الخروج من الأزمة
مترجم بتصرف: مقال لـ منيب مشتاق
في الوقت الذي تؤثر فينا جائحة كورونا، تحاول الشركات في جميع أنحاء العالم، وبغض النظر عن حجمها، أن تتكيف مع التأثيرات الاقتصادية الناجمة عنها. لا يمكن لأحد من شركات فورتشن 500 وصولاً إلى الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة؛ أن ينكر الأضرار الجسيمة الناتجة عن تداعيات هذه الأزمة، وما خلفته من أضرار مؤقتة ودائمة. لقد شعرت في الواقع شخصيًا بتداعيات الوباء أثناء اطلاقي لأحدث مشاريعي القائمة على التكنولوجيا، Airzai.
بينما كنا قادرين على جمع 3.5 مليون دولار أمريكي في مرحلة التمويل الأولي لشركة Airzai ، توجب علينا إنفاق معظم ما جنيناه على البحث والتطوير، مما جعلنا بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي لبدء إنتاج منتجنا الرئيسي ” Airzai Aroma” ، وهو معطر الجو المنزلي الذكي الذي استخدمنا في تركيبته مجموعة من العطور الفاخرة والمصنعة من مكونات طبيعية. الآن، ونظرًا لما يحمله هذا المشروع من إمكانات مستقبلية هائلة، استطعنا أن نجمع أكبر جولة أولية من قبل شركة ناشئة في كندا، وجذب عدد من المستثمرين المعروفين والمهمين للاستثمار في شركتنا. ونظرًا لاستمرار الفرص الحالية والمستقبلية واهتمام المستثمرين في مشروعنا، كنا على وشك جمع مليوني دولار أخرى كتمويل من مستثمرين جدد في فبراير من هذا العام لبدء الإنتاج.
ومع ذلك، ونظرًا لمدى سرعة انتشار فيروس كورونا في الصين في وقت سابق من هذا العام، استمرت المصانع بإغلاق أبوابها بعد العام الصيني الجديد، مما اضطرنا إلى وقف عمليات الإنتاج الأولي. وتبع ذلك حالة أكبر من عدم اليقين المالي، مع إغلاق الاقتصادات وانهيار أسواق الأسهم. وفي نهاية المطاف، أدى كل هذا إلى توجه مستثمرينا نحو تعليق الصفقة في اللحظة الأخيرة، مما أدى إلى وضع شركتنا بأكملها على حافة الإفلاس. ونظرًا لكوننا في مرحلة ما قبل الإيرادات، كان لدينا فرصة محدودة قبل نفاد رأس مالنا، ولذا، بدلاً من انتظار الفشل المحتوم لشركة Airzai ، قمت باتخاذ بعض القرارات الجريئة لتوجيه وتحويل مسار أعمالنا بشكل سريع بهدف تجاوز العاصفة.
نتج عن ذلك قيام فريقنا بتطوير منتج فريد ومبتكر تمامًا يسمى Airzai Care Air and Surface Disinfectant ، والذي أصبح بحد ذاته خط إنتاج مربح للغاية وحمل معه مستقبل واعد وآفاق جديدة للشركة. وخلال هذه الرحلة غير المسبوقة، تعلمت الكثير عن القيادة والاستراتيجية والتواصل. في الواقع، مع بدء الاقتصادات في الانفتاح وتراجع عمليات الإغلاق، بدأت بيئة الاستثمار تعود إلى مسارها الصحيح، ونحن محظوظون جدًا لرؤية تدفق المستثمرين على Airzai أيضًا. لم يساعدنا هذا التحول السريع والمؤقت في تجاوز هذه العاصفة غير المسبوقة فحسب، بل قدم لنا أيضًا تدفقًا دائمًا للإيرادات المربحة سيستمر في النمو مع عودتنا إلى إطلاق منتجنا الرئيسي وتصنيعه.
وعند التفكير في تجربتي، هناك خمسة تكتيكات أساسية ودروس حقيقية سمحت لشركتنا الناشئة بالاستمرار في الازدهار رغم تداعيات الأزمة الحالية.
لأصحاب الأعمال، ومؤسسي الشركات الناشئة، أو حتى المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى التي تواجه أي نوع من التحديات خلال هذه الأوقات الاستثنائية، إليك أهم خمسة أمور تهمك معرفتها لتجاوز هذه الأزمة:
- تقليص معدل الاستنفاذ؛ يبدأ كل شيء بتحسين معدل الاستنفاذ الشهري من أجل زيادة العائد. ونظراً لأن كشوف المرتبات غالباً ما تكون واحدة من أبرز نفقات الشركة، بغض النظر عن حجمها، فإن الأوقات غير مستقرة قد تفرض حالة من الذعر تحتم عليك التوجه نحو الطريق الأسهل. ولكن، من المهم جداً أن تتجنب الضغوط التي تدفعك إلى اتخاذ قرارات مندفعة مثل التخلي عن الموظفين الرئيسيين. فمن الضروري الحفاظ على أكبر عدد ممكن من الوظائف والعلاقات، لأن الأوقات غير المستقرة لن تدوم إلى الأبد، ومن الصعب الحصول على مواهب استثنائية. وأفضل طريقة للتعامل مع هذا الإجراء الدقيق هو إجراء محادثات فردية مع كل موظف، واستكشاف خيارات مختلفة تتراوح من دوام جزئي، أو عقد، أو حتى إذا فرض الوضع التخلي تمامًا عن المنصب، بناءً على حاجة الشركة وأداء الموظف.
- تحسين النفقات الثابتة؛ على الرغم من أن النفقات مثل فواتير الهاتف والبرامج وفواتير المكتب قد تبدو حتمية ولا مفر منها، إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها لتقليل التكلفة إلى أقصى حد ممكن. فمن الممكن أن تتراكم النفقات بسهولة لتضع على عاتقك تكلفة أكثر مما تتوقع. على سبيل المثال، إذا كنت تستأجر مساحة مكتبية، فقم بإجراء محادثة مع المالك لمعرفة ما إذا كان بإمكانك إيجاد حل مبتكر لتأجيل المدفوعات. أو استكشف خيار التأجير من الباطن. ولتجنب الإنفاق الزائد، حدد شخصًا واحدًا في نفقات مسار الفريق على أساس يومي على بطاقات ائتمان الشركة، حيث يمكن للإدارة التغاضي عن هذه المدفوعات الصغيرة بسهولة. سيؤدي هذا إلى تحسين مستمر مما يقلل أو يلغي الإنفاق الغير مدروس.
- ابحث عن طرق مبتكرة للوصول إلى التمويل؛ في حقيقة الأمر، فإن كافة الشركات في نفس المركب عندما يتعلق الأمر بأزمة غير مسبوقة مثل الأزمة التي نواجهها اليوم. لذلك، تقوم الحكومة والبنوك الخاصة بتقديم طرق مبتكرة للتمويل لمساعدة الشركات على البقاء والاستمرار في مثل هذه الأوقات. لذلك، احرص على استكشاف كافة السبل للحصول على تمويل إضافي. مثال على ذلك هو التقدم بطلب للحصول على قروض حكومية مختلفة، على المستويين الاتحادي والمحلي. كما يمكن أن تكون المنح مفيدة دائمًا في هذه المواقف. وحاول أيضًا التحدث مع مصرف شركتك لمعرفة ما إذا كان هناك حد ائتماني يمكن تمديده. وأخيرًا، استخدم بطاقات الائتمان لصالحك، وابحث عن زيادة حدود الائتمان للتأكد من توفر التمويل إذا لزم الأمر.
- حول نموذج أعمالك بشكل مؤقت لزيادة الإيرادات؛ سطعت بعض المؤسسات المعروفة والناجحة بالفعل مثل Airbnb و Uber وغيرهما خلال الأزمة، حيث يمكن لفترات مثل هذه أن تقدم فرصاً رائعة أمام الشركات للابتكار. ولكن قبل كل شيء، حدد السوق الذي تود التحول إليه وشكل فريق عمل مختص في المشروع الذي يمكنك تحقيقه وإدخال إيرادات قصيرة الأجل من شأنها الحفاظ على التدفق النقدي في ظل هذه الظروف. وفي حالة Airzai، ومع ارتفاع الطلب على منتجات التعقيم والتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت بشكل استثنائي خلال فترة كورونا؛ استفدنا من خبرتنا في مجال المنتجات الهوائية لتطوير معقم للهواء وبدأنا المبيعات من خلال إنشاء متجر Shopify في غضون 48 ساعة فقط.
- حافظ على عقلية إيجابية؛ بصرف النظر عن الإرشادات الإستراتيجية المذكورة أعلاه، فإن امتلاك عقلية إيجابية لا يقل أهمية عن الاستراتيجيات التكتيكية. إن الاعتقاد بأن المواقف المعاكسة مؤقتة فقط وأن امتلاك موقف “هذا أيضًا سوف يمر” ليس مهمًا لك فحسب، بل هو طريقة تفكير يجب غرسها في أعضاء الفريق أيضاً بشكل يومي. علاوة على ذلك، فإن طلب المشورة باستمرار من الموجهين أو الوصول إلى خبراء القطاع من خلال منصات مثل LinkedIn سيلعب دورًا حيويًا في هذه العملية. وتأكد أن هناك دائمًا أشخاص مروا بمواقف مماثلة في الماضي هم على استعداد لتقديم المشورة.
السيرة الذاتية للكاتب
منيب مشتاق هو رائد أعمال حائز على جوائز عديدة وشارك في تأسيس ثلاث شركات تقنية حتى الآن. توسعت رحلته الريادية على مدى عقد من الزمان حيث بدأ في سن 18 عامًا فقط وباع أول شركة ناشئة له في غضون عامين. ثم شارك مشتاق في تأسيس شركته الناشئة الثانية التي تسمى AskforTask ، وهي ثاني أكبر منصة خدمة حسب الطلب في كندا، والتي حصلت على جائزة الشركة الناشئة الأسرع نموًا في أمريكا الشمالية في عام 2017.