مترجم بتصرف: مقال لـ إيفانا باجاميك، رئيس قسم المواهب والتعلم والثقافة (الموارد البشرية) في الأسواق الدولية في “بي آر إف ساديا”
ليس من المستغرب أن يترتب على أزمة فيروس كورونا المستجد آثارٌ جانبية عديدة تضر وبشكل خطير بالصحة العقلية للموظفين ورفاههم، حيث تغيرت أولويات وأهداف العمل في جميع أنحاء العالم بشكل مفاجئ، وبقي الهدف رئيسي الحفاظ على استمرارية الأعمال وفي الوقت ذاته إدارة سلامة وأمن الموظفين.
فرضت تدابير التباعد الاجتماعي التي نفذتها الحكومات في منطقة الشرق الأوسط على الناس أن يكونوا أكثر عزلة بسبب حالة عدم اليقين المترتبة عليها. وتحولت المنازل إلى مكاتب وملاعب وصالات رياضية ومدارس، كما أثرت التهديدات الصحية وفقدان الوظائف على الأوضاع النفسية للكثيرين. علاوة على ذلك، وفي قطاع السلع الاستهلاكية سريعة التداول (FMCG) بشكل خاص، كان على موظفينا في الخطوط الأمامية مغادرة منازلهم الآمنة، للتأكد من إنتاج الأطعمة وعرضها على رفوف محلات السوبر ماركت في جميع أنحاء العالم.
وفي الوقت الذي يواجه فيه العديد من الناس درجات عالية من التوتر والقلق نتيجة الأوضاع الراهنة، قد يجد أولئك الذين يعانون من ظروف موجودة مسبقًا أن الوضع الحالي قد ضاعف المخاطر والأثار النفسية والصحية.
ومع ذلك، قامت معظم الشركات بإجراءات استثنائية لتلبية الاحتياجات الأساسية لموظفيها لضمان أمنهم وسلامتهم خلال المرحلة الأولى من تفشي وباء كورونا. وساعد العمل عن بعد وأدوات التكنولوجيا والموارد المفيدة في تحقيق التوازن الصحيح بين العمل والحياة. ولكن لتحقيق عائد كامل، تحتاج الشركات إلى الالتزام بمجموعة أوسع من المبادرات التي يمكن أن تعزز خبرة العمل والصحة في الوقت ذاته.
أنشأت شركتي “ساديا” أيضًا قناة اتصال رقمية مفتوحة لإبقاء جميع أعضاء الفريق على اطلاع بكافة التحديثات المتعلقة بـ فيروس كورونا، وللاطمئنان بشكل دائم على صحة وسلامة موظفينا الجسدية والعاطفية. تم منح الأشخاص الذين يمكنهم العمل عن بُعد مرونة تامة، وتم تزويد أعضاء الفريق الميداني بتدابير وقائية، إلى جانب إمدادهم بشكل دائم بمعدات الحماية الشخصية (PPE) ، سواء على الأرض أو داخل وسائل النقل.
في الواقع، لا تشكل الأنظمة التي تمتلكها الشركات قبل انتشار الوباء أفضل الخيارات في الوقت الحالي. لذلك، فإن هذا هو الوقت المناسب لمراجعة وتعديل وتحديث السياسات الحالية التي قد تؤثر على صحة الموظفين ورفاههم في المستقبل. نحن بحاجة إلى النظر في اعتماد نهج أكثر مرونة للمضي قدمًا الأمر الذي من شأنه أن يسمح للشركات بتعديل نهجها بحسب تطور الظروف، وإثبات لموظفيها أن سلامتهم ورفاهيتهم يمثلان أولوية.
لعقود من الزمن، أكدت النظريات القائمة على الحاجة إلى أهمية تحفيز الموظف وسلوكه. ولتعزيز تجربة الموظف، يجب على الشركات استكشاف كيفية تلبية الاحتياجات الأكثر أهمية بالنسبة للقوى العاملة كفريق وكأفراد.
ومع تهديد الموجة الثانية من عدوى كورونا، يجب أن يكون القادة مجهزين جيدًا لابتكار نهج للتخفيف من الآثار الإضافية لهذه الأزمة. فيما يلي بعض أفضل الممارسات والإجراءات المحتملة لضمان سلامة الموظفين وأمنهم التي اقترحها العديد من الخبراء والشركات الاستشارية مثل شركة ماكنزي آند كومباني:
- القيادةالقائمة على التعاطف؛ يجب على القادة التركيز على إحداث فرق إيجابي من خلال البرامج وورش العمل التي تساعد الفرق على أن تكون على دراية وممارسة التعاطف مع بعضها البعض وجعل بيئة العمل مكان أفضل للجميع كل يوم.
- التواصل الإيجابي والمتفائل؛ ينبغي على القادة تبني مبدأ الشفافية والانفتاح وإطلاع فريق العمل على كافة التحديات أثناء الأزمة. والأهم من ذلك، هو ضرورة تعزيز القادة للثقة والتفاؤل لدى الموظفين بشأن القدرة على تجاوز الأزمة الحالية.
- إعطاء الأولوية لعلاقات الموظفين؛ في كثير من الأحيان، يميل القادة إلى التركيز على الجانب التجاري للأمور أثناء الأزمات، بدلاً من بناء الثقة والمشاركة مع موظفيهم. أظهرت الدراسات أن الشركات التي نجحت في كسب ثقة الموظفين في المراحل الأولى من الأزمة كانت في وضع أفضل لضمان انتقال سلس بعد الأزمة.
الموظفون الذين استمروا في العمل في الخطوط الأمامية أثناء الوباء، والموظفون الذين سيعودون إلى العمل في المكاتب، سيواجهون تحديات فيما يتعلق بالصحة العقلية الخاصة بهم. تمثل مرحلة العودة فرصة ذهبية للشركات لإعادة التفكير في تجربة الموظف ومكان العمل بالطرق التي يشعر بها الأفراد بالأمان والراحة في العمل. يمكن للقادة الاستفادة من التقدم في العلوم السلوكية والتحليلات وقنوات الاتصال ومهارات وتقنيات الاستماع بشكل خلاق لضمان بيئة وخبرة داعمة لموظفيهم.
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن للشركات اتخاذها لدعم الموظفين في مرحلة العودة:
- إذا تمكنت من كسب ثقة موظفيك أثناء الأزمة، فابدأ من بناء الترابط والاتحادات من خلال الشفافية والتواجد الدائم والأهم من ذلك التركيز على الأشخاص.
- خلق بيئة عمل تمكينية وثقافة في مكان العمل مع سياسات من شأنها تمكين الموظفين، ومعالجة مجموعة واسعة من الاحتياجات داخل وخارج معايير مؤسستك.
- التغييرات تؤثر على الناس بطرق غير متوقعة. استخدم خبراتك ومواردك لتدريب الإدارة على تطوير قدراتهم لدعم فرقهم بطريقة أكثر جدوى، بحيث يكون انتقالهم إلى العمل مجدداً سلسًا ومريحًا.
بالإضافة إلى ما سبق، فهناك مجالان أساسيان يجب التركيز عليها:
- موارد الصحة العقلية للموظفين؛ هذا هو الوقت الأنسب للتأكد من أن موظفيك على دراية بجميع الموارد المتاحة تحت تصرفهم. لذلك، استمر في تذكير موظفيك بأهمية الرعاية الذاتية، وأخذ إجازة عند الحاجة، والموارد الأخرى للمساعدة في التعامل مع هذه الأوقات العصيبة.
- حماية الصحة والرفاه الجسدية؛ حتى إذا كانت شركتك تقع في دولة لا توجد فيها خطط محددة حول إعادة الفتح، يجب على الشركة أن تبدأ في التخطيط والإعداد للإرشادات والسياسات التي ستحمي الرفاهية البدنية للموظفين عند عودتهم إلى المكتب. اعتمادًا على القانون المحلي، قد تضطر الشركات إلى توفير إمدادات مستمرة من معدات الوقاية الشخصية مثل الأقنعة والقفازات، بحيث يمارس الموظفون التباعد الاجتماعي بالطريقة الصحيحة، ويكونوا مسؤولين عن بعضهم البعض.
ويجب أن يقوم أصحاب العمل بالإضافة إلى ذلك، بتقييم مساحة العمل للتأكد مما إذا كان يمكن إجراء تغييرات على مخططات المكتب لتوفير مسافات إضافية بين الموظفين، أو في حال اعتماد نظام التناوب في العمل، يجب التأكد من تنظيم المناوبات بحيث يكون عدد الأفراد أقل في مكان العمل في وقت معين.
ستكون تأثيرات جائحة كورونا طويلة الأمد، وربما دائمة في طبيعتها. أجبرت حالة عدم اليقين التي فرضتها تداعيات هذه الأزمة الشركات على إعادة هيكلة الطريقة التي تدير بها أعمالها وحماية موظفيها. ستظل الأيام والأشهر القادمة حساسة للغاية ومليئة بالتحديات بالنسبة للقادة أثناء قيامهم بتجربة واستكشاف وتقييم أساليب العمل الجديدة للحفاظ على موظفيهم في بيئة عمل أكثر إنتاجية ومرونة وأمانًا.
السيرة الذاتية للكاتب
إيفانا باجاميك هي رئيسة المواهب والتعلم والثقافة (الموارد البشرية) الأسواق الدولية في بي آر إف ساديا.