أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، عمق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية، خاصة في مجال الابتكار في القطاعات الحيوية والمستقبلية التي تشكل ركيزة أساسية لاستراتيجية الإمارات للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. وشدد على ضرورة اقتناص الفرص التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق التغيير الإيجابي المنشود في حياة البشر، موجهاً دعوة مفتوحة إلى جميع المستثمرين والصناعين للاستفادة من الفرص التي تقدمها حملة “اصنع في الإمارات”.
وأشاد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، في كلمته الافتتاحية التي ألقاها عن بعد خلال “منتدى بوجيانغ للابتكار” المنعقد في مدينة بوجيانغ الصينية، بالعلاقات المميزة بين البلدين الصديقين والتي أثمرت إنجازات نوعية عالمية، خاصةً في مواجهة فيروس كورونا وتطوير حلول الطاقة النظيفة والمتجددة، والتي كان للعلوم والتكنولوجيا والابتكار الدور الأكبر فيها.
وتحل دولة الإمارات ضيف شرف في دورة هذا العام من المنتدى الذي ينعقد تحت عنوان “الابتكار من أجل حياة أفضل للبشرية”، علماً أن عام 2021 يوافق ذكرى مرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الإماراتية – الصينية التي شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة من خلال الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ونقل معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر في مستهل كلمته تحيات القيادة الرشيدة والشعب الإماراتي لجمهورية الصين الشعبية، مؤكداً أن اختيار دولة الإمارات لتكون ضيف شرف دورة هذا العام من المنتدى من قبل وزارة العلوم والتكنولوجيا في الصين والحكومة المحلية لشنغهاي يمثّل دليلاً على عمق الشراكة الاستراتيجية وقوة العلاقة بين البلدين.
وأعرب معالي الدكتور سلطان الجابر عن اعتزازه بالمستوى الذي وصلته العلاقات بين البلدين الصديقين، والتطلع المشترك إلى تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة، خاصةً وأن البلدين يتشاركان النظر إلى الابتكار باعتباره أحد العناصر الرئيسية المحركة للتقدم والازدهار.
وقال معاليه: “يتغيّر العالم اليوم بسرعة غير مسبوقة مع تطور التقنيات التي تبدل طرق الحياة والعمل، وأصبح بناء بيئة محفزّة للابتكار ضرورةً حتمية أمام الدول الساعية للمنافسة وتحقيق النجاح الاقتصادي وأهدافها الوطنية. ونظراً لأهمية اجتماع العقول والمواهب القادرة على تحقيق الابتكار، حرصت قيادتنا الرشيدة على رعاية بيئة حاضنة ومحفزة للنمو والابتكار نسعى إلى تجسيدها من خلال حملة ’اصنع في الإمارات‘.”
وشدد معاليه على الأهمية التي توليها دولة الإمارات من خلال رؤية القيادة الرشيدة للشراكات الدولية في تحقيق الأهداف المشتركة، معتبراً أن الشراكة بين الإمارات والصين تمثّل نموذجاً عالمياً على هذا الصعيد، وقد تجلّت بشكل ناجح من خلال التعاون في مواجهة جائحة كوفيد-19. وأوضح معاليه أن الصين طورت لقاحاً في وقت قياسي وقامت الإمارات بتوزيعه على السكان على نطاق واسع وسجلت نجاحاً كبيراً يتمثّل في الوصول إلى أعلى معدل تلقيح في العالم”.
ورأى معاليه أن روح التعاون تساعد في مواجهة تحديات عالمية أخرى مثل العمل المناخي، مشيراً إلى التعاون بين الإمارات والصين في مجال الطاقة الشمسية والذي أثمر عن إنشاء أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم وهي محطة نور أبوظبي التي تمتد على مدى ثمانية كيلومترات وتضم 3.2 مليون لوحاً شمسياً ستنتج 1.2 غيغاواط من الطاقة النظيفة، كما يستعد البلدان لإنجاز عالمي جديد في هذا السياق مع محطة الظفرة للطاقة الشمسية التي ستكون ضعف حجم محطة نور أبوظبي وستوفر الطاقة بأدنى تعرفة عالمياً بواقع 1.35 سنتا لكل كيلوواط/ساعة.
وأضاف معاليه: “أثبتت الشراكة بين الإمارات والصين أنه عند تعاون الدول من أجل الابتكار تنخفض التكاليف وتزداد الفرص الاقتصادية ويعمّ الخير على المجتمعات”.
ولفت معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر إلى مدى ارتباط التركيز على استراتيجية الإمارات الصناعية مع تطلع الدولة نحو المستقبل بالاعتماد على التقنيات المتقدمة لتوفير المرونة للصناعات الحيوية والتوسع في قطاعات جديدة ضمن إطار اقتصاد المعرفة، موضحاً أن هناك الكثير من الفرص المتاحة لتطوير الابتكار في الصناعات التقليدية والجديدة بطرق إبداعية ذات جدوى تجارية.
ووجه معاليه الدعوة إلى العالم بأسره لمشاركة الإمارات رحلة صنع القيمة المضافة في القطاع الصناعي من خلال الابتكار، داعياً إلى الاستفادة من الفرص التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة وترسيخ عقلية الابتكار وروح المبادرة لدى جيل الشباب.
ودعا معاليه إلى توسيع الشراكات في مجال الطاقة واستطلاع إمكانيات إنتاج الهيدروجين الخالي من الكربون وتعزيز الاستفادة من خبرة الإمارات وبنيتها التحتية للاستجابة لطلب الصين المتزايد على الطاقة المنخفضة الكربون، إلى جانب البناء على التجربة الناجحة في مواجهة كوفيد-19 لابتكار أدوية جديدة وعلاجات متطورة وفرص أكبر في مجال التكنولوجيا الحيوية، وكذلك في مجال التكنولوجيا الزراعية لتطوير البذور التي يمكنها تحمل الظروف المناخية الصعبة واعتماد أساليب الزراعة المستدامة.
وتطرق معالي وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة إلى متطلبات الابتكار، قائلا إنه يتطلب الشجاعة والجرأة والإقدام، مضيفاً أن تمتع دولة الإمارات بهذه الروح التي تتطلبها عملية الابتكار مكّنتها من تطوير بنيتها الاقتصادية من الاعتماد على الموارد التقليدية نحو اقتصاد المعرفة المتنوع وكيف أصبحت مركزاً لوجستياً عالمي المستوى ودخلت ميدان استكشاف الفضاء مع إرسال أول مسبار من منطقة الشرق الأوسط إلى المريخ، وأطلقت “جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي”، أول جامعة في العالم مختصة بالدراسات العليا في مجال الذكاء الاصطناعي والتي تعلّم الشباب من جميع أنحاء العالم.
وعرض معالي الدكتور سلطان الجابر عدداً من مرتكزات رؤية الإمارات للابتكار في قطاع الصناعة كما عبّرت عنها الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وبينها إعادة توجيه الاستثمارات ليصب جزء منها في صالح البحث والتطوير، وتخصيص رساميل للتسويق، إلى جانب وضع الأطر القانونية الضرورية والسياسات الداعمة، مضيفاً أن الإمارات تنتهج في مجال البحث والتطوير مساراً يرتكز على وضع السياسات المناسبة وتحديد الأولويات وضمان التنسيق بين جميع الأطراف، إلى جانب تحفيز القطاعات الواعدة بحيث تكون البيئة الصناعية الجديدة قادرة على تحويل الأفكار الجديدة إلى منتجات قابلة للتطوير.
وتحل الإمارات ضيف شرف على المنتدى هذا العام للمرة الأولى منذ انطلاقته في عام 2014، بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين، وقد سبق لروسيا وإسرائيل وبريطانيا والدنمارك والبرتغال وسنغافورة وصربيا أن حلت ضيوف شرف على هذا الحدث العالمي الرائد الذي يحضر دورته لهذا العام أكثر من 1500 مدعو، إلى جانب عدد كبير من المشاركين عن بعد.
ويستضيف المنتدى معرضاً عالمياً لأحدث الابتكارات العلمية والتقنية وتقديم إنجازات واختراعات من شركات ناشئة وصغيرة ومتوسطة. وستحظى الإمارات بقاعة خاصة في المعرض لتقديم منتجاتها المبتكرة واستعراض الفرص القائمة في مجال ريادة الأعمال في القطاع التكنولوجي، كما ستعرض الإمارات على الوفود الدولية المشاركة استراتيجيتها الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والفرص الكبيرة التي توفرها للصناعيين من حول العالم.