خاص Entrepreneur Al Arabiya
صبا عودة، مقدمة رئيسية ومديرة تحرير– الشرق للأخبار، ومؤسِّسة شركة “صَبا للاستشارات“
تقدّم صِبا عودة البرنامج الصباحي “الصباح مع صبا”. وقد انضمت إلى فريق عمل الشرق للأخبار في شهر أغسطس من عام 2020 كمقدمة أخبار رئيسية ومديرة تحرير للبرامج الاقتصادية.
انطلقت مسيرة الإعلامية صبا في عام 2003 عبر قناة “سي أن بي سي عربية” كمقدمة برامج رئيسية، بعد أن بدأت مسيرتها المهنية في عام 1995 في مدينة لندن في بريطانيا لدى مجموعة اندوسويس المصرفية، قبل أن تنتقل في العام 1999 للعمل لدى ميريل لينش كمستشارة مالية لكبار العملاء. ساهمت صِبا في تأسيس الفرع الأوروبي لـ “سي أن بي سي” لتعود وتنضم في عام 2005 إلى قناة “العربية” كمقدمة ومنتجة للبرامج اقتصادية
في عام 2010 أسست شركة “صَبا للاستشارات” وهي شركة رائدة في تقديم خدمات استشارية متخصصة في مجال الاتصالات الاستراتيجية وبناء السمعة والعلاقات مع المستثمرين، بالإضافة إلى الخدمات في مجال التموضع الاستراتيجي والعلامات التجارية الملهمة والاتصالات الرقمية.
تبرَع صِبا في إدارة الحلقات الحوارية في المنتديات والمؤتمرات الدولية بما في ذلك المنتدى الاقتصادي العالمي والمنتدى الإنساني العالمي واتحاد دول حوض المتوسط، ولها خبرة واسعة في برامج لمساعدة شركات وحكومات في منطقة الخليج في الانتشار. كما تقوم بتقديم دورات تدريبية لمسؤولين رسميين كبار ولرواد الأعمال
تحمل صِبا شهادة بكالوريوس في إدارة الاعمال من الجامعة الأمريكية في بيروت.
ريادة في التغيير نحو الأفضل
فيما يلي حديث صبا عودة مع مجلة Entrepreneur Al Arabiya تروي فيه مسيرتها كإعلامية وريادية في عالم الاقتصاد والإعلام، حيث كانت حياتها سلسلة لاتتوقف من التجدد والابتكار.
إذا نظرنا إلى حياتك المهنية، يمكننا أن نستنتج أنك سيدة ريادية متجددة حققت الكثير من النجاحات . ماهي الأسباب والدوافع التي أوصلك إلى هنا؟
أنا أعتبر نفسي عامل تغيير. كنت أظن أنني أفضل الالتزام بالأساليب التقليدية المعروفة، لأن العمل ضمن نظام واضح يشعرني بالراحة. ولكن تجاربي في الحياة جعلتني أرى الأشياء من منظور مختلف. فأدركت أنني بحاجة للتطور دائماً والعثور على وسائل أفضل لإنجاز الأمور. عندما أفكر بالماضي، أجد أن حياتي كانت عبارة عن سلسلة من التغييرات التي دفعتني لأبتكر وأجدد ليس في نفسي فحسب بل وأيضاً في المحيط الذي أجد نفسي فيه. على سبيل المثال، في برنامجي الجديد، الصباح مع صِبا، الذي يعرض على قناة الشرق للأخبار بالشراكة مع بلومبرغ، أولاً، أنا أقدم برنامج صباحي للمرة الأولى. وهو أول برنامج صباحي يغطي عالم الأعمال باللغة العربية. عندما عرض علي أن أعود للعمل في التليفزيون، كان العرض يشمل تقديم برنامجي الخاص في الوقت الذي يتمتع بأعلى نسب مشاهدة. ولكنني اخترت البرنامج الصباحي لأساعد الجماهير من سيدات ورجال أعمال على الاستعداد لمواجهة يومهم في العمل. وبالتالي، أصبحت أستيقظ كل يوم في الساعة 3 صباحاً لأظهر أمام الجمهور بين الساعة 8 – 10 صباحاً، وأنقل إليهم المعلومة التي يحتاجونها للنجاح وتحقيق الأرباح
يقال أنك لا تستطيع أن تعطي المعنى لما يدور من حولك خلال اللحظة التي تعيشها، ولكن عندما تنظر إلى الماضي ستتمكن من ربط هذه الأحداث مع بعضها البعض لتفهم أنها ما أوصلك إلى هذه اللحظة. خلال حياتي المهنية وجدت نفسي أقف أمام العديد من القرارات المصيرية، إما المواجهة أو الهروب والاستسلام. ودائماً ما اخترت المواجهة لأني لم أكن أمتلك رفاهية الاستسلام، ما يعني أنه لم يكن خياراً فعليا.
التغير الذي واجهته خلال مسيرتي المهنية سمح لي فعلاً بتجديد نفسي، فبعد أن بدأت مسيرتي المهنية في القطاع المصرفي والاستشارة المالية في ميرل لينش، وجدت نفسي لاحقاً وأنا أعمل في قطاع الإعلام، بداية كمقدمة برامج رئيسية في سي أن بي سي عربية، انتقلت بعدها للعمل في العربية كمقدمة ومنتجة للبرامج الاقتصادية. وفي عام 2010، اتخذت مساراً مختلفاً عندما أسست شركة الصَّبَا للاستشارات، التي قدمت من خلالها خدمات استشارية متخصصة في مجال الاتصالات الاستراتيجية وبناء السمعة والعلاقات مع المستثمرين، بالإضافة إلى الخدمات في مجال التموضع الاستراتيجي والمؤثرات البصرية الملهمة للبيانات والاتصالات الرقمية.
لم يكن هذا الانتقال سهلاً، فالظروف دائماً دفعتني لقبول الخيارات المتاحة أمامي حتى لو كانت مغايرة لما خططت له. وعندما أسست شركة الصَّبا للاستشارات، كنت أدرك تماماً حجم التحديات التي تواجه المرأة، بداية من الالتزامات الصغيرة، مثل توصيل الأطفال إلى المدرسة، إلى عناية ورعاية عائلتها، بما ينعكس دائماً على فرص العمل المتوفرة لها. وأردت أن أوفر للمرأة بيئة تساعدها على تخطي هذه الأمور الصغيرة والنجاح في حيتها المهنية. كان هذا أحد أهدافي عند تأسيس صَّبا، التي توظف اليوم فريق مبدع من السيدات.
مجددا أمام الكاميرا
بعد عشر سنوات أجد نفسي مجدداً أمام الكاميرا عبر شاشة الشرق، وتطلبت عودتي مجهوداً كبيراً. فقد تحتم علي أن أغير أسلوب حياتي بشكل كبير لأتمكن من العمل كمقدمة برامج والاستمرار في إدارة شركة الصَّبا للاستشارات في نفس الوقت. الآن، عندما أنظر إلى الوراء، أجد أنني اتخذت القرارات الصحيحة دائماً وعلى الرغم من صعوبة التغيير، فإن النتيجة كانت موفقة.
ما هو وجه الشبه بين عملك كمقدمة برامج وبين عملك في شركة لاستشارات الاتصال والتسويق؟
القاسم المشترك بين الإعلام والتسويق هو السرد القصصي. كمقدمة برامج أنا أحاول ربط الأحداث التي تجري حول العالم ببعضها البعض لأروي قصة متناسقة يمكنك من خلالها أن تفهم مجرى الأحداث، وأهم الشخصيات التي تؤثر فيها، وانعكاسها على حياتك اليومية. أما في عملي في مجال الاستشارات، أود أن أساعد الشركات على سرد قصتها لجمهورها ما يساهم في إحداث شعور بالتقارب والانتماء إلى العلامة التجارية مدفوعاً بالتعاطف الذي تصنعه القصة.
أعتقد أن عملي في المجالين يجعلني أفضل بما أقوم به. فسرد القصص يساعدني على تطوير علاقة أعمق مع الجمهور، وهو الوسيلة الأفضل للتواصل، التعليم، والمشاركة مع الآخرين. ومن خلال سرد القصص يمكننا إضافة بعد أعمق على معنى الأحداث والعلامات التجارية. كما أننا نتعلم ونكتسب الخبرات من خلال القصص، فهي الطريقة الأفضل لنقل المعارف، وبذلك يمكننا كأشخاص أن نفهم ما يدور من حولنا قبل نقله إلى الآخرين. واليوم مع تعدد الوسائل الإعلامية، يساعدنا السرد القصصي على تقديم تجارب مميزة للجمهور، فالجمهور اليوم لا يكتفي بالمعلومات بل يبحث عن التجربة وطريقة تقديمها. ويتماشى ذلك مع شعار وهدف الشرق للأخبار، وهو ربط الخبر بسياقه ومحيطه الجغرافي وبعده التاريخي وعمقه السياسي وأثره الاقتصادي وواقعه الاجتماعي
من أوجه الشبه الأخرى هو تقديم الاستشارة والنصائح. فتقديم البرامج هو محاولة نحو نشر الوعي للجماهير، وتقديم المعلومة الدقيقة التي تحدث أثراً في قراراتهم وحياتهم. ومن خلال الاستشارات نحن نحاول أن نساعد الشركات على نشر الوعي بعلامتها التجارية أيضاً، كما يعتبر تغيير تصرف المستهلك من أهم أهداف التسويق.
مازال الرجل يطغى على قطاع الإعلام
بعد أن ابتعدت عن الشاشة لعشر سنوات، هل لاحظت أي تغير في دور مقدمة البرامج في الإعلام العربي؟
بشكل عام، ما زال الرجل يطغى على قطاع الإعلام من ناحية الوظائف والمناصب التي يستلمها. ومع ذلك، فرضت المرأة وجودها في القطاع، سواء كمقدمة أمام الشاشة أو ضمن فريق العمل. وقد سطع نجم العديد من الإعلاميات، وتحديداً المذيعات في السنوات الأخيرة.
ولكن بالنظر إلى المرأة في الإعلام، ليس فقط على المستوى المحلي بل وأيضاً العالمي، على الرغم من الدور الكبير الذي تلعبه المرأة كمحاورة أمام الشاشة، وتمكين المرأة من خلال هذا الدور، غير أن النظرة العامة السائدة، ما زالت لا تعتبر المرأة رائدة في الفكر، وخبيرة في مجالها. فبينما يعتبر الصحافي أو المذيع الرجل خبيراً في المجالات التي يغطيها مثل السياسة أو الاقتصاد أو غيره، ما زال دور المرأة محصوراً في كونها المحاور أمام الشاشة. وهذا ما تظهره الأبحاث العالمية. فلا بد من تغير النظرة إلى دور المرأة الصحافية، وهذا ما أحاول تحقيقه.
من الناحية الأخرى، التغير لم يقتصر على الاستديو، بل وأيضاً في المجتمع العربي ككل. فقد أصبح للمرأة دور أكبر في صناعة القرار، وباتت تحتل مناصب تنفيذية لم تكن ممكنة لها قبل عشر سنوات أو أقل. ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك التحول إلى زيادة اهتمامها في أخبار الأعمال والاقتصاد وما يحركها من أحداث سياسية عالمية وإقليمية.
من هنا جاءت فكرة برنامج الصباح مع صِبا على شاشة الشرق للأخبار. فبالمقارنة مع البرامج الصباحية على القنوات الأخرى التي قد تغطي قضايا اجتماعية، عائلية، برامج الطبخ وغيرها، أردنا أن نقدم بديلاً يسمح لصناع القرار من الجنسين بالتعرف على أهم محركات العالم في مطلع اليوم.
تقديم المعلومة الدقيقة
كيف تنظرين إلى دور الإعلام خلال الأزمات؟
تغير دور الإعلام كثيراً خلال السنوات الماضية، فبعد أن كان دوره هو نشر الخبر، وبعد أن كانت القنوات التلفزيونية تتسابق لنقل الخبر أولاً، باتت وسائل الإعلام تقوم بذلك بسهولة وسرعة لا يمكن للقنوات التلفزيونية منافستها. ولذلك أرى دور الإعلام اليوم وقد تغير إلى مهام إضافية. فلم تعد سرعة النشر هي الأهم، بل تقديم المعلومة الدقيقة مع انتشار الأخبار المضللة على وسائل الإعلام الاجتماعي، الدور الثاني هو التوعية نظراً للانتشار الواسع الذي ما زال يتمتع به التلفاز خصوصاً في الفئات العمرية الأكبر، وطبعاً الدور الأخير هو تسجيل الأحداث التاريخية، فنحن اليوم نكتب المسودة الأولى للتاريخ
اتضحت هذه الصورة بشكل أكبر خلال أزمة جائحة كورونا. فمع ظهور الكثير من المعلومات والأخبار أصبح من الصعب التمييز بين ما هو صحيح وما هو مجرد كلام على وسائل التواصل الاجتماعي. من هذه الناحية تصرفت وسائل الإعلام بشكل مسؤول، من حيث التدقيق في صحة الخبر قبل نقله إلى الجمهور.
وإلى جانب الإجراءات التي فرضتها الحكومات، وقعت علينا مهمة التوعية بأساليب الوقاية من المرض وضرورة الالتزام بالمنازل. هذه التوعية حصلت إما عبر استضافة الخبراء والأطباء في البرامج للتحدث عن الفيروس أو عبر تسليط الضوء على الحالات القصوى التي شهدتها العديد من الدول انطلاقاً من الصين، إلى إيطاليا، والولايات المتحدة، أو حتى من خلال ضرب المثل بالتقيد بالشروط، من خلال العمل من المنزل أو خفض عدد الموظفين في الاستديو وحظر الجمهور داخله.
ساهم الإعلام في بلورة الصورة حول الجائحة التي بدأت كفيروس لم نسمع عنه في السابق إلى واقع علينا أن نتعايش معه وأن نفهم تأثيره على حياتنا وأعمالنا.
وأخيراً طبعاً الدور التوثيقي، إذ نعمل في كل يوم على كتابة التاريخ من كتابة الأخبار التي تؤثر على العالم وترسم ملامح المستقبل. بشكل عام كان أداء جميع المؤسسات والوسائط الإعلامية جيداً في تغطية الجائحة.
وبالنسبة لتوزيع اللقاح، على الإعلام اليوم مسؤولية مماثلة إن لم تكن أكبر، وعملنا في هذا المجال ينقسم إلى مجالين رئيسيين. فخلال الأشهر الأخيرة، بدأت تضليل المعلومات ونظريات المؤامرة بالتسرب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تخوف كبير من تلقي اللقاح، وعلينا هنا أن نصحح المعلومات وننشر التوعية حول أهمية تلقي اللقاح. وفي المجال الآخر، على الإعلام أن يستعيد مكانته كسلطة رابعة، ويلعب دور الرقيب للتأكد من عدالة توزيع اللقاح.