أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، أن دولة الإمارات وانطلاقاً من الدعم اللامحدود والمتابعة والتوجيهات المستمرة من قيادتها الرشيدة، وضعت خطة استجابة ممنهجة لمواجهة آثار انتشار فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد الوطني بما يضمن استدامة الاقتصاد واستمرارية الأعمال وتحقيق التعافي واستعادة النمو خلال فترة قياسية.
جاء ذلك، خلال مشاركة سلطان المنصوري في جلسة الانعكاسات على دولة الإمارات – الفرص والتحديات، التي تناولت الخطط المستقبلية للقطاعات الاقتصادية والتكنولوجية، ضمن اجتماع حكومة دولة الإمارات لاستشراف مستقبل القطاعات الرئيسية بعد كورونا، الذي يأتي تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، ببدء صياغة استراتيجية دولة الإمارات لمرحلة ما بعد “كوفيد-19”.
وقال سلطان المنصوري إن اقتصاد دولة الإمارات هو اقتصاد تنافسي ومرن ومرتبط بمختلف الأسواق العالمية، وبالتالي فهو ليس بمعزل عن التداعيات التي يشهدها العالم نتيجة تفشي وباء كوفيد 19، مشيراً إلى أن هناك بعض القطاعات شهدت تأثراً سلبياً أكثر من غيرها مثل السياحة والطيران والبتروكيماويات وتجارة التجزئة والعقارات، فيما شهدت قطاعات أخرى استفادة ونمواً خلال الأزمة الراهنة، مثل التكنولوجيا وخدمات الإنترنت والترفيه الرقمي والتجارة الإلكترونية وتجارة المواد الغذائية، ومؤكداً أن الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات متين ومرن ولديه مقومات تعزز قدرته على تجاوز الأزمات وتحقيق الريادة.
إطار استراتيجي على مرحلتين وأضح وزير الاقتصاد أن الإطار العام للاستراتيجية الاقتصادية للدولة في مواجهة وباء كوفيد 19 يرتكز على مرحلتين رئيسيتين، الأولى على المدى القريب وتتمثل بالفتح التدريجي للاقتصاد وأنشطة الأعمال مع مراعاة الاحترازات الصحية المتبعة، وتقديم الدعم وخطط التحفيز الاقتصادية الضخمة للقطاعات الأكثر تضرراً، والتي بلغت قيمتها الإجمالية حتى اليوم 282.5 مليار درهم، وحماية ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وربط التمويلات بالقطاعات المستفيدة وفق خطط مدروسة وآليات فعالة.
أما المرحلة الثانية، فتتمثل بخطة تحفيز طويلة المدى للاقتصاد لتسريع التعافي ودفع عجلة النمو قدماً، والعمل على تحويل التحديات إلى فرص لتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تعزيز مرونة واستدامة النموذج الاقتصادي المتبع، وتشجيع التمويل والاستثمار في القطاعات ذات الإمكانات المستقبلية العالية، ومن أبرزها: الاقتصاد الرقمي بما يشمل الذكاء الاصطناعي وشبكة الجيل الخامس وإنترنت الأشياء والمدن الذكية والبلوك تشين، ومفاهيم وصناعات الاقتصاد الأخضر مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والاقتصاد الدائري، وتعزيز الإنتاجية من خلال إدماج تقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد وأنظمة الروبوتكس، وتعزيز الأمن الغذائي باستخدام التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.
الاقتصاد الرقمي يقود عملية التعافي وقال سلطان المنصوري: “من هذا المنطلق، ندعو الشركات والقطاع الخاص بكافة الأنشطة للإعداد لهذه المرحلة والتهيؤ لمرحلة الاقتصاد الرقمي الذي سيقود مرحلة التعافي وما بعده من انتعاش، والتركيز على مهارات المستقبل للمهن والوظائف والتحول نحو إدخال التكنولوجيا في كل مرحلة من مراحل الإنتاج باعتبارها عامل استمرارية مهماً للأعمال وتحقيق النمو في المستقبل”.
وأكد أن ملامح مستقبل الاقتصاد ستعتمد على تشجيع الصناعات الوطنية وتأمين إمدادات المواد الأساسية، إضافة إلى دراسة تنويع واردات الصناعات من مواقع ودول حول العالم، ومواءمة السياسات الاقتصادية للمتغيرات العالمية على المدى القصير والبعيد.
وأشار سلطان المنصوري إلى أن الاتجاهات الاقتصادية العالمية لمرحلة ما بعد “كوفيد-19” ستدفع نحو تطوير سلسلة توريد عالمية جديدة وأنماط تجارية جديدة مع دور ناشط أكثر للحكومات في الاقتصاد الوطني في جميع الأسواق، وتخصيص استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية والجيل الخامس في الاتصالات والمدن الذكية والخدمات الذكية والصحة والتعليم والتجارة.
مستقبل التكنولوجيا بعد “كوفيد-19” ولفت وزير الاقتصاد إلى أن الابتكار شكل الركيزة الرئيسية في النهوض الاقتصادي في مراحل ما بعد الأزمات على مر التاريخ، وسيكون الدور الأكبر للتكنولوجيا في مرحلة ما بعد “كوفيد-19″، حيث أثبتت الأزمة الحالية العلاقة الوثيقة بين استمرارية الحياة في الدول وقدراتها التكنولوجية، مؤكدا أن حكومة دولة الإمارات ستواصل توفير حوافز لدعم الشركات التكنولوجية الكبيرة والناشئة في الدولة وجذب الاستثمارات ودعم استمراريتها كمكون للاقتصاد الوطني.
وأكد سلطان المنصوري خلال إجابته على عدد من الأسئلة في حوار الوزراء الذي أدارته سعادة الدكتورة آمنة الضحاك الشامسي الناطق الرسمي لحكومة دولة الإمارات الوكيل المساعد لقطاع الرعاية والأنشطة في وزارة التربية والتعليم، ضرورة تحديد خيارات التوازن بين الصحة والاقتصاد والتدرج في عملية تخفيف الإجراءات الاحترازية وتقييم كل مرحلة من حيث الأثر الصحي والاقتصادي، مشيراً إلى أهمية تطوير معايير جديد لسلاسل التوريد العالمية، وإيجاد بدائل للسلاسل غير المتاحة بسبب إغلاق المجال الجوي والموانئ، ومشددا على دور التكنولوجيا في تطوير قاعدة بيانات ضخمة لتحديد أنواع الصناعات ذات القيمة المضافة والقابلة للاحتضان محلياً بما يسهم في تعزيز التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات.
الجدير بالذكر، أن “اجتماع حكومة دولة الإمارات: الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19″، يمثل تجسيدا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عقد سلسلة من الجلسات المكثفة بمشاركة أكثر من 100 مسؤول من الوزراء ورؤساء الجهات على المستويين الاتحادي والمحلي، لبحث انعكاسات فيروس “كورونا المستجد”، واستكشاف أهم الفرص، ووضع إطار عام لاستراتيجية شاملة تتضمن خطط عمل وسياسات حكومية في القطاعات الأكثر ارتباطا بحياة الناس.