في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على مختلف دول العالم وتداعياتها على معظم القطاعات الحيوية بما فيها قطاع الأعمال، كانت استجابة مجلس سيدات أعمال الشارقة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، سريعة في مواجهة هذه الجائحة ومعالجة آثارها وتحويلها إلى فرصة لنمو أعمال عضواته.
هذه الاستجابة جاءت انطلاقاً من الدور المهم الذي يلعبه المجلس في دعم عضواته، وحرصه منذ تأسيسه في عام 2002، على تحقيق الاندماج الكامل لسيدات الأعمال في القطاع الاقتصادي، وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال والمشاريع النسوية المستدامة في إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ورش إلكترونية تواكب واقع الأعمال الجديد
استمر المجلس في دعم عضواته للتعامل مع واقع الأعمال الجديد الذي فرضه فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، حيث نظم ورش الإلكترونية لتطوير مهاراتهن خلال فترة البقاء في المنزل، وأطلق عدداً من المبادرات لإتاحة الفرصة أمام العضوات للاستفادة من خدمات التدريب والاستشارات عبر تطبيقه الإلكتروني وتعريفهن بالقطاعات الجديدة التي استحوذت على اهتمام الأسواق التجارية في ظل هذه الأزمة الصحية العالمية.
حول هذه الجهود قالت آمنه سفر مؤسس “مقهى آي بيكري” “iBakery” في الشارقة: “كانت الجلسات الافتراضية مصدراً غنياً بالمعلومات، حيث أتاحت لنا الفرصة لتكييف أعمالنا في ظل الظروف الاستثنائية، كما ساعدتنا على تبادل الخبرات من خلال التعرف على أساليب رواد الأعمال بقطاعات مختلفة في إدارة أعمالهم خلال فترة الجائحة”.
من جانبها، قالت بدرية سالم مؤسس مجوهرات ابدار “Abdar Jewelry”: “أسهمت الجلسات والدورات التدريبية التي نظمها مجلس سيدات أعمال الشارقة في إثراء معارفنا ومعلوماتنا، ومكنتنا من تطوير أعمالنا ووضعها على الطريق الصحيح لتحقيق التطور والنجاح”.
وأشادت رائدات أعمال بخدمات فريق الاتصال في المجلس الذي أسهم بدعم عضوات المجلس لتحقيق أهدافهن، وقالت منى بن برادة بهذا الصدد تعامل فريق الاتصال معنا بطريقة ودية واستباقية، وأرى ذلك مهماً في بناء ثقة الأعضاء الجدد”.
واعتبرت المصورة هنيدة حسن مؤسس “تصوير هونيدا” أن المجلس مصدراً للتشجيع والدعم المستمر لرواد الأعمال، وأضافت “ولد لنا المجلس إحساساً شبيهاً بأجواء العائلة الكبيرة التي تساعد أفرادها على وضع استراتيجيات جديدة للأعمال حتى يتخطوا المرحلة ويضمنوا النجاح”.
واستطاعت عضوات المجلس اللواتي يمثلن مختلف القطاعات مثل المطاعم والمقاهي وتصميم المجوهرات والأزياء والتصوير والزهور والشركات الناشئة، تحديد نقاط القوة الخاصة بهن، والبحث عن فرص جديدة لتوسيع أعمالهم في الأسواق سواء خلال مرحلة الجائحة أو مرحلة ما بعد التعافي من خلال التحول الرقمي لمعظم أعمالهم.
مقاه تواجه تحديات الأزمة بمواقع التواصل الإلكتروني
تأثرت المقاهي حول العالم بتداعيات الجائحة والحظر المفروض على حركة الأفراد، ما دفع أصحابها للتأقلم مع الأوضاع السائدة عبر حلول مبتكرة تضمن استمرارية أعمالهم، هذا ما تؤكده أمنه محمد سفر، مؤسس “مقهى آي بيكري” “iBakery” في الشارقة، بقولها: “إن دخل المقهى انخفض إلى أكثر من النصف بسبب تراجع عدد الزبائن”، في حين اضطرت عائشة السوقي إلى إغلاق مقهاها “sweetopia- سويتوبيا” لمدة أسبوعين بسبب تدني المبيعات جراء فرض التباعد الاجتماعي للحد من انتشار الفايروس، ثم أعادت فتح أبواب المقهى خلال شهر رمضان لتلبية احتياجات زبائنها من الحلوى والمعجنات
وللتغلب على هذه التحديات، وسعت سفر عملها الذي كان يقتصر على خدمة زوار محلها، حيث فتحت الباب أمام الطلبات الخارجية، بينما استخدمت السوقي مواقع التواصل الاجتماعي لترويج منتجاتها والتواصل مع زبائنها بالإضافة إلى توفير خدمة الدفع الإلكتروني.
بدورها، قالت سارا العوضي، مؤسس مقهى خيال “أثبتت لنا جائحة كورونا أن البقاء للأقوى، وبهدف الحفاظ على ثقة زبائننا والتأكيد على استمرارية عملنا، طلبنا من الموظفين أن يبتكروا طرقاً لتحسين خدماتنا وتقليص المصاريف، بالإضافة إلى إنتاج سلع تواكب متطلبات السوق الحالية، ضمن هذه الظروف”.
تنشيط قطاع تصميم المجوهرات بالتواصل المباشر مع العملاء
أسهمت الجائحة في بطء حركة سلاسل التوريد لبعض القطاعات ما أثر على عمليات التصنيع ومن ضمنها قطاع تصميم المجوهرات، ولكن في المقابل أتاحت الجائحة للمصممين فرصة التواصل مع زبائنهم بشكل مباشر الأمر الذي أسهم في تعزيز العلاقات بينهم.
وذكرت منى بن برادة، مؤسس “مجوهرات لا جراين فاين” ” La Graine Fine Jewelry” أن انخفاض الطلب على المجوهرات كان التحدي الأكبر الذي واجه محلها نتيجة إحجام الزبائن عن الكماليات ومنها المجوهرات، وإعطاء أولوية الشراء للاحتياجات الضرورية، مشيرة إلى أن توقف أعمالها بشكل مؤقت أسهم بتأخير إصدار مجموعتها الجديدة من المجوهرات.
وأضافت بن برادة: “قمنا بالتواصل مع عملائنا وتوطيد العلاقة معهم، حيث شاركناهم العقبات والتحديات المرحلية ما أدى إلى تعزيز الثقة بيننا فكان ذلك عاملاً أساسياً في إعادة تنشيط أعمالنا”.
من جهتها، أوضحت بدرية سالم، مؤسس “مجوهرات ابدار” “Abdar Jewelry” أنها واجهت صعوبة في الإنتاج بحكم إغلاق المصانع وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى صعوبة الشحن والنقل محليًا، وارتفاع تكاليف الشحن الدولي، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الخام مثل ارتفاع سعر الذهب، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف صناعة المجوهرات”.
العمل عن بعد يفتح أفاقاً جديدة
ولضمان استمرارية الإنتاج سعت بدرية سالم للبحث عن بدائل من خلال التعامل مع شركات خارج الدولة، والحرص على تحديث خطط الأزمات الخاصة بالمؤسسة ووضع خطة مالية لتغطية الاتفاقات الأساسية لمدة لا تقل عن 6 أشهر، والتواصل مع شركاء العمل داخل وخارج الشركة لإيجاد حلول جديدة، كما شاركت في الاجتماعات والدورات التي تنظم عن بعد حول القطاعات الاقتصادية لتبادل الخبرات والتعرف على المجالات التي قد تفتح آفاق أكبر لريادة الأعمال، لافتة إلى أنها استغلت فترة العمل عن بعد لإيجاد فرص جديدة وعرض المنتجات على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.
وأثر وباء “كوفيد-19” على قطاع الزهور، حيث توقفت جميع الفعاليات مثل حفلات الزواج والمهرجانات والمناسبات الاجتماعية ما أدى إلى ركود القطاع، حيث قالت مؤسس “The Bloom Room – دا بلوم روم” ميرا الرصاصي أن جائحة كورونا أدت إلى توقف استيراد الزهور والبضائع الأخرى، وهذا تسبب في تقليل الأنواع المعروضة، بالإضافة الى توقف المبيعات لاحقاً نظراً إلى خوف الزبائن من انتشار الفايروس، الأمر الذي دفعني إلى التواصل مع الزبائن ورفع الوعي لديهم حول أساليب التعقيم المتبعة في عملي للحد من مخاوفهم”.
التواصل مع الموردين عبر المنصات الافتراضية
إلى جانب كل هذه القطاعات، واجهت المكاتب الهندسية وشركات التصميم تداعيات الأزمة الصحية العالمية، ما اضطرها للبحث عن حلول مبتكرة لتخطي عقبات التواصل مع العملاء والموردين، وهذا ما دفع كل من فاطمة الزعابي ونورا العوار، اللتين تملكان شركة تصميم معماري وداخلي ” استديو Studio D.04″، لإجراء الاجتماعات مع العملاء والموردين والمصنعين باستخدام منصات الاتصال الافتراضية.
من جانبها، أشارت مريم الحمادي، مؤسس “تصاميم مارون” “Maroon Design” والمتخصصة بتصميم العبايات، إلى أن عملها توقف بالكامل في الفترة الأولى من انتشار الجائحة، واستغلت الوقت لتطوير مهاراتها الشخصية، واستخدام مواد عالية الجودة لتصميم مجموعة صيفيّة مكونة من 25 تصميماً باستخدام 7 أنواع من الأقمشة، بالإضافة إلى استغلال منصات التواصل الاجتماعي لترويج منتجاتها”.
ومع توقف مختلف الفعاليات الرسمية والاجتماعية، تأثر المصورون بشكل كبير جراء الإجراءات الاحترازية للحد من الجائحة، وهذا ما تروي تفاصيله المصورة هنيدة حسن مؤسس “تصوير هونيدا” إذ تقول: “كانت الخسائر المالية المتكبدة نتيجة لإلغاء الفعاليات التجارية والاجتماعية والعائلية كبيرة، لكن مع تقدير الناس لأهمية التصوير الفوتوغرافي خلال انتشار وباء كورونا المستجد، وإدراكهم لقوة الصور في تخليد لحظات مهمة، أصبحنا نلبي طلبات التصوير من خلال التقيد بإرشادات التباعد الجسدي وتعقيم جميع معدات التصوير والعمل في الهواء الطلق والحد من أعداد المجموعات”.
وبهدف تحسين واقع العمل خلال هذه المرحلة، ذكرت هنيدة حسن أنها قدمت عروضاً خاصة وطرق دفع مرنة لجذب عملاء جدد، وأوضحت أنها شاركت في العديد من مسابقات التصوير عبر الإنترنت وورش العمل الافتراضية التي يقودها خبراء لتطوير مهاراتها.
يشار إلى أن مجلس سيدات أعمال الشارقة، ومنذ تأسيسه في عام 2002، يتبنى نهجاً متكاملاً يهدف إلى دعم مشاريع الأعمال والشركات التي تمتلكها وتديرها سيدات الأعمال، وتقديم المساعدة والمشورة الفنية اللازمة للسيدات الراغبات بإطلاق أعمالهن في الشارقة، إضافة إلى دعمهن من خلال إقامة شراكات مع المؤسسات الحكومية والخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، وتوفير الفرصة لهن للترويج لمشاريعهن في مختلف المنصات الاقتصادية والمهنية على المستويين المحلي والعالمي.