مترجم بتصرف: مقال لـ ميغا ميراني
يوفر السباق لحل مشكلة الأمن الغذائي في دولة الإمارات، وعلى نطاق أوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فرصة مهمة للشركات الناشئة والصغيرة، بحسب تحليل لغرفة تجارة وصناعة دبي، التي أشارت إلى وجود طلب كبير على الابتكار في صناعة الأغذية والزراعة والأغذية الحلال في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19.
وخلال لقاء أعمال عقد على هامش معرض جلفود 2021، الذي أقيم في دبي في فبراير الماضي ويعتبر أكبر معرض سنوي لتجارة الأغذية والمشروبات في العالم، ذكرت الغرفة إنه يتوقع أن تصل قيمة مبيعات الأغذية والمشروبات عبر الإنترنت في الإمارات إلى 619 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2025، مسجلة نمواً سنوياً مركباً بنسبة 8.5٪ خلال الفترة 2020-2025.
وذكر تحليل غرفة دبي، الذي بني على بيانات من “يورومونيتور”، إن مبيعات الأغذية والمشروبات عبر الإنترنت في الإمارات ارتفعت بنسبة 255٪ على أساس سنوي في عام 2020 لتبلغ 412 مليون دولار.
وخلال كلمته الافتتاحية في الفعالية، قال حسن الهاشمي، مدير إدارة العلاقات الدولية في غرفة دبي، إن التحول الرقمي الذي تحقق بفعل أزمة كوفيد -19 كان عاملاً رئيسيًا في تحقيق نمو هائل في مبيعات التجارة الإلكترونية في الدولة العام الماضي، لافتاً إلى أن النمط التصاعدي للتحول الرقمي كان يدعمه بشكل كبير كل من البنية التحتية للتكنولوجيا المتقدمة، والمرافق اللوجستية العالمية، والمعدل المرتفع لانتشار الإنترنت، والدخل المرتفع، الأمر الذي ساهم في تحويل دبي لنموذج رائد للمدن التي استفادت من التكنولوجيا والشراكات العالمية لتعزيز الأمن الغذائي والتغلب على التحديات أثناء تفشي فيروس كوفيد-19.
إجراءات استباقية
شهد تجارة المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم العام الماضي بدءاً من محال البقالة الصغيرة إلى سلاسل التجارة العملاقة، إقبالاً مذعوراً من قبل المستهلكين على شراء المواد الغذائية وتخزينها مع تزايد المخاوف بشأن فيروس كورونا في مارس.
وفرضت بعض المنافذ قيودًا على عدد السلع التي يمكن لكل شخص شراؤها، مع بروز مخاوف جدية بشأن القيود على الشحن بسبب إغلاق الحدود وتعليق السفر.
وأشار محمد بن سليمان، مدير أول علاقات الأعمال في غرفة دبي، إلى أنه على الرغم من أن غالبية المواد الغذائية في الخليج يتم استيرادها، إلا أن أرفف المحال بالدولة ظلت مليئة بالمخزون على الرغم من تحديات سلسلة التوريد العالمية، وذلك بفضل الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 التي طبقتها الدولة قبل سنوات عديدة.

وتقوم الاستراتيجية على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، من خلال توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتنمية الشراكات الدولية لتنويع مصادر الغذاء، وتفعيل التشريعات والسياسات التي تسهم في تحسين التغذية، والحد من الهدر لضمان الأمن الغذائي في كل الظروف والمراحل.
وأضاف بن سليمان قائلاً:” وعند التمعن في الخطط المستقبلية، فإن استراتيجية دبي الصناعية 2030، التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد قائم على المعرفة من خلال وجود قطاع صناعي مبتكر ومستدام في الإمارة، ستكون أساسية لزيادة إنتاج الصناعات الغذائية والمشروبات، وهنا تلعب الشركات الناشئة والصغيرة دوراً حاسماً في الاستفادة من الفرص التي تلوح في الأفق.”
ولفت قائلاً:” الشركات الناشئة على رأس جدول أعمالنا، حيث نتطلع إلى توطين بعض القدرات الإنتاجية في المجال الغذائي. نحن نعيش في بيئة قاسية للغاية، وهناك ندرة في مصادر المياه، وندعو الشركات المبتكرة في هذا المجال للقدوم إلى دبي، وتسويق حلولهم المبتكرة في أسواق المنطقة.”
يشير بن سليمان إلى أن دولة الإمارات تحتل المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمرتبة 18 على مستوى العالم في جاذبية بيئة الاستثمار لصناعات الأغذية والمشروبات، لافتاً إلى أن مكانة الدولة قد تعززت من خلال الاستجابة الاستباقية التي أبدتها حكومة الإمارات خلال أزمة كوفيد-19، والتي ساعدت الشركات في المحافظة على استمرارية أعمالها في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة.
يضيف قائلاً: “كان عام 2020 عامًا استثنائياً وغير عادي. وواجهت العديد من الشركات تحديات غير مسبوقة. وقد أعلنت الحكومة عن عدد من الحزم التحفيزية لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة، في المحافظة على استدامة آدائها وتخطيها لتحديات الجائحة. وتواصل حكومة الإمارات جهودها لتعزيز وتحسين مناخ الأعمال في الدولة، ومنها التعديلات على قانون الشركات التجارية، والتعديلات على قوانين الإقامة والجنسية لجذب المواهب في القطاعات التي نعتقد أنها أساسية ويمكن أن تضيف قيمة إلى الاقتصاد”.
وأوضح بن سليمان أن هذه الإجراءات والخطوات واكبها تقدم سريع في حملة التطعيم، مضيفًا أن اتفاقية السلام مع إسرائيل، والجهود والحوافز لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتنظيم معرض إكسبو 2020 دبي، واستئناف نشاط السياحة يشكلون العوامل المحفزة لاستدامة وتنمية صناعة المأكولات والمشروبات المحلية.
وأضاف قائلاً: “منذ بدء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بلغت قيمة التجارة البينية بين إسرائيل ودبي نحو مليار درهم خلال خمسة أشهر، مما يشكل دليلاً على أن قطاعنا الخاص قادر على تلبية متطلبات الأسواق الجديدة عند افتتاحها، حيث تعزز الإمارة مكانتها كمركز أعمال دولي. ويمكن لمكاتب غرفة دبي التمثيلية الخارجية مساعدة المستوردين والمصدرين لمنتجات الأغذية والمشروبات على التوسع “.
فرص عديدة
وتشمل فئات المنتجات الغذائية ذات الإمكانات العالية التي يمكن لدولة الإمارات توسيع التجارة فيها مع الأسواق الأخرى، كل من الحبوب والخضروات والفواكه والمحاصيل العمودية والمنتجات الغذائية الصحية والحلال وفقًا للدكتور نظامي إمامفيردييف، الباحث الاقتصادي في إدارة الأبحاث الاقتصادية في غرفة دبي.
وأشار إمامفيردييف إلى أن الإمارات سجلت نموًا بنسبة 6٪ في مبيعات المنتجات الغذائية الطازجة في عام 2020، والتي بلغت قيمتها 7.9 مليار دولار، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تنمو مبيعات المواد الغذائية الطازجة في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 5.2٪ في الفترة 2018-2023.
وأضاف إمامفيردييف أن نظم الصناعات الغذائية تغيرت جذرياً لمواجهة الظروف المناخية القاسية الخاصة بزراعة المحاصيل الغذائية، مشيراً إلى إن الإمارات هي بالفعل موطن لـ 1000 مشروع للزراعة المائية، مع وجود إمكانات هائلة في المجالات المتعلقة بمعالجة تحديات الجفاف والحرارة، فضلاً عن استخدام التكنولوجيا لتطوير الزراعة العمودية والزراعة المائية والمحاصيل التي تتحمل الملوحة.
وانسجاماً مع رؤية دبي بالتحول لعاصمة للاقتصاد الإسلامي ومركز للأغذية الحلال، فإن الفرصة مواتية للمستثمرين ورواد الأعمال في هذا المجال، حيث أشار إمامفيردييف، إلى توقعات بوصول الإنفاق العالمي على الأغذية الحلال إلى 1.38 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2024. وفي الوقت نفسه، شهدت مبيعات المنتجات الغذائية الصحية والعضوية نمواً قوياً في عام 2020 مما خلق فرص عمل جديدة إضافية في سوق المأكولات والمشروبات.
وحضر الفعالية التي نظمتها غرفة دبي والتي استعرضت فيها المشهد الاقتصادي والاتجاهات المتنوعة في قطاع الأغذية والمشروبات، أكثر من 270 مشاركًا من 43 دولة.