مترجم بتصرف: مقال لسكاي كورتز، الشريك المؤسس، والرئيس التنفيذي لشركة “بيور هارفست للمزارع الذكية”
يعد تبني ثقافة الابتكار في مجتمعنا أمر بالغ الأهمية، فهو يشجع على المزيد من الانجازات في التكنولوجيا، ويخلق فرص عمل جديدة، ويعزز النمو الاجتماعي والاقتصادي للدول، والأهم من ذلك أنه يمنح رواد الأعمال الفرصة لمعالجة القضايا الرئيسية الأكثر الحاحاً على مستوى العالم، مثل الأمن الغذائي. ومع النمو السكاني السريع على مستوى العالم وتغير المناخ بطرق لم نشهدها من قبل، هناك ضرورة ملحة لمزيد من الابتكار في سلاسل التوريد الغذائي اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ومع توقع زيادة عدد سكان العالم إلى نحو 10 مليارات بحلول عام 2050، تشهد مساحات الأراضي الصالحة للزراعة في جميع أنحاء العالم تقلصاً، مع نضوب مصادر المياه. وعلى هذا النحو، من المحتمل جدًا أنه لن تكون هناك موارد كافية لإطعام الجميع في المستقبل. لذلك، يعد الأمن الغذائي قضية خطيرة على المستوى العالمي، وبشكل خاص في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على الواردات لإطعام سكانها. وكما أظهرت أزمة كوفيد-19 العالمية، فإن سلاسل التوريد مهددة بالانقطاع في أي وقت، مما يجعل قضية الأمن الغذائي أكثر إلحاحاً.
وبسبب المناخ الإقليمي، تحتاج دول الشرق الأوسط إلى استيراد كميات كبيرة من المنتجات الطازجة التي لا يمكن ببساطة زراعتها محليًا. ودولة الإمارات على سبيل المثال، تستورد ما يصل إلى 90٪ من احتياجات السكان من الغذاء. وتأكيداً على أهمية استدامة سلسلة التوريد، عينت دولة الإمارات وزير دولة للأمن الغذائي لرئاسة الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في البلاد.
تتمثل إحدى الطرق الواضحة التي يجب اتباعها في خلق قدر أكبر من الاستدامة في جميع أنحاء سلسلة الإمداد الغذائي في زيادة الكفاءة الزراعية والمحصول، مع مراعاة الاستدامة البيئية. وبينما تطورت الممارسات الزراعية على مدى آلاف السنين، فإن “المزارع الضخمة” اليوم ليست بالضرورة الأكثر وعياً بشأن أهمية حماية البيئة. وبالإضافة إلى العديد من مبيدات الآفات والمواد الكيميائية المستخدمة في عملية النمو، تمثل الزراعة العالمية في المتوسط 70٪ من جميع عمليات سحب المياه العذبة والتي تضيع غالبيتها ببساطة بسبب التبخر. وتعتبر المياه العذبة سلعة ثمينة في الشرق الأوسط، خاصة مع توقعات استنفاذ موارد المياه العذبة الطبيعية خلال حوالي 50 عامًا.
وبالنظر إلى ذلك، فإن الابتكار يعتبر أمرًا ضروريًا من أجل إنشاء قطاع زراعي قادر على تلبية احتياجات الأمن الغذائي والحفاظ على المياه في بيئة مليئة بالتحديات في الشرق الأوسط. كما أن التكنولوجيا هي المفتاح لإصلاح القطاع الزراعي في المنطقة لتلبية الطلب المتزايد بشكل مستدام لعدد متزايد من السكان على المنتجات الطازجة، وهنا يأتي دور الحلول الذكية والمبتكرة من قبل رواد الأعمال.
قمت بتأسيس “بيور هارفست” في عام 2016، برؤية تهدف إلى تمكين سلسلة التوريد الغذائي وزيادة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، من خلال حلول يمكن تبنيها في جميع أنحاء العالم وفي مناخات مختلفة تعتمد على الاستيراد. وبفضل الدعم الأولي من صندوق محمد بن راشد للابتكار، وهي مبادرة أطلقتها وزارة المالية الإماراتية ويديرها بنك الإمارات للتنمية، أصبحت “بيور هارفست” اليوم هي المستفيدة من أكبر استثمار في مجال التكنولوجيا الزراعية في منطقة الشرق الأوسط. بعد أن تلقينا 1.5 مليون دولار أمريكي (5.5 مليون درهم إماراتي) من صندوق محمد بن راشد للابتكار في جولة التمويل الأولي، و 10 ملايين دولار أمريكي أخرى (36.7 مليون درهم إماراتي) من شركة “الوفرة”، وصندوق الثروة السيادية الكويتي، كما قمنا بتأمين 100 مليون دولار أمريكي (367 مليون درهم إماراتي). كجزء من جولتنا التمويلية من السلسلة أ.
تجمع “بيور هارفست” بين التكنولوجيا المتطورة والموارد الطبيعية لخلق بيئات متنامية ومستدامة ومنخفضة الاستهلاك تسخر الطاقة الشمسية لزراعة منتجات طازجة على مدار السنة. تمكنا من تحقيق محصول أعلى بـ 10-15 مرة باستخدام سُبع المياه اللازمة للزراعة التقليدية. وتعد البيئة الذكية التي أنشأناها أكثر كفاءة بمقدار 10 مرات من المزارع الدفيئة ذات البيئة المنخفضة التقنية التي يتم التحكم فيها، وأكثر كفاءة ب 30 مرة من الزراعة الحقلية التقليدية من حيث العائد لكل متر مربع. ما يقرب من 83 ٪ من المياه المستهلكة أثناء عملية النمو تترك المزرعة في المنتج نفسه، مما يساهم بشكل كبير في الحفاظ على موارد المياه العذبة. لدينا أيضًا نحل طنان خاص بنا يوفر تلقيحًا مستدامًا على مدار العام للنباتات. يتم استخدام منتجاتنا من قبل بعض تجار التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى بعض العلامات التجارية الأكثر شهرة في مجال الضيافة في جميع أنحاء دولة الإمارات.
يثبت نجاحنا أن رواد الأعمال يمكنهم “فعل الخير” للعالم، من خلال إيجاد حلول لا تقدر بثمن للقضايا الحرجة. تخلق ثقافة الابتكار أرضًا خصبة للأفكار الجديدة الملهمة التي يمكن أن تساعد في تحويل مجتمعنا إلى الأفضل، مثل ما تقدمه “بيور هارفست” كحقبة جديدة من الممارسات الزراعية في الشرق الأوسط.