في وقت قد يُسحب فيه البساط من تحت قدميك، تأتي ردود الفعل لتفرق بين الضربات البسيطة وتلك القاتلة.
مترجم بتصرف: مقال لأحمد الأكبر
“ما علاقة ذهابنا لزيارة عمتك بأعمالك حقاً؟” هذا كان رد والدي المنزعج مني عندما طلبت منه البقاء في المنزل لتجنب عدوى فيروس كورونا المستجد.
أجبته: “كل شيء”. التفت إلى والدتي، التي عادة ما تكون أكثر تفهماً، لشرح ضرورة بقائها ووالدي في المنزل من أجل تقليل المخاطر الحقيقية على أعمالي.
بغض النظر عن مثل هذه المحادثات مع والداي، يجب أن أعترف أنه خلال هذه الأزمة، والجهد الدولي المشترك لمكافحة جائحة كورونا، كنت أنانيًا للغاية وبعيدًا جدًا خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ورغم تقديري وامتناني لجهود العاملين في قطاع الرعاية الصحية؛ إلا أنني للأسف لم أخصص المزيد من الوقت للتعبير عن امتناني بعيداً عن مجرد تحيتهم من خلال نافذتي. كما أنني لم أحاول تخصيص بعض الوقت للاجتماع بأصدقائي بشكل افتراضي عبر برامج وتطبيقات الكترونية مثل “زووم” وهانج أوت”
ومع مرور الوقت، تخلت زوجتي حتى عن فكرة عدم انشغالي. أما أطفالي فلا يتوقعون مني حقاً قضاء وقت مثمر معهم.
الأمر الوحيد الذي يشغل ذهني حالياً هو تقليص المخاطر التي قد تضر عملي “هالو شيف” Hello Chef ، الذي يقدم وصفات جاهزة للطهي ولذيذة ومنسقة من قبل الطهاة في الإمارات العربية المتحدة.
وفي الوقت الذي كنت أُفرط فيه بالاحتماء واضعاً نفسي في قوقعة من العزل الذهني؛ خلقت عالماً من عدم اليقين والقلق. متسائلاً: ماذا لو أصيب أحد الموظفين لدي في فيروس كورونا وتوفي؟ ماذا لو أُصبت أنا بالعدوى؟ ماذا لو تم إغلاق الطرق ولم يعد بمقدور موفري الخدمات اللوجستية توصيل منتجاتي؟ ماذا لو لم يتمكن الموردون الرئيسيون من تلبية طلباتنا؟
ربما كنت أبالغ في مشاهدة البرامج الإخبارية، أو ربما يكون شعوي هذا ومخاوفي طبيعية ويشعر بها معظم رجال الأعمال مؤخرًا. لحسن الحظ، فإن بعض الوقت الذي قضيته في القلق قد أثمر في شكل إجراءات.
عندما يتعلق الأمر بالأزمات، فإن سرعة الاستجابة والتخطيط المسبق ووضع التكتيكات أهم من أي شيء آخر. وفي الوقت الذي قد يُسحب فيه البساط من تحت قدميك بكل بساطة وفي أي لحظة، تأتي ردود الفعل لتفرق بين الضربات البسيطة وتلك القاتلة.
بالنسبة لنا وبمجرد أن علمنا بالمدى الكبير لانتشار هذا الوباء، قمنا بجمع أعضاء فريقنا الأساسي معًا لتقييم مدى خطورته وكيف يمكن أن يؤثر علينا وعلى أعمالنا. لم نملك حينها العديد من الإجابات، ولكن بمجرد أن بدأنا في التحدث، أصبحنا أقرب من تحديد المخاطر وتطوير الأفكار حول كيفية إنجاز الأمور بسرعة.
على سبيل المثال، كان الكثير من موظفي الشركة لدينا يعيشون في مناطق مختلفة حول دبي، وشاهدنا الخطر المحتمل للإصابة بالفيروس من خلال التنقل في الحافلة أو المترو للوصول إلى العمل. على هذا النحو، تواصلنا مع موظفي العمليات، وسألناهم عما إذا كانوا على استعداد للانتقال إلى مبنى مجاور لموقعنا. كما قدم صاحب المبنى عرضًا جيدًا حيث تمكنا من استئجار مجموعة من الشقق في تبادل واحد.
قبل 100٪ من موظفي العمليات بذلك، وتم نقلهم في غضون أسبوع. ساهم قرب مقر العمل من مكان لإقامتهم بما لا يزيد عن خمس دقائق سيرًا على الأقدام من المنزل، تمكن الموظفون من توفير أجرة تنقلهم الأمر الذي رفع من رضاهم وامتنانهم. كما تمكنا من حل مجموعة من المشكلات اللوجستية للموظفين.
كان على موظفي مكتبنا إجراء تغييرات أيضًا. فمن خلال العمل من المنزل الذي لايزال جديداً على البعض، كان علينا أن نكتشف بسرعة فعالية كل قناة اتصال نسبة إلى كل رسالة. راجعنا جميع وثائق التأمين الطبي وتأكدنا من الإجراءات لتي يجب اتخاذها في حالة ظهور أعراض على أحدهم.
تحدثنا إلى الموظفين الذين باتو يتولون عدة مسؤوليات من خلال العمل من المنزل والتعليم المنزلي لأطفالهم لنرى كيف يمكننا استيعاب مشاكلهم ومساندتهم من خلال النظر في ساعات العمل. كان لا بد من اجراء تعديلٍ على اجتماعنا الفصلي، الذي اعتدنا اقامته في أحد الفنادق، وقمنا بتحويله ليتناسب مع الوضع الراهن وإجراؤه عبر مكالمات الفيديو.
يتوقع عملاؤنا منا أن نتصرف بسرعة أيضًا. أرادوا أن يعرفوا ماذا كنا نفعله للتخفيف من المخاطر، وهم محقون في ذلك.
وبمجرد وضع الخطط، بدأنا في التواصل مع العملاء حول إجراءات السلامة التي نتخذها. كان الشيء الذي نفخر به هو التنفيذ السريع لعميات تسليم الطلبات بدون تلامس، وهي طريقة لا تتضمن أي أشكال مباشرة للتلامس بين عملائنا وسائقي التوصيل.
ولكن مع استمرار الأزمة في ذروتها، فمن الطبيعي أن يكون تحديد الأخطار هو هدف متحرك. فمن الممكن أن تواجهنا بعض المفاجآت. لكن اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب يساعد بشكل كبير في التخفيف من التأثيرات.
قمنا بتجزئة العمليات التي كان لها تأثير جيد وأعدنا بنائها بالكامل لمواجهة هذا العدو غير المرئي. ومن المهم التأكيد على حاجة الناس إلى التدريب وإعادة التدريب. في بعض النواحي، قمنا بالإسراف من خلال الاستثمار المفرط في أشياء ربما لم نكن بحاجة إليها اذا ما فكرنا بها خلال أسوأ الأوقات.
في نهاية المطاف، فإن القيام بكل ذلك لم يكن أمراً سهلا أو محبباً، ولكن هناك دائما جانب إيجابي لكل شي: لقد أعطاني هذا الوباء دورة مكثفة حول الإجراءات الخاصة بتخفيف المخاطر. من المؤكد أن هذا الأمر سيرافقني خلال بقية حياتي المهنية.