إيجاد حلول لمشكلة ما في خضم أزمة هو مهارة قيّمة، وميزة مثيرة للإعجاب، وأمرٌ يجب احترامه.
مؤلفة ورافعة الأثقال الأولمبية
الآراء التي عبر عنها المساهمون تعبر عن وجهة نظرهم الخاصة.
“لم تكن المشكلة أبداً أنه ينقصك الوقت، بل ينقصك الانضباط.”
هذه هي الأسطر المتداولة حاليًا على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قيود الحجر الصحي المفروضة في خضم أزمة صحية عالمية، ومهاجمة شخصية الأفراد بينما يعاني الجميع من نوع جديد من الصدمات الجديدة من نوعها.
ونظراً لأننا نعيش في عالم لديه الكثير من التوقعات منا، حيث يتوقع ما “ينبغي” علينا فعله، وكيف “ينبغي” أن نتصرف، ناهيك عن تركك وحيداً في حالة الطوارئ. في خضم أزمة كوفيد-19 والاضطراب الذي خلفته في حياتنا اليومية العادية، كانت هناك موجة من المنشورات التحفيزية مثل ما ورد أعلاه مكتوبة بلغة تهكمية، حيث أشارت هذه المنشورات إلى أن عدم إنجاز الشخص أثناء الإغلاق العالمي للبلاد على أنه عيبٌ في الشخصية.
هذا ليس هو الوقت المناسب لتوجيه أصابع الاتهام، أو للحفاظ على وتيرة الإنجاز، أو لدفع الأحاسيس الإيجابية الزائفة إلى عالم هو في حاجة ماسة إلى التعاطف والرعاية والتفاهم. ومع ذلك، يستغل البعض هذا الوقت للتنمر العاطفي، حيث يتصرفون كما لو كانوا الشرطة المسؤولة عن “كيف تكون ناجحًا أثناء الحجر الصحي”.
بشكل جماعي، يمر الجميع بدرجة معينة من الصراعات الداخلية والخارجية، وفي نفس الوقت، يعانون من مستويات مختلفة من الخسارة التي لا يمكن قياسها بالضرورة. حيث أن الكثيرون في حالة صدمة ويتعاملون مع الوضع الطبيعي الجديد بتطلع غير واضح لما هو قادم.
في الوقت نفسه، هناك الكثير من الضغط الواقع على البشر ليكونوا مبتكرين أثناء فترة هذا الوباء، حيث تم من قبل تأسيس العديد من الشركات الكبرى والناجحة خلال فترة الكساد الكبير والأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام 2008 فيما مضى.
في الواقع، إيجاد حلول لمشكلة ما في خضم أزمة هو مهارة قيّمة، وميزة رائعة، وشيء يجب احترامه.
وإذا كان لدى شخص ما القدرة، والموارد، والقدرة على المثابرة لتحقيق الإبداع خلال هذه الأوقات، بكل الوسائل، فعليه أن يفعل ذلك – فالعالم يحتاجك، ونحن نشجعك على المضي قدماً.
مع ذلك، دعونا لا ننسى أنه ليس لدى الجميع نفس القدرة على الإنجاز أو الأداء، خاصة إذا كانوا في حالة حزن.
العالم بأسره في حالة حزن.
نحن أيضاً في حالة حزن.
حيث أننا حزينون على التغيير المفاجئ الذي وقع جراء جائحة كوفيد-19 في حياتنا. وينتابنا الحزن على فقدان الأحباء. والحزن على فقدان الأمن الوظيفي ومصدر الدخل. والحزن على فقدان ملذات الحياة البسيطة التي كانت مسلمة بالنسبة لنا. والحزن على القدرة على مغادرة المنزل للقيادة والذهاب إلى العمل والذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية وممارسة العديد من الأنشطة اليومية الأخرى التي تساعدنا على الازدهار كمجتمع والتي تسهم في رفاهيتنا بشكل عام.
كل شخص منا يشعر بالحزن بشكل مختلف عن الأخر، ولكل شخص الحق في أن يحزن بطريقته الخاصة. وحزننا سائد على مستوٍ عالمي، لكن الطريقة التي نتعامل بها مع الأمر ليست هي نفسها. إذا كنت لا تتفق مع شخصٍ ما، فلا داعي للهجوم على أسلبه للتعاطي مع الواقع – إذ إنها طريقة فريدة لتعامل هذا الشخص مع الحزن الذي يشعر به.
لا نحتاج أن نحكم على حزن الآخرين، وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى أن نتعلم ألا نحكم على أنفسنا وعلى طريقة حزننا أيضاً.
المعاناة من الحزن ليس أمراً جديداً بالنسبة لي. في العام الماضي، عاصرت شكلًا من أشكال الحزن المعقد الذي تركني في حيرة من أمري – كنت أشعر باليأس كما لو أن الاكتئاب المقنع قد خطفني، ووجدت نفسي في حالة عزلة عن العالم لفترة من الوقت.
محادثة وجيزة مع صديق قلق أظهرت نظرة موازية للوضع الحالي – كان أحد الأسئلة حول فترة حزني: “لكم من الوقت تعتقد أن حزنك سيستمر؟”
ذكرت: “طالما كنت بحاجة إلى ذلك.”
لا يوجد إطار زمني للشفاء من الألم الناجم عن بعض التجارب التي نمر بها في حياتنا. حيث تأخذنا الحياة في موجات متضاربة، ونتعلم ركوب تلك الأمواج بأفضل ما لدينا، ولكن في بعض الأحيان تهزمنا الأمواج، ونجد أنفسنا نستسلم لها حتى نجد القوة مرة أخرى للتأرجح معها.
وهذا الأمر لا يختلف فيما يتعلق باختيار الكيفية التي نعيش بها حياتنا، والوتيرة التي تناسبنا. كثير من الأشخاص لا يذهبون إلى أي مكان تقريباً، وهذا الوباء يوضح لنا ما الذي يستحق أن نمنحه الأولوية، وما هو مجرد “حاجة”، وما لا يعتبر حاجة بالضرورة.
ويوضح لنا أيضاً الأمور الناجحة في العالم، ونظيرتها التي تتطلب تغييراً جذرياً. حيث يتم اتخاذ تدابير جذرية لإنقاذ حياة الإنسان، وفي الوقت نفسه، يتخذ الرأسماليون المتعطشون إجراءات أخرى لتوفير – أو فرض – دولار إضافي.
النجاح يأتي ويذهب، وتعلم كيفية الاستمرار لا يُقلل من فترات الراحة المقصودة أو غير المقصودة أو الإجازة – إذا كان هناك أي شيء مجدي، فإن الإجازة وأخذ الوقت للتدبر هما جزءان أساسيان لازمان لشفاءنا وتحقيق المرونة اللازمة للحفاظ على المسار الذي يهمنا، أياً كان هذا المسار.
يتطلب احترام وتيرة المرء في الحياة شجاعة هائلة، لا سيما فيما يتعلق بضغط المجتمع الحالي للنجاح سواء مادياً أو خارجياً. يمكن إعادة النظر في صحتنا العقلية ورفاهتنا العاطفية بوصفها ضرورة ووضعها في المرتبة الأولى عندما يتعلق الأمر بتحقيق النجاح الشخصي. كل شيء آخر يمكن أن يأتي بعد ذلك.
تحديد معنى النجاح بالنسبة لك، وعدم اتباع الوضع الراهن، يعني تكريم قصتك وخطواتك في الحياة ونفسك ذاتها. في الوقت نفسه، يجب أن تتعلم البشرية أن نحترم أن كل شخص له إطار زمني خاص به يحتاجه للحزن أو النمو أو النجاح.
لذا، احتضن لحظات الإنتاجية والسعادة والإنجازات عندما تأتي وتذهب، ولا تشعر بالذنب إذا لم “تكتسب مهارة جديدة” أو “تتعلم شيئاً جديداً” أثناء فترة الوباء.
إذا تمكنت من الخروج من هذا الوضع مع الحفاظ على صحتك العقلية ورفاهيتك العاطفية، فهذا فوز يجب الاحتفال به.
في نهاية المطاف، هذا هو ما يهم حقاً: صحتك.
الموضوعات ذات الصلة: البحث عن السعادة في فن عدم القيام بأي شيء