بالرغم من عدم تطبيقها نظام إعانة البطالة بشكل مباشر، لايزال الالتزام الأخلاقي من قبل الشركات في دولة الإمارات مستمراً خصوصاً في اتخاذ خطوات دقيقة ومدروسة عندما يتعلق الأمر بتحديد أين ومتى يتعين عليها الاتجاه نحو تخفيض أعمالها في ظل أزمة كوفيد-19
مترجم بتصرف: مقال لـ اليكس ايونيديس
في الأوقات العادية، تواجه الأعمال تحديات يومية كبيرة وكافية لاختبار أعصاب أكثر قادة الأعمال ثباتاً. ولأنه من المنصف أن نقول إن هذه الأوقات ليست بالعادية. لذلك، كيف يمكن قياس أداء قادة الأعمال خلال أزمة وباء كورونا المستجد (كوفيد – 19)؟ ليس بالضرورة أن يكون قائد الأعمال مثالياً؛ ولكن يجب أن يكون جيد بما فيه الكفاية.
تفاعل ولكن لا تبالغ في ردود فعلك
واجهت العديد من الشركات انقطاعا كاملاً في تدفقات إيراداتها مؤخراً. والسؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه المواقف هو: ما الذي يجب فعله في مثل هذه الحالة؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن الخيار لم يكن بأيدي تلك الشركات حقاً. بعض الشركات اضطرت لإغلاق أبوابها تماماً ليصبح عدد كبير من موظفيها عاطلين عن العمل. فيما استطاع عدد قليل جدا من الشركات التي كان لديها احتياطيات نقدية كبيرة من الاستمرار، ومع ذلك لاتزال تتردد بإنفاق أي مبلغ في الوضع الراهن إلا إذا كان ذلك رغم إرادتها.
لكن مع ان خفض إجمالي الإيرادات يعد وبلا شك الوضع الأصعب بالنسبة لأي شركة، فإن أغلب الشركات لا تواجه مثل هذا السيناريو. وتراوحت الأضرار بين معتدلة إلى شديدة من حيث خفض الإيرادات. وعلى النقيض، لاتزال هناك بعض الشركات المحظوظة التي لاتزال تحافظ على إيراداتها أو على الأقل المحافظة على الحد الأدنى من التخفيض. كما نرى بعض الشركات تتمتع بزيادة كبيرة في الإيرادات بفضل أزمة وباء كورونا المستجد الذي ساهم بالفعل بتوفير المزيد من الأعمال.
وفي حال عدم اضطرار الشركة لخفض إجمالي ايراداتها، يتعين عليها أن تتفاعل وليس أن تبالغ في ردود فعلها. ومع ذلك، اتجهت العديد من الشركات نحو خفض أو تجميد أكبر قدر ممكن من إنفاقها، حتى دون النظر فيما إذا كانت هناك حاجة لذلك.
في حين يشكل تعافي الأرباح هدافاً رئيسياُ بالنسبة لأي عمل تجاري، فإن استراتيجية الخفض دون ضرورة يضعف منظومة الأعمال بأكملها. في دولة الإمارات، حيث لا يطبق نظام إعانة البطالة بشكل مباشر، لايزال الالتزام الأخلاقي من قبل الشركات في دولة الإمارات مستمراً خصوصاً في اتخاذ خطوات دقيقة ومدروسة عندما يتعلق الأمر بتحديد أين ومتى يتعين عليها الاتجاه نحو تخفيض أعمالها في ظل أزمة كوفيد-19. فلنكن واضحين، فإن النهج الصحيح هو الابتعاد عن الخفض أكثر من الحاجة.

كن دقيقا – وانسَ الربح
الأعمال الآن ليست كسابق عهدها. والوصول إلى الأرباح المرجوة بأي ثمن لم يعد الهدف الرئيسي بالنسبة للأعمال. ومع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، يجب على أصحاب الأعمال وصانعي القرار في الإمارات أن يتذكروا أن الاهتمام باستدامة منظومة الأعمال ككل دون عزل أنفسنا وأعمالنا عن هذه المنظومة هو المطلوب في هذه المرحلة.
يجب أن تتمكن الشركات من التأقلم والتمكن من الاستمرار مع أرباح أقل أو إدارة الخسائر بعناية خلال هذه الفترة – وهذا في الواقع أمر ضروري للحفاظ على سلامة منظومة الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتمثل عملية إدارة التدفق النقدي بشكل صحيح مهارة يتمتع بها عدد قليل من الشركات على المدى الطويل. ببساطة، فإن القواعد ومواكبتها لا تناسب الجميع. وفي أغلب الأحيان، يتبع الدفع بمواعيده المحددة خلال بضعة أشهر، مواجهة صعوبات في تغطية كشوف المرتبات وفواتير البائعين أيضاً.
هناك العديد من العوامل التي تدفع الشركات نحو تنفيذ ذلك بشكل خاطئ، ولكن لن نتطرق لذلك الآن. فإن ما يجب توضيحه هو أنه وبغض النظر عن تاريخ الشركة فيما يتعلق بإدارة النقد، خلال أزمة وباء كورونا المستجد، هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى للحصول على البيانات المالية بشكل أدق. عند القيام بذلك فقط، يمكن اتخاذ القرارات المناسبة.
ومع صعوبة وضع توقّعات دقيقة في ظل وضع يتطور بشكل متسارع، تتجه ردود الأفعال في الأزمات نحو الذعر والتصرف بتهور فيما يتعلق بخفض التكاليف بدلاً من التوجه نحو التعديلات المدروسة بدقة أكثر.
ستترك مثل هذه القرارات المتهورة في خفض التكاليف علامة على منظومة الأعمال في دولة الإمارات على المدى البعيد، الأمر الذي سيؤدي إلى خلق منظومة أعمال منفردة وغير موحدة قد تؤدي إلى قطع عقود البائعين دون النظر في ما قد يفرضه ذلك من تأثيرات من حيث ارتفاع البطالة.
اتجه نحو تبني عقلية أفضل
يجب أن نُقر وبشكل واضح بالعقلية الفريدة لمنظومة الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تمكننا من العمل بكرامة في مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد. ومن المنصف أن نقول بأنه وربما أكثر من أي مكان آخر في العالم، هنا في دولة الإمارات، نحن نشعر بالحزن حقًا عندما يكون النمو سلبياً أو حتى إذا كان ثابتاً.
ولكن هذا هو الوقت الأنسب للسيطرة على مثل هذه العواطف. وإلى أن نكون قادرين على الخروج من هذه الأزمة، سنحتاج إلى دفع أنفسنا نحو تبني موقفاً أكثر انصافاً. من المؤكد أننا لا نعرف كيف ستسير الأمور في حال استمرار تفشي وباء فيروس كورنا المستجد على المدى الطويل، ولكن بالتأكيد النتائج التي سيفرضها من حيث عدد الشركات المفلسة وعدد الوظائف المفقودة سيكون هائلاً. في حال استمر هذا الوضع، سيكون بالتأكد وضعاً غير مرضٍ، وربما لسنوات عديدة قادمة.
ولكن من غير المرجح أن نصل لتلك المرحلة. فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أننا سنتمكن من الوقوف على أقدامنا في الأشهر القليلة المقبلة، كما تقوم الصين بالوقوف على أقدامها مجدداً وبحذر.
لذلك، علينا تخطي الأشهر المقبلة بصبر وبحذر. ويجب على أصحاب الأعمال وقادة الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة تذكر أن هذا ليس وقت الأنانية، لذلك أعيد وأُذكر، أن السبيل الوحيد لتخطي هذه المرحلة، هو التفكير في الصورة الكبيرة لمنظومة الأعمال ككل، وليس التركيز على أنفسنا وأعمالنا فحسب.
الصالح العام في الوقت الراهن يتطلب أكبر قدر ممكن من التوازن والتدبير والمسؤولية ما دمنا لانزال قادرين على ذلك.
قلل الإنفاق فقط بحسب الحاجة. واحرص على معرفة أرقامك بشكل دقيق حتى لا تقع ضحية التخمينات الكبيرة.
وتجنب تسريح الموظفين إلا إذا كنت متأكدًا من أنك لن تحتاجهم مرة أخرى بمجرد تخطي هذا الأزمة. وإذا لزم الأمر، يمكنك بدلاً عن ذلك، تقليل الرواتب بشكل عام – كنسبة مئوية موزعة بالتساوي على جميع الموظفين.
تأكد من دفع فواتيرك في أقرب وقت ممكن من تاريخها. وإذا لم تستطع، أظهر للبائعين مدى حرصك على القيام بذلك من خلال التواصل مباشرةً معهم لطلب مزيد من الوقت واحرص على القيام بذلك قبل أن يقوموا هم لبطالبتك بمستحقاتهم. وتأكد أيضاً من إخبارهم عن الوقت الذي تحتاجه لسداد الدفعات.
لا تزال القائمة مستمرة؛ ولكن الفكرة الرئيسية أصبحت لديك الآن
حتى أسابيع قليلة مضت، كان أصحاب الأعمال في الإمارات يخططون على الأرجح لنصف عام قادم ملئ بالنجاحات. فيما كان معظم الموظفين غير قلقين بشأن الأمان الوظيفي. وعلى الرغم من أننا كنا نعلم أن مدى سرعة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، إلا أننا لم نرى كل هذا قادماً، حتى وصل تأثيره علينا بشكل مباشر.
إذا وجهنا أنظارنا نحو المصلحة العامة والخير لنا وللجميع؛ ستكون فرصنا أكبر للتخفيف من حدة تأثيرات الوضع الراهن علينا. يحتاج صانعو القرار إلى أن يكونوا واضحين تماماً بشأن مسؤولياتهم في هذه المرحلة.