بقلم: راشد الغرير، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ “كفو”
فرضت جائحة كورونا والتغيرات المصاحبة لها تحولاً في خدمات الراحة والتجارة الإلكترونية من كونها خياراً “من الرفاهية الحصول عليه”، إلى خيارٍ ضروري أكثر من أي وقت مضى. ومع التغيرات التي طرأت على حياتنا اليومية من اجراءات الإغلاق وزيادة الوعي حول الرفاهية الشخصية، توجه المستهلكون نحو اتباع أساليب جديدة في طرق الوصول إلى الخدمات، وإجراء مهامهم اليومية، وإعادة ترتيب أولويتهم وفقاً لما يهمهم أكثر.
ساهم هذا التحول الملحوظ في سلوكيات المستهلك في تسريع وتيرة التقدم التكنولوجي، وتعزيز التوجه نحو دمج التكنولوجيا في الحياة اليومية، بدءاً من شراء البقالة عبر التطبيقات الإلكترونية، وخدمات التجميع وخدمات الغسيل عبر الإنترنت، وصولاً إلى خدمات توصيل الطعام وتزود السيارات بالوقود. وبالنسبة لقطاع التكنولوجيا، كان لا بد من تعزيز القدرات وتلبية الحاجة المتزايدة لمجموعة متنوعة من الخدمات الجديدة، وتوفير الفرص لمزيد من الابتكار في الخدمات المقدمة، وتحفيز مشهد بدء التشغيل المزدهر القائم على التكنولوجيا.
وفي عالم الأعمال الأوسع، فُرض على الشركات ضرورة تكييف عروضها الرقمية بحسب تفضيلات المستهلك بشكل أكبر من أي وقت سبق لضمان بقائها على صلة بالمستهلك الجديد، والاستمرار في النمو والتقدم، والمحافظة على المنافسة في ظل التحول الكبير نحو الفضاء الرقمي. وبالنسبة لنا في شركة خدمات السيارات “كفو” التي ولدت وبدأت في دبي، ميزتنا حقيقة أننا شركة مدفوعة بالتكنولوجيا عن غيرنا، حيث ركزت الشركة بالمقام الأول حول المستهلك واحتياجاته. وجاء إطلاق شركتنا قبل عامين كنقلة نوعية وغير مسبوقة في سوق تزويد السيارات بالوقود، من خلال خدمة توصيل الوقود إلى العميل، مما يعني أنه للمرة الأولى، لم يعد المستهلك مضطراً للانتظار في طوابير طويلة في محطات الوقود.
أيقنا منذ البداية مدى أهمية التفكير والنظر في ضرورة تبني طرق أفضل للقيام بالأمور. وفي كافة جوانب عملنا، تبدأ عملية التصميم لدينا بخدمات مدعمة بالتكنولوجيا تلبي احتياجات وتطلعات المستهلكين ممن يقدرون أهمية الراحة في المهام اليومية، والخدمات اللاتلامسية، والمصممة خصيصاً للحفاظ على وقتهم. وتتيح هذه الراحة لعملائنا فرصة القيام بالمزيد من الأمور التي يحبون القيام بها، بدلاً من قضاء الوقت في القيادة والانتظار في طوابير محطات الوقود. يعمل هذا النهج على تحقيق رؤيتنا المتمثلة في دمج الذكاء البشري والالكتروني لخلق عالم أفضل من خلال تمكين المستهلكين من الوصول إلى خدمات غسيل السيارات وتزويد السيارات بالوقود وتغيير زيت المحرك عند الطلب وفي أي وقت وأي مكان بناءً على احتياجاتهم.
وكما نشهد اليوم، فإن العالم يعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا، حيث يبحث المستهلكون عن حلول لتسهيل حياتهم المزدحمة بدلاً من إضافة أي أعباء إضافية. وكان العام الماضي خير مثال على حقيقة أن الحياة وسبل العيش وطرق التواصل يمكن أن تتغير بسرعة وبشكل مفاجئ. كما كانت خير مثال على قدرتنا على التكيف مع التغيرات السريعة، رغم صعوبتها في بعض الأحيان، ولكننا وبفضل التكنولوجيا لا نزال متصلين ببعضنا البعض سواء في العمل أو على الصعيد الشخصي. ومع ذلك، فإن التغييرات التي طرأت على المستهلكين قد تظل هي القاعدة بدلاً من العودة إلى الوضع السابق للوباء.
ووفق تقرير أصدرته يوغوف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤخراً حول التحولات الاستهلاكية منذ ظهور الوباء، فإن أبرز النتائج تشير إلى أن العلامة التجارية لم تعد تشكل الجانب الأكثر أهمية بالنسبة للسلوكيات الشرائية لدى المستهلكين، حيث أصبح للسعر أهمية أكبر بنسبة 71٪ ممن شملهم الاستطلاع، وجاءت القيمة مقابل المال بنسبة 68٪ كعوامل رئيسية في اتخاذ القرارات الشرائية. كما أشار التقرير إلى أن توقعات المستهلك وتفضيله للعلامات التجارية تتكيف بحسب الظروف المتغيرة، حيث أكد 41٪ ضرورة وجود العلامة على الإنترنت من أجل إجراء عمليات الشراء.
ومن المهم أيضاً أن يتابع مجتمع الأعمال أي تغيرات في مشاعر المستهلك، مما سيضمن مستوى ثابت من الفهم لما يريده المستهلكون ويقدرونه أكثر، بهدف الاستمرار في كونه مزوداً تنافسياً في السوق. كان هذا أحد الدوافع الرئيسية لكفو في وقت مبكر من هذا الوباء لاتخاذ قرار جريء بإلغاء رسوم توصيل البنزين، مما يعني أن على مستخدم كفو دفع ثمن الوقود بنفس سعر محطة الوقود، ولكن مع ميزة إضافية تتمثل في توفير مزيد من الراحة والسلامة من خلال إجراءات لا تلامسية.
تلك الشركات التي تستمع أكثر إلى عملائها، وتفهم احتياجاتهم، وتوفر خدمة أو منتج مميز، وتتبنى الابتكار بشكل متواصل، ستضمن ليس فقط النجاة ولكن الازدهار والنجاح في عالمنا الجديد. لذلك، يجب أن يتمحور تفكيرنا دائماً حول العميل، ونتحدى أنفسنا لتحسين تجربتهم بشكل مستمر، ونقلهم إلى تجارب جديدة لم يسبق لهم تجربتها.