كاتب من زوار الموقع
مؤسس مشارك، شركة RBBi
الآراء التي عبر عنها المساهمون تعبر عن وجهة نظرهم الخاصة.
في الآونة الأخيرة، انتشر مصطلح – التفكير التصميمي – وجاري التحدث عنه بكثرة. كما حققت العديد من وكالات الإعلان والشركات الاستشارية واستوديوهات خبرات المستخدمين وحتى الاستشاريين المستقلين فجأة تدفقات جديدة من الإيرادات من خلال ورش عمل التفكير التصميمي. في الواقع، توجد العديد من المقالات التي تتناول كيفية فهم التفكير التصميمي وإتقانه. لكن برجاء ملاحظة أني لا أحاول هنا كتابة مقال يُضم لقائمة هذه المقالات، ولا أحاول المساعدة في ذلك، بل أن كل ما أريده هو إضافة منظوري الخاص من خلال هذا المقال.
والجزء الأكثر إثارة للاهتمام من عملية التفكير التصميمي هو أن المسمى نفسه رائع. ربما أن هذه هي الطريقة الأكثر جاذبية لوصف نموذج ابتكار يعتمد على المراقبة وإعداد النماذج الأولية ويكون محور اهتمامه الإنسان. لكن هذه المفهوم ليس جديدًا على الإطلاق، وأنا على استعداد للمجازفة بشدة بقولي هذا. كأحد طلاب التصميم وبوصفي مصممًا بخبرة امتدت للعشرين عامًا الماضية، فقد عايشت هذا المصطلح طوال هذا الوقت. ولكن بالمقارنة مع التسميات الأخرى غير الرائجة التي تُطلقه عليه المنهجيات الأخرى، فإن مصطلح التفكير التصميمي يبدو مثيرًا للغاية.
ماذا أطلقنا على هذه العملية من قبل؟ التصميم القائم على المستخدم – أو اختصارًا UCD – يبدو سيئًا. تجربة المستخدم الخفيف، تجربة المستخدم الضعيفة، وبدء التشغيل الضعيف – كل هذه تبدو بالنسبة لي تمامًا كخطط لحمية غذائية. فتصميم الخدمة يبدو ببساطة مملًا. والتعاطف الصناعي – حسناً، هذا ببساطة غير منطقي. لكن التفكير التصميمي يُعتبر حاليًا الوصفة السحرية للابتكار. في الكثير من الأحيان، يتم وصف الأمر بأنه عملية تتكون من 4 إلى 5 خطوات، مع التركيز في الغالب على سُبل العصف الذهني، وطرح الأفكار، وأطنان من الملاحظات اللاحقة متعددة الأشكال. ومن هنا تبدأ المشكلة.
الجانب الأكثر أهمية هو أن نفهم أن إطار التفكير التصميمي ليس عملية خطية، وبالتأكيد لا فهو ليس بعض المعادلات السحرية التي يمكنك تعلمها وتطبيقها ومن ثم الوصول على النتائج عبر ذلك. أي عملية تتبع هذه الطريقة بصورة عمياء تبدأ في الوقوع في مشكلة. في الواقع، لا يمكن لأي عملية تصميم أن تكون خطية. بل أن العملية، من المفترض أن تعتمد على التكرار. لذلك، لا يتعلق الأمر فقط باتباع الخطوات 1 و 2 و 3 و 4 و 5، وبعد ذلك ستكون انتهيت من الأمر. ولكن في الواقع سيكون الأمر شبيهًا بالتسلسل 1 و 3 و 4 و 2 و 5 و 1 و 4 و 5 و 5 و 4 و 2 و 1 و 5. ويتكرر ذلك مرارًا وتكرارًا، إلى أن تحصل على منتج جديد مبتكر يلبي احتياجات وتوقعات المستخدمين في العالم الحقيقي، وفي أكثر الأحيان، يتجاوز الأمر ذلك.
الطريقة التي أرى بها التفكير التصميمي هي طريقة بسيطة. ولكم أحب أن أفكر في الأمر على أنه طريقة تفكير تركز على كيفية النظر إلى المصاعب من حولنا. يمكن أن تساعدنا طريقة التفكير على التكيف مع عملية زيادة الوعي والانفتاح على الاتجاه الصحيح نحو الابتكار. لكن بينما نفعل ذلك، يجب أن نعرف أيضًا أنه ليس عصا سحرية. فالمنهجيات والعمليات مهمة، لكن جميعها مجرد أدوات لتحقيق ما نرغب فيه. ما يحتاج المرء إلى فعله حقًا هو اكتساب طريقة التفكير الصحيحة لتحقيق هذا الفارق، والعثور على الاتجاه الصحيح نحو الحل الصحيح. إذاً في رأيي هذه هي الصفات التي تحتاجها لكي تكتسب عقلية التفكير التصميمي:
- كن فضوليًا وشديد الملاحظة إذا نظرت بعمق إلى التفكير التصميمي، فسترى أن الأمر كله يدور حول الفضول. الأمر يتعلق بكونك شديد الملاحظة للأشياء من حولك. تحتاج إلى أن تكون فضوليًا حول سبب وصول الأمور إلى ما هي عليه، ولماذا لا تسير الأمور، أو لماذا يتصرف الأشخاص بالطريقة التي يتصرفون بها. بمجرد أن تغذي عقليتك بهذا الفضول، فإنكك تتخلى عن الحكم على الأشياء، وتسعى إلى فهم أفضل لكل شيء من حولك. كونك شديد الملاحظة يدور حول الانتباه إلى التفاصيل الدقيقة من حولك. والنظر إلى الأشياء ظاهريًا ليس هو ما تحتاج إلى تعلمه. وتزداد شدة الملاحظة والفضول مع بعضهم البعض – اطرح الأسئلة عندما تبدأ في الافتراض، وحاول فهم ما لا تعرفه. في نهاية المطاف سيقودك الفضول إلى اكتساب تعاطف كافة الأفراد والأنظمة المعمول بها، ومساعدتك على التواصل مع الأفراد وتعميق العلاقات بينهم، ورؤية المشاكل من وجهات نظر جديدة.
- خلق وتأمين التعاطف الأمر الذي يأتي في مرتبة الاهتمام الثانية بعد الفضول هو التعاطف. عندما تقوم بتصميم منتجات / حلول لشخص آخر، فإن التحدي الأكبر هو فهم الأشخاص الذين تُعد التصميم من أجلهم.غالبًا ما نعتبر وجود المستخدمين أمر مُسلم به، أو نفعل ما هو أسوأ، فإننا نميل إلى افتراض كيف معرفتهم للعالم. ونعتقد أنهم يعرفوننا كما نعرفهم ونحن هنا مخطئون بشدة. المفتاح الرئيسي في هذا الصدد هو التعرف على طرق تفكير المستخدمين، وكيف يبدو العالم من وجهة نظرهم. وهنا يأتي دور التعاطف المتمثل في فهم كيف يفكرون ويشعرون ويتصرفون كل يوم، لا سيما في البيئات والمواقف التي تتعلق بمنتجك أو خدمتك.
ومعرفة كيف، والأهم من ذلك، لماذا يشعرون ويتصرفون بالطريقة التي يفعلون بها؟ التعاطف يسمح لك بفهم كل هذه الأمور. لذا، كيف تكتسب التعاطف وتصل إلى هذه الأفكار؟ أفضل طريقة لاكتساب التعاطف هي الانخراط مباشرة مع الأفراد. يمكن لوسائل، مثل جلسات التصميم المشترك والأبحاث الإنسانية / وأبحاث المستخدمين والمقابلات أن توفر لك المساعدة في اكتشاف كيف ولماذا يرى المستهلكين أي قيمة لمنتجك. كل هذه المعلومات المطروحة في خريطة التجارب هي الطريقة التي يمكنك من خلالها تحليل السلوك الرقمي، ويمكن أن تساعدك على فهم سلوك الأفراد، وما يتوقعونه من منتجك أو خدمتك.
- لا تُحسن خدماتك فحسب – بل خض التحدي لابتكار أشياء جديدة هناك دائمًا مرة أولى لكل شيء. وذلك ينطبق علينا جميعًا. قال هنري فورد ذات مرة: “إذا كنت سألت الأفراد عما يريدون، فسيقولون أحصنة أسرع”. أو مثلما قال ستيف جوبز: “غالبًا لا يعرف الأشخاص ما يريدون حتى تُريه لهم”. قبل طرح الأيفون، لم نكن نعرف ببساطة كيفية استخدام الهاتف دون لوحة مفاتيح. وفي كل يوم، نضع افتراضات بناءً على الخبرات السابقة، والكثير منها يعتمد على الكثير من الخبرات، بعضها أكثر أو أقل دقة، كما يساعدنا ذلك على تقليل العبء المعرفي الخاص بنا. ومع ذلك، عند حل المشكلات بطرق جديدة ومبتكرة، يجب أن يتحدى المصمم الافتراضات والقيود التي غالبًا ما تكون غير واعية.
وغير ذلك الافتراضات التي تتناول ما يمكنك فعله وما لا يمكنك فعله، وكيف يتم ذلك اليوم، والقواعد غير المكتوبة التي قمت بإعدادها بنفسك، وما إلى ذلك. وقيامك بتحدي افتراضاتك يساعدك على تحدي الوضع الراهن، ومن ثم اسأل نفسك: “كيف يمكن القيام بذلك بشكل أفضل؟” ما نسميه “مشكلة” غالبًا ما يكون عرضًا لسبب لم يُصرح به. وعندما نتخذ إجراءات سريعة لإصلاح الأعراض، فإن نفس التأثير سيظهر مرة أخرى في نهاية المطاف أو سيحدث مجددًا. بدلاً من ذلك، فنحن بحاجة إلى معالجة السبب لإحداث تغيير دائم. يحدث الابتكار عندما يأتي الإلهام من السبب الذي لم يُصرح به.
- النظر إلى الصورة الكبيرة التصميم يدور حول فهم التفاصيل الصغيرة الخاصة بالمستخدمين الذين نصمم من أجلهم؛ ومع ذلك، فإن فهم الصورة الكبيرة له نفس القدر من الأهمية. من السهل جدًا الاقتراب أكثر من اللازم، والتعرف على تفاصيل ما نقوم بالتصميم من أجله، ومن الأسهل من ذلك بكثير أن ننسى سبب تصميمنا له في المقام الأول. يمثل المستخدمون جزءًا من العديد من الأنظمة التكنولوجية والاجتماعية التي لها بالفعل تأثير كبير على أنظمة معتقداتهم وطرق تفكيرهم. ومن ثمّ، يُعد النظر إلى الصورة الأكبر أنك تفكر في كيفية تأثير هذه الأنظمة على عملية الابتكار، وكيف سيؤثر الابتكار على هذه الأنظمة.
يجب أن نضع في اعتبارنا أن العملاء لا يستخدمون منتجك بغرض استخدامه فحسب، ولكن من أجل القيمة التي يضيفها إليهم. عندما تركز على الصورة الأكبر، فإنك تركز على القيمة، وتركز على السبب – وهذا سيسمح لك باتخاذ قرارات أفضل وأكثر صلة بالأشياء التي تصممها. يمكّنك التركيز على القيمة من تصميم شيء يريده العملاء لدرجة تجعلهم يدفعون الأموال مقابل الحصول عليه، ومشاركته واقتناءه. من خلال إبقاء الصورة الكبيرة في مُخيلتك، يمكننا وضع التحديدات الصحيحة بشكل أفضل، والاستفادة من القيم الصحيحة لإيجاد حلول تناسبها بسلاسة وبذل جهد لعدم خلق مشاكل جديدة، عند حل مشكلةٍ ما.
أعتقد أن تصميم أي شيء جديد يبدأ بطريقة التفكير. يجب ألا يقتصر الأمر على سياق العمل، ولكن لخلق التغيير، نحتاج أن يكون لنا تأثير إيجابي في كل ما نفعله – في الأسرة، العلاقات العامة، الثقافة، السياسة، المجتمع. إذا أصبح الكثيرون منا أكثر تعاطفا وفضولا، فيمكننا أيضًا أن نُحسن القيمة التي نُضيفها إلى حياة الآخرين.
الموضوعات ذات الصلة: قوة التصميم (وكيف يمكنهم المساعدة في بدء الأعمال)