حالة “يونيكورن” الذهنية
مترجم بتصرف: مقال لـ آري كيسيسوقلو
مما لا شك فيه أن الشرق الأوسط ودولة الإمارات بشكل خاص، يعتبران وجهة خصبة وملائمة لإطلاق الشركات الناشئة الجديدة ورواد الأعمال الجدد. وتمتلك هذه الأسواق إمكانات كبيرة للنمو وتدعمها سياسات وتشريعات ومبادرات حكومية، وتتميز بوجود مجموعة ثرية من أصحاب المهارات والإبداع القادرين على نقل بيئة المشاريع الناشئة بالمنطقة إلى آفاق جديدة. وحسب MAGNiTT، فإن بيئة المشاريع الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجلت نمواً كبيراً وصل إلى 188 مليون دولار أمريكي في إجمالي التمويلات في العام 2020. ومع وجود شركتي يونيكورن (أحادية القرن) ولدتا في الإمارات وهما سوق وكريم، فإن ذلك قد فتح أبواباً واسعة أمام رواد أعمال شباب وغيرهم من الشركات الحالية للانضمام إلى هذه الرحلة، مما يجعل دولة الإمارات مؤهلة لتكون منجماً ذهبياً للمشاريع الجديدة والابتكارات التقنية.

ما هي الشركة اليونيكورن (أحادية القرن)؟ حسب التعريف، هي شركة ناشئة تخطت قيمتها مليار دولار أمريكي. ومن وجهة نظري، فإن تعريف شركة اليونيكورن يعني أكثر من قيمة الشركة، لأنه يشمل من وجهة نظري طريقة تفكير الشركة وموظفيها وثقافتها وعملياتها وكيفية تحسين واستخدام بياناتها وتجمع ذلك مع خبراتها، حيث يجب أن توحد الشركات الناشئة عملياتها باتجاه هدف وحيد وهو التحول إلى شركة يونيكورن. وبالتأكيد فإن الوصول إلى هذه المرتبة يعتبر مصدر فخر لأي شركة، ولكن يؤدي ذلك على منظور أوسع، إلى إطلاق سلسلة من التفاعلات التي تؤثر أيضاً على الاقتصاد الوطني.
النجاح مرتبط مباشرة بالتحول إلى شركة يونيكورن، وكلما ازداد عدد شركات اليونيكورن التي تظهر في بلد ما، ازدادت جاذبية هذه البلد بالنسبة لرواد أعمال جدد ومستثمرين. ومع إطلاق المزيد من الشركات الناشئة وتحقيقها للنجاح، يرسخ هذا البلد مكانته كمركز للفرص المهنية الجديدة ونقطة جذب لأبرز المواهب العالمية. وقد خلقت دولة الإمارات بيئة مثالية وملائمة ومحفزة للمشاريع الناشئة، حيث تنوعت المزايا من تأشيرات طويلة إلى حاضنات للمشاريع الناشئة إلى خفض أبو ظبي لتراخيص المشاريع الناشئة التقنية بالإضافة إلى عدد من برامج الدعم والتمويل. وبينما نجح عدد من العلامات التجارية في الوصول إلى مرتبة شركات اليونيكورن من خلال شراكات مع عدد من الشركات العالمية المعروفة، إلا أن ما تفتقده البلاد هو شركات تتطور إلى شركات يونيكورن بشكل مستقل من دون الاستحواذ عليها من قبل اللاعبين الكبار، وهو أحد أهداف شركتي Property Finder
إننا في المقدمة ماضون على طريق الابتكار التكنولوجي، وفي العام 2020 استقبلنا بترحاب فريق قيادة جديد لتسريع رحلتنا لنصبح أول شركة يونيكورن مستقلة في المنطقة. وكل وظيفية رئيسية من وظائفنا الرئيسية الخمس (رئيس الشركة ورئيس الموارد البشرية ورئيس التحول والاستراتيجية والرئيس التنفيذي التجاري والرئيس التنفيذي المالي) قدم أصحابها من شركات عالمية رائدة، حيث جلب هؤلاء معهم ثروة من الخبرات والمعرفة على امتداد القطاعات والإدارات. ونظراً لكوني عملت شخصياً في غوغل وفايسبوك، كنت شاهداً على طريقة التفكير والثقافة التي اعتمدتها هذه الشركات العالمية لضمان اتساق عملياتها وموظفيها لتحقيق هدف موحد.
وتتمتع الشركات الناشئة بمزايا محددة، ويمكنها الاستفادة من قدرتها على اعتماد التغيير بسهولة. تمتلك الشركات القائمة هيكليات صارمة، تضمن أقل الأخطاء، ولكنها في نفس الوقت تحد من القدرة على الإبداع. لقد مضى ثمانية أشهر منذ انضمامي إلى Property Finder وكل يوم من هذه الأيام كان مغامرة شيقة. بالتأكيد الشركات والمؤسسات بأنظمتها الواضحة لها امتيازاتها الخاصة، ولكن لأنني وصلت إلى القمة في مسيرتي المهنية، كنت متشوقاً للانضمام إلى شركة ناشئة محلية، والمساهمة بخبراتي بنقل الشركة إلى آفاق جديدة للنمو. تشجع المشاريع الناشئة الموظفين على اتخاذ مخاطر مدروسة وامتلاك قراراتهم بالكامل. نشجع فرقنا على تطوير الاستراتيجيات والاستفادة من كامل قدراتهم. وإذا كنت تمتلك فكرة مدعومة ببيانات للنجاح، فإنك بلا شك قد تحظى بمسؤولية تطبيق هذه الفكرة.
وعلى المستوى التنفيذي الإداري في هذه الشركات، من السهل تطبيق القرارات اليومية دون الحاجة إلى مستويات مختلفة من الموافقات. عندما انضممت للشركة، كنا نتبع عقلية مؤسسية، وهدفي الأول كان تحويل هذه العقلية إلى عقلية المشاريع الناشئة، حيث يمكن الوصول لأي كان، وتكون أبوابنا مفتوحة وعلى استعداد جميعاً لسماع كل الأفكار. كل موظف مهم، وكل آرائنا يجب أن تكون مسموعة. وعندما بدأنا مسار النمو، بدأت عملياتنا سهلة وسلسة أكثر من أي وقت مضى.
تتمتع المشاريع الناشئة الإقليمية بميزة اعتماد نماذج عالمية قائمة تنسجم مع أهدافها. نصيحتي لرواد الأعمال الشباب الذين يريدون في نهاية الأمر النمو والتحول إلى شركة يونيكورن أن يتأكدوا من صلاحية نموذج أعمالهم، ويجدوا منتجاً او خدمة متخصصة تفرقهم عن غيرهم. وإذا كنت أريد أن أحدد نصيحتي بطرق النجاح الثلاثة، فهي كالتالي:
- اعتماد ومحاكاة نموذج عالمي ناجح لينسجم مع الطلب الإقليمي. تفقد قصصاً مثل كريم وسوق وProperty Finder، التي وجدت فجوة ومشكلة في السوق، واستحدثت نموذجاً عالمياً معروفاً لحل هذه المشكلة والفجوة.
- راقب وطوّر حلاً محدداً يلبي تحدياً وطنياً. يمكن هنا النظر إلى مثال “Swvl” في مصر، حيث تم تصميم حل في النقل لتسهيل وتبسيط التنقل داخل المدن من خلال شبكة من خطوط الحافلات.
- طوّر منتجاً يساهم في تذليل التحديات العالمية. من المهم إدراك أهمية البيانات والأبحاث، التي لولاهما لما وصلت الشركات مثل غوغل وفايسبوك ويوتيوب لما وصلت إليه اليوم. البيانات تشكل العمود الفقري لكل شركة، حيث تسمح لها بتوقع أنماط وتطوير منتجات وخدمات، يتم تصميمهاخصيصاً لمواءمتها مع احتياجات العملاء.
وأخيراً هناك المهارة، فيجب أن يكون هدفك توظيف قادة وموجهين وموظفين راغبين بتحقيق إنجازات، حتى لو كانوا في بداية مسيرتهم المهنية. فالقوة التي تدفع الشركة إلى النجاح تكمن في الطاقة وطريقة تصرف كل فرد. قم بجلب هذه العقول وضعها في غرفة واحدة معاً، وستخلق عندها خلية نحل داخل شركتك. وفي نهاية الأمر، نجاح الشركة يعتمد على قواها العاملة، لذا حاول التأكد من أن فريقك يشاركك نفس الرغبة والطموح بتحقيق النجاح.
سيرة المؤلف
آري كيسيسوقلو هو رئيس Property Finder