بقلم: ميرزا بايج الرئيس التنفيذي لـ”EDX Labs ”
شهدت العديد من الشركات بمختلف أحجماها العديد من التغيرات إلى جانب عمليات التطوير والتحول الرقمي بفعل الواقع الذي أفرزته جائحة “كوفيد_19″، حيث شملت التغييرات مجالات متعددة من الخدمات المالية الآمنة وحتى عمليات التسوق التقليدية، وهو ما بات يشكل تحولاً عالمياً نحو “الرقمنة” والذي ينتظر أن يعود بالفائدة على المجتمع، إلا أن مثل هذه المرحلة تكتنفها بعض المخاطر والتهديدات التي قد تتعرض لها أية شركة حديثة ولاتحظى بالخبرة الكافية للتعامل مع مخاطر الجريمة الرقمية Cyber – Crime.
كما أن دول مجلس التعاون الخليجية وما شهدته من عمليات متسارعة نحو التحول الرقمي لن تكون هي الأخرى مستثنية من التعرض لمثل هذه المخاطر، حيث قامت البحرين في 2020 بصد أكثر من 7 مليون هجوم الكتروني، في حين واجهت السعودية المعدل نفسه من الهجمات في الأشهر الثلاثة الأولى من 2021 لوحدها، وواجهت الإمارات زيادة بمعدل 250% في الهجمات الرقمية في 2020، حيث إن مثل هذه المعدلات المتزايدة من المخاطر الرقمية من شأنها أن تكون باعثاً لقلق أية شركة عالمية، ولكن في الجانب الآخر مع وجود تحديات أخرى كالتي تمثلها الجائحة وغيرها، من الممكن أن تشكل هذه التهديدات فرصاً، وذلك في الوقت الذي تنمو وتصعد فيه شركات التكنولوجيا المحلية بما تحظى به من روح طموحة ومبتكرة تشجعها للسعي نحو إيجاد شراكة مع الشركات العالمية في هذا المجال.
وتمثل شركتي EDX Labs احد الأمثلة في الازدهار القائم على التكنولوجيا والابتكار، حيث نتخذ من البحرين مقراً لأعمالنا وتعتبر الشركة الوحيدة من المنطقة التي قامت بتأسيس منصات للأمن الرقمي أثبتت إمكانياتها على التنافس عالمياً ومن ضمنها منصات CTM360 للحماية من المخاطر الرقميةـ، و DMARC360 وهي المخصصة للتعامل مع أمن البريد الالكتروني المفعل بمنظومة DMARC، بالإضافة إلى منصة PENTEST360 التي تتعامل مع تقييمات الضعف الآلي واختبارات الاختراق الالكتروني، كما أننا نؤمن بإن إمكاناتنا التكنولوجية قد تتجاوز إمكانات المنافسين الكبار والأكثر رسوخاً في هذا المجال، إذ قمنا بتقديم حلولنا إلى بعض من أبرز اللاعبين في المنطقة والعالم في هذا المجال ومن ضمنهم صناديق الثروات والمؤسسات المالية المعتبرة. إن نجاحنا مدعوم بتقدير من شركات الأبحاث والهيئات العالمية المستقلة، حيث تم ذكر شركات EDX Labs في خمسة تقارير تقنية “ناشئة” مختلفة نشرتها Gartner Research. وأثبتنا بذلك بأنه بمقدور الشركات المبتكرة الخليجية أن تتنافس بجدارة على مستويات عالمية.
ويمكن أن نعزو ما حققناه من نجاح إلى ما نتميز به من أطر عمل داعمة في جميع أنحاء المنطقة، والتي تساعد الشركات الجديدة مثلنا على الازدهار، ولعله من المهم أن نشير إلى أنه وقبل الدور الذي لعبته الجائحة فقد انخرطت الحكومات في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي في جهود التنويع الاقتصادي الطموحة على مستوى المنطقة لعقود، حيث برزت الرقمنة وتعزيز قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاصة بنا من ضمن الدعامات الرئيسية التي تنهض بها هذه الاستراتيجيات، إذ تميزت مملكة البحرين في هذا الميدان وميادين أخرى بكونها صاحبة قصب السبق والريادة.
ولطالما كان العمل على دعم تحقيق النمو المستدام في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من صميم الأولويات الوطنية لمملكة البحرين، فقد ساهمت التشريعات المبادرة والمواتية للأعمال والرائدة على مستوى المنطقة في وضع الأسس لازدهار البيئة الداعمة لهذا القطاع، ولعل من ضمن هذه القوانين والتشريعات يأتي قانون الولاية القضائية للبيانات، وهو أول قانون من نوعه في البحرين ويسمح للجهات الأجنبية بالحفاظ على الولاية القضائية المحلية على البيانات المخزنة في مراكز البيانات الموجودة في البحرين، إلى جانب “سياسة السحابة أولاً” الحكومية، والتي تشهد انتقالاً منسقاً لجميع الخدمات الحكومية إلى السحابة.
ولعل وجود مثل هذه المبادرات الرائدة ساهم بصورة رئيسية في اجتذاب الشراكات مع عدد من أبرز اللاعبين الدوليين في هذا المثال وهو ما يصب في النهاية في تعزيز البيئة المحلية الداعمة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد اختارت شركة “أمازون ويب سيرفيسز” البحرين لإطلاق أولى مراكز بياناتها الضخمة في منطقة الشرق الأوسط الذي تقود بالفعل حركة بيانات ضخمة نحو المنطقة.
كما وتمكنت البحرين من خلال شراكات مماثلة من أن تصبح واحدة من أولى الدول في العالم التي تطرح شبكات G5 على مستوى الدولة، مما يتيح نقل بيانات أعلى لتطبيقات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع الافتراضي، ومع تضافر جميع تلك العوامل تبرز البحرين بسرعة كرائد إقليمي في صناعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرئيسية مثل الألعاب، ومراكز البيانات المتصلة دوليًا، والأمن الرقمي حالياً.
وباختصار حتى مع مجيء الجائحة، كانت البحرين في الوضعية الأفضل إقليمياً لتعزيز نمو شركات مثلEDX Labs ، والتي ظهرت كاستجابة سريعة لتزايد الهجمات الإلكترونية هنا في المنطقة وعلى الصعيد العالمي، حيث تمكنت EDX Labs من العمل مع شركة أمازون في البحرين من خلال السماح لنا بالاستفادة على نطاق واسع من قدراتها لتقديم منصات SaaS الخاصة بنا.
بلا شك لعبت البيئة الداعمة في مملكة البحرين والتي ساعدت على تسهيل نمونا، وسمحت لنا بجذب وكسب ثقة العملاء الرئيسيين الذين نفخر بخدمتهم اليوم، وقد بتنا نشهد خطوات مماثلة تم اتخاذها في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، مما يجعلنا نطرح سؤال واحد نحن متفائلون بشأنه وهو: هل يمكن أن تتنافس شركة أمن رقمي في الشرق الأوسط مع شركات “وادي السليكون“؟