الوقت حان لإعادة تقييم الأمور
مترجم بتصرف: مقال لـ ماريان سالزمان
فرضت جائحة كورونا تغييرات عديدة في حياتنا جميعاً. وبالنسبة للبعض ممن فقدوا أحبائهم، أو الملايين ممن فقدوا وظائفهم وأعمالهم كان الأمر مدمراً للغاية. أما بالنسبة للآخرين، فسيساهم هذا التأثير الكبير في فرض تغييرات في السلوك وربما شعوراً مضاعفاً من الضعف والقلق.
وعلى الرغم من الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، إلا أنني لا أزال أتساءل عن إمكانية اعتبار هذه الأزمة حافزاً لإعادة ترتيب وتقييم الأمور، حيث أن قرارات الإغلاق وتوقف الحياة لفترات معينة قد وفر فرص استثنائية لإعادة التفكير وإعادة تقييم العديد من الأمور. حيث رأينا المعاملة الحسنة تنتصر على الكراهية، والعلم والتفكير العقلاني يتفوق على الخطابات المتعصبة، والمجتمع يلتف ويتعاطف حول بعضه البعض.
كما برز عدد كبير من القادة في جميع أنحاء العالم من خلال قوتهم وتعاطفهم وسط الوضع الراهن، وتمكنوا من الوقوف والتعامل مع الوضع الجديد، حيث بيّن هذا النوع من القادة كيف ينبغي أن يؤخذ بزمام الأمور في عصر أستطيع أن أطلق عليه عصر: التعاطف، والتقارب، واللطف، والمجتمع.
وفي السياق ذاته، برزت قيادات نسائية في مواجهة أزمة كوفيد-19. حيث احتفى العالم بثبات وقوة ومواقف عدد من الرئيسات (مثل نيوزيلاندا وألمانيا وأيسلندا وتايوان وغيرها) في مواجهة القضايا الصعبة. كما لعبت المرأة دوراُ حيوياُ في مجال الصحة والعلوم والرعاية الصحية والتطوع والخطوط الأمامية في مواجهة هذه الأزمة.
قد لا يكون هناك ضمانات تؤكد أن المرأة هي قائد أفضل، ولكنها أكدت في أعقاب هذه الأزمة مكانتها وحان الوقت لتعزيز دور النساء والأقليات في السلطة.
وفي شركة فيليب موريس إنترناشيونال، نؤمن أن المساواة بين الجنسين يجب أن تبدأ من الأساسيات، وبالنسبة لنا يعني ذلك المساواة في الأجور. نفخر بكوننا أول شركة متعددة الجنسيات تحصل على شهادة المساواة في الراتب بين الجنسين في العام الماضي، حيث أن المرأة العاملة في شركتنا تحصل على أجر مساوٍ للرجل مقابل العمل ذاته.
كما هو الحال بالنسبة للعديد من الشركات، تدرك فيليب موريس إنترناشيونال أن المنظومة المتنوعة والشاملة من شأنها أن تغرس القوة وتساهم في تمكين الابتكار. كما نلنا اعترافاً من قبل “معهد صاحب العمل الأفضل العالمي” (Top Employer Institute)، وهي سلطة عالمية في الاعتراف بالتميّز بممارسات الأفراد. وعلى مدى 5 سنوات متتالية، مُنحت فيليب موريس إنترناشيونال شهادة “أفضل صاحب عمل” في الإمارات و”أفضل صاحب عمل” على مستوى الشرق الأوسط، حيث سعينا جاهدين لخلق بيئة عمل ملهمة ومتنوعة وشاملة لموظفينا البالغ عددهم 145 موظفاً في دولة الإمارات. ومن خلال هذه الشهادات تؤكد شركة فيليب موريس إنترناشيونال أنها مكان عمل مجزي ودائم التطلع للأفضل.
لا بد أن يعترف الجميع بأهمية المساواة سواء كانت اتجاه النساء أو الأقليات وعامة الناس بغض النظر عن أي اختلافات. كلي أمل أن تساهم الدعوات الجماعية للبقاء في المنزل والبقاء إيجابيين في خلق مزيد من التقدير لبعضنا البعض بعد الجائحة. وسوف نتذكر دائما الدور الحيوي الذي لعبه العاملون في مجال الرعاية الصحية وكافة العاملين الأساسيين الذي كان لهم دور بارز في إبقاء المخزون وتشغيل البنى التحتية للدول. وإثر هذه الازمة، أصبحنا جميعاً نرى بعضنا البعض بعين مختلفة، أصبحنا نرى الوجوه بدلاً من المسميات الوظيفية. وتمكن قادة الأعمال من معرفة موظفيهم وعوالمهم الخاصة (عبر مكالمات الفيديو) مما قدم نظرة أشمل عن حياتهم خارج مكاتبهم.
ومن المتوقع أيضاً أن يمارس المستهلكون مزيداً من الضغوطات على الشركات والعلامات التجارية نحو تبني مزيداً من التنوع والانصاف بين الجنسين. وقد لا يكون مفاجئاً أن يعيد المستهلك بعد الجائحة النظر في ولائه نحو العلامات التجارية بحسب تصرفاتهم. وتوجهت أنظار معظمنا نحو كيفية تعامل الشركات مع موظفيها وعملائها خلال الوباء، الأمر الذي في اعتقادي سيؤثر على مكتسبات العلامات التجارية في المستقبل.
مع ظهور العديد من العلامات التي تؤكد إمكانية حدوث تحول جذري في المجتمع؛ نأمل أن نرى تسهيلات أكبر في التبادلات السائدة في العصر الرقمي. كما نأمل أن يتجه أصحاب العمل نحو وضع سياسات جديدة تلائم الضغوطات اليومية المتزايدة التي تواجه عالم الأعمال. وكلي أمل أن القيادات النسائية وما قدمته خلال هذه الأزمة ستحد من التحيز بين الجنسين الذي ترسخ داخل الشركات والمجتمع لفترة طويلة.
يجب أن نبذل ما في وسعنا للتأكد أن “الوضع الطبيعي التالي” أفضل بكثير من السابق.
السيرة الذاتية للكاتب
ماريان سالزمان – نائب رئيس أول للاتصالات العالمية في فيليب موريس إنترناشيونال pmi.com