دبي – خاص
بصرف النظر عن الطرف الفائز في الانتخابات الأمريكية، ساكسو بنك يستبعد قدرة الولايات المتحدة على التعافي من حالة الانقسام الحالية ويُقر بصعوبة تنفيذ المسار الإصلاحي
كشف ستين جاكوبسن، الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار لدى ساكسو بنك، بأنّه يُرجح حدوث سيناريو الطعن بنتائج الانتخابات الرئاسية، لا سيما مع رفض أيّ من الطرفين الإقرار بخسارته للسباق الانتخابي، الأمر الذي سيُفضي إلى فترة من الغموض والاضطراب الذي سيسود الأسواق المالية.
وفي إطار حديثه أثناء جلسة إحاطة استضافها ساكسو بنك اليوم وجمعته مع جون هاردي، رئيس استراتيجية الفوركس، أكّد جاكوبسن بأنّه لا يعتقد بقدرة نتائج الانتخابات على إحداث أيّ أثر كبير ومستدام على الاقتصاد أو أسواق الأسهم الأمريكية، بينما رجّح مرور السوق بحالة من التقلب في حال الطعن بنتائج الانتخابات الرئاسية.
وقال بهذا الصدد: “تُعتبر انتخابات هذا العام الأكثر إشكالية على الإطلاق؛ ومع ذلك، لن يكون أثرها كبيراً على الأسواق المالية أيّاً كان الفائز بها في الثالث من نوفمبر، لا سيما أنّ كلا المرشحين سيُواصلان العمل لتحقيق انتعاشة تطال الطبقة الاقتصادية الثرية، بحيث نشهد عودة وازدهار الوظائف عالية الأجر بالتزامن مع تلاشي تلك الوظائف ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
وفي حال رفضِ أيّ من الطرفين الاعتراف بالهزيمة، فسنواجه لا محالة فترة من الغموض الذي سيدوم من يوم الانتخابات في الثالث من نوفمبر ولغاية يوم التنصيب في 20 يناير المقبل، الأمر الذي سيُسفر عن اضطراب الأسواق مع بقاء التوقعات بعيدة المدى على حالها بشكل عام”.
وأشار جاكوبسن إلى أنّ كلا المرشحين سيقومان على الأرجح بدعم الاقتصاد دون تحفيزه، وبأنّ اقتراح بايدن بخصوص زيادة الضرائب على المكاسب الرأسمالية سيؤدي إلى الضغط على أسواق الأسهم على نحو سيُكلف مؤشر ستاندرد أند بورز500 حوالي 10% من إيراداته. وأمّا في حال فوز ترامب، يتوقع جاكوبسن إقرار التخفيضات الضريبية، ولكن مع مواصلة المعاناة على صعيد العلاقات الدولية. وعلاوة على ذلك، توقع حدوث التوسعات المالية بصرف النظر عن الطرف الفائز، مع ترجيح تركيز كُلّ من جهود الاحتياطي الفدرالي والاستجابة النقدية على مرحلة من التعافي تطال الطبقة الثرية.
وكان جاكوبسن قد أشار إلى أنّ ارتفاع معدلات التقلب والتضخم تُمثل أضخم المخاطر التي تواجهها الأسواق، وتنبأ بحدوث كليهما على أرض الواقع، إذ قال: “من المرجح أن تزداد حالة التقلب في السوق بسبب عدم كفاءة السوق، وغياب الإصلاحات الحقيقية- بمعزل عن نتيجة الانتخابات، وعدم اكتشاف الأسعار وظهور الاقتصاد المتمحور حول الطبقة الثرية.
سنشهد ارتفاعاً في معدلات التضخم بسبب انخفاض مستويات الإنفاق الاستهلاكي على السفر وقضاء العطلات خلال أزمة كوفيد-19، وزيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية. وبتنا نلمس حالات من تسييل الديون بسبب قيام البنوك المركزية بشراء الديون الحكومية، حيث وصلنا إلى مرحلة نقوم فيها بخلق معضلة أخلاقية تُسفر فيها دورة الدعم السليمة عن سياسة سيئة”.
وبدوره، قال جون هاردي: “سيكون انتصار بايدن الواضح والصريح بالانتخابات وحصول الديمقراطيين على الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناريو الوحيد الذي سيُمكننا من تجنب حالة التقلب. ولن يكون التغيير المُجدي في السياسات مُمكناً إلّا في حال سيطرة أحد الحزبين فقط على كُلّ من مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين. وفي حال أخفق الديمقراطيون في الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ، فنتوقع الدخول في مناخ استقطاب حزبي مرير على مدى الأعوام المقبلة”.
وأمّا في سياق الحديث عن توقعاته حيال الدولار الأمريكي، قال هاردي: “نتوقع أن يُسجل الدولار الأمريكي أداء جيداً حتى في ظلّ أكثر السيناريوهات الانتخابية تقلباً وفوضوية؛ إذ لطالما جرى تداول الدولار الأمريكي عند معدلات مرتفعة أثناء الأزمات، بينما يتسم الاحتياطي الفدرالي بخبرة كبيرة في مجال إدارة مثل هذه السيناريوهات بحيث يُجنبنا أيّ ارتفاعات كبيرة في الأسعار”.
كما نوّه هاردي إلى أنّ فوزاً كاسحاً لبايدن من شأنه أن يحد لبعض الوقت من هبوط قيمة الدولار الأمريكي، كما هو متوقع على المدى البعيد، لا سيما وأنّنا سنشهد اهتماماً كبيراً بالاستثمارات التي تجري داخل الولايات المتحدة في ظل حزمة التحفيز المالي أثناء فترة بايدن الرئاسية.
ومع ذلك، تبقى المخاوف حول أداء الدولار الأمريكي مرتفعة للغاية، لا سيما في حال عجز الطرفين عن تحقيق الأغلبية في الكونجرس، بل وأكثر خطورة في حال فوز ترامب غير المرجح بالانتخابات.
وتطرقت الجلسة أيضاً إلى تداعيات أزمة كوفيد-19، حيث أشار هاردي إلى ضخامة الاستجابة المالية الأمريكية للأزمة، وبأنّ العالم لن يكون قادراً أو راغباً بعد اليوم بتمويل العجز المالي الأمريكي، حيث أضاف: “ستضعف قيمة الدولار الأمريكي بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، لا سيما في ظلّ غياب أي إيرادات يُمكن أن تعود على من يقتنون الدولار الأمريكي”.
وفي الوقت ذاته، تبقى التساؤلات مطروحة حول “تحديث” تدابير التحفيز المالي بعد توقف العمل بإعانة البطالة الفدرالية التي وصلت قيمتها إلى 600 دولار أمريكي أسبوعياً في أواخر شهر يوليو واستبدالها بنصف هذا المبلغ، بانتظار إقرار المزيد من التدابير مع حلول نهاية العام الجاري. وأضاف هاردي: “لعب الطرفان أورقاهما الحزبية وأسهموا في تأجيل الدعم المقدم إلى العاطلين عن العمل والقطاعات الأكثر تضرراً من أزمة كوفيد-19. وأدى ذلك في أحسن الأحوال إلى إضعاف زخم الانتعاش الاقتصادي، بينما يعني في أسوأ الأحوال بأنّنا نُخاطر بحدوث ركود جديد والتسبب بالمزيد من الضرر على الاقتصاد في ظلّ تهاوي الشركات، الأمر الذي سيزداد فداحة في حال عدم إقرار أي برنامج دعم ضخم جديد لغاية تنصيب الإدارة الجديدة في أواخر شهر يناير”.