بقلم شهباز خان
انعكس انتشار فيروس كورونا المستجد بتداعيات سلبية طالت كافة القطاعات في مختلف أنحاء العالم بطريقة أو بأخرى، لكن الشركات الصغيرة كانت الأكثر تضرراً على وجه الخصوص وهي اليوم تعمل على مواجهة حالة غير مسبوقة من الغموض وسط مستويات متباينة من توجيهات الإغلاق وإرشادات التباعد الاجتماعي. وفي ضوء توجه الأنظمة الاقتصادية إلى استئناف نشاطها، أصبح فهم التحولات الجديدة في توجهات المستهلكين مسألة أكثر أهمية من أي وقت مضى، لاسيما بالنسبة للجهات المتضررة أكثر من غيرها بالأزمة. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 94% من إجمالي عدد الشركات العاملة في الدولة، ويعمل لديها أكثر من 86% من القوى العاملة في القطاع الخاص.
وبهدف المساعدة على اكتساب فهم أوسع لتأثير وباء كوفيد-19 على التجارة، أجرت Visa دراسة شملت التجار والمستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة وعموم منطقة أوروبا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا. وحملت الدراسة عنوان “مؤشر رصد تداعيات كوفيد 19 لمنطقة وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا”، وجاءت بياناتها لتظهر الضرر الشديد الذي لحق بعدد من الشركات والأعمال المحلية جراء انتشار الوباء، وكيفية تأثيره على سلوكيات الشراء بين المستهلكين، وانطباعاتهم ومستويات الإنفاق وخيارات الدفع التي يفضلونها.
وكما هو متوقع، نجم عن الجائحة آثار سلبية هائلة على عائدات وأرباح التجار في جميع المناطق، فقد أعرب التجار في دولة الإمارات العربية المتحدة عن شعورهم بالقلق المتزايد وأشار 9 من أصل 10 (89٪) إلى انخفاض في متوسط الإنفاق الاستهلاكي، وكانت النسبة أعلى لدى التجار في الأسواق الأخرى. وقال 59% من المستهلكين في دولة الإمارات إنهم خفضوا حجم إنفاقهم في ظل كوفيد-19، رغم أن التجار أشاروا إلى أن العملاء ينفقون أقل مما يصرحون عنه.
وليس من المستغرب أن قطاعات الأزياء والمطاعم والترفيه شهدت الانخفاض الأكبر، لاسيما أن معظمها يعتمد على إقبال المتسوقين لتحقيق الإيرادات. وفي ظل هذا التراجع، أصبح من الواضح أن التجار يخصصون اهتماماً كبيراً بتدفق الإيرادات، وذلك لكي يتسنى لهم دفع الرواتب والاحتفاظ بجميع الموظفين وبسبب عدم قدرتهم على التعامل مع عملائهم شخصياً.
ورغم الجهود التي يبذلها العديد من البلدان لتحفيز الأعمال، ما زال الطريق نحو التعافي غير واضح. وتظهر دراسة Visa أيضاً أن وباء كوفيد19 غيّر من عادات التسوق بين المستهلكين، إذ قال معظم المستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة أنهم قاموا بتحسين نمط مشترياتهم عبر اتباع نهج الشراء بالجملة (56٪)؛ ووضع قوائم لتجنب عمليات الشراء غير المخطط لها (50٪)؛ و تخزين العناصر غير القابلة للتلف لضمان تقليص وتيرة التسوق (37٪). أما بالنسبة للذين يتسوقون في المتاجر، فقال 7 من أصل 10 مستهلكين إنهم يتجنبون التوجه إلى الأسواق في ساعات الذروة، وأشار 79% من المشاركين في الاستطلاع إلى توخيهم أعلى درجات الحذر بشأن النظافة في وجهات التسوق.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى تغير في العادات الغذائية لدى المستهلكين، فقد أعرب أكثر من نصف المشاركين عن تفضيلهم للوجهات التي تفرض تدابير نظافة عالية وتتجنب المنتجات غير المغلفة أو المنتجات المعدة مسبقاً. وعند تناول الطعام في الخارج، قال المستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة أنهم أصبحوا أكثر حذراً خلال جائحة كوفيد-19، بينما أشار نصف المشاركين إلى تفضيلهم للطعام المحضر في المنزل أو المطاعم التي تتيح خيار التوصيل دون تلامس.
وكشفت الدراسة كذلك عن تفضيل المستهلكين لخيارات الدفع اللاتلامسية في نقاط البيع، حيث يتطلع المستهلكون بشكل متزايد إلى الدفع باستخدام البطاقات اللاتلامسية والمحافظ الرقمية. وأفادت نسبة الثلثين من المستهلكين (68%) أن جائحة “كوفيد-19” دفعتهم لتجربة تسوق البقالة للمرة الأولى عبر الإنترنت، في حين قام 70% منهم بتجربة شراء الأدوية من الصيدليات عبر الإنترنت للمرة الأولى.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن الظروف الحالية ساهمت في دفع عجلة التجارة الإلكترونية، حيث قال 10% من التجار إنهم أطلقوا عملياتهم عبر التجارة الإلكترونية كنتيجة مباشرة للوباء، في حين كانت النسبة العظمى منهم (91%) تمتلك منصات للتجارة الإلكترونية قبل الوباء. وفي ضوء حرص المستهلكين والتجار على السلامة والتعقيم، ارتفعت المدفوعات اللاتلامسية خلال هذه الأزمة أيضاً، حيث بات التجار يتوقعون نمو استخدام هذه المدفوعات بنسبة 32% بعد أزمة كوفيد-19. وعلى الرغم من الظروف الصعبة، لا تزال آفاق النمو في المستقبل تفاؤلية، حيث يتوقع التجار ارتفاع وتيرة الطلب عبر تجارة التجزئة الإلكترونية في جميع أنحاء المنطقة.
تدرك Visa أهمية دعم التجار المحليين، لاسيما أنهم يشكلون جزءاً حيوياً من الاقتصادات والمجتمعات التي يتواجدون فيها. ووفقاً لمؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من نصف فرص العمل والناتج المحلي الإجمالي في معظم البلدان بصرف النظر عن مستويات الدخل. وتعمل الشركات الصغيرة على خلق فرص العمل ودعم الابتكار، وكما رأينا خلال أزمة كوفيد-19، يمكن للشركات المحلية أن تلعب دوراً محورياً في تعزيز المشاركة والمبادرات الاجتماعية.
وبأخذ ما سبق بعين الاعتبار، أطلقت Visa مبادرة “خياركم مؤثر” لدعم الشركات الصغيرة في معالجة التحديات المختلفة التي تواجهها نتيجة جائحة كوفيد-19؛ ولتشجيع المستهلكين على دعم الأنشطة التجارية في مجتمعاتهم.
واستناداً إلى النتائج والرؤى التي توصلنا إليها عبر “مؤشر رصد تداعيات كوفيد-19″، نعتزم إطلاق عدد من البرامج المختلفة لمساعدة الاقتصادات المحلية على التكيف بشكل أسرع أثناء الأزمة وما بعدها؛ وتعزيز مرونتها وقدراتها لبناء مستقبل أفضل. ويشمل ذلك إطلاق مركز Visa للشركات الصغيرة Visa Small Business Hub، المنصة التي توفر مجموعة واسعة من الأدوات الرقمية والمعلومات حول سبل تأسيس الشركات الصغيرة والارتقاء بها وإدارتها ودفع عجلة نموها والتكيف مع طرق العمل الرقمية الجديدة. وسنشجع أيضاً المستهلكين على التفكير ملياً في المجالات التي سينفقون بها أموالهم عبر عمليات التسوق، ودور التسوق في الوجهات المحلية لدعم الاستدامة، والارتقاء بروح التضامن المجتمعي وخلق الفرص الاقتصادية للجميع.
ونحن في Visa ملتزمون بإحداث فارق إيجابي واضح، ونأمل لمبادرة “خياركم مؤثر” أن تساهم في مساعدة رواد الأعمال والعملاء لأن يصبحوا جزءاً من عملية إعادة بناء الاقتصادات المحلية وتأسيس أعمال قادرة على الازدهار والنمو.
***
شهباز خان، مدير عام شركة Visa في دولة الإمارات العربية المتحدة