تعمل شركة “رايز Rise” الناشئة التي تتخذ من دبي مقراً لها على إحداث ثورة في قطاع الخدمات المالية.
مترجم بتصرف: مقال لآليا مهرين أحمد
272 مليون شخص وفقاً لتقرير الهجرة العالمية لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، هو العدد التقديري للمهاجرين الدوليين في جميع أنحاء العالم. كما يسلط التقرير الضوء على أن المغتربين يشكلون الغالبية العظمى من السكان في معظم دول مجلس التعاون الخليجي. مع وجود هذا العدد الكبير من الأشخاص الذين يعيشون خارج بلدانهم الأصلية، وغالباً ما يكونون بعيدين عن عائلاتهم، بحثاً عن أرباح أفضل، فإن السؤال الذي لا مفر منه: ما مقدار الأموال الجماعية التي يتم إرسالها إلى هذه الدول على أساس سنوي؟
أثبتت التحويلات المالية، التي هي في الأساس تحويلات مالية أو عينية يقوم بها المغتربون إلى العائلة والأصدقاء في الوطن ، أنها تضيف قيمة نقدية للاقتصاد. ففي عام 2019 وحده، كانت الهند (83.1 مليار دولار أمريكي) والفلبين (35.2 مليار دولار أمريكي) من بين أكثر خمس دول استقبلت تحويلات مالية، وتم إرسال ما يقدر بـ 120 مليار دولار أمريكي من دول مجلس التعاون الخليجي وحدها لدعم أكثر من 150 مليون شخص في شبه القارة الهندية. ومع ذلك، قد يكون مفاجئاً أن المغتربين غالباً ما يُحرمون من فرصة الاستفادة من الخدمات المالية الأساسية من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى في كل من بلدانهم والبلدان التي يقيمون فيها. حتى أن القرض المالي البسيط ليس خياراً قابلاً للتطبيق بالنسبة لمعظم العمال المغتربين. السبب؟ لا يُنظر إليهم ببساطة على أنهم مربحون اقتصادياً، بسبب دخلهم الشهري.
تم إنشاء شركة رايز للتكنولوجيا المالية ومقرها دبي في عام 2017 لسد هذه الفجوة الهائلة في القطاع المالي. “ما هي شبكة الأمان التي يمتلكها هؤلاء المغتربون وأسرهم عندما لا يتمكنون من الوصول إلى المنتجات المالية الأساسية؟” يقول ميليند سينغ، الشريك المؤسس والمسؤول المالي الرئيسي لشركة رايز. يضيف قائلاً: “إنها ليست مجرد قصة تحدث هنا، هناك أكثر من 270 مليون مغترب على مستوى العالم ومليار شخص يعتمدون على التحويلات المالية من أجل مستقبلهم. فكر في الكيفية التي يتم بها عزل سُبع البشرية بشكل ممنهج وهيكلي عن نظام الخدمات المالية العالمي”. أسس شركة “رايز” كل من سينغ، الذي يتمتع بخبرة واسعة في بناء منصات مصرفية رقمية في الأسواق الناشئة، وبادميني جوبتا، زميلة الريادة السابقة في المنتدى الاقتصادي العالمي، ومانديب سينغ، رائد الأعمال. وبهدف إنشاء منصة خدمات مالية للمغتربين تعمل على تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، فإن الشركة في مهمة لتلبية احتياجات المغتربين خارج دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً.
بالنسبة لجوبتا، التي كانت سابقاً تعمل مصرفيةً في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن القوة الدافعة وراء إنشاء “رايز” تنبع من الخبرة الشخصية. تقول هنا: “عندما عدت إلى دبي، وجدت أن العديد من المغتربين ليس لديهم وصول للنظام المالي العالمي، وقد بدا واضحاً لي عندما تأثرت مربيتي بزلزال نيبال عام 2015. لقد احتاجت إلى دعم مالي كبير ولم يكن لديها أي شخص تلجأ إليه، باستثناء صاحب عملها وعائلتها وأصدقائها، وهذه هي المناسبة التي أدت إلى ابتكار رايز.” تم تصميم “رايز” كمنصة خدمات مالية عالمية لها شراكات مع مؤسسات متعددة عبر بلدان متعددة، وهي متاحة كتطبيق على كل من iOS و Android . تقدم هذه الشركة المتخصصة بالتقنيات المالية عدداً كبيراً من الخدمات الرقمية السلسة للمغتربين، بما في ذلك الحسابات المصرفية “بدون حد أدنى للرصيد” بالشراكة مع البنوك الإماراتية المحلية، ومنتجات التأمين بالشراكة مع شركة التأمين العالمية أكسا، وخطط الشراء الآن والدفع لاحقاً بالشراكة مع ماجد الفطيم كارفور، أكبر متاجر التجزئة في الإمارات العربية المتحدة، وخطط التقسيط عبر الحدود بالشراكة مع مقدمي الخدمات في جميع أنحاء جنوب وجنوب شرق آسيا.
نظراً لكون رايز عبارة عن منصة رقمية، كان الفريق قد اعتمد على تحول حتمي إلى الإنفاق الرقمي لكسب المزيد من المستخدمين على مر السنين. ومع ذلك، فقد تم تسريع هذا التحول الاستهلاكي بسبب جائحة كورونا في أوائل العام الماضي. وبينما كان هناك تحرك عالمي واضح نحو المدفوعات الرقمية غير النقدية، لضمان السلامة في وقت التباعد الاجتماعي، تشير غوبتا إلى أن هذا لم يكن بالضرورة هو الحال مع السكان المغتربين على وجه الخصوص. وبينما كان فريق رايز قادراً على التكيف بسرعة مع الآثار المتعلقة بالعمل في فترة الإغلاق والعمل عن بُعد، فتحت أزمة كوفيد-19 في عام 2020 الباب أمام مجموعة من أوجه القصور التي تعاني منها التحويلات المالية التقليدية.
توضح غوبتا: “لقد أدركنا أن التحويلات المالية كانت تخذل المغتربين، خاصة أثناء الوباء على جبهتين. أولاً في نقل النقود، فعندما بدأ الوباء وبدأت مكاتب الصرافة في الإغلاق، لم تتمكن العائلات في البلدان الأصلية من تحصيل الأموال النقدية أو إنفاقها. لذا حتى لو كان لدى المغترب هنا حساباً مصرفياً ويمكنه إرسال الأموال عبر الإنترنت، لم يكن لدى الأسرة حق الوصول إلى حساب أو أدوات رقمية للدفع. أما المسألة الثانية فكانت التحكم في الإنفاق. فقد واجه العديد من المغتربين خلال فترة الجائحة انخفاضاً مؤقتاً في الرواتب، وأرادوا أن يكون لديهم المزيد من السيطرة على المكان الذي يتم فيه إنفاق الأموال التي يتم إرسالها إلى الوطن، وأدوات التحويل التقليدية لا تفعل ذلك. ”
في أعقاب هذه العيوب التي تم تسليط الضوء عليها وسط أزمة كوفيد-19 ، أطلق الفريق في رايز منتجاً جديداً وهو “Xare” التي تلفظ “Share” لمواجهة هذه التحديات. توضح غوبتا: “ظهر منتج Xare بسبب الحاجة إلى إعطاء المغتربين أداة أفضل بعشر مرات لإدارة الإنفاق عبر الحدود، فلماذا تنقل الأموال، عندما يمكنك نقل إمكانية الوصول والسماح للعائلات بالإنفاق مع السيطرة الكاملة للمغتربين على الإنفاق”. يتيح تطبيق Xare ، وهو تطبيق محمول مجاني، لمستخدميه مشاركة الدخول على الفور إلى حساباتهم وبطاقات الائتمان الخاصة بهم مع الأصدقاء والعائلة ، مع الحفاظ على التحكم الكامل في كيفية إنفاق أرباحهم ودون مشاركة أي معلومات حساسة. المطلب الوحيد للتسجيل في التطبيق هو رقم هاتف صالح للاستخدام، وهي عملية “تستغرق أقل من 30 ثانية”.و يمكن للمستخدمين بعد ذلك مشاركة بطاقاتهم مع عائلاتهم، ويمكنهم تحديد نسبة نقدية يومية أو شهرية للاستخدام مع الجهات من عائلاتهم.
تحمل هذه الخدمة الجديدة من رايز أهمية عاطفية إضافية خلال أزمة كوفيد-19، مع فقد الملايين وظائفهم أو معاناتهم مالياً. تقول غوبتا: “لقد أظهر الوباء حقيقة كبيرة أخرى وهي أن معظم الناس في العالم يقترضون من صديق أو أحد أفراد الأسرة، وليس من أحد البنوك”. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اقترض 69٪ من جميع المقترضين من عائلة أو صديق. في الهند تبلغ هذه النسبة 77٪ ، وهو نسبة مرتفعة تماثلها العديد من الأسواق الناشئة. تقدم Xare حقاً المشاركة في اقتصاد الخدمات المالية وتمكن الأشخاص الذين كانوا دائماً يدعمون بعضهم البعض لأداء أدوار البنك بشكل أفضل. تضيف قائلةً: ” من خلال مثال أساسي للغاية، الميزة الرئيسية وراء خدمات Xare هي السهولة والتحكم، حيث يمكن للمغترب تغيير أنماط المشاركة في أي وقت وتقليلها أو زيادتها حسب ميزانيته الشهرية. يمكن للمهاجر أيضا القيام بمساهمات صغيرة، مثل إرسال 10 دراهم إماراتية إلى شخص ما في عيد ميلاده ، ثم وضعها لاحقاً على الوضع التلقائي من خلال تعيين حصة شهرية متكررة ، ولا داعي للقلق بشأن التحويل مرة أخرى.”
ولكن مع وجود رقم هاتف صالح مطلوب للتسجيل، وإمكانية مشاركة الوصول إلى بطاقتك الائتمانية غير المستخدمة لعدد كبير من الأشخاص، قد يتساءل المرء عن مدى أمان المعاملة. يقول سينغ:” نظام الأمان المبتكر من Xare يعني أن المستفيد لا يمكنه الإطلاع على تفاصيل البطاقة مطلقاً ولا يتم تخزينها بواسطة Xare مركزياً، لذلك لا يمكن اختراقها أو سرقة بياناتها. يمكن للمشارِك أيضاً تعديل التفويض الذي يضمن عدم إمكانية إجراء أي معاملات دون موافقته الصريحة على المعاملة على تطبيق Xare الخاص به.” قد يتساءل أولئك الذين لديهم خلفية في التمويل أيضاً عن كيفية حساب مخاطر العملات الأجنبية، وهي إحدى مخاطر العملات الشائعة التي تنطوي عليها المعاملات النقدية. يوضح سينغ: “لا توجد مخاطر في سوق العملات الأجنبية، فهناك تكلفة التحويل التي يفرضها البنك الذي تتعامل معه عندما تنفق أسرتك في الهند على سبيل المثال باستخدام بطاقتك الإماراتية. المثير للاهتمام في هذا الأمر هو أن معظم الناس لا يدركون أن رسوم التحويل تشكل حوالي 75٪ من تكلفة إرسال الأموال، وفارق أسعار العملات الأجنبية يمثل حوالي 25٪ فقط من التكلفة. ونجري محادثات مع بعض البنوك لتقديم أسعار مفضلة لعملاء Xare.
مع ضمان توفيرها بيئة آمنة ومنظمة لإرسال الأموال بشكل أسرع، فإن نمو هذه الشركة الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية ( مع ملاحظة أنها قد خدمت أكثر من 200000 عميل عبر منتجات مختلفة بمعاملات وصلت إلى 300 مليون دولار أمريكي عبر منصتها حتى الآن ) يأخذنا إلى سؤال مهم آخر: هل سيغير صعود رايز مستقبل الخدمات المصرفية الشخصية؟ وفقاً لسينغ، فإن غاية رايز هنا تقديم منصة مشتركة في القطاع المالي حيث يكون لدى معظم الناس منافذ متعددة للاختيار من بينها. يضيف قائلاً:” لقد أصبح التمويل بشكل عام مجزأ للغاية، مما يعني أن لديك حساباً من أحد البنوك، وبطاقة ائتمان من بنك آخر، وتأمين من بنك ثالث، واستثمارات من رابع، وقروض من مصادر متعددة. الحل لا يتمثل في شراء كل شيء من مزود واحد، وهو مفهوم غير فعال وعملي، ولكن امتلاك نظام أساسي يجمع كل شيء معاً في مكان واحد – مثلما يفعل رايز.”
يتطلع الفريق في رايز إلى التوسع خارج أسواقهم الثلاثة الحالية وهي الإمارات العربية المتحدة والهند والولايات المتحدة الأمريكية. تقول جوبتا: “نظراً لأننا نفهم كيف يمكن للمستخدمين اعتماد واستخدام Xare ، وهو منتج مبتكر في جوهره ، سنبدأ في توسيع نطاقه عبر هذه الأسواق الثلاثة والدخول لأسواق جديدة. نحن في وضع فريد لتأسيس شركة عالمية للتكنولوجيا المالية، ونتطلع إلى عام مذهل في 2021 “.
حديث جانبي
ميليند سينغ ، الشريك المؤسس ، يتحدث عن الأبعاد الثلاثة التي تؤثر على المدفوعات في عام 2021
- ظهور مدفوعات محلية: ” “WhatsApp pay في الهند، حيث لا يضطر الأشخاص إلى الخروج متى أرادوا لإجراء مدفوعات. سيؤدي هذا إلى تعطيل نظام المدفوعات بشكل كبير.”
- نمو العملة المشفرة “كريبتو”: “مع الإطلاق الوشيك لـ Libra من Facebook ، بالإضافة إلى العديد من البطاقات التي تدفع لك جوائز Bitcoin ، سيصبح قبول المدفوعات بالعملات المشفرة أكثر انتشاراً، على الرغم من أنها ستظل صغيرة.”
- الانخفاض المستمر في السيولة النقدية: “نظراً لأن كوفيد -19 قد أدى إلى الدفع باتجاه التجارة الإلكترونية والمدفوعات غير التلامسية، فقد شهدنا انخفاضاً مستداماً في استخدام النقد هذا العام. وسيستمر هذا العام المقبل، مع إجراء المزيد من المعاملات عبر الإنترنت أو طرق الدفع بدون تلامس.”