لا شك أنه بإمكاننا تحليل أي شركة إلى عناصرها الأولية، ألا وهي: رأس المال والعمالة. وهناك دائمًا تفاوت في نسبة المزج بينهما،
وطريقة تفاعلهما معًا، وما يثمر عنه هذا التفاعل في النهاية من نتائج. وهذا التفاوت أو الاختلاف هو ما يقود بعض الشركات إلى
النجاح، ويترك البعض الآخر في غياهب الفشل. فهذا هو الاقتصاد الجزئي، بكل بساطة!
ويمكننا تتبع خطى هذين العنصرين لنشهد الحالات التي حققت نجاحات من حيث نمو الإنتاجية والابتكار. ثم الاسترشاد بتلك
الحالات لبناء نموذج يساعدنا على الخروج بالمزيج الأمثل من هذين العنصرين، ليس بهدف نجاح الشركة فقط، بل ولنجاح
الاقتصاد بصورة شاملة.
الآن، دعونا ننظر بعين التأمل إلى ما تشهده المملكة العربية السعودية في هذا الإطار. فلا شك أن الجميع قد أدرك حجم الفرصة
المتاحة في المملكة العربية السعودية. وقد أبدع الصديق ، عمر كريستيدس، في تلخيص هذا الموضوع في مقاله المنشور على هذا
الرابط ” Entrepreneur Magazine -Omar Christidis ا من مجرد مجموعة مُحددة من
ً
“. إلا أن ما نتحدث عنه أكثر عمق
الفرص في ضوء “حجم المشروع” أو غيره من مؤشرات الأداء الرئيسية. وفي الواقع، يمكننا القول بأننا نشهد فرصة لا تسنح إلا لمرة
واحدة لكل جيل، في محاولة لتحسين العنصرين الرئيسيين لأي شركة أو اقتصاد، في دولة تتمتع بالوفرة في كليهما.
فما نشهده الآن في المملكة العربية السعودية هو تغيرات هائلة في هذين العنصرين:
• فمن جانب “العمالة”، نجد عدد ضخم من الأفراد يسعى لانتهاز فرص التأسيس والملكية، والتحول العام في التركيبة
الفكرية من “موظف” إلى “رائد أعمال”.
• ومن ناحية “رأس المال”، ظهور عدد كبير من المستثمرين الجُدد، وضخ مبالغ طائلة في القطاعات الاقتصادية الناشئة،
إما بإعادة توجيهها من مجالات أخرى، أو باجتذابها من الخارج.
ومن وجهة نظرنا المطلعة، نرى أن غالبية تلك الفرص تظهر في الشرائح الفرعية من الاقتصاد والتي يغلب عليها طابع “المخاطرة”،
ز عليه.
ّ
رك
ُ
وهذا أمر عظيم بالنسبة إلينا، فهذا المجال هو ما ن وعلى أي حال، فإنه علينا الإقرار بأن إعداد نموذج أي شركة أو
اقتصاد هو عملية مُتكررة، ولا بد أن نقبل بذلك. فالتحسين يستهلك وجهدًا
ً
وقتا . وعلى الرغم من الوفرة التي تنعم بها المملكة
العربية السعودية من العنصرين، إلا أن ريادة الأعمال لا تزال جديدة عليها )بل وجديدة أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال
إفريقيا بصفة عامة(، فالاستثمار في ريادة الأعمال هو مجال جديد، وبالتالي فإن طريقة تفاعل هذين العنصرين معًا لا تزال جديدة
أيضًا.
وبنظرة سريعة على خريطة طريق رؤية 2030 ، لن يكون من الصعب إدراك أن الحكومة تسعى لتنمية الابتكار داخل جميع وزاراتها
وأجهزتها الأخرى. ونذكر على وجه الخصوص، شركة حاضنات ومسرّعات الأعمال ) ( المبتكرة، والتي تضطلع بمهمة، نراها
ركيزة أساسية: للمساعدة في تحسين طريقة تفاعل رواد الأعمال والمستثمرين مع بعضهم بعضًا. ولحسن حظنا، تم اختيارنا
لمشاركتهم في ذلك. ونحن لا نسعى إلى الأنشطة السهلة والبسيطة؛ فمشاركتنا ستكون بالتشمير عن السواعد وتولي زمام البرامج
والتعاملات المباشرة. وعلى مدار الاثني عشر شهرًا المنصرمة من تعاوننا مع شركة حاضنات ومسرّعات الأعمال، استطعنا إنجاز ما
يلي:
• مراجعة وهيكلة وجمع ما يزيد عن 8 من أعلى الشركات أداءً خلال المراحل المبكرة في المملكة العربية السعودية، فضلا
عن بضع شركات دولية ذات معدل نمو عالي للدخول إلى المملكة العربية السعودية، لتوفير رأسمال جديد بلغ حوالي 60
مليون ريال سعودي لتوظيفه في هذه الشركات. والآن، تجاوزت قيمة تلك الشركات 300 مليون ريال سعودي.
• هندسة مشروعين مشتركين مع المزيد من شركات التقنية المتقدمة، حيث يعتبر كلاهما عمودًا فقريًا للاقتصاد الجديد
القائم على التقنية: أحدهما هو منصة للتدريب الفني )غرفة التدريب عبر الإنترنت ] TTRO [( والآخر هو شركة أبحاث
وتطوير في مجال التقنيات المتقدمة )سيميرا(.
• تثقيف ومساعدة المستثمرين، ومساعدة المستثمرين التقليديين على التحوّل إلى مستثمرين مغامرين، وإرشادهم بشأن
ما يمكنهم انتظاره من الاستثمارات الناشئة، وما ينتظره روّاد الأعمال منهم.
• التعاون عن كثب مع بعض برامج المطابقة والاستثمار المشترك، مثل فينشر كابيتال الاستثمارية السعودية، والعمل على
تبادل الهياكل والشروط القانونية وتمحيصها للتأكد من توظيفها بط ريقة مُحكمة ومنطقية.
• بناء وتنفيذ البرامج للعديد من الموضوعات المتنوعة.
وقد ساعدتنا هذه المؤشرات في إثبات قدرتنا على إنجاز الأعمال، وأننا نسلك المسار الصحيح. ولكن الأهم من أي إنجاز بعينه هو
دورنا في المساعدة على البناء والنهضة. وتوفير نظام يعمل بكل يسر وسلاسة لخدمة كل من روّاد الأعمال والمستثمرين، من جميع
ا هو ما سيُ
ً
أنحاء العالم. هذا حق ساعد المملكة العربية السعودية، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأسرها على تحسين
توظيفها لرأس المال والعمالة.
Maan Eshgi
Partner, VentureSouq