مقال لأمين الزرعوني ، المدير التنفيذي لشركة سحاب للحلول الذكية
في ظل التقدم التكنولوجي وما أحدثه من تغير جذري في آليات التواصل بين الناس وتفاعلهم مع الشركات، لم يعد التحول الرقمي خياراً بالنسبة للشركات الناشئة بل أصبح ضرورة وعاملاً أساسياً لتتمكن من مواصلة أعمالها ومواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الأعمال.
لهذا يتوجه العديد من مؤسسي الشركات الناشئة اليوم نحو الاستثمار في التقنيات الرقمية لتحسين جودة الحياة وآليات العمل، ما يقتضي وضع معايير واضحة وفهم التحديات القائمة والاستجابة لها لضمان تنفيذ عملية التحول الرقمي بنجاح.
الإنسان هو من يتحكم بالتكنولوجيا
يغيب عن أذهاننا أن الإنسان هو من يدير الشركات والأعمال وليست التكنولوجيا، وتعد التجربة الإنسانية العامل الرئيسي في نجاح عملية التحول الرقمي، فأكثر الشركات نجاحاً على مستوى العالم هي التي تبنت منهجاً يركز على الإنسان بالدرجة الأولى، والذي دفعت من خلاله عجلة الابتكار ورسخت الروابط الشخصية والمهنية من خلال تنمية القيم المشتركة.
إن إشراك الموظفين في عملية التحول الرقمي وتعريفهم على أهداف المؤسسة عند تبني نظام تكنولوجي جديد، يسهم في زيادة تقبّلهم للنظام الجديد، ويحفزهم على القيام بأدوارهم كشركاء في عملية التحوّل، مواكبين للتطوّرات، ومسؤولين عن نجاحها، مما يضمن تعزيز عوائد الاستثمار للشركة.
ولهذا ينبغي على رواد الأعمال أن يدركوا أن التحول الرقمي أكبر من أن يكون مجرد عملية تبنّي البرمجيات والأنظمة، حيث يتطلب التحول الرقمي أن ندرك إمكانيات الأدوات الرقمية، وتوظيفها لتغيير أسلوب حياتنا على الصعيدين الشخصي والمهني.
الاستثمار بالتحول الرقمي
تعد الميزانية واحدةً من أكبر التحديات التي تواجه الشركات الناشئة لأن الاستثمار في التحول الرقمي يتضمن المخاطرة في اتباع طريق غير واضح المعالم. يتوجه العديد من رواد الأعمال نحو تخصيص معظم رأس المال للتسويق واليد العاملة واضعين بذلك الاستثمار في التكنولوجيا في مرتبة متأخرة على قائمة أولوياتهم، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل، من أبرزها نقص المعرفة المتعمقة بالتقنيات المتاحة، وضعف القدرة على التنبؤ بالتوجهات الرقمية المستقبلية.
ولتمكين الشركات الناشئة من مواجهة التحديات المتعلقة بالاستثمار، يمكن تقسيم الميزانية بحيث يتم تخصيص 40% للموظفين ودعم المواهب، و30% للتسويق وتطوير الأعمال، فيما تذهب الـ 30% الباقية إلى تطوير الأدوات والتقنيات، مع إمكانية تعديل هذه النسب بما يضمن التوزيع العادل لرأس المال بين الأسس الثلاثة اللازمة لتحقيق النمو الشامل للشركة وتعزيز استدامتها.
رقمنة العمليات والإجراءات
غالباً ما تفترض الشركات الناشئة التي تقدم منتجات وخدمات إلكترونية، مثل التطبيقات الذكية لطلب وتوصيل المأكولات أو منصات التجارة الإلكترونية، أن نظامها رقمي بالكامل ولا تحتاج إلى أي إجراءات أخرى، وبذلك يغيب عنها نقطة مهمة تتمثل في ضرورة رقمنة عملياتها الداخلية أيضاً، لأن التكنولوجيا أداة تمكينية للأعمال، ولهذا يتوجب على هذه الشركات أن تحرص على تحديث أنظمتها الداخلية بشكل منتظم لتطوير العمليات وزيادة الإنتاجية وتعزيز المنافسة والمرونة.
بناء نموذج أعمال رقمي
يستحسن التفكير بالنظام الرقمي من البداية، ومن الأفضل دراسة النظام وفهم الطريقة التي يوجه بها الأعمال ونموها، ومن الضروري أيضاً أن نستكشف المزايا التي ستضفي قيمة حقيقة للأعمال، فالتحول الرقمي أكبر من أن يكون مجرد مشروع يعتمد على تكنولوجيا المعلومات، حيث يسهم بتأسيس نماذج أعمال جديدة، وتعزيز تدفق الإيرادات، وتوفير تجربة فريدة للمتعاملين، بالإضافة إلى تعزيز التنوع، وخير مثال على ذلك شركتا “أوبر” و”كريم”، اللتان لا تملكان أي أصول أو موظفين، بل تعتمدان على منصة إلكترونية لتقديم خدمات النقل للأفراد، وتوصيل المأكولات والمستلزمات المختلفة.
ولهذا من الأفضل استخدام التقنيات المتاحة وتعزيز الاستخدام الرقمي للتكنولوجيا أثناء نمو الأعمال، ولا ينبغي الخوف من تبني أنظمة جديدة ومتعددة، بل من فقدان البيانات وضياعها في حال عدم تبني هذه الأنظمة ومن النفقات العامة التي قد تتراكم نتيجة لذلك.
“سحاب للحلول الذكية” تسهم في تسهيل عملية الرقمنة والتحول الرقمي
تعد “سحاب للحلول الذكية” من أبرز الجهات الداعمة لأهداف إمارة الشارقة لتحقيق التحول الرقمي، ولهذا تؤمن بأهمية العمل وفق نظام متكامل يشمل شبكة من الشركاء والمتعاملين لمساعدة الشركات الناشئة في الإمارة على توسيع نطاق عملياتها، وتعزيز مرونتها، وإعادة جدولة أعمالها لتحقيق التأثير الإيجابي المنشود، ومن خلال شراكتها مع “مركز الشارقة لريادة الأعمال” (شراع)، و”مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار” وغيرها من المؤسسات والدوائر الحكومية، ستواصل “سحاب” جهودها الحثيثة لدعم الشركات الناشئة في رحلة التحول الرقمي.