يتحدث رواد الأعمال الذين يقفون وراء شركة “Hopi” الناشئة التي يقع مقرها في دبي حول آفاق نمو شركتهم
مترجم بتصرف: مقال لـ كريستيان ستينسون وتشارلز رايت
هدفت آلاف منتجات العلامات التجارية التي تصل مباشرة من المنتج إلى المستهلك خلال الفترة من 2009 وحتى 2020 من القيام بمهامها بسرعة وبكلفة منخفضة. ومدعومة بالمراجحة الإعلانية الرقمية، فإن عرض القيمة كان بسيطاً وتمثل بوصول السلعة مباشرة من المنتج إلى المستهلك من دون وسيط في المنتصف. واليوم كثير من الشركات التي تتعامل مباشرة مع المستهلك ومنها العلامات التجارية العمودية الأصلية تتبارى لتفوز بحصة ومتطلبات جيل الألفية. فمنطقة سيليكون فالي وبيئة الاستثمار العالمية تسير وفق منهجية واضحة تتلخص بثلاث كلمات وهي النمو والنمو والنمو.
وتتميز المنتجات العالمية والعلامات التجارية الثرية بنموها السريع وجودة منتجاتها وحصولها على بيانات عملائها، الأمر الذي يمكنها من الوصول بسهولة إلى الأسواق العالمية. وتلجاً العلامات التجارية العمودية الأصلية إلى التنافس مع بعضها على نفس العميل ضمن نفس المنصات، حيث ارتفعت أسعار الاستحواذ مع التنافس على المساحات الدعائية المحدودة. وبالتالي فإنه مع نمو الشركات، فإن كلفة الاستحواذ على العمل ترتفع كذلك.
وتعاني العلامات التجارية العمودية الأصلية من ارتفاع كلفة الاستحواذ وتبدو كفقاعة. يقول شاماث باليهابيتيا، نائب الرئيس السابق للنمو في فايسبوك والرئيس التنفيذي الحالي لـ “Social Capital” أن كل 0.4$ من رأس مال المشروع تذهب مباشرة للاستحواذ على المستهلك. فالتنافس على نفس المخزون، ومخاطبة ذات الجمهور، وتعزيز الطلب على نفس العقار يجعل من أسعار الإعلانات ترتفع بشكل غير مسبوق.
ولكن هذه الفقاعة على وشك الانفجار.
ولنأخذ شركة “Casper” على سبيل المثال. ففي العام 2018، خسرت الشركة 92 مليون دولار أمريكي بعد أن حصلت على إيرادات وصلت إلى 358 مليون دولار أمريكي، ولم تعد إلى الربحية منذ بدء أعمالها. ويقول جايسون ستوفر، الشريك في شركة “Maveron” عند حديثه عن شركة “Casper”:” إذا ما أرادت هذه الشركة أن تتحول إلى الربحية والاستدامة، فعليها إما أن تصبح أكثر فعالية في الجانب التسويقي، أو عليها أن تنظر إلى وسائل أخرى لتوليد قيمة دائمة ومستمرة لقاعدة عملائها.” وبحلول سبتمبر 2019، أنفقت “Casper” 423 مليون دولار على التسويق. وتعمل “Casper” حالياً على طرح أسهمها للاكتتاب في نهاية هذا العام. وهنا نقف أمام معضلة جديدة: هل الاكتتاب ينقذ الشركات أم يعتبر علامة ومؤشراً على النجاح؟
وجذبت منطقة الشرق الأوسط الكثير من رؤوس الأموال الاستثمارية على مدى السنوات القليلة الماضية، في حين تبرز المشاريع الناشئة التقنية كأولوية مع وجود ندرة في العلامات التجارية. ولكن يبرز في هذا المجال الحديث عن النمو مهما كلف الأمر. وحتى في فترة أزمة كوفيد-19، فإن أغلب من أعلن عنه كان على سبيل المثال تحقيق نمو بنسبة 800% خلال الأزمة في حين انعدم الحديث تماماً عن الاستدامة والربحية.
وقت التحقق من الواقع
تسريح العمال من شركات معروفة مثل “Airbnb” و “Uber” و”كريم” في المنطقة يجب أن يكون معياراً للتوقف قليلاً والتحقق من الواقع. فالنمو مهما كلف الأمر لا يجب أن يحدث بسرعة. وعلينا التخلي عن عقلية “سنجمع مزيداً من أموال المستثمرين وعندها سنحاول مجدداً أن نتحول للربحية.” أو “عندما نحصل على حصة في السوق، فإننا سنحاول التحول إلى الربحية.” عالم ما بعد كوفيد-19 يجب أن يشهد إعادة توجيه للبوصلة والتركيز على كيفية بدء وبناء وتسريع نمو الشركات.
وركزنا في شركتنا “Hopi” وهي علامة تجارية تبيع مباشرة للمستهلك عدسات لاصقة، على أن نصبح علامة تجارية عمودية أصلية رائدة. لا نعتمد على فكرة النمو مهما كلّف الأمر، ولم نضع نصب أعيننا الاستحواذ للحصول على الأموال، لأن هدفنا فقط هو الربحية. فإذا كان هدفنا بالربحية يعتمد على الاستحواذ، فسنلجأ إليه، ولكننا من اليوم الأول وضعنا الاستدامة نصب أعيننا وأزمة كوفيد-19 أكدت ذلك.
وعندما يتعلق الأمر بطريقة نمونا، تعتبر شركتنا “Hopi” جملاً (الإبل) وليست وحيد قرن. وقد استخدمت الإبل قديماً في العديد من الحروب بسبب قدرتها على السفر مسافات طويلة بدون ماء أو غذاء، وبسبب قدرتها على حمل أحمال ثقيلة. وتعتبر الإبل مرنة والأمر كذلك مع شركة “Hopi”، حيث نريد أن نواجه تحدي الزمان وأن يرتدي عملاؤنا عدساتنا اللاصقة للعشرين أو الثلاثين عاماً المقبلة.
ويرجع هذا الأمر أساساً إلى الثقة. يقول مورجان هوسيل، شريك في “Collaborative Fund” وكاتب المقال السابق في “Motley Fool” و “The Wall Street Journal”:” التسويق يزداد رخصاً والثقة تزداد سعراً. جذب الأنظار لم يعد ميزة تفرقك عن غيرك. بناء الثقة مع الذين ينظرون إليك هو ما يهم. الحصول على اهتمام الناس لم يعد مهارة. بل الحفاظ على اهتمام الناس هو المهارة بحد ذاته.”
ولحسن الحظ، نوفر في “Hopi” منتجات قابلة للتجديد. ويحتاج عملاؤنا إلى إنتاج متجدد من العدسات كل شهر. وإعادة التسويق لعميل قائم هو أرخص بشكل كبير من محاولة إقناع عميل لأول مرة بشراء منتجاتك، وهي أرخص بحوالي 90% تقريباً.
وعندما نستحوذ على عميل، نعرف أنه بحاجة إلى عدسات. وعندها تصبح مسؤوليتنا الحفاظ على العميل في نظامنا والعمل لضمان عدم عودته لمورده القديم. القيمة العمرية للزبون هي المقياس الرئيسي الذي نتتبعه في عملنا، وبمعنى آخر فإن ذلك يعني إجمالي المبالغ التي يتوقع أن يصرفها العميل في شركتك مع الوقت. وبعكس البضائع التي تستهدف العملاء، فإن القيمة العمرية للعدسات اللاصقة كبيرة جداً تمتد لمدى الحياة، إلا إذا كان العميل قد أجرى عملية ليزر لعينيه. ولذلك نركز على كيفية تحويل العميل الجديد إلى عميل لمدى الحياة.
ومن خلال التركيز على تجربة ما بعد البيع، والمحافظة على الحوار مع العميل، نكون قادرين على خفض الاحتكاك خلال عملية الدفع، وزيادة ولاء المستهلك. لدينا قدرة فريدة من نوعها على جميع بيانات متخصصة حول العميل مما يساهم في وضعنا لتجارب تركز على العميل.
كن جملاً ولا تكن وحيد قرن
“العلامات التجارية لا تعني شيئاً. المستخدم هو العلامة التجارية. هو الرئيس التنفيذي.” يتردد صدى هذه المقولة التي قالتها إيميلي فيس، مؤسسة “Glossier” لتنسجم مع عملنا. تقريباً 80% من نمو “Glossier” مصدره التوصيات الشخصية في حين ان مؤسسات التجزئة التابعة لهم تدر إيرادات مبيعات أكثر للقدم المربع من متاجر أبل.
وعوضاً عن صرف الأموال في الاستحواذ على العملاء، تستثمر “Hopi” في تجربة العلامة التجارية لتعزيز المحافظة على العميل وولائه والتوصيات الفردية الشخصية.
وقد وضعت وطبقت شركة “Gillette” تكتيكاً خاصاً للبيع بات مستخدماً اليوم بكثافة من قبل العلامات التجارية، وما زال محور دراسات حالة من العديد من كليات الأعمال، يتمثل في بيع المنتج الأساسي بسعر منخفض ليتعود المستهلك على قيمة عمرية عالية. فتاجر التجزئة يستخدم استراتيجية شفرة الحلاقة ويقوم بعدها يبيع منتجٍ ذات علاقة بسعر ممتاز ليعوض كلفة الاستثمار وبالتالي يحقق ربحية.
وتقوم العلامات التجارية الشهيرة بتطبيق هذه الاستراتيجية كمحفز أساسي للاستحواذ على العميل مثل توفير تجربة اشتراك مجانية على منتج ما ومن ثم منح المنتج مجاناً. وعندما يشترك العميل في هذا العرض، يدفع العميل بعد 10 أيام السعر الكامل للمنتج. وتركز هذه العلامات التجارية في مقاييسها على الاستحواذ على عملاء جدد حيث ستعود هذه الشركات في نهاية الشهر إلى مجالس إدارتها وتكتب تقريراً عن النمو من دون ذكر العملاء الذين يلغون اشتراكاتهم.
وقد قررنا في “Hopi” عدم اعتماد هذا التكتيك في البيع، لأننا لسنا قادرنا على إعطاء المنتج مجاناً. وبدلاً من إعطاء المنتج وخداع العملاء، نركز على مركزية العميل، في حين أننا نقيس يومياً عدد العملاء الذين يلغون اشتراكاتهم في فترة زمنية معينة.
وللأسف أدت أزمة كوفيد-19 إلى انخفاض هائل في عدد العملاء الذين ألغوا اشتراكاتهم في “Hopi”. وبالنسبة للعديد من الشركات، قد يشعر أصحاب القرار بالذعر، ولكننا هنا في “Hopi” تدفعنا منهجيتنا التي تركز على العميل إلى الابتكار. نظرنا بعمق إلى الأسباب التي تجعل العملاء يلغون طلباتهم، ووجدنا أن الشريحة الأكبر من هؤلاء لا يرتدون عدسات بشكل يومي لأنهم لا يذهبون إلى أعمالهم. ووصلنا إلى خلاصة بأن الاشتراك الشهري لا يلائم الجميع.
وقررنا التأقلم مع احتياجات عملائنا، وقمنا بليلة وضحاها بتطوير صفحة رئيسية جديدة مع خيارات جديدة غير ملزمة ولمسنا على إثرها اتجاهاً للنمو. لم يرد الجميع اشتراكاً، بل أرادوا الحصول على عدسات دون التزام بدفعات شهرية. شاهدنا عدداً من العملاء يلغون اشتراكاتهم الشهرية ويلجؤون لشراء مخزون من العدسات لمدة ستة أشهر دفعة واحدة. وقد نجحنا في السيطرة على عدد العملاء الذين يلغون اشتراكاتهم مع جذب شريحة جديدة من العملاء لنموذجنا الجديد.
وقد دفعتنا أزمة كوفيد-19 إلى إجراء تغييرات، ولكن أكثر من ذلك، أكدت أهمية مركزية العميل. فمن تحميل العدسات وإيصالها للعميل، وضمان حصول العميل على توضيحات في حال تأخر الطلب، نؤمن بأن عميلنا أولوية. ومع ارتفاع كلفة الاستحواذ على العميل في المنطقة، نعمل على المحافظة على عملائنا وضمان مبيعاتنا المستقبلية عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتسويق الإلكتروني.
عودة كفاءة رأس المال
مع الأخذ بالاعتبار كل هذه المتغيرات، فإن الامتحان الحقيقي لعلامة مثل “Hopi” يبقى التوسع ودخول السوق. لن نبتعد عن هدفنا في التحول إلى علامة عالمية، والتي نحتاج لتحقيق ذلك إلى جولة جديدة من الاستثمار في مرحلة ما، ولكنها ستكون استراتيجية نمو تعتمد على كفاءة رأس المال. هذا النمو على الأرجح سيكون أكثر جذباً للمستثمرين في عالم ما بعد كوفيد-19. نحن نعمل لخلق شركة تحقق أرباح على المدى البعيد، وتكون قادرة على مواجهة تحدي الوقت لتصبح إحدى قصص النجاح في مجال العلامات التجارية التي تصل مباشرة من المنتج إلى المستهلك والعلامات التجارية العمودية الأصلية.
السيرة الذاتية للمؤلف
كريستيان ستينسون وتشارلز رايت هما المؤسسان المشتركان لشركة “Hopi”، علامة العدسات اللاصقة التي تصل من المنتج إلى المستهلك. Behopi.com