أظهر مؤشر رصد تداعيات كوفيد 19 لدول وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا كيف غير وباء كوفيد-19 جذرياً اليوم طريقة تعامل وتفاعل الزبائن مع الشركات.
مترجم بتصرف: مقال لـ تامارا بوبيك
هناك مقولة مشهورة يرددها الجميع منذ فترة طويلة ” لا شيء يدوم”، ولكن يبدو اليوم وفي هذه الظروف الحالية أن أصحاب الأعمال باتوا يدركون صدقيتها أكثر من أي وقت مضى. فبالنهاية، لقد غير فيروس كوفيد-19 من وجه التجارة، وقد أظهر مؤشر رصد تداعيات كوفيد 19 لدول وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، والذي شارك فيه تجار ومستهلكون في منطقة وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ان الأزمة قد غيرت اليوم وبشكل كامل طريقة تعامل وتفاعل الزبائن مع الشركات.
وذكر الاستبيان أن تأثير الجائحة على إيرادات التجار وأرباحهم كان كبيراً جداً في كل المناطق، مع تأثر التجار في المملكة العربية السعودية بشكل أكبر، في حين أظهر تجار التجزئة في جنوب أفريقيا بشكل جزئي أداءً وقوة أفضل. وعند سؤال التجار عن تقييمهم لتكرار شراء العملاء خلال أزمة كوفيد-19، ذكر التجار في كل المناطق ان ذلك شهد انخفاضاً. وقال مارسيلو باريكوردي، مدير عام المجموعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في فيزا:” كما رأينا في التقرير، التجار قلقون بشكل طبيعي لما يخبئه المستقبل لهم وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي وتغير عادات وسلوكيات المتسوقين.”
وأضاف باريكوردي قائلاً:” باعتبارنا شركة توفر حلولاً رقمية لأكثر من 61 مليون موقع تجاري حول العالم، أولويتنا في فيزا مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو في كل خطوة. وتلتزم فيزا حول العالم بتوفير دعم رقمي لـ 50 مليون شركة صغيرة حول العالم لمساعدتها على التعافي. وإقليمياً، فقد أطلقنا حملات تركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الإمارات وباكستان عبر مساعدتهم بأدوات لتسريع التعافي.”
وهذا هو الهدف من وراء المبادرة الأخيرة لفيزا “Where You Shop Matters”، التي تركز على تشجيع المستهلكين في دولة الإمارات على دعم الشركات الصغيرة في الدولة. وأحد أوجه هذه الحملة هو “Visa’s Small Business Hub”، وهو عبارة عن منصة تزود التجار بأدوات معرفية لتحفيز النمو الرقمي، بالإضافة إلى موارد حول كيفية اعتماد طرق رقمية للعمل، وبالتالي المساعدة في تعزيز تعافي الأعمال. ولفت باريكوردي قائلاً:” من المهم للشركات الصغيرة الراغبة بالوقوف مجدداً على قدميها، اعتماد واحتضان طرق جديدة للعمل، ودمج وتنويع الحلول الرقمية مع الحرص على ضمان قاعدة واسعة من الأمان لإعطاء المستهلكين تجربة سهلة وآمنة وخالية من التلامس.”
ولكن كان هناك بعض الإيجابيات التي حدثت للأعمال خلال ازمة كوفيد-19، مثلما ذكرت آنا بولتون رايلي، المؤسس الشربك لـ “Little Majlis” وهي عبارة عن منصة سوقية إلكترونية للفنون والحرف اليدوية مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة:” خلال فترة القيود بسبب الكورونا وإغلاق الحدود وبروز حالة الضبابية قبل وخلال موجة كورونا الحالية، لجأ العديد من عملائنا الحاليين من الشركات للاستعانة بخدماتنا ومنتجاتنا كجهة محلية موثوقة يمكن التحكم بها لإهداء الهدايا.”
وقالت الشريك المؤسس أنابيل فيتزسيمينز أنه عندما واجه السوق الحرة بدبي تحديات في شبكة الإمداد والتوزيع الخاصة بالمنتجات التي يتم جلبها من الخارج في الأيام الأولى لانتشار الوباء، لجأ تجار التجزئة إلى “Little Majlis” لملأ الرفوف، مشيرةً على ان الإغلاق والوباء ساهم بالتعريف بمنتجاتهم التي تحمل علامة صنع في دولة الإمارات العربية المتحدة والترويج لها في السوق الحرة بدبي التي تعتبر موقعاً رئيسياً للتجزئة في العالم.
ولفتت فيتزسيمينز إلى أن الأزمة أظهرت ان إجمالي الدعم المقدم لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات العربية المتحدة ما زال موجوداً، وأضافت قائلة:” عملنا بجد لتأسيس قاعدة متينة من العملاء من المؤسسات ومحال تجارة الجملة والتجزئة ممن يتشاركون رؤية موحدة. وخلال الأشهر التي سبقت الوباء، كنا نستقبل المزيد من الاستفسارات من قبل الشركات حول المنتجات المصنوعة محلياً. تواصلنا في عز الأزمة مع هذه الشركات، وذكرناهم بأن أبوابنا ما زالت مفتوحة، وقادرون على تلبية متطلباتهم. ومع تخفيف قيود الحركة، بدأنا بتنفيذ شراكات حول بعض المشاريع غير التقليدية مثل مجموعة هدايا مرحة حول العودة إلى المكاتب للموظفين. ولم يكن ابداً ليخطر على بالنا أن الكمامات وملصقات كمامات الوجه ستكون على لائحة منتجاتنا.”
وقال رائد حافظ، الرئيس التنفيذي لـ “elGrocer“، وهي منصة رقمية مقرها دبي متخصصة في منتجات البقالة، ان ازمة كوفيد-19 قد غيرت الانطباع السائد عن أعماله للأفضل. وأضاف قائلاً:” لقد صممت منصتنا لتركز على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وهكذا يكون بمقدورنا الحصول على أفضل عائد على الاستثمار. ولكن وخلال فترة قيود الكورونا، أصبحت خدماتنا غير مرتبطة بالراحة فقط، بل تحولت إلى خدمة وضرورة أساسية. وقد تواصت معنا جهات حكومية لضمان استمرارية خدماتنا وتوسيع نطاقها. وبسبب هذه المهمة الجديدة، نظرنا في مسألة توسيع نطاق خدماتنا لضمان قدرة الجميع على طلب منتجات البقالة عبر منصتنا “elGrocer”، عوضاً عن المخاطرة بصحتهم وسط الحشود في المتاجر. ونسقنا مع تجار التجزئة لتحديد نقاط الضعف والتحسين، وحرصنا على ضمان توفر تاجر تجزئة واحد على الأقل في كل منطقة لتلبية طلبات هذه المنطقة. منصتنا كانت الأولى والوحيدة المتخصصة بالبقالة التي غطت الإمارات بنسبة 100%.”
وإحدى تأثيرات أزمة كوفيد-19، انها دفعت المستهلك نحو التوجه للقنوات الرقمية للتسوق. وحسب مؤشر فيزا لرصد تأثيرات كوفيد-19 لدول وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، فإن ثلثي المستهلكين في دولة الإمارات (68%) والمستهلكين السعوديين (66%) و71% من المستهلكين في كينيا ذكروا أن كوفيد-19 دفعهم لتسجيل أول طلب إلكتروني لهم في مجال التسوق الإلكتروني للبقالة، في حين أن 70% من الذين شاركوا بالاستبيان في الإمارات و69% من كينيا أجروا اول تسوق إلكتروني من الصيدليات. وبالإضافة على ذلك، فإن الأزمة دفعت حوالي ثلثي المستهلكين في الإمارات والسعودية لإجراء أول تسوق إلكتروني لهم.
وأظهرت دراسة أخرى كيف استطاعت دولة الإمارات مواجهة الطلب المتزايد نتيجة تجهيزها الجيد، وحسب تحليل حديث لغرفة دبي، استعرض النسبة المئوية للسلع غير المتوفرة في المخزون وذلك في 38 اقتصاداً رئيسياً حول العالم، حيث رصد التحليل مستويات المخزون لمنصات التجارة الإلكترونية الرئيسية، والنسبة اليومية لوحدات حفظ المخزون (SKUs) التي تم تمييزها باعتبارها سلع غير متوفرة في المخزون على المواقع الإلكترونية لمتاجر التجزئة لكل دولة. وذكر التحليل أن شركات تجارة التجزئة الإلكترونية في دولة الإمارات، نجحت برغم تحديات ارتفاع الطلب بسبب انتشار فيروس (كوفيد-19)، واختلال سلسلة التوريد على مستوى العالم، في التعامل مع الوباء بشكل أفضل من غالبية نظرائها في مناطق أخرى حول العالم، وتحقيقها لمنافع تخطت السوق المحلية لتشمل الأسواق المجاورة. وأرجع التحليل المبني على بيانات محدثة من “يورومونتير” هذا النجاح إلى كونه جاء بفضل دعم المبادرات الحكومية ووجود بنية تحتية حديثة، وقطاع خدمات لوجستية قوي، مما يعكس مرونة التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات في مواجهة اضطرابات فيروس (كوفيد-19).
وقبولاً بهذه الإحصاءات، أشار حافظ إلى أن مستقبل التسوق للبقالة سيكون معتمداً على مزيج من راحة البال والموثوقية قائلاً:” يتوقع أن يستمر الطلب من قبل المستهلك على أفضل الخيارات المتنوعة من المنتجات والعروض. كما سيطلب المستهلك مستوى عالٍ من الموثوقية والاستمرارية، فمشترياتهم متكررة، ومن أجل أن تحصل “elGrocer” على ثقتهم، فالأمر يتطلب مستوى خدمة يتخطى توفير أفضل العروض والأسعار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عملائنا المستهدفين لم يعودوا فقط من الجيل الرقمي، بل يتنوعون ليشملوا جميع التركيبة الديمغرافية. ويجب على خدمتنا وتقنيتنا أن تكون بديهية لكل المستخدمين بغض النظر عن مدى إتقانهم للتعامل مع التكنولوجيا والخدمات الرقمية. وفي نهاية الأمر، فضمان إتاحة إمدادات الغذاء والبقالة لكل المواطنين والمقيمين أعاد تعريف مهمتنا وسلط الضوء على الحاجة إلى تخطيط استمرارية الأعمال حتى بالنسبة لشركات ناشئة مثل شركتنا. اليوم نحنا أكثر تواصلاً واتصالاً مع الهيئات المعنية للتعامل الفوري مع أي إرشادات وتشريعات.”
ومن الواضح ان التجار على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يسيرون على نفس خطى شركة “elGrocer”، حيث ذكر أكثر من ثلث التجار في المملكة العربية السعودية (38%) أنهم استحوذوا على منصة إلكترونية كنتيجة مباشرة لكوفيد-19، في حين ذكر 93% من التجار في اوكرانيا و91% من التجار في دولة الإمارات أنهم أسسوا منصاتهم الرقمية قبل انتشار الوباء. والغالبية العظمى من التجار في جميع الأسواق متفائلون بأن استخدام الخدمات الإلكترونية سينمو بعد انتهاء الجائحة، مع بروز هذا القناعة خصوصاً في السعودية التي توقع فيها 80% من التجار حدوث نمو في استخدام المنصات الرقمية بعد انتهاء أزمة كوفيد-19.
ولكن ينصح حافظ الجميع بعدم التقليل من حجم العمل المطلوب من قبل أي شركة للتحول نحو الخدمات الرقمية قائلاً:” التحول الرقمي لا يعني فقط توفير موقع إلكتروني أو تطبيق ذكي، بل هو عبارة عن مجموعة كاملة من النشاطات والخدمات للعميل. ومن المهم نسج شراكة مع مزود خدمة محترف يمكن أن يوفر المجموعة الكاملة التي تشمل الاستحواذ على العميل واللوجستيات وخدمة العملاء والتقنية. وكل صناعة تأثرت بشكل مختلف عن القطاع الآخر والتأثير الأخير يختلف بشكل كبير من قطاع لآخر. ولكن هناك شيء مشترك وهو ان التحول الرقمي لم يعد اليوم شيئاً رائعاً الحصول عليه. فقدرة الشركة على الاستمرار بتقديم خدماتها ومنتجاتها يجب أن تتسم بالاتساق والاستمرارية بغض النظر عن تواجد العميل جسدياً او حتى افتراضياً. ويجب تخطيط ذلك وتنفيذه في كل مراحل تجربة العميل.”
ويقول باريكوردي أن هناك حقيقة أخرى لا يمكن للشركات تجاهلها وهي الدفع اللاتلامسي. وذكرت فيزا في تقريرها أن أكثر من نصف المعاملات في الإمارات لا تلامسية، بينما بلغت النسبة في السعودية 89%، مضيفاً:” في عز إرشادات التباعد الاجتماعي، برز طلب متسارع على المدفعوات اللاتلامسية عبر البطاقات والهواتف النقالة لأن المستهلك يفضل السرعة والراحة التي تتميز بها هذه الطريقة من الدفع، ويثق بمزايا الأمان التي توفرها. ونتوقع أن تحافظ شعبية الدفع التلامسي على استدامتها وأن تنمو في فترة ما بعد الكورونا. ولذلك وإذا كنت شركة قائمة، فاعلم أن خاصية الدفع اللاتلامسي ستلعب دوراً رئيسياً في عودة أعمالك. فهم هذه الحقيقة والتخطيط لها يعتبر جزءاً هاماً للشركات الصغيرة في المنطقة.”
وبالختام، ينصح باريكوردي كل من يريد أن يؤسس عملاً في فترة ما بعد كوفيد-19 أن يقدم أفضل ما عنده لتطوير تواجده الرقمي وضمان استدامة أعماله وبقائها. ويضيف قائلاً:” من الواضح للعيان أن الشركات الصغيرة التي اعتمدت الحلول الرقمية كانت الشركات التي نجحت في المحافظة على استمراريتها خلال أصعب ظروف قيود كوفيد-19. الحرص على اعتماد ودمج الحلول الرقمية منذ البداية يسمح لك ببداية رحلة عمل سلسة مما يسمح ببناء ولاء العميل. وفي الواقع، فإنه من السهل لأي شركة صغيرة أن تولي أهمية للحلول الرقمية على امتداد شبكة التوزيع والخدمات اللوجيستية والتجارة الإلكترونية والدفع الرقمي، لأنها توفر راحة بال من عبء النظم والعمليات. في الواقع، الطريق أمامنا واضح: إنه الوقت لكل الشركات لأولوية اعتماد استراتيجية رقمية.
الخلاصة التنفيذية
يشارككم مارسيلو باريكوردي، المدير العام للمجموعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في فيزا، ثلاث نقاط للتجار الراغبين بخوض غمار لعبة التجارة الإلكترونية
- تجربة العملاء مهمة: يجب على التجار النظر إلى كيفية تحسين خدماتهم الإلكترونية للمحافظة على شعبيتهم بين عملائهم وزبائنهم والاستحواذ على شريحة جديدة من العملاء.
- 2. المدفوعات اللا تلامسية أولوية: على البائعين الذين ما زالوا يستخدمون الدفع عند التوصيل كوسيلة أساسية للدفع التطبيق الفوري وبسرعة لخاصية الدفع اللاتلامسي للبقاء في أجواء اللعبة.
- لا يجب إهمال الأمان والحماية: مع ازدياد الاعتماد على التجارة الإلكترونية، يتصيد مجرمو الإنترنت المزيد من المتسوقين الجدد المعرضين للسرقة. ولذلك ينبغي نشر إحساس بالأمان لدى العميل وتثقيفهم حول سلوكيات الدفع الآمن، وهي أمور أساسية لبناء الثقة في منتجات التجارة الإلكترونية.