entrepreneuralarabiya.- خاص
رائد الأعمال سيف المنصوري :
عمل بنصيحة محمد بن راشد عندما قال : ” أكبر مخاطرة هي ألاّ تخاطر” فنجح بإطلاق واحدة من أهم شركات الضيافة في الإمارات
كان أول لقاء لي مع رائد الأعمال الإماراتي سيف المنصوري قبل سنوات ليست قليلة، وكان وقتها مسؤولاً في بنك الإمارات قبل أن يصبح فيما بعد “بنك الإمارات دبي الوطني NBD” وكان واضحاً أنه يملك رؤية مختلفة عن جيل رجال الأعمال التقليديين، الذين برزوا مع شركات عائلاتهم وليس بالضرورة لأنهم روّاد مبتكرين يملكون رؤية مستقلة، سيف المنصوري خرج بجهده وأفكاره الابتكارية التي واكبت انطلاقة جيل جديد من أبناء الإمارات تمتعوا بخبرة تقنية وأساليب استثمار جديدة، جيل برع في زمن الذكاء الاصطناعي، وتمكن من إطلاق شركات جديدة تملك روح التنافسية والابتكار، وتفهمت خصوصية المكان الذي تعمل فيه، ولم تعتمد على إرث أو عباءة
جيل آمن بمقولة الشيخ محمد بن راشد ” أكبر مخاطرة هي ألا تخاطر”.
لاحقنا باهتمام كبير قصة نجاح مجموعة “مندرين جورميه” التي كانت نموذجا لافتاً لريادة الأعمال في قطاع الضيافة والأغذية في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة تجربة المطبخ السحابي (Cloud Kitchen)، التي أثبت نجاحها في جائحة كوفيد 19، هذه الشركة التي بدأت بالانطلاق والتوسع خارج دولة الإمارات اقليمياً وعالمياً، بعد أن حظيت باهتمام المستثمرين الجدد في أكثر من مكان
تابعوا معنا تجربة رائد الأعمال سيف المنصوري في هذا اللقاء:
بعد النجاح الذي حققته مجموعة “مندرين جورميه” تنوون إطلاق 30 مطعماً جديداً في الإمارات، في الوقت الذي لا يبدو أن الوقت قريب للخروج من جائحة كوفيد 19، ويتجه التركيز على توصيل الطلبات إلى المنازل ومراكز العمل، بدلاً من زيادة عدد المطاعم، ألا يشكل ذلك عبئاً استثمارياً في الأصول في وقت يبدو غير مناسب؟
رغم القيود التي فرضتها الجائحة إلا أن ثقتنا كانت كبيرة بالتدابير التي تتبعها الجهات المعنية في الدولة لتسريع عملية التعافي، سواء في القطاع الصحي أو الاقتصادي أو السياحي، هذه الثقة كانت عاملاً أساسياً في استراتيجية التوسع التي اتبعناها، لذا فقد كانت رؤيتنا مبنية على أسس متينة بأن قطاع المطاعم متجه إلى انتعاش قوي وأن الناس ستعود إلى تناول الطعام داخل المطاعم، ورغم أن هذا القطاع كان من أكثر القطاعات تأثراً بالجائحة بسبب إجراءات الإغلاق، إلا أنه بدأ يشهد تعافياً واضحاً، وقد لمسنا ذلك في مختلف المطاعم التي افتتحتها مجموعتنا مؤخراً والتي شهدت إقبالاً منقطع النظير. لذا يمكننا القول بأن هذا الاستثمار لم يكن عبئاً، بل كان فرصة لتنويع استثماراتنا بحيث لا تقتصر على توصيل الطلبات.
هل يمكننا إدراج ذلك تحت في إطار اغتنام الفرص والمخاطرة المحسوبة والرؤية المستقبلية التي يتميز بها روّاد الأعمال؟
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن “أكبر مخاطرة هي ألا تخاطر”، وفي دنيا الأعمال فإن خوض غمار المخاطرة مع وضع الاستراتيجية الصحيحة هو وصفة سحرية لكنها ليست سرية للنجاح. والاستثمار الناجح لا ينطوي على تجنب المخاطر بل على حسن إداراتها. هناك أمر مشترك بين رائد الأعمال الناجح والشيف الماهر، كلاهما يبرع في اختيار المكونات المناسبة بالكميات الصحيحة وفي الظروف المثالية.
ذكرتم أيضاً أنكم تنوون افتتاح مقراً جديداً في أبو ظبي لمركز “كلاود كيتشين” كيف كانت تجربة المركز في دبي وماهي توقعاتكم حول تجربة أبو ظبي؟
منذ انطلاقتنا تضمنت خطتنا الاستراتيجية التي وضعناها، إدخال مفهوم المطبخ الافتراضي أو المطبخ السحابي (Cloud Kitchen)، وقد أثبت هذا النموذج فاعليته وخاصة خلال جائحة كورونا، التي تطلبت حلولاً مبتكرة للتعامل مع القيود المفروضة بسبب الجائحة. تجربة دبي أكدت لنا صحة رؤيتنا بأن نموذج المطبخ السحابي سينمو ولن يقتصر ازدهاره على أوقات الأزمات فقط، بل إنه سيستمر خاصة في منطقتنا التي تعتبر سوق فتية لهذا النمط من الأعمال. نموذج نجاحنا في دبي هو نموذج جاهز للتكرار، ليس فقط في أبو ظبي بل في إمارات أخرى، وبل خارج الدولة كذلك.
من خلال التجربة ما هي أنواع الأطعمة الأكثر إقبالاً من قبل المواطنين والمقيمين في الإمارات؟
إن التنوع الديموغرافي في الإمارات عموماً ودبي خصوصاً يفرض تنوعاً في أذواق الزبائن، وإذ تسعى مجموعتنا لإرضاء أكبر عدد ممكن من الأذواق، فقد عملنا على تنويع قائمة الخيارات، فمن المطبخ المصري التقليدي (مطعم فول وطعمية) إلى المطبخ اليوناني (جايرو ستيشن) إلى السوري (معلم شاورما) إلى اللبناني (سفرة أم علي) إلى الإيطالي (مونكي بيتزا و ماتيوز بيتزا) إلى السندويشات (فيلي تشيز ستيك وساندويش روم) وليس انتهاء بالبرغر (بيلي بويز برغر)، بالإضافة إلى (صابرينا كافيه) كما نعمل على توسيع هذه القائمة لتشمل خيارات أخرى تلبي متطلبات الجمهور المتنوع، مثل (هوت دوغ إكسبريس) والمطعم المكسيكي (بانشوز) والمطعم الصيني (تشاينيزي) و(سلايدر نيشن)، كذلك سيكون لقسم الحلويات نصيب في خطط التوسع.
هل تنوون التوسع في نشر علاماتكم التجارية في أسواق خارج الإمارات وما هي الأسواق المرشحة وهل سيكون ذلك من خلال شراكات محلية في تلك الأسواق أم أنها ستكون عبر منح امتيازات للعلامة التجارية؟
في بداية إطلاق مشروع المطبخ السحابي، لاحظنا اهتماماً من جهات داخل الدولة تواصلت معنا بهدف فتح آفاق للشراكة، كما تلقينا دعوات للتعاون في عدة دول من ضمنها العراق والأردن ومصر ورومانيا والسعودية، لكننا تريثنا في المرحلة الأولى من جهة لتكون انطلاقة دبي بمثابة نموذج نتأكد عبره من جودة منتجاتنا وأسلوب العمليات الأمثل. نعمل حالياً على مشروع في السعودية سيشهد النور قريباً وهو قائم على منح امتيازات لعلاماتنا التجارية لمستثمرين في السعودية. وكما سبق أن ذكرنا فإن نموذج الأعمال هذا هو نموذج واعد جداً في المنطقة وتوسعنا نحو الخارج سيتم وفق خطوات مدروسة.
كان ملفتاً التوسع في استثماراتكم، في سوق شديدة التنافسية في قطاع الضيافة كالإمارات ما لذي جعلكم واثقين من النجاح ؟
المنافسة في أي مجال هي أمر جيد لكافة الأطراف المتنافسة، فهي تحفزنا على إخراج أفضل ما لدينا سعياً للتفوق على المنافسين. صحيح أن قطاع الضيافة في الإمارات سوق شديد المنافسة، لكن في سباق الطعام، البقاء والفوز للأشهى.
افتتحتم مطاعم جديدة وقمتم بالتوظيف، كيف استفدتم من فوضى سوق العمل واستقطاب الكوادر الخبيرة التي تم الاستغناء عنها؟
للأسف فقد كان للجائحة تداعيات سلبية على العاملين في قطاع الضيافة، وربما يكون أكثر قطاع اضطر للاستغناء عن موظفين مع انتشار وباء كورونا. استفدنا في المجموعة من توافر كوادر خبيرة وماهرة في السوق وعملنا على استقطاب الأفضل، فكانت كما يُقال “ربّ ضارة نافعة”، فهذا الوفر في الخبرات أتاح لنا اختيار نخبة مميزة سواء من الطباخين أو العاملين
نموذج المطبخ السحابي قائم بشكل رئيسي على خدمات التوصيل، فهل تقومون بالتوصيل عبر شركاء أم أن لديكم خدمات توصيل خاصة بكم؟
مندرين جورميه ترتبط بعلاقات شراكة مع أبرز منصات التوصيل في الدولة مثل زوماتو، وديليفرو، وطلبات. ارتأينا أن نركز على ما نبرع به وهو الحرص على جودة المكونات المستخدمة في وجباتنا، والابتكار في تقديم هذه الوجبات على يد أفضل الطباخين وبأشهى الوصفات، في حين نترك للجهات الخبيرة في مجال خدمات التوصيل مهمة إيصال الطلب للزبون، أي كما يُقال “نعطي الخبز لخبازه”.
في ظل قلق الجمهور فيما يتعلق بالعناية بالنظافة والالتزام بالاشتراطات الصحية، كيف تطمئنون زبائنكم بأنهم يحصلون على وجبات طازجة وشهية، دون أن يكون ذلك على حساب الجانب الصحي؟
نحرص في كافة أماكن العمل التابعة للمجموعة، سواء في المطاعم الفعلية أو في المطعم المركزي على التعامل مع موردين موثوقين وذوي خبرة لتزويدنا بمكونات طازجة يُتبع في تسليمها أقصى معايير الجودة والنظافة، كما يلتزم كافة الموظفين بإجراء فحوص دورية للتأكد من عدم إصابة أي عامل بفيروس كورونا وقياس درجة الحرارة بشكل يومي لجميع الموظفين، كذلك فإن كافة العاملين في مطابخنا ومطاعمنا يلتزمون التزماً شديداً بكافة التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية المفروضة مثل استخدام أدوات الوقاية الشخصية كأقنعة الوجه والقفازات والمعقمات.
ما هو حجم الاستثمارات الخاصة بمجموعة “مندرين جورميه” وما هي الخطط المقبلة للمجموعة؟
استثمارنا مرتبط ارتباطاً مباشراً برؤيتنا المستقبلية، وبالتالي فإن حجم الاستثمار ليس ثابتاً وإنما يتمتع بمرونة تتناسب مع حجم الأفكار والمخططات والفرص، وكلما اتسعت آفاق طموحاتنا سنزيد استثماراتنا لتحقيقها. الخطط المستقبلية هي توسيع قائمة المطاعم التابعة للمجموعة وزيادة الاستثمارات والشراكات داخل وخارج الدولة. وكما ذكرت سابقاً نحن نعمل على زيادة قائمة المطاعم وتنويعها لتشمل أكبر قدر ممكن من الخيارات التي تناسب تنوع الأذواق.
إلى أي مدى ساعدتكم البنية التقنية الأساسية في الإمارات في بناء شبكة “المطبخ السحابي” في مندرين جورميه ونجاحها ؟
لا شك في أن نموذج المطبخ السحابي يقوم بشكل رئيس على الجانب التقني، فمن دون توافر قوائم الطعام على المنصات الافتراضية لن تتمكن الشركات من عرض منتجاتها ولن يتمكن الزبون من إجراء عملية الطلب. وهذه الصيغة ما كانت لتنجح لولا توافر البنية التحتية الرقمية المواتية في دولة الإمارات. والجدير بالذكر أن نمط المطبخ السحابي يتسم بالاعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير، ويتطلب حد أدنى من العمالة ما يعني تكاليف أقل وهامش خطأ أقل وجودة أعلى.
سيف المنصوري رؤية وتجربة وخبرة طويلة في مختلف أنشطة الأعمال، كيف تنظر إلى المستقبل وهل نحن بعيدون عن عودة العالم إلى ما كان عليه؟ أم أن علينا التأقلم وابتكار أشكال استثمارية تتوافق مع حالة الإغلاق التي نعيشها؟
رغم أن الأزمة التي فرضتها جائحة كورونا تختلف عن سابقاتها، غير أن التجارب أثبتت لنا أن الأزمات لا تستمر بل إن الابتكار ينشأ من رحم الأزمات والحاجة هي أم الاختراع. وعلى الرغم من أني متفائل بأن التعافي قادم لا محالة، غير أن تبني أشكال استثمارية جديدة أمر لا مفر منه، وفي ظل التحولات التي نشهدها سيكون أمام الشركات خيارين “الابتكار أو الاندثار”، أزمة كورونا ليست أول أزمة يواجهها العالم، ولن تكون الأخيرة لذا علينا الاستعداد دائماً بل والتصرف بشكل استباقي
بالنسبة لبيئة ريادة الأعمال في الإمارات والمنطقة هل تعتقد أننا نمتلك بيئة مناسبة لإطلاق واحتضان الأفكار الجديدة التي يحملها الشباب ولا يستطيعون تحقيقها، وماهي نصيحتك لشباب اليوم الذين ينوون دخول عالم الأعمال؟
الإمارات بلد الفرص وتتمتع ببيئة استثمارية مرنة وتسهيلات مواتية لإطلاق المشاريع، ومن يمتلك العزيمة والتصميم والشغف ستكون هذه المقومات متاحة له لتحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة، وقد شهدنا انطلاق شركات من الدولة تحولات من شركات ناشئة صغيرة لتدخل مشهد الاستثمار العالمي برأس مال يتجاوز المليار دولار. نصيحتي هي عدم التوقف عن السعي لتحقيق الأحلام، فالنجاح ليس وجبة سريعة تطلبها فتصلك جاهزة، بل هو طبق فاخر يُطهى على نار هادئة.