مترجم بتصرف: مقال لـ غوراف بيسواس
علمتنا جائحة كوفيد-19 العديد من الدروس المهمة، ولكنني هنا أود التطرق إلى الدرس الأهم الذي اكتسباه وهو المرونة وأهميتها. بالنسبة لنا، شكلت مرونة وشجاعة سائقينا وفرقنا في TruKKer ، أكبر مجمّع شاحنات عند الطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ضمانةً لبقاء كافة مكاتبنا الخمسة عشر واستمرارية أعمالنا خلال الأزمة، حيث ساعدنا ذلك ليس فقط على الصمود في وجه هذه العاصفة، بل أيضاً على تنمية أعمالنا كمزود خدمة موثوق به لعملائنا.
قد يبدو نمو قطاع الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد في وقت فرضت فيه الإغلاقات التامة وإغلاق المنافذ الحدودية والصعوبة في تلبية الطلب شبه مستحيل، إلا أن الظروف الصعبة الحالية كانت في حقيقة الأمر لصالحنا. وكما قال الرئيس التنفيذي لميكروسوفت ساتيا ناديلا في أبريل: “رأينا ما يعادل عامين من التحول الرقمي في شهرين“. لم تؤثر وتيرة التغيير الدراماتيكية هذه على شركات التكنولوجيا فحسب، بل أثرت أيضًا في القطاعات التقليدية والبطيئة التحول، مثل الخدمات اللوجستية والشحن البري.
وفرضت الجائحة على الشركات تسريع رحلة تحولها الرقمي، ومن هنا تحديداً جاء تميزنا. حيث يتمحور نموذج أعمالنا حول دمج الموردين الصغار في منصة رقمية واحدة. وكما أكدت مسبقاً، تطمح TruKKer إلى أن تصبح أول شركة شحن تتيح لمستخدميها فرصة الاستفادة من المعاملات الرقمية، وهي الرؤية التي ساهمت أزمة كوفيد-19 في تعزيزها والتسريع من وتيرة تنفيذها.
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، كثفنا طاقاتنا في كسب حصة من السوق من خلال مساعدة الأكثر تضرراً بسبب تداعيات الأزمة من شركات النقل الصغيرة التي كانت تعاني من أجل الاستمرار أو التي اضطرت نحو إيقاف أعمالها بشكل مؤقت بسبب الصعوبات المادية المتزايدة. نجحت TruKKer في اكتساب عملاء رئيسيين، فعلى الرغم من تراجع الطلب الإجمالي على النقل بالشاحنات بشكل مؤقت إلا أننا تمكنا من المحافظة على نمو أعمالنا.
يتسم قطاع الشحن البري في جميع أنحاء العالم بأنه مجزأ للغاية، حيث يمثل مالكو الأساطيل الكبيرة أقل من 5٪ إلى 10٪ من إجمالي المعروض من الشاحنات، في حين أن الباقي يتكون من مشغلين فرديين وشركات أسطول صغيرة. لقد قمنا بمضاعفة جهودنا من أجل تمكين شركات النقل الصغيرة والمشغلين الأفراد من خلال الأدوات المتقدمة والتقنيات التي تعمل على تحسين جودة الخدمة والموثوقية. وفي الوقت ذاته، قامت الشركة بتسريع عملية اكتساب العملاء لتزويد المنصة بالمزيد.
كانت TruKKer من أوائل الشركات التي توجهت نحو تبني الاجراءات الاحترازية بينما كانت الجائحة لا تزال تقترب من المنطقة. أتذكر جداً كيف تحدثت مع فرقنا عبر ثلاثة أسواق في مارس 2020 ، وحثهم على الاستعداد لما هو قادم. أربك الأمر الجميع ولم يعرف أحد كيفية التعامل مع هذا الوباء، الأمر الذي رفع من مستويات القلق في كل مكان. كما كنا أيضًا من أوائل المؤسسات التي دعت إلى التفاؤل وممارسته. لقد شجعنا أنفسنا في يونيو واتخذنا نهجًا مختلفاً، مؤكدين لأنفسنا أن الأوقات العصيبة قد مضت وأن الوقت قد حان للتوقف عن الاختباء من الفيروس والتوجه بسرعة نحو اتخاذ الاحتياطات اللازمة بدلاً من ذلك. وفي يونيو، تمكّنا من العودة إلى التوظيف السريع في جميع محطاتنا وأسواقنا.
خلقت هذه الاستراتيجية معجزات رائعة بالنسبة لنا. وبينما شكل شهر مارس 2020 – قبل انتشار فيروس كورونا المستجد – أفضل شهر للعمليات على الإطلاق بالنسبة لنا؛ شهدنا في الأشهر التالية تراجعاً في العمليات بسبب إجراءات الإغلاق واسعة النطاق. ومع ذلك، تمكنا في يوليو من تحقيق انتعاش استثنائي مقابل شهر مارس، وفي شهر أغسطس شهدنا نمواً بنسبة 20% على أساس شهري.
الصورة الأكبر
نستطيع القول إلى حد ما، إن قطاع الخدمات اللوجستية مقاوم للأوبئة. ويعود الفضل في ذلك إلى أن كافة احتياجاتنا الأساسية من طعام وملابس وغيرها تتطلب سلاسل توريد لتعمل. وبالنسبة لنا، فإن عملياتنا لم تتوقف بسبب الوباء، حيث واصلنا نقل الضروريات مثل الأدوية، ومعدات الرعاية الصحية، والأغذية، والسلع الاستهلاكية. وكلنا ثقة بأن الأشهر والسنوات القليلة القادمة ستكون ممتعة ومجزية للغاية بالنسبة لقطاع الشحن البري في المنطقة. نتوقع تركيزاً تنظيمياً على تحسين الجودة، وتبني معايير أدائية وبيئية أكثر صرامة، ومعايير سلامة أفضل، ليؤدي ذلك إلى تمكين ونجاح المشغلين المعتمدين على التكنولوجيا مثل TruKKer.
تقدم لنا علوم البيانات بشكل مستمر معايير أساسية تساهم في دفع وقيادة تحسينات الاستخدام، الأمر الذي يميزنا عن مالكي الأساطيل التقليدية أو الوسطاء. حيث تقوم TruKKer بإنشاء الآلاف من نقاط البيانات كل يوم والتي تخلق فرصًا متعددة لتحقيق الدخل. سيتم استكمال ذلك من خلال قدراتنا على إبرام الصفقات والتعاون مع مالكي الأصول ومؤسسات التمويل.
وبالنسبة للطريق المستقبلي، أعتقد أن المؤسسات التي تبتكر وتتكيف ستبرز كقادة للقطاع في المستقبل بعد انتهاء الوباء، بينما ستجبر شركات “المدرسة القديمة أو التقليدية” إلى تبني نهج الابتكار وإلا ستواجه تحديات عديدة. كما يقف قطاع التنقل أيضًا على مفترق طرق، وقد شهدنا زيادة عدد المستهلكين والشركات التي تتجه نحو رقمنة جميع العمليات والوظائف. يسعدني أن أرى مدى سرعة تبني المنطقة للتكنولوجيا، حيث تقود المملكة العربية السعودية زمام المبادرة في الابتكار الذي يقوده القطاعان العام والخاص.
أدى الوباء إلى ازدياد حساسية مستهلكينا بشكل عام تجاه الأسعار، مع زيادة تركيزهم على المنصات الرقمية مثل TruKKer التي توفر كفاءات تستند إلى المبادئ الاقتصادية المشتركة. كما سلطت الجائحة الضوء بشكل أكبر على الحاجة إلى أتمتة جميع المستويات في قطاع الشحن البري، ونرى فرصة كبيرة للشركات التي تعتمد على التكنولوجيا. على الرغم من أنه في هذا القطاع، لا يمكن أن يكون هناك حل واحد يناسب الجميع – فإن التكنولوجيا التي تلبي احتياجات سائق الشاحنة ستكون مختلفة تمامًا عما يصلح لوكلاء الشحن، أو مشغل المستودعات، أو التجارة الإلكترونية.
أعتقد أن التكنولوجيا “الرائعة”، مثل الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء، وجميع الكلمات الطنانة الأخرى ستستمر في التقدم، لكن تلك التي تنتج مزايا تجارية فورية ستزدهر. وأعتقد أن تقنية القيادة المستقلة ستشهد أولاً اعتمادًا على نطاق واسع في مجال النقل بالشاحنات، قبل أن تصبح سائدة في السيارات. باختصار، أتوقع مشغلين فعالين وقائمين على التكنولوجيا، مثل TruKer ، الذين يتم تمويلهم بشكل كافٍ أيضًا، لتحقيق أقصى استفادة في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي يخرج فيه العالم من غيمة هذا الوباء.
ولكن على الرغم من ذلك، يجب أن نحرص على ألا ننسى اللمسة الإنسانية في أعمالنا. حيث كانت تأثيرات الوباء على سبل العيش الأكثر تدميراً. لذلك، حاولنا في TruKKer أن نكون أكثر تعاطفاً وتوازناً، فلم نتجه نحو تسريح موظفينا ووقفت فرقنا وقفة واحدة في مواجهة هذا التحدي سوياً. وفي الآونة الأخيرة، قمنا بتوزيع المواد الغذائية خلال عيد الفطر على الآلاف من سائقي الشاحنات الذين يواجهون تحديات وصعوبات بسبب هذه الأزمة.
عززت TruKKer أيضًا استثماراتها في البنية التحتية للإمداد ورفاهية السائق لضمان الاعتراف والتقدير على النحو الملائم لوظيفة سائق الشاحنة، والتي تعد واحدة من أصعب الوظائف. وستعلن TruKKer في الأشهر المقبلة، عن مبادرات وبرامج رئيسية تركز على السائقين وإنشاء بنية تحتية لتعزيز سلامة وأمن البضائع.
في نهاية المطاف، أؤمن بشدة أن أي مؤسسة هي جيدة بالأشخاص الذين يعملون فيها. TruKKer بُنيت من قبل مجموعة من الأشخاص الذين يتمتعون بالطاقة والطموح والابتكار لشق طريقهم نحو النجاح دون استسلام.