الاستفادة من الفرص
مترجم بتصرف: مقال لـ تمارا بوبيتش
مساعدة الشركات على الاستفادة من فرص تجارية جديدة في الأسواق الخارجية يشكل أحد أهم جوانب الدعم الذي توفره غرفة تجارة وصناعة دبي إلى الشركات وقطاع الأعمال في الإمارة. ولكن مع أزمة فيروس كوفيد-19 التي أثّرت على الخارطة التجارية العالمية، توجب على غرفة دبي بما تمثله من عضويةٍ لأكثر من 245,000 شركة أن تتأقلم مع الواقع الجديد الذي تطلب منها استكشاف فرص الأعمال عبر الوسائل الرقمية الحديثة.
يقول عمر خان، مدير المكاتب الخارجية في غرفة دبي: “نظمت المكاتب الخارجية لغرفة دبي في الأشهر الأخيرة سلسلة من الندوات الإلكترونية والاجتماعات الافتراضية التي شارك فيها رجال أعمال من الإمارات ودول أخرى في منطقة أوراسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وقد وفرت هذه الفعاليات منصة مثالية لأعضائنا لاستكشاف فرص استثمارية وتجارية واعدة خارج الدولة، في حين استفدنا كذلك من هذه اللقاءات للترويج لدبي كوجهة عالمية للأعمال. لقد سررنا كثيراً بالإقبال الرفيع المستوى والمشاركة الواسعة التي تعكس الثقة المتزايدة بدبي بين المستثمرين الأجانب، ونتوقع اهتماماً أكبر من قبل المستثمرين خلال الأشهر القادمة مع استعداد المزيد من الشركات لمرحلة التعافي في فترة ما بعد كوفيد-19”.
وشملت قائمة الفعاليات الافتراضية التي نظمتها غرفة دبي حتى الآن تنظيم بعثة افتراضية إلى معرض الاستيراد والتصدير الصيني المعروف باسم “معرض كانتون”، بالإضافة إلى تنظيم طاولة نقاش مستديرة حول تجارة الغذاء بين دبي وروسيا، واسكتشاف الفرص الاستثمارية في قطاع الغاز والنفط في موزمبيق، وجميعها حضرها رجال أعمال وممثلو شركات مهتمة بالتوسع في هذه الأسواق. يضيف خان قائلاً:” يمكن للشركات العاملة في دبي الاستفادة من شبكة المكاتب الخارجية التابعة لغرفة دبي للحصول على معلومات وبيانات حديثة وقيمة حول الأسواق الخارجية وفرصها الاستثمارية، والقيام باتخاذ قرارات أعمال مدروسة مبنية على حقائق ودراسات موثقة، والتواصل والتفاعل مع شركاء محتملين من هذه الأسواق لتوسيع أعمالهم في هذه الأسواق. وفي نفس الوقت، نقوم بمساعدة الشركات العالمية الراغبة بدخول سوق دبي واتخاذها مركزاً استراتيجياً لتعزيز وصولها إلى أسواق المنطقة.”
وتعتبر شركة “ترايدلينغ Tradeling” إحدى الشركات التي استفادت من مبادرات غرفة دبي لدعم الشركات العاملة في الإمارة في الوصول إلى الأسواق الخارجية الواعدة. وقد أطلقت شركة “ترايدلينغ” في فبراير من العام الحالي كمنصة رقمية تتعرض منتجات من حوالي 300 مورد من أكثر من 25 دولة. ويشرح محمد شبيب، الرئيس التنفيذي لشركة “ترايدلينغ” نموذج أعمال شركته القائم على التواصل بين الشركات فيما بينها لتوفر منصة رقمية تجمع الموردين الإقليميين والعالميين مع الشركات والأعمال لمواكبة الطلب المحلي، ليؤكد ان نموذج أعماله يتطلب مواءمة الشركات لخططها التوسعية مع كيفية تطور بيئة الأعمال. فعلى سبيل المثال يضيف شبيب، أنه عندما رأت الشركة أن المجالات الأصلية الاعتيادية لعمل شركته (مثل المأكولات والمشروبات ومعدات المكاتب) قد تعرضت لنكسة جراء أزمة كوفيد-19، لجأت الشركة الناشئة إلى التأقلم مع الواقع وتطوير مجال جديد لم يكن أصلاً جزءاً من مرحلة إطلاق الشركة وهو مجال الصحة والعناية بالصحة.
ويشير شبيب قائلاً:” اعتماد هذه التكتيكات المرنة جزء أساسي بالنسبة للشركات الراغبة بتخطي هذه الأزمة. فالشركات المحلية والشركات خارج الدولة على حد سواء تسعى اليوم للبقاء على قيد الحياة والتغلب على تداعيات الأزمة. وقد تعلمنا من تجربة إطلاق شركتنا في عز الأزمة، حيث أننا اليوم أقوى مع تركيزنا الفائق على كيفية التأقلم مع المتغيرات. وبالنسبة للعديد من الشركات اليوم، فإن التأقلم يكون مزيجاً من خفض التكاليف، وهو للأسف يعني في كثير من الأحيان تسريح الموظفين، ومحاولة توليد سيولة نقدية قدر الإمكان، من خلال استخدام البنية التحتية القائمة للتوسع في مناطق أخرى او إدخال منتجات جديدة على قائمة خدماتها.”
ويضيف شبيب أن خطة شركته المبدئية للتوسع في السوق السعودية بحلول الربع الأخير من 2020 ما زال قائماً رغم أزمة كوفيد-19، قائلاً:” نحن شركة مرنة وسريعة التأقلم مع البيئة حولنا، وقد أثبتنا ذلك في دولة الإمارات، وما زلنا ماضيين قدماً في خططنا التوسعية. وبالطبع فإن إطلاق الشركة خلال معرض تجاري يحضره زوار ومهتمون كانوا سيبدو أفضل سيناريو لإطلاق شركتنا، ولكن ومع وضع فيروس كوفيد-19 وفرضه التحول إلى المجال الرقمي، لم يكن لدينا خيار سوى أخذ هذه المتغيرات في اعتبارنا وإدخالها إلى خطتنا واستراتيجيتنا.”
وأشار شبيب إلى انه يجب على أصحاب الأعمال ألا يكونوا صارمين عند تقييم المجالات أو الأسواق الجديدة في أعمالهم قائلاً:” عند التوسع إلى أية سوق جديدة وخصوصاً في فترة ما بعد كوفيد-19، ننظر إلى فرص السوق من خلال تقييم المؤشرات الطويلة المدى مثل حجم التجارة في القطاع، وترتيب شركاء دول الاستيراد والدول المصدرة وعدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة في كل قطاع، وكمية المعاملات التجارية في مجال محدد ونمو الناتج الإجمالي المحلي حسب القطاعات وغيرها. وهذه المؤشرات توفر لنا رؤية نظرية حول إمكانية وجدوى التوسع في منطقة جغرافية محددة، وما هي المجالات والمواد الصناعية والتجارية التي ينبغي علينا التركيز عليها. وننظر بعد ذلك إلى مدى كفاءة القطاع في الأوقات الحالية. ونقيم بالتأكيد كذلك القيمة المضافة التي قد نضيفها إلى اللاعبين في هذه الأسواق التي نخطط للتوسع فيها. وهذا يعني بطبيعة الحال خلق أدوات للبحث والتواصل والتفاعل وبنهاية الأمر نسج علاقات تجارية بين الموردين الدوليين والإقليميين والشركات الراغبة بشراء المنتجات في هذه البلاد.”
وتضع شركة “ترايدلينغ” على أجندتها القادمة مسألة التوسع في أمريكا اللاتينية، حيث يقول شبيب أن مبادرات غرفة دبي للترويج للتجارة الثنائية بين الدول أثبتت فعاليتها بالنسبة لخطط الشركة، مشيراً إلى أن سلطة المنطقة الحرة لمطار دبي (دافزا) تعمل بنشاط على دعم وتنويع التجارة العربية البرازيلية، حيث “تنظر شركة “ترايدلينغ” إلى ذلك كفرصة واعدة لتوسيع حضورها في البرازيل والأسواق اللاتينية. ومؤخراً شاركنا في ورش افتراضية نظمتها غرفة دبي بمشاركة شركات لاتينية، وكان الاهتمام بالعمل معنا كبيراً. والناس حول العالم ينظرون إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص كوجهة واعدة لفرص النمو، ويقدرون جهود شركتنا في تبسيط وتسهيل دخولهم إلى هذه الأسواق. ولذلك لا توجد صيغة واحدة تناسب الجميع لقيادة خططنا التوسعية في العالم. فالأمر يتطلب أكثر من ذلك حيث ينبغي علينا إجراء تقييم دقيق للسوق، والاعتماد على فهمنا الحسي لديناميكيات الأعمال، والذي حصلنا عليه عبر خبرات راكمناها على مدى السنوات الماضية.”
وشهدت المنصة الإلكترونية “Mr Usta” المتخصصة بخدمات المنازل تغيرات وترتيبات متسارعة في عملياتها التشغيلية اليومية لمواكبة متغيرات السوق. ويقول إبراهيم كولاك، الرئيس التنفيذي للمنصة أن أزمة انتشار كوفيد-19 كان لها انعكاسات سلبية على شركته التي كانت تقدم خدمات داخل المنازل نتيجة عدم رغبة الزبائن في الإمارات بدخول أو زيارة غرباء لمنازلهم حتى يتأكدوا من اعتماد وتطبيق جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية. ويضيف كولاك قائلاً:” لقد ساهم عملنا وتعاوننا مع مزودي خدماتنا في تحسين صحة وسلامة موظفينا وعملائنا الذين نزورهم، وإعلام متعاملينا بتفاصيل إجراءاتنا وخططنا بشكل شفاف، بتعزيز ثقة عملائنا ومساعدة شركتنا على العودة إلى النمو بعد التباطؤ.”
ورغم هذه التحديات، وجدت منصة “Mr Usta” فرصاً للتوسع في ظل الأزمة، حيث استحدثت خدمات جديدة متكاملة لتقديمها لعملائها كخدمات تعقيم وتنظيف المنازل والسيارات. ويقول كولاك في هذا المجال:” نظرنا بتمعن إلى احتياجات عملائنا الحاليين من الخدمات، ووجدنا أنهم يريدون راحة البال فيما يتعلق بتنظيف وتعقيم منازلهم ومركباتهم. كما شهدنا زيادة في الطلب على التنظيف العميق للمنازل وتنظيف أجهزة التكييف وخصوصاً في أشهر مارس وأبريل ومايو، الأمر الذي دفعنا للتركيز على تقديم هذه الخدمات وتحسين جودتها والاستثمار في مواردها لتلبية الطلب. وعوضاً عن التركيز على خدماتنا العادية الاعتيادية، ركزنا على قطاعات ومجالات شهدت طلباً متزايداً خلال هذه الفترة.”
وأعلنت منصة “Mr Usta” في يونيو عن شراكة استراتيجية مع عملاق التجزئة في الإمارات “ماجد الفطيم”، والتي سمحت للعملاء بالاستفادة من مجموعة من خدمات ما بعد البيع التي تقدمها في المنازل عند شراء العملاء لمنتجات من علامات ماجد الفطيم مثل “كارفور” وكرايت أند باريل” “وميزون دو موندو”. وستسمح هذه الشراكة بدمج تقنيات منصة “Mr Usta” بالموقع الإلكتروني لماجد الفطيم ومنصاتها الذكية وبرنامج الولاء التابع لها “شير”، الأمر الذي سيسمح للشركة الناشئة بالنمو وتوسيع شبكة عملائها. يقول كولاك:” تمحورت استراتيجيتنا للاستحواذ على عملاء جدد خلال السنتين الماضيتين على الوصول إليهم عبر شبكة شركائنا. وقد أتممنا عقود شراكة هامة خلال هذه الفترة، ونخطط لتوسعة قاعدة عملائنا، وبيع المزيد من الخدمات عبر شبكة شركائنا الإلكترونية. الطلب الكبير على شراء السلع والخدمات إلكترونيا خلال هذه الفترة قد ساعدنا أيضاً، ولذلك فإن مشاريعنا للنصف الثاني من العام ستركز على تحسين جودة خدماتنا في القطاعات الأكثر طلباً، والمحافظة على عملائنا من خلال خدمات عملاء استثنائية.”
.”
وعند سؤاله عن نوع المساعدة والموارد التي قد تحتاجها الشركات لموجهات تحديات المرحلة، أشار كولاك إلى أن الدعم له وجهين وهما خفض تكاليف الأعمال ومساعدة الشركات على إيجاد عملاء جدد. وأضاف كولاك:” إيجارات المكاتب ومعاشات الموظفين تشكل أعلى نفقات الشركات في الوقت الحالي، ولذلك فإن تعليق عقود الإيجارات على الأقل لفترة ستة أشهر سيساعد الشركات كثيراً في المحافظة على عملياتها. إنني أؤمن أنه من المهم الحفاظ على الموظفين والمبدعين من أصحاب المهارات في الشركات والبلاد، الذين ينفقون بدورهم في الاقتصاد، الأمر الذي يسمح لمزيد من الشركات بتوظيف المزيد من الموظفين. ولذلك وبدلاً عن تسريح الموظفين، أعتقد أن دعم الشركات على الأقل لتسديد بعض رواتب موظفيها سيكون حلاً جيداً في هذه الفترة الانتقالية.”
ومن هذا المجال، يشير شبيب إلى أن أزمة كوفيد-19″ سلطت الضوء على أن ” الجانب الرأسمالي من ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما زال في مرحلة الطفولة. بعض المستثمرين استمروا في دعمهم لاستثماراتهم خلال الأزمة لأنهم ببساطة قد اختاروا جيداً استثماراتهم، واستثمروا في نماذج قوية مع فرق عمل مؤهلة. بينما فشل الآخرون بدعم أعمالهم وقاموا بخفضها بشكل كبير، وقد يغلقوا أعمالهم في نهاية الأمر. نصيحتي لأصحاب القرار في دولة الإمارات الاستمرار في دعم منظومة الأعمال عبر توفير مزيد من السيولة لضمان نجاح المنظومة في تخطي تداعيات الأزمة الحالية عبر التركيز على خلق فرص قوية للنمو.”