أفاد مسؤولو شركات عقارية بأن شركات صغيرة ومتناهية الصغر وشركات جديدة، لجأت إلى حلول مبتكرة لخفض كلفة الأعمال والتقليل من تداعيات «كوفيد-19»، وعلى رأسها العمل في إطار مراكز الأعمال، ومراكز العمل المشتركة، والاستغناء عن المكاتب ونقل أعمالها إلى المنزل واستئجار مكاتب صغيرة، وفقاً لصحيفة الإمارات اليوم.
وأوضحوا أن شركات سمحت لموظفين بالعمل عن بُعد (خارج الإمارات)، خصوصاً في ضوء عدم قدرتهم على العودة للدولة، وعدم تأثر العمل، ما ساعد هذه الشركات على الانتقال لمساحات أصغر أو العمل من مراكز الأعمال، مع الاتفاق على عقود جديدة مع موظفيها.
وقال خبير عقاري إن الشركات مجبرة على التأقلم مع الوضع الجديد لتقليل الكلفة، لافتاً إلى أن جائحة «كورونا» أظهرت أن النجاح في العمل لا يتعلق بمساحات المكاتب بل بتطوير خدمة المتعاملين، ودعا إلى إقرار تشريعات تتضمن السماح بالدوام الجزئي عبر عقود محددة للمحافظة على الموظفين وعدم الاستغناء عنهم بشكل كامل.
شركات صغيرة
وتفصيلاً، قال المدير التنفيذي لمركز «سكاي لاين» لخدمات رجال الأعمال، نادر حسن، إن «شركات صغيرة ومتناهية الصغر وشركات جديدة لجأت إلى حلول مبتكرة عدة لخفض كلفة الأعمال والتقليل من تداعيات (كوفيد-19)».
وأضاف أن من ضمن هذه الحلول المبتكرة، العمل في إطار مراكز الأعمال ومراكز العمل المشتركة، موضحاً أن هذه الحلول تناسب الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر والشركات الجديدة، التي لا تحتاج إلى مساحة كبيرة، ولديها عدد قليل من الموظفين، وتحتاج إلى خفض كلفة الأعمال في هذه الفترة.
ونوّه حسن بأن العمل من خلال مراكز الأعمال، يتركز في تقديم العديد من الخدمات لعدد من الشركات في المركز بشكل مشترك، وتكون من ضمن الإيجار السنوي الذي تدفعه الشركات، مثل الاستقبال وخدمات الطباعة والإنترنت، وغرف الاجتماعات المجهزة بالأدوات، وخدمات الضيافة والتنظيف، وخدمات الإشراف الإداري.
ولفت إلى أن مراكز الأعمال تساعد في خفض الكلفة بنسب تتجاوز 50%، حيث يبدأ الإيجار السنوي للشركة الواحدة من 12 ألف درهم سنوياً، لكن يراوح بشكل أساسي بين 20 ألفاً و60 ألف درهم سنوياً، بينما تحتاج أي شركة للاستئجار في الأبراج المكتبية إلى 120 ألف درهم تقريباً، شاملة الإيجار والخدمات التي تحتاج إليها الشركة، مشيراً إلى أن مفهوم مراكز الأعمال يوفر تكاليف كبيرة، كما يعطي فرصة التعرف إلى عدد كبير من الشركات في بيئات أعمال مناسبة.
وركز على أن مراكز الأعمال نشأت منذ نحو 10 سنوات في الإمارات، لكنها شهدت تطوراً كبيراً وإقبالاً متنامياً من أصحاب الأعمال الصغيرة خلال مرحلة «كوفيد-19»، مشدداً على وجود إقبال من الشركات المتناهية الصغر والصغيرة كذلك على أماكن العمل المشتركة، وهو مفهوم يفيد الشركات الصغيرة التي لا تحتاج إلى مساحات كبيرة، وتحتاج إلى مكاتب بشكل مؤقت، كما يفيد هذا المفهوم الذين يعملون بشكل حر، حيث يتم تأجير المكان بالساعة، ويوفر كل خدمات مراكز الأعمال بشكل مشترك، ويوفر أماكن لاستقبال عملاء الشركات وغرفة اجتماعات مع بيئة مناسبة للعمل.
طلب كبير
من جانبه، قال مدير شركة «بلاتنيوم هوم»، أحمد صلاح ربيع، إنه «يوجد طلب كبير من جانب الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر والجديدة، خلال الفترة الراهنة، على استئجار مكاتب ومساحات للعمل في مراكز الأعمال، بهدف تقليل الإيجار وخفض كلفة الخدمات، ما يخفض من كلفة العمل ككل، والتقليل من تداعيات (كوفيد-19)، خصوصاً أن الإيجارات تمثل جانباً كبيراً من الكلفة».
وأوضح ربيع أن الإيجار السنوي لمكاتب ومساحات في مراكز الأعمال تراوح بين 20 ألفاً و60 ألف درهم سنوياً، شاملة كلفة جميع الخدمات، بما فيها المياه والكهرباء والإنترنت، وموظف الاستقبال والسكرتيرة، وخدمات التنظيف وغيرها، مشيراً إلى أن صاحب الشركة يحتاج إلى أكثر من ضعف هذا المبلغ تقريباً لاستئجار مكتب كامل وتجهيز الديكور الخاص به، فضلاً عن دفع نفقات الخدمات.
وأشار إلى أن هذه السياسة تناسب الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، التي توظف عدداً قليلاً من الموظفين والشركات الجديدة التي تبدأ نشاطها، لافتاً إلى أنه في ما يتعلق بالشركات الجديدة فإن العمل في مراكز الأعمال يتيح لها تجربة العمل بتكاليف أقل، وفي حالة نجاح العمل يمكن لصاحب العمل التوسع واستئجار مكتب أكبر بشكل منفرد في مرحلة لاحقة.
وأكد على وجود طلب متنامٍ في الفترة الراهنة كذلك على العمل في مراكز العمل المشتركة، التي تعد حلاً جيداً للعاملين الذين يحتاجون إلى مكاتب بشكل مؤقت ويعملون بشكل حر، حيث يتم التأجير بالساعة.
حلول مبتكرة
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتوم» لإدارة جمعيات الملاك، سعيد عبدالكريم الفهيم، إن «العديد من الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، لجأ إلى حلول مبتكرة مثل العمل في مراكز الأعمال بدلاً من استئجار مكاتب وتحمّل نفقات الخدمات بمفردها، وتركت شركات مكاتبها الكبيرة واستأجرت مساحات أصغر لخفض الكلفة، كما لجأت شركات إلى التفاوض مع الملاك من أجل تقليل الإيجارات، ونجحت بالفعل في ظل الظروف الراهنة، خصوصاً أن الملاك على علم بصعوبة إيجاد مستأجر آخر، حيث خفض ملاك إيجارات ومنحوا شهوراً مجانية كذلك، ليكون العقد 15 شهراً بدلاً من 12 شهراً على سبيل المثال».
وأوضح الفهيم، في هذا الصدد، أن شركات وافقت على جعل موظفيها يعملون «أونلاين» أو «عن بُعد» في دول خارج الإمارات، خصوصاً في ضوء عدم استطاعة موظفين العودة من إجازاتهم خارج الدولة، وإمكانية العمل عن بعد من دون أي تأثير في العمل، ما سهل على الشركات الانتقال لمساحات أصغر أو العمل من مراكز الأعمال، مع الاتفاق على عقود جديدة مع موظفيها، يتم من خلالها العمل من خارج الدولة، مع خفض الرواتب لتقليل نفقاتها بأكبر قدر ممكن لمواجهة تداعيات الجائحة.
كلفة المكاتب
بدروه، قال الخبير العقاري الرئيس التنفيذي لشركة «ميداليون أسوشيتس»، مسعود العور، إن «كلفة المكاتب شاملة الإيجار وأجور الموظفين، تعد من التكاليف الثابتة الأساسية التي شكّلت أهم الضغوط على الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، في مرحلة (كوفيد-19)، وبالتالي كانت الشركات مجبرة على التأقلم مع الوضع الجديد وتقليل كلفة المكاتب كجزء رئيس من التكاليف الثابتة، مع تعديل نمط نفقاتها بطرق جديدة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على زخم العمل».
وأضاف العور أن شركات كثيرة لجأت إلى استئجار مساحات صغيرة في مراكز الأعمال ومراكز العمل المشتركة، واستئجار مكاتب بمساحات أقل، مع التفاوض مع الملاك لتقليل الإيجار، موضحاً أن شركات كثيرة حاولت الحفاظ على موظفيها عبر العمل عن بعد، والعمل من خارج الدولة في بعض الأحيان، وبالتالي وجدت نفسها ليست في حاجة إلى مساحات كبيرة للعمل، مثلما كان الوضع قبل الجائحة.
وشدد على أن جائحة «كورونا» كشفت للعديد من الشركات أن النجاح في العمل لا يتعلق بمساحات المكاتب، بل بتطوير خدمة العملاء بشكل أكبر وطرق أكثر حداثة، تتركز على الوصول للعملاء والتواصل معهم، مشيراً إلى أن الشركات الناجحة هي التي توفر في نفقاتها غير الضرورية وتعمل على زيادة عدد موظفيها.
ودعا العور إلى إقرار تشريعات جديدة خاصة بنظام العمل، تتضمن السماح بالدوام الجزئي، عبر عقود محددة، للمحافظة على الموظفين وعدم الاستغناء عنهم بشكل كامل، وفي الوقت نفسه المحافظة على وجود دخل ثابت لهؤلاء الموظفين.
العمل من المنزل
قال مدير شركة «بلاتنيوم هوم»، أحمد صلاح ربيع، إن بعض الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، استغنت عن استئجار مكاتب ونقلت أعمالها إلى المنزل، بعد نجاح تجارب العمل عن بُعد خلال الجائحة، مبيناً أن هذه الشركات لديها رخصة عمل سارية بالفعل، لكنها غيّرت مكان ممارسة العمل بهدف تقليل النفقات بشكل جذري خلال الفترة الراهنة.