مترجم بتصرف: مقال لـ تمارا بوبيتش
يستعد مارسيل مونستر– مؤسس صندوق جريتي – حالياً لتقييم عروض رواد الأعمال الطموحين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و ذلك بوسيلة مبتكرة تقوم على اختبار هدوئهم تحت الضغط.
يستقبل صندوق جريتي، وهو أول صندوق استثماري في العالم يركز على الأداء العقلي والبدني للمؤسس، طلبات المشاركين في تحدي PitchUpInTheSky # (آخر موعد للاشتراكxx، يمكنك التقديم هنا) للفوز باستثمار بقيمة 10,000 دولار أمريكي، إلى جانب الحصول على توجيه إشرافي لمدة عام واحد من جريتي وعدد من الخدمات والامتيازات الخاصة من مؤسسات رائدة مثل Lark Suite Pro و مايكروسوفت للشركات الناشئة. ويتيح هذا التحدي المقام بالتعاون مع منصة “تيك توك”، الفرصة أمام المتأهلين لعرض أفكار مشاريعهم الناشئة أثناء القفز بسرعة عالية من مركز القفز بالمظلات الشهير سكاي دايف في دبي، حيث سيقوم المتأهلون بطرح فكرة مشروعهم من السماء في أكثر مشاهد عروض أفكار المشاريع الناشئة واقعيةً وتشويقاً في التاريخ.
وفي الوقت الذي قد يتساءل فيه البعض عن مصدر فكرة عرض أفكار المشاريع من خلال القفز من طائرة، والتي قد لا تكون جزء من خبرة مونستر المهنية إلا أنها مرتبطة بما ساهم في التأثير على حياته اليوم. حيث يقول مونستر: “في عام 2006، عندما كنت طالبًا في كلية الطب، تقدمت بطلب للحصول على وظيفة في شركة ألمانية تقدم خدمة تسليم نخاع العظام لمرضى اللوكيميا في معظم دول العالم، على الرغم من خوفي الشديد من الطيران “. ويتابع: ” السبب الوحيد الذي دفعني نحو هذا النوع من الوظائف كان إيماني بمدى أهمية هذه المهمة في إنقاذ حياة الإنسان، الأمر الذي يفوق في أهميته خوفي من السفر. ما كنت لأكون ما أنا عليه اليوم لولا هذه التجربة. حيث شكلت بالنسبة لي أول مثال للتغلب على الخوف، ونقطة تحول غيرت حياتي. فلولا هذه التجربة كطالب، لما تشكلت لدي الخبرة والعلم الذي أملكه اليوم”.
قبل تأسيسه صندوق جريتي، أسس مونستر خدمة TraveDoc ، المعروف أيضًا باسم Doctor in Your Pocket ، وهي منصة توفر خدمة الكونسيرج الطبية الرقمية العالمية. وقبل دخوله عالم ريادة الأعمال، كان مونستر مستشاراً في إدارة الرعاية الصحية وتم تدريبه كطبيب وخبير في الصحة العامة في مقر مستشفيات جونز هوبكنز الطبية، الهيئة الصحية الأكاديمية المرموقة على مستوى العالم، في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند في الولايات المتحدة والمعروفة بوضع معايير التميز في التعليم الطبي والبحث والرعاية السريرية. وفي الوقت الذي قد يكون فيه التغيير الذي تبناه مونستر في مساره المهني أمراً مألوفًا وطبيعياً بالنسبة للكثيرين في مجال الشركات الناشئة، وعلى الرغم من أن الأسباب الكامنة وراء مثل هذه القرارات قد تبدو مختلفة في ظاهرها، إلا أنها غالباً ما تعود إلى حقيقة قدرة تحقيق الشخص لأحلامه في إحداث تأثير وفرق في حياة الناس. يقول مونستر: “أحب مجال الطب لأسباب عديدة، ولكن السبب وراء قراري بالانتقال من الطب كمهنة يومية إلى ريادة الأعمال هو أنني شعرت أن دوري سيكون أكبر بكثير من خلال دعم هذه المنظومة من الخارج.” ويوضح موينستر، أن مفهوم التنافس هو ما دفعه بعيدًا عن هذا المجال. ويقول: “إن مهنة الطب هي مهنة فردية، وليست جماعية”. “قد يبدو الأمر كذلك، ولكنني أراه على العكس تماماً، لأنه ببساطة عندما يكون لديك أهداف مهنية معينة في مثل هذه المهنة، فإنك تحتاج إلى بناء سمعة على مدى فترة طويلة جدًا من الوقت، وفي معظم الحالات، يؤدي ذلك إلى سلوك تنافسي قوي للغاية. وفي كثير من الأحيان، يتعلق الأمر أكثر بـ “ما الفائدة بالنسبة لي؟” بدلاً من “ما الفائدة بالنسبة لنا؟”
ويؤكد مونستر بأن رحلته وانتقاله من طبيب حاصل على تدريب عال المستوى من جامعة جونز هوبكنز إلى مؤسس Doctor in Your Pocket ، منصة خدمة الكونسيرج الطبية الرقمية العالمية المتوفرة في أكثر من 180 مدينة حول العالم، كانت درسًا في الإنسانية والتواضع. ويشير: “كنت في هذا القفص الذهبي للأطباء المدربين على يد جون هوبكنز حيث تعلمنا أننا الأفضل في العالم! الأمر الذي مع الوقت سيطر على تفكيرنا”. ويضيف: “لذلك، عندما أصبحت رائد أعمال، أدركت أنني لم أكن الأفضل. كانت تلك تجربة متواضعة للغاية. حيث تغير أسلوب تفكيري، وهذا لا يعني أنني اليوم أستمع ببساطة إلى الجميع، لكنني متواضع جدًا بمعنى أنني أتعلم حقًا كل يوم. ما يجعلني أتقدم نحو الأمام وأحقق أهدافي هو التواضع والفضول. وفي رأيي، الدخول في ريادة الأعمال لكسب المال فقط هو الحافز الخاطئ، لكن الحافز الصحيح هو التواضع والفضول، والاهتمام بما تقوم به “.
ومع ذلك، فإن إنشاء شركة رقمية من قلب بوسطن في عام 2012 لم يكن أمراً سهلاً لأسباب عديدة أخرى، كما يوضح موينستر. ويقول: “بمجرد أن أطلقنا الموقع الإلكتروني الخاص بنا، وبمجرد فوزنا بأول استثمار، بدأنا بالتفكير في السوق الذي يمكننا فيه اختبار منتجنا، لذلك ذهبت في رحلة حول العالم، لأنني أدركت في ذلك الوقت أنني لن أتمكن من تحقيق أي شيء ما لم أفهم ما الذي يتطلبه الأمر لتشجيع المنتج في سوق معين. كما يقول: “جعلني ذلك أدرك بأن عملي كطبيب ممارس يختلف كل الاختلاف عن كوني طبيباً أحاول إقناع أطباء آخرين بالانضمام إلى منصتي. ولكنني تعلمت بفضل ذلك واحدًا من أهم الدروس في حياتي مما مكنني من أن أصبح مندوب مبيعات على أرض الواقع “. وكان الدرس الكبير الآخر بالنسبة لمونستر هو إتقان فن قول “نعم” أو “لا” في الوقت المناسب، وللأسباب الصحيحة. ويقول: “إن تبني مفهوم تصفية الأمور يمنحك قدرة فريدة على متابعة حدسك من أجل السعي وراء الطريق الذي تعتقد أنه الأفضل”. ويضيف: “السبب هو أنك في ريادة الأعمال تتعامل مع الاحتمالات. فإذا كان الأمر يقيناً، فسيصبح الجميع أثرياء! وسيقوم الجميع ببناء الشركات! ولكن الأمر في الحقيقة مرتبط دائماً بالاحتمالات “.
ساهم تفاني والتزام مونستر في اختيار مشروعه ” Doctor In Your Pocket ” من قبل منتدى الصحة الرقمية “كأفضل شركة ناشئة في مجال الصحة الرقمية” في عام 2014، بالإضافة إلى فوز شركته الناشئة في معرض “ويب إن ترافل الشرق الأوسط”. وفي عام 2015، تم اختيار مونستر للمرحلة النهائية لجائزة “رواد الأعمال” التي تنظمها شركة إرنست ويونغ “EY” . وفي تلك الفترة، بدأ موينستر يدرك أهمية الربط بين حياة رائد الأعمال الشخصية والمهنية، بمعنى أن الظروف الصعبة التي يواجها رائد الأعمال على الصعيد الشخصي من شأنها أن تؤدي إلى نتائج مهنية أقل مواتية، والعكس صحيح. ويقول: “قبل أن أصبح رائد أعمال، كنت رياضيًا محترفًا [كان مونستر جزءًا من مركز التدريب الأولمبي الألماني كعداء للمسافات المتوسطة]، وعلى الرغم من امتلاكي لعقلية ترتكز على الانضباط والالتزام في الأداء، إلا أنني خرجت عن مساري بسبب انشغالاتي العديدة بكل ما كان يحدث من حولي مما شوش رؤيتي للأمور بعد ذلك. ويتذكر مونستر: ” من هنا ظهرت فكرة الأداء البشري كمحرك أساسي لنجاح الأعمال. واليوم، أعتبر نظرتي للأمور أكثر وضوحاً. وتأتي صحتي في مقدمة قائمة أولوياتي، وكل شيء آخر يأتي بعد ذلك “.
اليوم، أحد الشعارات الرئيسية لصندوقه في المرحلة المبكرة هو مساعدة مؤسسي الشركات الناشئة على امتلاك إمكاناتهم، حيث يعد الهدف النهائي لصندوق جريتي هو تعزيز معدل نجاح الشركات الناشئة التي تفشل بسبب إرهاق المؤسسين ونسبتها 65٪، وبالتالي تغيير نموذج الاستثمار العالمي للاستثمارات في المراحل المبكرة. ويقول: “لا يمكنني تغيير عقلية قطاع الاستثمارات العالمي بمفردي، ولكن يمكنني إحداث تغيير قد يكون صغير الحجم ولكنه كبير في التأثير من خلال استخدام البيانات التي نجمعها والبحث الذي نقوم به في الصندوق بهدف إثبات أن الراحة النفسية والبدنية للمؤسسين من شأنها أن تحدث فرقًا كبيرًا في أداء العمل”. يركز الصندوق بشكل أساسي على استثمارات الرعاية الصحية في الشرق الأوسط وأفريقيا. ويمتلك أقل من 10 ملايين دولار تحت إدارته، ولكن بسبب الاستثمار في المراحل المبكرة – تتراوح من 25000 دولار إلى 50000 دولار – يهدف المشروع إلى الوصول إلى عدد أكبر من مؤسسي الشركات الناشئة وتحفيزهم لإثبات أن الوضع النفسي والجسدي قد يؤدي إلى أداء أفضل.
هل هي فرضية ستحظى بدعم المستثمرين في جميع أنحاء العالم؟ يقول موستر: “هدفي الآن هو تحديد هؤلاء المستثمرين المهتمين بهذه النظرية بشكل كافٍ لدعمه فعليًا”. ويضيف: “لقد بذلت الكثير من الجهد من أجل جمع وبناء فريق بحثي متمكن، لسبب محدد للغاية: كل ما نقوم به يجب أن يكون مدفوعًا بالبيانات. وما هو قابل للقياس يمكن إدارته، وما يمكن إدارته قابل للتنفيذ. وإذا كان هدفي هو مجرد الحديث عن ذلك، ماكنت ذهب بعيداً! لكن مهمتنا في بناء دليلٍ فعلي على هذا [كيف تؤثر الحالة النفسية والجسدية للمؤسس على إنتاجية أعماله]، ستحدث فرقًا في المستقبل. لذلك، فإن الجمع بين التحليلات والبيانات لإثبات وجود نقطة تلاقي بين رفاهية المؤسسين ونتائج الأعمال ذات الصلة هو ما أعتقد أن مجتمع الاستثمار سيفهمه في النهاية”. ويشير مونستر إلى أنه وجد بالفعل دعمًا لمساعيه – يشمل الشركاء المحدودون الحاليون لصندوق جريتي من رؤساء تنفيذيين سابقين ضمن قائمة فورتشن 100 ومن Becton Dickinson وغيرهم من رواد الأعمال البارعين. لقد وصل إدراك أهمية الصحة النفسية إلى ذروته على عكس أي وقت مضى. فهو موضوع عالمي بطبيعته. نحن محظوظون بقائمة المستثمرين الذين جذبناهم والتي تضم أشخاصاً بارعين للغاية، ويدركون جيداً ما نحاول تحقيقه. أما بالنسبة للبقية، في حين أن عملنا مهم جدًا من وجهة النظر العاطفية، فأنا أدرك أنه في مجتمع الاستثمار [بشكل عام]، فالأرقام هي العامل الأهم. وهو الأمر الذي نحاول الوصول إليه”، يختتم مونستر.