لم تكن مسألة التحول الرقمي تحظى بأولوية كبيرة في أوساط معظم المدراء التنفيذيين الماليين حتى الأعوام القليلة الماضية. وعلى الرغم من أنهم أدركوا أهمية تكنولوجيا المعلومات، لم يكن المدراء الماليون يعيرون التكنولوجيا الرقمية الاهتمام المطلوب، إذ كانوا يعتبرونها تجربة متعلقة بالعملاء أو استراتيجية للقنوات وحسب. لكن هذه الصورة بدأت بالتغير بسرعة نظراً إلى دور التكنولوجيا الرقمية في فتح آفاق واتجاهات جديدة أمام التخصصات المالية لتصبح معتمدة على التقنيات الرقمية والبيانات.
ما سبب تنامي اهتمام المدراء الماليين بالتقنيات الرقمية واعتبارها أولوية؟
يرى بيتر بينش، نائب الرئيس التنفيذي بشركة سايج أفريقيا والشرق الأوسط أن: “المدراء الماليون يؤدون دوراً بالغ الأهمية في الإشراف على الأمور المتعلقة بالبيانات والاحتيال والأمن السيبراني وخصوصية البيانات بالتعاون مع فرق المخاطر والامتثال. ويتعين عليهم معرفة المخاطر الجديدة التي تتولد جرّاء استخدام التكنولوجيا الرقمية، إضافة إلى طرق استخدام هذه التقنيات لتحسين عملية اتخاذ القرار بشكل فوري وتعزيز مرونة الأعمال وقوتها.”
ويضيف: “علاوة على هذا، يشهد دور المدراء الماليين تغيراً بسبب تبني تقنيات مثل السحابة، والذكاء الاصطناعي، وأتمتة العمليات الآلية، والتعلم الآلي. وقد أدى هذا المزيج من التقنيات إلى نشوء جيل جديد من صانعي القرار القياديين في القطاع المالي الذين يستخدمون البيانات والتكنولوجيا الناشئة لتعزيز مهامهم.”
التكنولوجيا الرقمية لتحسين الأداء المالي
يتزايد تقدير المدراء الماليين لدور التكنولوجيا الرقمية في مساعدتهم على تحسين الأداء المالي. وقد قال أكثر من نصف المشاركين في استطلاع أجرته سايج مؤخراً إنهم يعتقدون أن التكنولوجيا الناشئة ستساعدهم على إنجاز مهامهم وستتيح لهم إمكانية مراقبة المسائل المالية الخاصة بشركاتهم.
إن هذا التبني للتكنولوجيا الرقمية في القطاع المالي يسهم في تعزيز اهتمام المدراء الماليين بأن يكون لهم دور أكبر في استراتيجية التحول الرقمي ضمن شركاتهم. كما أن غرس الثقة بالتكنولوجيا التي ستؤتمت معظم المهام والعمليات المالية والسماح للبيانات بتغيير ديناميكية اتخاذ القرار، سيمنح كبار المدراء الماليين مزيداً من الوقت للتركيز على الرقمنة وتعزيز النمو.
إن المدراء الماليين هم أفضل من يفهم مدى أثر تبني التكنولوجيا الرقمية على مؤشرات الأعمال الرئيسية ونتائجها. وإن التحول الرقمي لم يعد مسؤولية المدراء التنفيذيين لتكنولوجيا المعلومات وحسب، بل أصبح أمراً أساسياً ضمن استراتيجية الأعمال ككل.
وفي حين أن الرؤساء التنفيذيين للشركات يطرحون رؤيتهم للتحول الرقمي، وأن المدراء التنفيذيين لتكنولوجيا المعلومات يقترحون الوسائل المناسبة، يمكن للمدراء الماليين المساعدة على وضع الميزانيات والمؤشرات المطلوبة للنجاح. لا شك بأن رؤية المدراء الماليين إزاء المسائل المالية هامة جداً لتتمكن الشركات من تحقيق عائد حقيقي من الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية. وبإمكان الشخصيات القيادية التنفيذية جميعها أن تعمل معاً لتطوير استراتيجية لإيلاء الأولوية للاستثمارات الرقمية التي تحقق أفضل النتائج الممكنة.
من الواضح أن المدراء الماليين المعاصرين يتحولون إلى محللين في الوقت الحقيقي، وأنهم أصبحوا جزءاً من أعضاء الفريق الإداري التنفيذي الذي يقود برنامج التحول الرقمي في الشركات.
إن القسم المتخصص بالشؤون المالية لم يعد مجرد أداة لإعداد التقارير، بل أصبح مركزاً حيوياً للرؤى والبيانات المفيدة التي تحفز مبادرات الأعمال. لذا فإن المدراء الماليين الذين يسخّرون التكنولوجيا لصالحهم سيحققون الريادة في الأوقات الصعبة وسيتمكنون من استخدام التقنيات الرقمية لإحداث أكبر أثر في قطاع الأعمال.