دبي- 8 أغسطس 2021
أهم التحديات التي تعيق سرعة تبني ممارسات البناء الأخضر في المنطقة؛ بينما تتصدر دولة الإمارات تتصدر التصنيف بمبانيها التي ضمن أفضل 30 بناية مستدامة على مستوى العالم –
بقلم : صفدار بادامي المدير التنفيذي لمجموعة المكرّم
يمكننا القول أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بأحد أكثر قطاعات البناء حيوية في العالم، بما تمثله من منطقة جذب سنوي للمشروعات العقارية السكنية والتجارية الضخمة كثيفة رأس المال
يُعزى هذا الاتجاه في العموم إلى أن المنطقة تجتذب باطراد استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة (FDI) على الرغم من مواطن الضعف المناخية والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، إذ بلغت التدفقات الاستثمارية 22.7 مليار دولار أمريكي في عام 2019، وذلك بقيادة الإمارات العربية المتحدة – إحدى نقاط الاستثمار الساخنة التي تجتذب 24% من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة.
يؤدي هذا بدوره إلى زيادة تدفقات الاهتمامات والمصالح التجارية الأخرى والخبراء المغتربين، في ظل مسارعة العلامات التجارية الدولية لإنشاء قواعد لها في المنطقة، مما ينتج عنه تنامي الحاجة إلى المزيد من المساحات المكتبية والمعيشية المناسبة.
وبالتالي، فإن وجود طلب على الوحدات التجارية والسكنية يعني المزيد من الانتعاش في مجال أعمال المعماريين والمقاولين ومصنعي مواد البناء والموزعين وكذلك مالكي العقارات.
ولكن مع ما يمثله هذا من أخبار سعيدة لقطاع البناء في المنطقة، فهناك على الجانب الآخر عامل حاسم لا يحظى بكثير من الاهتمام إلى حد ما، وهو سرعة تبني ممارسات البناء الأخضر.
كما نرى جميعًا، تشهد المدن في جميع أنحاء العالم تحولًا مطردًا لتصبح مدنًا ذكية، بمجموع إنفاق بلغ 81 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ليصل إلى 158 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. وبالتالي، ينبغي أن تنتهج المباني في المنطقة نهجًا مسايرًا لهذا الاتجاه – التجارية والسكنية منها على حد سواء .
لماذا؟ بسبب الظروف المناخية مثل موجة الحر التي سجلت رقما قياسيًا بلغ 51 درجة مئوية التي هزت المنطقة في منتصف عام 2021، بالإضافة إلى تفضيلات المستهلكين سريعة التغيير مثل الطلب على المزيد من المساحات الخضراء. وهذا يعني بدوره أن المساحات السكنية يجب أن تستمر في التوافق مع هذه التغييرات عندما تحدث.
التحديات الرئيسية:
ورغم ما سبق ذكره من بعض هذه التغييرات الملحوظة، كان قطاع البناء بالمنطقة بطيئًا في تبنيه لممارسات البناء الأخضر لأسباب مختلفة، على الرغم من فوائد هذه الممارسات.
من بين التحديات الرئيسية الظروف المناخية القاسية وندرة المياه، ناهيك عن التدهور البيئي ووفرة الوقود الأحفوري، أدت هذه التحديات إلى تحجيم عملية تبني الممارسات الخضراء في البناء.
تشتهر منطقة الشرق الأوسط بالأخص باستخدامها المستمر والمتزايد للواجهات الزجاجية والاعتماد المستمر على تكييف الهواء. وهذا بدوره يؤدي إلى الاستخدام الكثيف للطاقة.
لا تزال هذه العوامل وحدها تشكل تهديدًا محدقًا لجهود تبني المباني الأكثر استدامة والصديقة للبيئة.
وعلى الرغم من أن بعض هذه التحديات ليست بالتحديات الفريدة من نوعها في المنطقة، إلا أن بعض الفاعلين في قطاع البناء لا يزالون مصرين على عدم تبني النهج الأخضر أو تنقصهم الجرأة في ذلك.
يأتي هذا على الرغم من تشجيع السلطات الإقليمية وبعض الجهات الفاعلة في قطاع البناء ذات الرؤية المستقبلية، وجهودهم النشطة والمستمرة في الدعوة إلى الاستخدام واسع النطاق للهندسة المعمارية الصديقة للبيئة ومواد البناء المستدامة.
ومع ذلك، يبدو أن الجهود المبذولة في العامين الماضيين الرامية إلى تشجيع تبني ممارسات المباني الخضراء بدأت تؤتي ثمارها، في ظل تزايد عدد المباني المسجلة في مجال الطاقة والتصميم البيئي (LEED).
يبدو أن سعي منطقة الشرق الأوسط لتسريع معدل التبني لهذا النهج يسير على الطريق الصحيح، وذلك بقيادة دولة الإمارات التي أصبح لديها في عام 2019 قرابة 65 % من المباني الصديقة للبيئة بالمنطقة (802 بناية صديقة للبيئة) تليها عن كثب دولة قطر (173 بناية خضراء)، والمملكة العربية السعودية (145)، ولبنان (25) ومصر (22).
يتزايد اعتماد قطاع البناء في المنطقة لتقنيات بناء أكثر مراعاة للبيئة وإن كانت هذه الوتيرة تزيد ببطء شديد، انطلاقًا من 623 بناية خضراء في عام 2010 إلى أكثر من 2500 بناية في عام 2020.
يرجع السبب في ذلك إلى حد كبير إلى أن ممارسات البناء التقليدية لا تزال تشكل مخاطرًا أكبر، خاصة مع وقوع الحرائق التي يمكن منعها فعليًا عن طريق مانعات الحريق الأكريليك، التي يمكن أن تقاوم حرارة تصل إلى 250 درجة مئوية، فأشهر الصيف بالأخص تمثّل خطرًا متكررًا على الإنسان والممتلكات في المنطقة.
فوائد المباني الخضراء:
بغض النظر عن بطء وتيرة تبني المباني الخضراء، فإنها تقدم مجموعة كبيرة من الفوائد لكل من المستهلكين وشركات التشييد والبناء كذلك.
سيؤدي تطوير المباني الخضراء إلى تحسن جودة الهواء وتوفير إضاءة طبيعية بقدر أكبر – وكلاهما من السمات الهامة التي يمكنها أن تخفض تكاليف الطاقة خفضًا كبيرًا لكل من مديري الممتلكات والمستأجرين.
كذلك فإن الاستخدام الأمثل للمياه يمثل فائدة كبيرة، مما يحد من إهدارها بصورة ملموسة. ومن بين الفوائد الرئيسية الأخرى؛ تحسين الصحة العامة للسكان – العامل الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على التكلفة الطبية والتأمينية الإجمالية.
وأخيرًا، حماية النظام البيئي الذي لا بقاء لنا بدونه.
خلاصة الأمر، على الرغم من بطء تبني ممارسات البناء الأخضر في المنطقة، فإن الجانب المشرق يتمثّل في أننا نرى تحولًا تدريجيًا إلى المباني المستدامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تتصدر هذه الجهود دولة الإمارات بمعدل نمو بلغ نحو 60٪ أو أكثر من المشاريع الخضراء في السنوات الثلاث المقبلة.
حريٌ بمقاولي المنطقة أن يمثلوا قدوة لغيرهم باتباع ممارسات البناء الأخضر والمستدام طويل الأجل، لبناء مساحات معيشة صديقة للبيئة.
وهذا لا يمثل ضمانًا لعوائدهم على الاستثمار فحسب، بل يحمي أيضًا رفاهية المستخدم النهائي. فالمباني الخضراء توجه مربح للجميع في النهاية.
– مقال مقدم من السيد صفدار بادامي المدير التنفيذي لمجموعة المكرّم
يمكننا القول أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بأحد أكثر قطاعات البناء حيوية في العالم، بما تمثله من منطقة جذب سنوي للمشروعات العقارية السكنية والتجارية الضخمة كثيفة رأس المال.
يُعزى هذا الاتجاه في العموم إلى أن المنطقة تجتذب باطراد استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة (FDI) على الرغم من مواطن الضعف المناخية والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، إذ بلغت التدفقات الاستثمارية 22.7 مليار دولار أمريكي في عام 2019، وذلك بقيادة الإمارات العربية المتحدة – إحدى نقاط الاستثمار الساخنة التي تجتذب 24% من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة.
يؤدي هذا بدوره إلى زيادة تدفقات الاهتمامات والمصالح التجارية الأخرى والخبراء المغتربين، في ظل مسارعة العلامات التجارية الدولية لإنشاء قواعد لها في المنطقة، مما ينتج عنه تنامي الحاجة إلى المزيد من المساحات المكتبية والمعيشية المناسبة.
وبالتالي، فإن وجود طلب على الوحدات التجارية والسكنية يعني المزيد من الانتعاش في مجال أعمال المعماريين والمقاولين ومصنعي مواد البناء والموزعين وكذلك مالكي العقارات.
ولكن مع ما يمثله هذا من أخبار سعيدة لقطاع البناء في المنطقة، فهناك على الجانب الآخر عامل حاسم لا يحظى بكثير من الاهتمام إلى حد ما، وهو سرعة تبني ممارسات البناء الأخضر.
كما نرى جميعًا، تشهد المدن في جميع أنحاء العالم تحولًا مطردًا لتصبح مدنًا ذكية، بمجموع إنفاق بلغ 81 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ليصل إلى 158 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. وبالتالي، ينبغي أن تنتهج المباني في المنطقة نهجًا مسايرًا لهذا الاتجاه – التجارية والسكنية منها على حد سواء .
لماذا؟ بسبب الظروف المناخية مثل موجة الحر التي سجلت رقما قياسيًا بلغ 51 درجة مئوية التي هزت المنطقة في منتصف عام 2021، بالإضافة إلى تفضيلات المستهلكين سريعة التغيير مثل الطلب على المزيد من المساحات الخضراء. وهذا يعني بدوره أن المساحات السكنية يجب أن تستمر في التوافق مع هذه التغييرات عندما تحدث.
التحديات الرئيسية:
ورغم ما سبق ذكره من بعض هذه التغييرات الملحوظة، كان قطاع البناء بالمنطقة بطيئًا في تبنيه لممارسات البناء الأخضر لأسباب مختلفة، على الرغم من فوائد هذه الممارسات.
من بين التحديات الرئيسية الظروف المناخية القاسية وندرة المياه، ناهيك عن التدهور البيئي ووفرة الوقود الأحفوري، أدت هذه التحديات إلى تحجيم عملية تبني الممارسات الخضراء في البناء.
تشتهر منطقة الشرق الأوسط بالأخص باستخدامها المستمر والمتزايد للواجهات الزجاجية والاعتماد المستمر على تكييف الهواء. وهذا بدوره يؤدي إلى الاستخدام الكثيف للطاقة.
لا تزال هذه العوامل وحدها تشكل تهديدًا محدقًا لجهود تبني المباني الأكثر استدامة والصديقة للبيئة.
وعلى الرغم من أن بعض هذه التحديات ليست بالتحديات الفريدة من نوعها في المنطقة، إلا أن بعض الفاعلين في قطاع البناء لا يزالون مصرين على عدم تبني النهج الأخضر أو تنقصهم الجرأة في ذلك.
يأتي هذا على الرغم من تشجيع السلطات الإقليمية وبعض الجهات الفاعلة في قطاع البناء ذات الرؤية المستقبلية، وجهودهم النشطة والمستمرة في الدعوة إلى الاستخدام واسع النطاق للهندسة المعمارية الصديقة للبيئة ومواد البناء المستدامة.
ومع ذلك، يبدو أن الجهود المبذولة في العامين الماضيين الرامية إلى تشجيع تبني ممارسات المباني الخضراء بدأت تؤتي ثمارها، في ظل تزايد عدد المباني المسجلة في مجال الطاقة والتصميم البيئي (LEED).
يبدو أن سعي منطقة الشرق الأوسط لتسريع معدل التبني لهذا النهج يسير على الطريق الصحيح، وذلك بقيادة دولة الإمارات التي أصبح لديها في عام 2019 قرابة 65 % من المباني الصديقة للبيئة بالمنطقة (802 بناية صديقة للبيئة) تليها عن كثب دولة قطر (173 بناية خضراء)، والمملكة العربية السعودية (145)، ولبنان (25) ومصر (22).
يتزايد اعتماد قطاع البناء في المنطقة لتقنيات بناء أكثر مراعاة للبيئة وإن كانت هذه الوتيرة تزيد ببطء شديد، انطلاقًا من 623 بناية خضراء في عام 2010 إلى أكثر من 2500 بناية في عام 2020.
يرجع السبب في ذلك إلى حد كبير إلى أن ممارسات البناء التقليدية لا تزال تشكل مخاطرًا أكبر، خاصة مع وقوع الحرائق التي يمكن منعها فعليًا عن طريق مانعات الحريق الأكريليك، التي يمكن أن تقاوم حرارة تصل إلى 250 درجة مئوية، فأشهر الصيف بالأخص تمثّل خطرًا متكررًا على الإنسان والممتلكات في المنطقة.
فوائد المباني الخضراء:
بغض النظر عن بطء وتيرة تبني المباني الخضراء، فإنها تقدم مجموعة كبيرة من الفوائد لكل من المستهلكين وشركات التشييد والبناء كذلك.
سيؤدي تطوير المباني الخضراء إلى تحسن جودة الهواء وتوفير إضاءة طبيعية بقدر أكبر – وكلاهما من السمات الهامة التي يمكنها أن تخفض تكاليف الطاقة خفضًا كبيرًا لكل من مديري الممتلكات والمستأجرين.
كذلك فإن الاستخدام الأمثل للمياه يمثل فائدة كبيرة، مما يحد من إهدارها بصورة ملموسة. ومن بين الفوائد الرئيسية الأخرى؛ تحسين الصحة العامة للسكان – العامل الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على التكلفة الطبية والتأمينية الإجمالية.
وأخيرًا، حماية النظام البيئي الذي لا بقاء لنا بدونه.
خلاصة الأمر، على الرغم من بطء تبني ممارسات البناء الأخضر في المنطقة، فإن الجانب المشرق يتمثّل في أننا نرى تحولًا تدريجيًا إلى المباني المستدامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تتصدر هذه الجهود دولة الإمارات بمعدل نمو بلغ نحو 60٪ أو أكثر من المشاريع الخضراء في السنوات الثلاث المقبلة.
حريٌ بمقاولي المنطقة أن يمثلوا قدوة لغيرهم باتباع ممارسات البناء الأخضر والمستدام طويل الأجل، لبناء مساحات معيشة صديقة للبيئة.
وهذا لا يمثل ضمانًا لعوائدهم على الاستثمار فحسب، بل يحمي أيضًا رفاهية المستخدم النهائي. فالمباني الخضراء توجه مربح للجميع في النهاية.