مترجم بتصرف: مقال لمارك ألبرت هاماليان ورامي صفير وبلال ميقاتي
أثرت الضربة المزدوجة لانخفاض أسعار النفط وتفشي وباء كورونا بشكل كبير على اقتصادات دول الخليج، الأمر الذي انعكس بشكل خاص على العديد من الشركات العائلية، التي تخوض هذه الأزمة على أساس ضعيف مع رافعة مالية عالية وسيولة محدودة وأرباح منخفضة. لذلك فإنه من المهم جداً بالنسبة لهذه الشركات أن تتغلب على الاضطراب الذي أحدثه وباء كورونا المستجد وتبدأ في إعداد نفسها للمستقبل. حيث يستحوذ هذا النوع من الشركات على %60 من الناتج المحلي الإجمالي، و%80 من قوة العمل، وفقًا لاستبيان بي دبليو سي للشركات العائلية في الشرق الأوسط.
ولحسن الحظ، قامت معظم الشركات العائلية بالفعل باتخاذ تدابير فعالة لمواجهة الأزمات. حيث قدم العديد منهم الدعم اللازم للموظفين وسعى للحفاظ عليهم لضمان نجاح الأعمال على المدى الطويل. كما قام البعض بالتواصل مع العملاء والموردين الرئيسيين لتنسيق الإجراءات وضمان استمرارية العمل. كما حرص البعض على سحب خطوط الائتمان وجمع الأموال بين أعمالهم والحصول على أقصى استفادة من القوى العاملة. ومع ذلك، وبعيداً عن سرعة الاستجابة للأزمة، على هذه الشركات أن تتكيف مع المشهد المتغير بعد الأزمة. ولتحسين وضعها وضمان تحقيق النجاح على المدى البعيد؛ نعتقد أن الشركات العائلية يجب أن تتبنى الاستراتيجيات الأربعة التالية:
- التنوع من منظور جديد؛ ففي الوقت الذي أصبحت فيه مدة الدورات الاقتصادية أقصر، وارتفعت حدة الأزمات المالية مع تكرارها بشكل متواصل واتخاذها طابعاً عالمياً؛ بات التركيز على الجوانب التقليدية في إدارة المخاطر من خلال القطاعات والمناطق الجغرافية يفشل في حماية المحافظ بشكل كاف. وبهدف ضمان استمرار الأعمال، يجب على الشركات العائلية أن تنظر إلى المخاطر من منظور شامل عند إنشاء محافظها الاستثمارية وإدارتها. وتضمين تقييم للعوامل الأخرى (مثل تهديدات الأمن السيبراني، وتعطل سلسلة التوريد، والأحداث الجيوسياسية) على التدفقات النقدية ومحركات التقييم (مثل الطلب والسعر) لفهم المخاطر بشكل إجمالي عبر المحفظة. كما ينبغي عليهم إجراء اختبار ضغط المحفظة في مواجهة هذه الصدمات المحتملة. وتحتاج الشركات العائلية أيضاً إلى تحسين سيولة المحفظة والتنويع الجغرافي. وهذا يعني إعادة التوازن، وعند الضرورة، إصلاح محافظهم الاستثمارية لتقليل التركيز على الأعمال الأساسية. ويعد نشر بعض الأصول بشكل عام عاملاً معززاً للسيولة، ويتيح لهم أيضًا الاستفادة بشكل أكبر وأسرع من حزم التحفيز الحكومية خلال أوقات الأزمات، كما يمكن للتنويع الجغرافي أن يقلل من مخاطر السوق المحتملة.
- رقمنة الأعمال التجارية الأساسية والاستثمار في “اقتصاد البقاء في المنزل؛ قبل تفشي جائحة كورونا كان الطلب على التسوق عبر الإنترنت والعمل من المنزل في ازدياد. أما الآن فهو “الطريقة الجديدة لممارسة الأعمال” بالنسبة للمستهلكين والشركات على حد سواء. وبالتالي، ستحتاج الشركات العائلية، ولا سيما تلك العاملة في مجال التجزئة أو الخدمات المالية، إلى تكييف نماذج أعمالها مع “اقتصاد البقاء في المنزل”. سيحتاج هذا النوع من الشركات إلى فتح قنوات رقمية وتقديم خدماتها عن بعد. الأمر الذي سيضع مزيداً من الطلب على الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والأمن السيبراني وتطوير القدرات الرقمية المناسبة للأعمال التشغيلية الأساسية. وعند النظر في فرص الاستثمار الجديدة التي ستستفيد من اقتصاد “البقاء في المنزل”، يجب على الشركات العائلية أن تنظر في العوامل المساعدة الرقمية مثل الأمن السيبراني وأدوات التعلم عن بعد ومنصات العمل عن بعد والخدمات المصرفية الرقمية وخدمات التوصيل.
- الاستفادة من فرص الانكفاء القومي؛ أدت الإجراءات الصارمة وإغلاق الحدودبهدف ضمان حماية السكان من تفشي وباء فيروس كورونا المستجد إلى تسريع فحص سلاسل التوريد الحرجة وزيادة التوجه نحو الانكفاء القومي. وبالنسبة للشركات العائلية، يمكن أن يقلل الاستثمار في قدرات الإنتاج المحلية وسلاسل التوريد من الاعتماد على الواردات والحماية من اضطرابات سلسلة التوريد المحتملة. يمكن أن تكون فرص التصنيع جذابة على نحو خاص نظرًا للأداء المستقر لقطاع التصنيع من خلال دورات النفط في المملكة العربية السعودية. كما تقدم السياحة الداخلية والترفيه فرصاً واعدة نظرًا لانخفاض حركة السفر الدولي.
- متابعة فرص مشاركة القطاع الخاص (PSP) ؛ يشهد العجز الحكومي في المنطقة ازدياداً نتيجة انخفاض العائدات النفطية وارتفاع الإنفاق لدعم الاقتصادات. فعلى سبيل المثال، أعلنت حكومة المملكة العربية السعودية عن حزم تحفيز بلغت قيمتها الإجمالية 120 مليار ريال سعودي (32 مليار دولار أمريكي) اعتبارًا من 9 أبريل 2020. ولذلك ستحتاج الحكومات إلى الشركات العائلية لتغذية المحرك الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى. وعلى هذه الشركات أن تستجيب من خلال تنفيذ مشاريع مشاركة القطاع الخاص الهامة مثل مشاريع البنية التحتية عن طريق إنشاء شراكات بين العديد من الشركات العائلية للجمع بين القدرات ومشاركة المخاطر.
ولمواكبة هذه التغييرات وتعزيز أداء أعمالهم واستثماراتهم، يجب على الشركات العائلية تعزيز ممتلكاتها من خلال جذب المواهب المناسبة، وتحسين بناء المحافظ وقدرات إنشاء القيمة، والاستثمار في مبادرات الرقمية. وبهذه الطريقة، يمكنهم ضمان نمو أعمالهم بعد الوباء.
السيرة الذاتية للكاتب
مارك ألبرت هاماليان هو شريك في استراتيجي وعضو في ممارسات الشركات العائلية، والاستثمارات، والعقارات في منطقة الشرق الأوسط وهو يقود الأعمال العائلية والاستثمارات، ويعمل بشكل أساسي مع التكتلات العائلية، وشركات الاستثمار وشركات الأسهم الخاصة، وصناديق الثروة السيادية. يتمتع مارك ألبرت بخبرة واسعة في استراتيجية الشركات والاستثمار، وتحويل الشركات، والحوكمة، فضلاً عن الصفقات ومسائل تمويل الشركات بما في ذلك العناية الواجبة التجارية، وترشيد المحافظ، وعمليات الدمج والاستحواذ، والتكامل بعد الاندماج عبر قطاعات متعددة. حصل مارك ألبرت على درجة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر والاتصالات من الجامعة الأمريكية في بيروت وماجستير إدارة الأعمال من إنسياد.
رامي صفير، شريك في استراتيجي، مسؤول عن ممارسات الشركات العائلية والاستثمارات والعقارات، وممارسات أسواق العقارات والمستهلكين، فضلاً عن منصة الصفقات في الشرق الأوسط. يعمل بشكل أساسي مع التكتلات العائلية، وشركات الاستثمار، وصناديق الثروة السيادية، ومطوري العقارات، ويقدم المشورة بشأن الموضوعات المتعلقة باستراتيجية الشركات والاستثمار، وتحويل الشركات، والحوكمة، بالإضافة إلى عمليات الاندماج والشراء والتكامل بعد الاندماج. حصل رامي على ماجستير في إدارة الأعمال من إنسياد وشهادة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر والاتصالات من الجامعة الأمريكية في بيروت.
بلال ميقاتي، مدير في استراتيجي وعضو في مجموعة الشركات العائلية والاستثمارات والممارسة العقارية. انضم بلال إلى الشركة في عام 2007 ، وهو يمتلك الآن أكثر من ثماني سنوات من الخبرة الاستشارية التي تغطي مجموعة واسعة من المهام في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وتتركز مهامه على منصة الاستثمار في الشركة، ويقدم المشورة لصناديق الثروة السيادية، والشركات العائلية / الاستثمارية وشركات الأسهم الخاصة حول مجموعة واسعة من الموضوعات بما في ذلك استراتيجية الاستثمار وتصميم نماذج التشغيل ، وإدارة الأصول ، ودعم المعاملات. قبل انضمامه إلى استراتيجي ، عمل بلال كمهندس شبكات في شبكات Nokia لمدة عامين. وهو حاصل على ماجستير في إدارة الأعمال من كلية كولومبيا للأعمال ودرجة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر والاتصالات من الجامعة الأمريكية في بيروت.