جودة وسرعة اتخاذك للقرارات في وقت الأزمات ستكون عاملاً حاسماً بالنسبة لأعمالك
مترجم بتصرف: مقال لـ جياكومو بيرنارديلي
قبل شهر من الآن، كان فريقي منهمكاً في إعداد الميزانية وتنفيذ مشاريع واستثمارات جديدة لمواكبة الطلب في السوق استعداداً لمعرض إكسبو 2020 دبي. حياتي كانت روتينية، مليئة بالاجتماعات اليومية والمكالمات وغيرها من المسائل الروتينية. وعلى الجانب الشخصي، كنت للتو قد انتقلت إلى منزل أكبر، واستقبلت طفلي الذي ولد مؤخراً. كانت حياتي بشكل عام جيدة إن لم تكن ممتازة.
وظهرت فجاًة أزمة كوفيد-19 لينقلب عملي وحياتي رأساً على عقب.
ففي أقل من أسبوع، انتقلنا من التخطيط للنمو إلى وضع نصارع فيه للبقاء والنجاة. الروتين اليومي التقليدي في حياتي اختفى وتغير، فأحياناً من الجيد ان تشهد حياتنا خضةً لأنها قد تكون ما نحتاجه بالضبط.
ونحن كشركة إيطالية متوسطة الحجم تعمل كمورد للأطعمة والغذاء، 90% من إيراداتنا كانت تأتي عبر قنوات خدمة الطعام. وكما تعلمون، فإن قطاع الضيافة كان من أكبر القطاعات المتضررة من أزمة انتشار (كوفيد-19)، حيث خسر الآلاف وظائفهم وأصبحوا بلا دخل. وبعد إغلاق الفنادق والمطاعم في دولة الإمارات، خسرنا 100% من تلك الإيرادات في غضون أيام.
خيارنا الوحيد تمثل بإعادة تركيز طاقاتا على تنمية الجانب المتبقي لنا من إيراداتنا والذي يمثل 10%، وهو التجارة عبر الإنترنت بين البائع والمستهلك (B2C e-commerce). فجأة أيقنت أن هذه الأزمة تشكل تحدٍ شخصي ومهني فريد من نوعه، وإذا ما نجحت في تجاوز هذه الأزمة، فإننا سأقوم بوصف هذه التجربة بطريقة تشابه وصف أجدادي لكيفية نجاتهم في الحروب. ففجأة، بدت أزمة (كوفيد-19) كواحدة من اللحظات المجنونة التي توفر فرصاً للذين اختاروا عدم اليأس.
انطلقنا بسرعة للتركيز على بعض الأولويات القليلة مثل توسيع نطاق منتجنا، وتطوير منصاتنا اللوجستية والتقنية، والتي في حقيقة الأمر، لم تكن جاهزة لمواكبة الطلبات الإلكترونية المتزايدة. وفي أقل من أسبوعين، ارتفعت الطلبات الإلكترونية بنسبة 500% مما ضمن إيرادات كافية للمحافظة على موظفينا ومتابعنا عملنا.
وأدناه هو ما تعلمته حتى الآن من رحلتنا لمواجهة تحديات أزمة فيروس (كوفيد-19):
.
جميعنا نواجه تحديات مهنية وشخصية، ولكن التحديات قد تكون مصدراً للطاقة لك أيضاً
شخصياً تحولت من العمل في المجال المصرفي إلى تأسيس شركة ناشئة إعلامية فشلت في عامها الأول، إلى النجاح أخيراً في تأسيس شركة توزيع أغذية. تماماً مثل ألعاب الفيديو، انتقلت من مستوى إلى مستوى أعلى كل عام حتى وصلت إلى المستوى العاشر، ومن ثم حدثت أزمة فيروس (كوفيد-19). وهنا تعلمت أنه يجب عليّ عدم الأخذ الأمور كمسلّمات، مهما كانت الجهود التي بذلتها لتأسيس أي أعمال، فهناك دائماً فرصة أن تختفي بين ليلة وضحاها.
أما العامل الآخر الهام الذي أظن أنه ساعدني على اتخاذ ردة فعل سريعة كان اختياري بعدم التفكير بنفسي كضحية في وجه الأحداث العابرة. أعتقد أن التغلب على مثل هذه الأوضاع يتطلب الكثير من الشخصية والقوة الذاتية، بشكل يفوق المعرفة التقنية.
الكثيرون يريدون فوراً اللجوء للتجارة الإلكترونية التي تعتبر جانباً مربحاً، ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت
تواصل معي عدد قليل من رواد الأعمال الإقليميين أملاً بالحصول على نصيحة حول كيفية التحول إلكترونياً بشكلٍ سريع في أعمالهم، ولكنهم جميعاً وللأسف وجدوا جوابي مخيباً لآمالهم: لقد استغرقت أكثر من عام لأتعلم كيف تعمل التجارة الإلكترونية.
من المفهوم أنه بينما ينمو الطلب على التجارة الإلكترونية للأغذية، تتمنى العديد من الشركات التي لا تمتلك تواجداً إلكترونياً ان تؤسس قنواتها الإلكترونية بسرعة لضمان الإيرادات حتى تعود الأمور إلى طبيعتها. والسبب الآخر هو أن الجميع يتحدث اليوم عن التجارة الإلكترونية. فوسائل الإعلام تمتلىء بالعناوين حول ثروة جيف بيزوس، التي ارتفعت 26 مليار دولار امريكي خلال أزمة فيروس كورونا، وذلك تقريباً بنمو 20% على مدى الأربعة أشهر الماضية.
وفي الأوضاع الطبيعية، لا يجب أن تكون التجارة الإلكترونية مكلفة جداً، ولكنها تتطلب تخطيطاً دقيقاً. ولكن، إن كنت لا تمتلك ميزة الوقت، وينبغي عليك الحصول على إيرادات في غضون أشهر أو حتى أسابيع، فاستعد حينها للاستثمار بشكل ملحوظ.
الوقت أكثر قيمة من المال عندما يتعلق الأمر بتأسيس موقع إلكتروني سهل الاستخدام، واختيار الشركاء اللوجستيين الملائمين، وتنمية قاعدة متعامليكم، والتواصل والوصول إلى العملاء عبر استخدام استراتيجية رقمية تسويقية صحيحة.
إعداد الطعام في المنزل هو أحد احتياجاتنا الأساسية، ولكنها تعتبر إحدى الكماليات التي لا يستطيع الكثيرون القيام بها في هذه الأيام
هناك الآلاف من العاملين في مجال الضيافة في الدولة من اللذين خسروا وظائفهم ومنهم النادلون والطباخون ومدراء المطاعم وغيرهم الكثير.
كل واحد من هؤلاء لعب دوراً كبيراً في نمو قطاع الضيافة في دبي على امتداد السنوات الماضية. والفضل يعود لهؤلاء الذين ساعدتنا خدماتهم نحن مزودي الأغذية على تنمية أعمالنا في دولة الإمارات لسنوات وستستمر في فعل ذلك في المستقبل القريب.
ومن أجل هذه الأسباب، قامت شركتي “Casinetto” مؤخراً بالشراكة مع “Hospitality Connect” و الشيف “Izu Ani” للمساهمة بمبادرة “حملة الطعام FOOD DRIVE” التي تستهدف إيصال طعام مجاني لأكثر من 300 من عمال قطاع الضيافة العاطلين عن العمل. نتمنى أن ينضم المزيد من الرعاة إلى حملتنا والحملات المماثلة لدعم زملائنا في قطاع الضيافة في الأسابيع القادمة.
كل الأعمال جيدة، ولكن دائماً احرص على وضع قدم واحدة على الأقل في قطاع قريب من حياة الناس
لم يكن أحد يتوقع مدى التأثير الذي سيحدثه فيروس (كوفيد-19) على حياتنا والاقتصادات العالمية. وفي وقت قليل جداً، ذكرتنا الأزمة بأننا جميعاً قادرون على الحياة بدون مراكز تجارية، ومصففي شعر ونوادٍ وأحذية غالية، ولكن الأهم أننا تأكدنا بأن المواد الغذائية والطبية والتنظيفية والتعقيمية أكثر أهمية في حياتنا من أي أمر آخر.
أن أؤمن بقوة بأن المنخرطين في أعمال تتعلق بالمواد الأساسية، مثل أعمالنا نحن، سيكونون قادرين على التعافي بوتيرة أسرع في فترة ما بعد فيروس (كوفيد-19).
للعصف الذهني فوائده الخاصة، ولكن في أوقات الأزمات، جودة وسرعة اتخاذك للقرارات ستكون عاملاً حاسماً بالنسبة لأعمالك
في الأوقات غير المسبوقة مثل وقتنا الحالي، من المهم للشركات أن تبقي آلية اتخاذ القرارات عندها قصيرة، وتخطط أسبوعياً، مع الحفاظ على وجهات نظر منطقية لتفادي الذعر.
وفي نفس الوقت، فإن القرارات السريعة ضرورة لا بد منها. وعلى ضوء ذلك، فإن الاجتماعات الطويلة وجلسات العصف الذهني تقل أهميتها إذا أثرت على سرعة ردات الفعل.
خفض التكاليف يمكن ان يكون أمراً ضرورياً، ولكن حافظ على علاقاتك مع موظفيك وشركائك
تعتبر أزمة انتشار فيروس (كوفيد-19) أزمة فريدة من نوعها لأنها تختلف عن الأزمة المالية السابقة الطويلة 2008/2009، والتي لم تشهد انخفاضات في النمو بشكل فجائي. أزمة كوفيد-19 أدت إلى انخفاض بنسبة 80% في معظم الأعمال في غضون أسبوع واحد.
يبدو أن هذه الأزمة ستكون قصيرة ولكنها تًعِدُ بأن يعقبها فترة تعافٍ قوية. ومع أخذ هذا الجانب في الاعتبار، فإنني أؤمن بأهمية الحفاظ على علاقات قوية مع كل الأطراف المعنية من موردين وعملاء وخصوصا الموظفين. وسيكون لكل شركة خيارات مختلفة متاحة أمامها لخفض تكاليف الموظفين، إلا انه من المهم الحفاظ على السلوك الأخلاقي، والنظر إلى الأمور من وجهة نظر بعيدة المدى.
نبذة عن المؤلف
جياكومو بيرنارديلي هو المؤسس والمدير العام لشركة “Casinetto”، المصنعة والموزعة والمتخصصة بالتجارة الإلكترونية لأفضل المنتجات الغذائية الإيطالية في الإمارات والأسواق الأخرى.