مترجم بتصرف: مقال لـ ليندريد جرير ، بروفسور كلية ستيفن إم روس للأعمال، جامعة ميتشغن
بينما تتحول العديد من الشركات من مختلف الأحجام للعمل عن بعد بسبب انتشار الفيروس التاجي، برزت فرص نتيجة هذه التحديات. أنا أؤمن بأن الوقت الحالي هو وقت مثالي للمؤسسات لتغيير طريقة تفكيرها بشكل يسمح بتحسين الجانب البشري من عملياتها، وذلك بعد انتهاء الأزمة الحالية.
للمبتدئين، دعونا نسأل السؤال التالي: كيف يؤثر العمل عن بعد على الموارد البشرية أو على الجانب البشري من الأعمال؟ عندما تتحول الشركات للعمل عن بعد، ستواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالتواصل وإدارة النزاعات والتحفيز لموظفيها. فالعمل عن بعد يعتبر بمثابة مكبّر لقضايا الموظفين الكامنة والمختبئة في الشركات، حيث ان مشاكل الموظفين التي يمكن التغطية عليها في التعاملات المباشرة بين الموظفين، لا تلبت ان تظهر وتنكشف بسرعة عند اتجاه الشركات للعمل عن بعد.
يفتقد العمل عن بعد للعامل الاجتماعي المتمثل بالعمل المباشر، فاللمسات والإشارات الاجتماعية الصغيرة يمكن أن تساهم في تسهيل التفاعل الاجتماعي، مما يعني أن الاختلافات غير الظاهرة تصبح أكثر وضوحاً مع التحول للعمل عن بعد، وتتحول مسائل التواصل والتنسيق إلى حجرة عثرة أمام سلاسة العمل وغيرهاا.
هذه الاختلافات التي تبرز مع العمل عن بعد تفرض على الشركات اعتماد توجه أكثر تركيزاً على ديناميكيات الأشخاص من الذي اعتمدته خلال العمل في المكاتب، وهذا التركيز المقصود على الموظفين ومسائلهم سيجعل الشركات أكثر فعالية عند معاودة العمل من المكاتب.
وعندما تتحدث إلى الرؤوساء التنفيذيين للشركات الـ 10 الأكثر تميزاً في قائمة العمل عن بعد (مثل “10up” أو “Automatic”)، تجدهم يؤمنون بشدة بأن العمل عن بعد جعلهم أفضل في التعامل بين الموظفين في مؤسساتهم من الشركات العاملة في المكاتب، لأن العمل عن بعد أجبرهم على أن يركزوا أكثر على الجانب البشري من العمل. وتضمن هذا التركيز توفير بنية تحتية للتنسيق بين الموظفين، وغرف استراحة افتراضية لشرب القهوة لتعزيز الترابط الاجتماعي، وبرامج لتقدير الموظفين وتحفيزهم والتعريف بإتيكات الاجتماعات والتواصل الداخلي.
ويجب على الشركات الذكية أن تسارع لإدراك تحديات العمل عن بعد، والخروج بحلول للارتقاء بالجانب البشري من العمل. هذا التركيز على الأفراد سيخدم الشركة على المدى الطويل عندما يعود موظفوها للعمل من المكتب.
وكمثال على ذلك، يمتلك فريقنا في مركز سانجر للقيادة لجنة ثانوية تعمل على إعادة توضيح ممارساتنا وقيمنا الثقافية، ومنها التفكير بكيفية إعادتهم للبيئة الافتراضية. كيف يمكننا الحفاظ على ثقافتنا في هذا النمط الجديد من العمل، بينما نكون أكثر تعمداً ووضوحاً حول ثقافتنا؟ كما نعمل على كتابة قواعد إجراء الاجتماعات الإلكترونية مثل ضمان وقت للتحدث لكل شخص واقتصار فترة النقاش على أقل من 5 أشخاص.
كل هذه ممارسات جيدة تدعمها العديد من الدراسات والإبحاث في الإدارة وعلم النفس. العمل عن بعد يجبرنا على أن نصبح أفضل في هذه الممارسات.
مقترحات للعمل عن بعد بفعالية
من أجل ان تكون فعالاً في العمل عن بعد بشكل عام، نحتاج جميعاً لأن نكون أكثر اهتماماً بالجانب البشري من العمل. وبالنسبة للموظفين، فإن ذلك يعني الاهتمام بطاقة الموظف وتحفيزه بالإضافة إلى إيجاد طرق لتنظيم حياة المنزل والعمل. وأظهرت الدراسات البحثية أهمية امتلاك روتين خاص ومعرفة احتياجاتك (التواصل الاجتماعي والحركة الجسدية وتنظيم الحياة)، وبناء روتين خاص والمحافظة عليه بشكل متعمد.
وبالنسبة للقادة الذين يديرون فرقاً من الموظفين تعمل عن بعد، فإنه من الأهمية بمكان وضع الخطط حول كيفية الاهتمام بالموظفين مع مراعاة التركيز عليهم وعلى احتياجاتهم. ويمكنك الإطلاع على إطار هذا التوجه في كلية روس (الذي وضعه بوب كوين وكيم كاميرون، وتم التوسع فيه في نموذج ميتشغن للقيادة عبر العميد الدكتور سكوت دي رو، وسو آشفورد وجريتشن سبريتزر والزملاء) هنا.
وهنا بعض الخطوات والإجراءات التي يمكن اتباعها من قبل القادة للاهتمام بموظفيهم. وفي حال أردت الغوص أكثر في هذه الاستراتيجيات، يمكن الإطلاع على بعض هذه المصادر المتاحة في إدارة التعليم التنفيذي.
- تعزيز الوعي بالوضع
اعرف كيف يفكر فريقك وما الذي يحتاجه واعمل على تلبية احتياجاتهم.
خذ وقتك في إجراء مقابلات فردية واخرج بتقارير مباشرة لفهم احتياجاتهم اليوم. ما هي مشاعرهم وطاقاتهم؟ ما الذي يحتاجونه ليكونوا منتجين؟ ما هي الموارد التي يحتاجونها؟ المثير للاهتمام ان الشركات الناجحة العاملة عن بعد تؤمن بأن وجود ميزانية كبيرة لتأسيس مكاتب منزلية مريحة أمر أساسي. هل قامت شركتك بتحديث سياساتها وضمان الحصول على تمويل لمساعدة موظفيها في العمل من المنزل بأريحية؟ قم بتنظيم اجتماع بنهاية كل أسبوع لمتابعة عمل فريقك، أو إرسال استبيانات لجس النبض بنهاية كل أسبوع وقياس حيوية وطاقة ونشاط موظفيك. يمكنك أيضاً توجيه أسئلة لموظفيك حول إيجابيات الأسبوع كجزء من الخطوات المتخذة لإعادة تقييم الوضع.
- الثقافة
قم بتشكيل لجنة فرعية وابحث عن حلول للتأكيد على رسالتك وقيمك فوراً
قم بتمكين هذه اللجنة وفعّل ما بين ثلاث إلى خمس ممارسات ثقافية يمكن أن تعيد إحياء قيم ورسالة الشركة في بيئة العمل عن بعد. كيف يمكن للعادات الثقافية الاستمرار في نموذج العمل الجديد؟ كيف يمكن للعادات المتبعة تطبيقها عن بعد؟ كيف يمكن لممارسات الاحتفال بالنجاح ان تطبق في البيئة الإلكترونية؟
ويمكن أن يكون تذكير الموظفين برسالة وقيم الشركة الأساسية وسيلة جيدة لتوفير الاستقرار والتحفيز خلال هذه الأوقات الصعبة.
- الأهداف
ضمان وضوح أهداف ومسؤوليات الفريق والأفراد (وبشكل يومي)
من المهم أن تكون أهداف الشركة على المدى الطويل واضحة ويتم ترجمتها لمسؤوليات ومهام فردية وجماعية من فرق العمل كل أسبوع (وذلك أيضاً في بيئة العمل الإلكترونية). إذا كنت لا تستخدم برامج إدارة المشاريع مثل “Asana”، فقم بفعل ذلك اليوم. ويمكن وضع مستندات على غوغل تحدد مهام العمل ومواعيد تسليم المهام ليكون الأمر أكثر تفاعلاً بين الموظفين. قم بوضع أهداف للموظفين لضمان آلية المساءلة الأمر الذي سيعزز أداء شركتك ويجعل فريقك أفضل عند العودة للمكاتب.
لا تنسى بذل مزيد من الجهد على مدار الأسابيع القادمة، بينما يتعود الموظفون على الواقع الجديد، وأظهر مزيداً من المرونة في تفهم احتياجاتهم ومتطلباتهم، وقم بتعديل الأهداف بما يتناسب مع الواقع الجديد. ولكن يجب عليك ان تضع أهدافاً واقعية وتعلم فريقك بها وذلك ضمن جهودك لتعزيز طاقة الفريق وحماية طريقة عمل ومنهجية فريقك.
- العمليات والقواعد
قم بوضع كتاب خاص بالتواصل وعادات الاجتماعات في البيئة الافتراضية
ما هو نظام الاجتماع المثالي؟ ما هي أنواع الاجتماعات المتاحة؟ كيف تختلف قواعد اجتماعات اتخاذ القرارات عن الاجتماعات الكثيفة الحضور؟ (3-5 أشخاص في الاجتماع الافتراضي هو الرقم المثالي لاجتماعات اتخاذ القرارات وحل المشكلات. في الاجتماعات الكثيفة الحضور، يمكن لعدد أكبر من الأشخاص الحضور، ولكن يحضرون مع تفعيل خاصية الصمت إلا عند الحديث أو بوجود مزايا للمحادثات خصوصاً لجمع الأسئلة والأفكار). ما هي العادات والممارسات المتعلقة بتشغيل وإغلاق الفيديو؟ (الدراسات البحثية تقترح تشغيل الفيديو دوماً ما لم تكن هناك ظروف قاهرة).
- التجارب
حاول قدر المستطاع أن تحث فريقك على إجراء التجارب والتأقلم، وكن مرناً عبر الاهتمام بنفسك وحالتك الذهنية، وإظهار مرونة كقائد لفريق عمل، ومحاولة إيجاد طرق لدعم فريقك في هذه المواضيع.
التأقلم مع التغيير يتطلب مرونة. ولكي تكون مرناً ومتأقلماً، ينبغي ان تبدأ بإظهار التعاطف وامتلاك عقلية النمو كقائد. فعلى سبيل المثال، وجدت سو آشفورد وزملائها أن القادة يمكنهم فقط مساعدة الآخرين إذا ما أظهروا تعاطفاً واهتماماً تجاه أنفسهم. لذا يجب عليك إظهار الاهتمام بنفسك، والتدخل لمصلحة موظفيك وعكس الصورة المثالية والصحيحة عن فريقك.
واحرص على إظهار اهتمامك وبذلك لأقصى جهدك من أجل تلبية المتطلبات المختلفة لفريق عملك. استخدم نظرية إظهار التعاطف مع نفسك وفريقك للمساعدة التعريف باتجاهات النمو والإطلاع على كيفية التأقلم والتكيف مع نظام جديد للعمل.
المؤلفة:
ليندريد (ليندي) جرير هي بروفسور مساعد في الإدارة والتنظيم في كلية روس بميتشغن بالإضافة إلى كونها مدير كلية مركز سانغر للقيادة. وتركز أبحاثها على كيفية قيادة فرق عمل فعالة في المؤسسات، مع الاهتمام بمهارات القيادة في إدارة النزاعات والتنوع والإدماج وصياغة الرؤية وتواصل المشاعر.