بقلم: راشد الغرير، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ “كفو”، أول خدمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للتزوّد بالوقود عبر تطبيق للهواتف الذكية
كشف تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد – 19” عن عددٍ من نقاط الضعف في المجتمع المعاصر، وانتابت العديد منا صدمة مدوّية لتأثير هذا الوباء على حياة الناس في جميع أنحاء العالم، فيما يتعلق بتغيير طريقة حياتنا وعملنا واختلاطنا ببعضنا البعض. ومنذ بداية هذه الأزمة، كان من الواضح أننا بحاجة إلى التوحّد على قلب رجل واحد كمجتمع يتعين على جميع أفراده الاضطلاع بدورهم في تجاوز هذه الأوقات العصيبة.
وفي غمار هذه التطورات جسّدت حكومة دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به للتعامل مع الأزمة بطريقة مثالية بحيث حظي بإشادة عالمية واسعة للإجراءات الحاسمة التي اتخذتها فيما يتعلق بمكافحة وباء “كوفيد -19”. ومنذ نشوب الأزمة، فقد أظهرت الحكومة قوة وحكمة في التعامل السريع مع الأزمة الآخذة في التطور، وهي الجهود التي أثمرت بالتأكيد عن إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح. وعلاوة على ذلك، يقود الابتكار والتكنولوجيا والمرونة جهود الاستجابة هذه الرامية إلى حماية مواطني دولة الإمارات والمقيمين على أرضها والذين يشكلون مجتمعنا المتسم بالتنوع، واتخاذ تدابير دعم الوظائف والأعمال التي تشكل العمود الفقري لتعزيز قوة اقتصادنا.
كما أظهرت حكومة دولة الإمارات بدوائرها وأجهزتها الرائدة العاملة في الصفوف الأولى للاستجابة لـ “كوفيد – 19” شجاعة هائلة في مكافحة هذا الفيروس غير المرئي على أراضينا، والذي تسبب في الكثير من الضرر على مستوى العالم لما يقرب من 3 مليون شخص، وأودى للأسف بحياة أكثر من206,000 حتى الآن.
لقد اتسم مستوى استجابة دولة الإمارات بأنه فريد للغاية من حيث تكامل الجهود وسرعتها بشكل ملحوظ. فمن خلال ذلك، لا أقصد الاستجابة الطبية للأزمة فحسب والتي تشمل إتاحة مرافق الفحوصات والمعدات والأجهزة الطبية والأدوية والمستشفيات الميدانية، ولكن شمل ذلك الاستجابة الاجتماعية والاقتصادية، ومنها إطلاق الحكومة لحزم التحفيز الاقتصادي وتخفيف الديون على الأفراد والمرونة في إدارة رأس المال البشري والأمن الغذائي وتدشين رحلات عودة للعمال وبرامج التطهير بالأماكن العامة. وإنني أشعر بالفخر للدور الجوهري الذي لعبته دولة الإمارات كمواطن عالمي من خلال مساعدة الدول الأخرى على ضمان جاهزيتها لخوض معارك الكفاح ضد هذا الوباء من خلال تسهيل نقل المعدات الطبية ذات الأهمية الحيوية، والذي أسهم في إنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم.
كما أوجّه التحية للعاملين في الصفوف الأولى وعمّال الخدمات الأساسية، والأطباء، وطواقم التمريض والخدمات الطبية، والذين يضربون أروع الأمثلة بتوفير الرعاية اللازمة للمرضى، ويحملون أرواحهم على أكفهم، فقط من أجل مساعدة الآخرين. والتحية موصولة إلى عمّال المتاجر ومحلات البقالة لمساعداتهم في تأمين احتياجاتنا الغذائية، وللطهاة في المطاعم الذين يحرصون على تأمين الأطعمة لنا ولأسرنا، ولسائقي طلبات التوصيل الذين يحضرون لنا احتياجاتنا في منازلنا، وللعاملين في محطات المرافق لضمان استمرار احتياجاتنا من المياه والكهرباء. كل واحد منهم يبذل قصارى جهده للقيام بدوره خلال هذه الأوقات العصيبة ويستحق أن يطلق عليه “أبطالنا”.
بصفتي رائد أعمال إماراتي وأفخر بإطلاق شركتي في دبي وانتمائي لمجتمعي، أعتقد أن لكل منا دوره في هذه الأوقات الصعبة. فهناك من قدموا أروع الإنجازات بما يفوق واجباتهم بالفعل، لدرجة أنهم يخاطرون بسلامتهم الشخصية من أجل مصلحة أفراد المجتمع.
وقد يتمثل هذا الدور بالنسبة لمعظمنا في الامتثال للتعليمات التي أقرتها دولة الإمارات بخصوص “كوفيد -19” بالبقاء في المنزل، واتباع إرشادات التباعد الاجتماعي والجسدي، أو التأكد من عدم إثقال كاهل قطاع الرعاية الصحية في الدولة من خلال زيارة الطبيب أو المستشفى دون أن تظهر عليه أعراض الفيروس.
وقد شعرت أنه من واجبي مساعدة مجتمعنا والقيام بكل ما بوسعي للمساعدة كمواطن مسؤول ورجل أعمال في هذا الصدد. وهذا يعني النظر إلى القدرات التكنولوجية المتقدمة لـ “كفو” والخدمات التي نقدمها، من أجل استكشاف الحلول التي يمكن أن تساهم في دعم وتسريع جهود قيادتنا الرشيدة في مكافحة هذا الوباء. وبصفتنا مزوداً لخدمات توصيل الوقود عند الطلب، فقد كان من المنطقي أن تنظر “كفو” إلى الفئات الأكثر احتياجاً للوقود ومن لا يملكون سوى وقت محدود للذهاب إلى محطات البنزين للتزود بالوقود. وبطبيعة الحال، فإن سائقي سيارات الإسعاف والمسعفين الطبيين مشغولين بشكل متزايد منذ تفشي المرض، لذا، فقد أردنا كفريق عمل إحداث تأثير وتوسيع نطاق الدعم لمجتمعاتنا، ومن هذا المنطلق قمنا بتدشين مبادرة إعادة تزويد جميع سيارات الإسعاف التابعة لمؤسسة دبي لخدمات الإسعاف بالوقود مجاناً.
كذلك استهدفنا بذل المزيد من الجهد لمساعدة العاملين في الصفوف الأمامية عن طريق رفع بعض الأعباء عن كاهلهم، تقديراً لانشغالهم بشكل أساسي بمكافحة انتشار الفيروس. فكانت استجابتنا في هذا الصدد من خلال شريك قوي مثل هيئة الصحة بدبي لمساعدتهم على تسهيل الحياة اليومية لمئات من موظفي الهيئة عن طريق تزويدهم بالوقود المجاني عبر تطبيق “كفو” في أي وقت من اليوم، ومن أي مكان في دبي ودون أي اختلاط بسائق وفق أعلى احتياطات السلامة.
بصفة “كفو” تطبيق رائد للتزود بالوقود لسائقي السيارات، أردنا أيضاً التأكد من أن المستهلكين وجميع مالكي السيارات والسائقين والركاب في أمان داخل سياراتهم خلال هذه الفترة. وفي ظل المعلومات الغزيرة المتوفرة لدينا، فإن الحصول على الحقائق الصحيحة حول كيفية الحفاظ على الصحة الشخصية وصحة الآخرين أثناء قيادتك على الطريق يمكن أن يكون أمراً مربكاً. لذلك أطلقنا صفحة مخصصة على موقعنا الإلكتروني لجمع المعلومات الأكثر صلة ب “كوفيد – 19″، وسلامة السيارة لمساعدة الجميع على البقاء بصحة جيدة وأمان. ومن خلال توفير هذه المعلومات، يعمل فريقي بشكل وثيق مع الأجهزة والدوائر المعنية والخبراء داخل الدولة، ويقوم الفريق بعملية الرصد عن كثب للمبادئ التوجيهية والمعلومات الواردة من المؤسسات الصحية العالمية، مثل منظمة الصحة العالمية.
وغني عن القول إن هذه المساهمات تعد محدودة مقارنة بالجهود المطلوبة، ومع تطور الأزمة فنحن على يقين من أن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به من أجل مجتمعنا. وكما أشرتُ سابقاً، فإننا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لمساندة بعضنا البعض، وأن نقف كأفراد المجتمع على قلب رجل واحد في جهود المساعدة من أجل القضاء على هذا الفيروس غير المرئي. وكلنا بحاجة إلى التحلي بروح المسؤولية في دورنا لحماية أسرنا وأصدقائنا وجيراننا وزملائنا وأفراد المجتمع.
فمن خلال توحدنا معاً نستطيع مساعدة أبطالنا في هذه المعركة لهزيمة هذا الوباء. وعلى ثقة بأننا سنخرج من هذه الأزمة يغمرنا الشعور بالفخر والانتماء للمجتمع. ولا شك أن هذه الأزمة تبني جسوراً تقربنا من بعضنا البعض في جهود الاستجابة الجماعية.