نظرة عامة على الأسواق الاستثمارية العالمية بقلم إدريس الرفيع، رئيس شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنت” ASI في الشرق الأوسط وأفريقيا
تحاول الأسواق المالية موازنة الأسعار مع سلسلة الصدمات السريعة وغير المسبوقة التي تتوالى على الاقتصاد العالمي، والتي أدت إلى أسرع هبوط في تاريخ الأسهم، والسؤال هو هل يجب على المستثمرين الشراء أو البيع حتى عند هذه المستويات المنخفضة لمؤشر فوتسي 100 FTSE؟
كي نتمكن من الإجابة عن السؤال، نحتاج إلى معرفة عدة حقائق، أولها هل ستتمكن تدابير الصحة العامة المتخذة حول العالم، وخاصة ابتكار لقاح فعال، من السيطرة على هذه الجائحة في غضون بضعة أشهر؟ لسوء الحظ؛ يؤكد معظم الخبراء استحالة وجود إجابة قاطعة لذلك في هذه المرحلة.
ثانيًا؛ ما مدى فعالية الاستجابات النقدية والمالية من الحكومات حول العالم للوضع الحالي؟ من الواضح أن العديد من الاقتصادات سوف تشهد ركودًا حادًا على المدى القصير، بسبب توقف الكثير من فعاليات من السفر والترفيه، وإغلاق العديد من المتاجر والحدود الدولية.
وإزاء هذا الوضع؛ يصبح الهاجس هو إلى متى سيستمر الركود، خاصة وأنه على عكس الأزمة المصرفية التي حدثت في 2008-2009، فإن هذه الصدمة ستكون واسعة النطاق على مؤشرات الطلب والعرض، واستجابت لها البنوك المركزية حول العالم بقوة بتخفيض كبير في أسعار الفائدة، بالإضافة إلى إجراء سلسلة من التدابير لضمان استمرار البنوك في تقديم الائتمان لمقترضيها، ورغم أن هذا كان ضروريا لكنه ليس كافياً، لأن العديد من الأسر والشركات الصغيرة والكبيرة تحتاج، إلى تدفقات نقدية لإبقائها في وضع جيد ومنع حدوث إفلاس أو تقصير، وهذا يتطلب المزيد من الإجراءات.
وتشير تقييمات الأسواق، إلى تسعير السندات بمعدلات فائدة تقريبا صفر، وحدوث تضخم بسيط في المستقبل المنظور، وهذا منطقي؛ ويتعين على السياسيين التركيز على خدمة الديون بدلاً من التركيز على مستويات الدين العام. ويتم التسعير في أسواق الأسهم بناء على حالة ركود، خاصة وأنه من الواضح أنها قد تستمر في الهبوط أكثر إذا استمر التراجع لمدة 9-12 أشهر بدلاً من 3-6 أشهر.
وفي خضم توالي الحقائق والأرقام المتضاربة، ثمة عدد قليل من القضايا الرئيسية التي تستحق التركيز عليها. الأول هو معدل التحسن في إحصاءات كوڤيد -19. والثاني هو السرعة التي تستخدم بها الحكومات قوتها المالية لدعم الأسر والشركات – كما هو الحال في وقت الأزمات “الاقتراض اليوم وادفع الفاتورة غداً”. وتكون البيانات الاقتصادية ضعيفة لعدة أشهر، ولكن عندما ينحسر المرض يبدأ النشاط التجاري في التعافي، تماما كما حدث في الاقتصادات التي تأثرت بالفيروس مبكرا، مثل الصين وكوريا الجنوبية بدأت في التحسن.
وظهرت بالفعل عدد من الآثار المترتبة على الوضع الحالي على المستثمرين، إذ تلقت معدلات الأرباح ضربة واضحة، وبالنسبة لأولئك الذين يقومون بدفع تأمينات للمعاشات سيستغرق الأمر وقتًا لإعادة بناء الثروة وتعويض ما حدث، تماما كالوضع بعد عام 2000 أو 2008. وبالنسبة لأولئك الذين يعتمدون على دخولهم سيشهدون تعليقا في الحصول على الأرباح. لذا يجب أن ينصب التركيز على البحث عن شركات يتميز أداؤها بالجودة العالية، يمكنها أن تنجو من تأثير الوباء، وكذلك شركات الاستثمار الديناميكية في اتخاذ قراراتها، وصناديق العائد المطلق المصممة لتحمل هذا النوع من الأزمات.