والدور المحوري الذي تلعبه المؤسسات المالية في دفع عجلة التعافي
بقلم: مارشيلو باريكوردي، مدير عام Visa لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
“لن يستعيد العالم عافيته مالم تعاود الشركات الصغيرة نشاطها المعتاد” – ماري كاي بومان، المدير العالمي لحلول الباعة والمشترين في شركة Visa.
تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة ركناً أساسياً لصحة وعافية الاقتصادات حول العالم. ووفقاً لمنظمة العمل الدولية[1]، توظف “الوحدات الاقتصادية الصغيرة” نحو 70% من كوادر العمل حول العالم، وهي بذلك أحد أكثر الجهات أهمية على مستوى توفير فرص العمل حول العالم.
وتشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة نسبة 94%[2] من إجمالي الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة وتوظف أكثر من 86% من الكوادر البشرية العاملة في القطاع الخاص. وإضافة لذلك، تلعب هذه الشركات دوراً أساسياً في حياة عملائها، ولها بصمة جلية في نجاح وحيوية المجتمعات المحلية.
وفي الوقت الذي ألقت جائحة “كوفيد-19” بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، كانت الشركات الصغيرة من بين الأكثر تضرراً بتفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وأظهر استطلاع أجرته غرفة تجارة وصناعة دبي أن نسبة تزيد عن ثلثي الشركات الصغيرة في دبي تواجه مخاطر تتراوح شدتها بين المتوسطة والمرتفعة تهددها بالخروج من السوق قبل نهاية العام الجاري نتيجة الأزمة التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد[3]. وكشف “مؤشر رصد تداعيات كوفيد-19 لمنطقة وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا” الذي أطلقته Visa بمثابة استطلاع مستمر يشمل التجار والمستهلكين في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن أكثر من 80% من الشركات الصغيرة في دولة الإمارات تأثرت إيراداتها سلباً عقب انتشار الوباء.
زبدة القول: حان الآن التوقيت المثالي للوقوف إلى جانب الشركات الصغيرة ومساعدتها على تخطي هذه الأزمة ودعم استعادة حيوية هذا القطاع الهام لتخطي أزمة تفشي الفيروس، ويمكن للمؤسسات المالية أن تلعب دوراً محورياً على هذا الصعيد.
تحديات الاستمرارية
وفقاً لبيانات “مؤشر Visaلرصد تداعيات كوفيد-19″، شهدت الشركات الصغيرة في دولة الإمارات انخفاضاً حاداً في وتيرة شراء العملاء خلال تفشي الوباء، بنسبة بلغت 86%، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة. ولاشك أن حالة القلق التي تملكت 8 من أصل 10 من ملاك هذه الشركات (بنسبة 82%) هو أمر يمكننا تفهمه نظراً لحجم الضغوطات التي يتعرضون لها.
ومع استمرار ملاك الشركات الصغيرة بمواجهة صعوبات جمّة ناتجة عن انخفاض المبيعات وهيمنة حالة من عدم اليقين على استمرارية شركاتهم في المستقبل، يبدو جلياً بأن المؤسسات المالية والبنوك هم الأكثر قدرة على مساعدتهم في التخفيف من قلقهم المتزايد عبر تزوديهم بالتوجيه والدعم المهني، لاسيما لأولئك الباعة التقليديين الذين يتعين عليهم التحول بسبل مزاولة أعمالهم نحو النماذج الإلكترونية وتبني قنوات المدفوعات الرقمية.
ووجد “مؤشر رصد تداعيات كوفيد-19 لمنطقة وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا” أن 80% من المستهلكين في دولة الإمارات غيروا من عادات تسوقهم، وعبر نحو نصفهم عن عزمهم على الاستمرار بذات العادات الجديدة حتى بعد إزالة القيود الحكومية على التنقل بالكامل. وعلى سبيل المثال، دفعت الجائحة نحو ثلثي المستهلكين في دولة الإمارات (بنسبة 68%) إلى تسوق البقالة عبر الإنترنت.
ويتعين على التجار الصغار البحث عن سبل تحسين إيراداتهم عبر التسوق الإلكتروني ليتسنى لهم الاحتفاظ بعملائهم الحاليين واستقطاب العملاء الجدد. وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، أطلقت Visa “مركز الشركات الصغيرة” في إطار المبادرة الإقليمية “خياركم مؤثر“، لتزويد التجار بالمعلومات والأدوات التي تساعدهم على دفع عجلة نموهم الرقمي وتعزيز مواردهم، وتعريفهم بسبل تبني أساليب رقمية جديدة في أعمالهم تكفل استئناف نشاطهم واستعادة حيويتهم مجدداً.
دعم المدفوعات
يعد تبسيط عمليات الدفع عبر تطبيق أحدث تقنيات المدفوعات الرقمية من أكثر الخطوات أهمية، ويمكن للمؤسسات المالية مساعدة الشركات الصغيرة فيها. وفي الوقت الذي تصبح فيه إدارة التدفقات النقدية أولوية يومية ملحة للشركات الصغيرة، يمكن للبنوك تزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بخيارات المدفوعات مثل بطاقات الأعمال وخدمات المدفوعات الأخرى التي تدعم قدرة الشركات على توفير الوقت والمال، وتحسين قدرتها على ضبط العمليات وامتلاكها رؤية واضحة على معدلات الإنفاق من خلال لوحات المعلومات، وتعزيز القوة الشرائية وتأمين حماية الأعمال. وتنطوي هذه الأمور على أهمية كبيرة للشركات التي اعتادت على إجراء معاملات مالية ضخمة بأسلوب تقليدي غير إلكتروني.
تم إجراء أكثر من نصف المعاملات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة باستخدام البطاقات والأجهزة اللاتلامسية وفقاً لـ “مؤشر Visaلرصد تداعيات كوفيد-19″، ويتعين على التجار الذين تستند معاملاتهم بشكل رئيسي على الدفع النقدي عند التوصيل التحول سريعاً نحو المعاملات النقدية اللاتلامسية لضمان استمراريتها. ويمكن للأدوات والموارد التي تساهم في استقطاب المستهلكين أن تساعد أيضاً التجار الصغار الذين تعتمد أعمالهم على المتاجر التقليدية أو الذين لا يمتلكون حضوراً قوياً عبر منصات التجارة الرقمية.
وعلى سبيل المثال، تم تصميم مشروع Visa “العودة إلى الأعمال”، والذي تأسس في عام 2017 في أعقاب إعصاري ماريا وهارفي، بهدف مساعدة المستهلكين على إيجاد الشركات الصغيرة التي تواصل تقديم خدماتها في خضم الكارثة الطبيعية، الأمر الذي قدم دفعة كبيرة للاقتصادات المحلية. ويتوفر هذا الموقع الآن في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، وتجري حالياً دراسة إطلاق موقع مماثل في أسواق أخرى بنهاية عام 2020.
ويسلط حجم الدعم المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة الضوء على مدى أهميتها والدور الحيوي الذي تلعبه في النمو الاقتصادي، علاوة على أهمية تعافيها. وستساعد روح ريادة الأعمال والتفكير المبتكر الذي تقدمه الشركات الناشئة والشركات الصغيرة في تأسيس قطاعات أعمال جديدة ودفع عجلة القطاعات الحالية نحو الازدهار في مرحلة ما بعد الجائحة.
ومع استئناف الاقتصادات لنشاطها ورفع القيود المفروضة، فإننا على أهبة الاستعداد للمضي قدماً لتمكين التعافي الشامل من الأزمة.
[1] الشركات الصغيرة مهمة: دليل عالمي على مساهمة العاملين لحسابهم الخاص، والمؤسسات الصغيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة، منظمة العمل الدولية ، 10 أكتوبر 2019
[2] https://u.ae/en/information-and-services/business/crowdfunding/the-impact-of-smes-on-the-uae-economy
[3] https://english.alarabiya.net/en/coronavirus/2020/05/22/Around-70-of-Dubai-companies-expect-closure-within-6-months-amid-coronavirus-Survey