شهدت البشرية خلال المائة سنة الماضية انتشار عدة أوبئة على الصعيد العالمي كالسارس والإيبولا والإنفلونزا الإسبانية، وبالتالي فإن كوفيد -19 ليست الجائحة الأولى التي يشهدها العالم. إلا أن الاختلاف الجوهري حالياً، يتمثل في طريقة مواجهة هذا الوباء مقارنة بالسنوات السابقة، حيث نعتمد اليوم على التكنولوجيا التي تجعل الأمور أقل تعقيداً في هذا الإطار. وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية تحولاً رقمياً بدرجات متفاوتة عبر كافة جوانب التفاعل البشري- بدءاً من الرعاية الصحية، وصولاً إلى الحصول على السلع والخدمات الأساسية، مروراً باستمرارية أعمالنا وحياتنا الاجتماعية.
وبينما بات بإمكاننا اتخاذ جميع التدابير الاحترازية اللازمة لحماية أنفسنا من الإصابة بالفايروس، تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في ضمان حصولنا على جميع المعلومات اللازمة للحفاظ على سلامتنا، والانتقال بسلاسة إلى الوضع الطبيعي الجديد.
وتشهد القطاعات الحيوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحولاً تكنولوجياً جذرياً، حيث نشهد الإقبال واسع النطاق من قبل المستشفيات والعيادات لاعتماد التقنيات الرقمية بكفاءة، بهدف الحد من انتشار الفايروس، بالإضافة إلى تمكين عمليات التعلم والعمل عن بُعد. وتساهم القطاعات الاقتصادية المتنوعة والجهات الحكومية والمراجع المختصة في قيادة عملية التحول الرقمي الذي تشهده المنطقة حالياً.
التطور التكنولوجي التلقائي
تعتبر الظروف القائمة ملائمة لتعيد الشركات تقييم استراتيجياتها للمستقبل القريب، ومن المتوقع أن تكون الشركات التي تتبنى التكنولوجيا وتتجه لاعتماد الرقمنة في خططها المستقبلية في وضع أفضل من الشركات المنافسة التقليدية، ما يمكنها بالتالي من اقتناص الفرصة وريادة القطاع الذي تعمل فيه على النحو الأمثل.
وفي هذا الإطار، شهدت منظومة السفر العالمي ابتكار العديد من الحلول والخدمات والأدوات المتقدمة، التي مكنت هذا القطاع من التفوق على كافة القطاعات الأخرى، وقد أثبتت هذه الابتكارات أهميتها بشكل خاص خلال الظروف الاستثنائية الحالية التي يعيشها العالم. فعلى سبيل المثال، تستخدم في إف إس غلوبال أنظمة قياس البيانات الحيوية المتنقلة عبر تزويد المسافرين بخيار “طلب التأشيرة على عتبة بابك” والتي تمكنهم من قبول طلبات التأشيرة وتسجيل البيانات الحيوية للمسافرين بكل سهولة وسلامة من راحة منازلهم أو مكاتبهم.
وتكتسب هذه المزايا أهمية استثنائية حالياً، لمواكبة المسافرين الذين يرغبون بالحصول على التأشيرات دون الحاجة لزيارة مراكز تقديم طلبات التأشيرة. كما تسمح هذه الخدمة بإضفاء الطابع الشخصي الشامل على عملية طلب الحصول على تأشيرة بطريقة آمنة، وصولاً إلى إرسال جواز السفر بالبريد إلى الموقع الذي يختاره العميل.
ظهور تكنولوجيات جديدة
أعطى الوباء قوة دافعة للعديد من المبادرات الابتكارية التكنولوجية، لا سيما في مجال الرعاية الصحية، بدءاً من مجموعات الاختبار، وتتبع الاتصالات. وتعمل التكنولوجيا الآن على تمكين الناس من فهم المخاطر بشكل أفضل في محيطهم المباشر والاستجابة للواقع القائم، عبر اتباع سياسات التباعد الاجتماعي وتبني التدابير الوقائية الأخرى وفقاً لذلك. وتشمل الأمثلة الناجحة، تطبيق الحصن الإماراتي الذي يكتشف ما إذا كان الفرد على مقربة من شخص ما كان على اتصال بشخص مصاب بفايروس كوفيد-19 .وتطرح خدمة روبوت الدردشة التي تحمل اسم “الطبيب الافتراضي”، أسئلة حيوية تساعدها على استنتاج ما إذا كان الشخص معرضاً لخطر الإصابة بفايروس كوفيد. ومع عودة الحياة تدريجياً لطبيعتها، يعد السفر أحد أكثر الأنشطة التي يتطلع الناس للعودة إليها – و بدأت الوجهات وأماكن الإقامة والمطاعم بالاستعداد لعودة نشاطاتها بعد مرور هذه الأزمة. وتتجه الفنادق إلى تبني الرقمنة بشكل شبه كامل عبر عمليات الحجز وتسجيل دون الحاجة للمرور عبر مكتب الاستقبال، ما يسمح للضيوف بتجنب الاتصال البشري قدر الإمكان.
وبينما ارتبطت ترقيات السفر في وقت سابق بالتكنولوجيا المتقدمة، ستستفيد معظم الشركات اليوم من إجراء مراجعات بسيطة للبنية التحتية التكنولوجية الحالية – للبدء في مسيرة التغيير بقواعد بسيطة ولكنها فعالة في تعزيز تجارب المستخدمين.
تعيش البشرية اليوم بدءاً من الاعتماد على تطبيقات الرعاية الصحية إلى التسوق اليومي عبر المواقع الإكترونية- نقطة تحول نحو منظومة رقمية متكاملة. وسيكون من المثير للاهتمام الاطلاع على استراتيجيات الشركات بين الحاجة إلى بناء عالم رقمي متكامل للمستخدمين ، مع حماية وتنظيم معلوماتهم الشخصية عبر الإنترنت.
بقلم بنجامين بويش، الرئيس التنفيذي الرقمي لدى في إف إس غلوبال.