرفي في المنطقة والعالم من خلال تبنيه قضايا مهمة وجريئة، تجسدت في الشعارات التي رفعتها كل دورة من دورات المنتدى، التي ظلت تمثل استجابة للتحديات التي تواجه فرق الاتصال في كل مرحلة.
سعادة طارق سعيد علاي، مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، يوضح أن فكرة المنتدى، التي كانت قبل عشرة أعوام جديدة على المنطقة، نجحت في الإجابة على سؤالين، الأولى يتعلق بمصير العلاقة بين المؤسسات الحكومية والمجتمعات في المستقبل، والثاني حول ماهية النموذج الذي يجب أن تقدمه الشارقة كدليل على أهمية الشراكة من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
ويؤكد علاي أن رعاية ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شكلت رسالة لتوجه الإمارة بمؤسساتها الحكومية وشبه الحكومية تجاه الاستثمار في الاتصال الحكومي وتوظيف أثره في الوصول لتطلعات المشروع الحضاري للإمارة، حيث قاد ذلك لدعم من المؤسسات الرسمية والخاصة في الدولة والمنطقة، واهتمام من الخبراء وذوي الاختصاص، ليصبح بالتخطيط والعمل والمثابرة، المنصة العالمية الأبرز التي تتناول علاقة المؤسسات والحكومات بالجمهور من خلال الاتصال الحكومي.
اليوم ونحن نتحضر لاستقبال الدورة العاشرة من المنتدى، يكشف علاي أن الدورة الجديدة ستشكل استثمارً نوعياً في توصيات ومخرجات دوراته السابقة، وستجمع مسؤولين وصناع قرار وخبراء من كل العالم ليشاركوا جمهور المنتدى خلاصة تجاربهم والآلية التي يمكن أن تتكيف بواسطتها ثقافة الاتصال الحكومي مع المتغيرات الدولية الحادة.
الانطلاقة الأولى
وخلال سرده لمسيرة انطلاق المنتدى، يلفت علاي إلى أن دورته الأولى التي عُقدت تحت شعار “دور الاتصال الحكومي في إدارة عملية التطوير” تزامنت مع عدة عوامل داخلية وخارجية، مشيراً إلى أن العالم كان يسعى نحو التعافي من الأزمة المالية التي حدثت في 2008، والمنطقة العربية شهدت مرحلة جديدة تتمثل بالعلاقة المرتبكة بين المؤسسات الرسمية والجمهور، بينما كانت دولة الإمارات تؤسس لمرحلة جديدة من تعزيز العمل الحكومي وتطوير علاقة المؤسسات بالجمهور وإشراك مكونات المجتمع في عملية البناء فكان المنتدى شريكاً لتطلعات المجتمعات نحو تحقيق طموحاتها بالتنمية عبر تجاوز المرحلة السائدة واستخلاص الدروس التي تجعل من فرق الاتصال الحكومي شريكة في التطوير.
الاستجابة للتحديات التنموية
أما الدورة الثانية من المنتدى في عام 2013 التي حملت شعار “تواصل فعّال.. خطاب موحد”، فجاءت استجابة لأهم تحديات الخطاب الرسمي التنموي وهو توحيد الرسائل الأساسية الموجهة للجمهور والتي تعبر عن رؤية تنموية يتشارك فيها المجتمع والمؤسسات بالإيمان والعمل والإبداع، وفقاً لعلاي، الذي أكد أن هذه الدورة رسخت مكانة المنتدى كمنصة إقليمية وعالمية موثوقة، ملتزمة بمصالح المجتمعات وداعمة لتطلعاتها، إلى جانب أنها كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرته من حيث حجم المشاركة الدولية والاهتمام من قبل المؤسسات المحلية والإقليمية.
أدوار مختلفة.. رؤية واحدة
وحول الدورة الثالثة من المنتدى، يقول علاي: “جاءت الدورة الثالثة في 2014 والتي رفعت شعار (أدوار مختلفة .. رؤية واحدة) لتستثمر في الدورتين السابقتين حيث تناولت أهمية التنوع في منصات وآليات ورسائل الاتصال الحكومي مع التزمها برؤية موحدة، فالجمهور ليس كياناً واحداً، بل عدة كيانات موزعة على فئات متفاوتة في اهتماماتها ومستويات تعليمها وأنماط تفكيرها وطبيعة أعمالها، ما يستوجب فهم كل فئة واختيار المنصة والآلية السليمة التي تجعلها أكثر استجابةً لفرق وإدارات الاتصال الحكومي”.
تعزيز التخصصات
وفي دورته الرابعة في عام 2015 التي نُظمت تحت شعار “خطوات محددة.. نتائج أفضل”، انتقل المنتدى من ترسيخ المفهوم إلى المزيد من التخصص في طرح التفاصيل المتعلقة بقواعد ومهارات الاتصال الحكومي، حيث يشير علاي إلى أن هذه الدورة ركزت على ورش العمل المهنية والعلمية، وعلى مشاركة المختصين والخبراء وأصحاب التجارب في لقاءات مباشرة جمعتهم مع الجمهور، بالإضافة إلى أنها استثمرت في دراسات الحالة والنماذج الحية مستندة بذلك إلى تجارب عالمية في مجال الاتصال الحكومي”.
صناعة ثقافة الارتقاء بالمجتمعات
وينوه علاي إلى أن الدورة الخامسة في عام 2016 من المنتدى التي عُقدت تحت شعار “نحو مجتمعات ترتقي” وتزامنت مع المزيد من التعافي الاقتصادي والاجتماعي الذي شهده العالم جراء الأزمة المالية، أكدت أهمية دور الاتصال الحكومي في توظيف المنجزات الاقتصادية في التنمية الاجتماعية، والارتقاء بجودة حياة الناس، مشيراً إلى أن المنتدى جمع بين منظمات المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع الدولي وممثلين عن الشباب والمرأة، ليؤكد أن الارتقاء بالمجتمع هو فعل جماعي مشترك، وأن دور الاتصال الحكومي هو صناعة ثقافة الارتقاء لدى جميع الفئات وتوجيهها لتصبح ممارسات يومية تسهم وتسرع في تحقيق الطموحات المشتركة.
الوعي التنموي
ولأن الإمارات كانت من أوائل الدول التي وقعت على الأهداف الإنمائية للألفية الثانية منذ إطلاقها في العام 2000، ومن الدول المساهمة بشكل كبير في إعادة صياغة أهدافها ومسارها وإعادة إطلاقها تحت مسمى أهداف التنمية المستدامة للعام 2030، فقد جاءت الدورة السادسة من المنتدى في 2017 تحت شعار “مشاركة مجتمعية.. تنمية مستدامة”، لتترجم رؤية الدولة في هذا السياق ولتسهم في تحقيق المساعي الدولية نحو تحقيق الأهداف التنموية، بحسب طارق علاي.
تطور الدور والوظيفة
ويقول علاي حول استمرار التطور في وظيفة ودور المنتدى الدولي للاتصال الحكومي: “كان لا بد للمنتدى أن يقف بمهنية عالية أمام التطورات الرقمية في مجال الاتصال وأن يبحث سبل الاستفادة منها وتوظيفها لخدمة رسائله وغاياته، فجاءت دورته السابعة في عام 2018 تحت شعار “الألفية الرقمية.. إلى أين؟”، لتجمع خبراء تقنيات التواصل ومختصي الاتصال على منصة واحدة، بما يتيح لهم رصد المزاج العام للجمهور وكيفية تعاطيه مع المعلومات من مصادرها المختلفة، الأمر الذي يسهم في تحسين قدراتهم على إدارة حملاتهم بفعالية ودقة ومراعاة المؤثرات الأخرى التي تفرزها منصات التواصل المتعددة.
إشراك الأفراد بمبادرات تغيير السلوك
ويذكر مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة أن الدورة الثامنة من المنتدى في عام 2019 تناولت ما يعرف بالاتصال السلوكي، حيث اختار المنتدى شعار “تغيير سلوك.. تطوير إنسان” ليؤكد أن ممارسات الأفراد تحددها الثقافة وليس الجينات الوراثية وأنها قابلة للتطوير بالاتصال الممنهج والموجه والمبني على دراسات سلوكية واجتماعية ونفسية، موضحاً أن هذه الدورة ركزت على أهمية تنويع التخصصات في فرق الاتصال الحكومي عبر إشراك علماء اجتماع وخبراء السلوك ومختصي جمع البيانات وتحليلها، إلى جانب إشراك الأفراد في مبادرات تغيير السلوك ليتحملوا بذلك مسؤولياتهم في تنمية المظاهر الحضارية في مجتمعاتهم.
تحول نوعي في مفاهيم الاتصال
وبهدف توسيع حجم المشاركين والتأكيد على أن الاتصال عملية متكاملة ومتداخلة يجب أن تعمل على محاور متعددة من أجل إنجاح رسالة واحدة، يبين علاي أن المنتدى تبنى في الدورة التاسعة التي عقدت في 2020، مبدأ المحاور المتنوعة بدلاً من الشعار الواحد، مشيراً إلى أن المحاور هي: “ترسيخ ثقافة التفاعل في الحكومة”، و”التكنولوجيا كممكن للمجتمعات”، و”الاتصال عبر الثقافة”، و”الرّفاه الفردي والمجتمعي”.
وتابع: “هذه الدورة التي سبقت بقليل انتشار جائحة كورونا، خرجت بدروس كبرى، فعام 2020 لم يكن بالنسبة للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة مجرد عام من الإغلاق وانقطاع الفعاليات، بل كان بمثابة تحول نوعي في مفاهيم وثقافة الاتصال الحكومي، إذ دفعتنا الأزمة للتفكير في ابتكار آليات جديدة للتواصل وإدارة الأزمات، ووضعتنا أمام أسئلة محورية حول كيفية تعاطي فرق الاتصال الحكومي مع تحديات المستقبل”.
تطلعات المستقبل
ونتيجة للمتغيرات التي شهدها العالم خلال العام 2020 جراء تعرضه لجائحة كورونا، ومع اقتراب موعد انعقاد دورته العاشرة تحت شعار “دروس الماضي، تطلعات المستقبل” في 26سبتمبر المقبل، يعلن المنتدى عن بداية مرحلة جديدة في الاتصال عموماً والاتصال الحكومي بشكل خاص حيث سيطرح من خلالها -بحسب علاي- جملة من الأسئلة تتعلق بدور المنتدى الجوهري في تمكين الحكومات حول العالم من مواكبة التطورات المستقبليّة في الاتصال الحكومي، والدور المنتظر من الاتصال الحكومي في تحقيق خطط الحكومات وتنفيذ استراتيجياتها على أرض الواقع، وكيف يمكن للإعلام أن يكون شريكاً مع الحكومة في الوصول إلى تنميّة مستدامة وشاملة.